الفرق بين عدم مشاركة الموظفين ودوافعهم

يُردد عدد كبير جداً من المديرين التنفيذيين عبارة: "الموظفون غير المشاركين" دون أن يفكروا فيما تعنيه؛ أو يستخدمون تعريفاً غير واضح، وفي الواقع يُسيء معظم القادة استخدام هذه العبارة لدرجة أنَّهم قد يستفيدون من إلغاء مصطلح "عدم المشاركة" من قاموسهم.



بالنسبة إلى معظم الناس، إنَّ إطلاق مصطلح "غير مشارك" على شخص ما، يعني أنَّ الموظف قليل الارتباط بشركته وعمله؛ فَهم لا يحبون رب العمل ولا يحبون عملهم.

لكنَّ هذا تعريف سخيف جداً؛ وذلك لأنَّه يخلط بين الإعجاب بالشركة وكونك شغوفاً جداً؛ فهل سبق لك أن قابلت طالباً جامعياً يكره أستاذه لكن ما يزال لديه دافع كبير للحصول على درجة ممتازة في الفصل؟ بالطبع؛ وذلك لأنَّ كره الأستاذ أو الشركة لا يعني عدم وجود الدافع.

كشفت دراسة أجرتها شركة "ليدرشيب آي كيو" (Leadership IQ) أنَّ "الموظفين غير المشاركين هم أكثر شغفاً مما تعتقد"، واكتشفنا أنَّ 26% من الموظفين غير سعداء لكن لديهم دوافع، وهؤلاء هم الموظفون الذين لا يحبون رب عملهم، ولكنَّهم ما زالوا يشعرون بالحماسة لبذل جهد بنسبة 100% في العمل.

باستخدام تقنية إحصائية متقدمة تسمى "الخوارزمية التصنيفية" (K-means cluster analysis)، جمعنا أكثر من 30000 موظف باستخدام إجاباتهم عن سؤالين من أسئلة الاستطلاع:

  1. أوصي بهذه المنظمة للعمل لديها.
  2. لدي الحافز لبذل مجهود 100% عند العمل.

حصل نحو 41% من الموظفين على درجات عالية في كلا السؤالين؛ أي إنَّهم كانوا مرتبطين بشركتهم، وشعروا بدوافع عالية، لكنَّ 26% أعطوا درجات عالية في سؤال التحفيز مع تقديم تقييمات أقل بكثير عند التوصية بشركتهم بوصفها مؤسسة رائعة للعمل بها، وهؤلاء هم الموظفون الذين وصفناهم بأنَّهم "غير سعداء لكن يملكون الدوافع".

لذا دعونا نلقي نظرة على الموظف الفعلي لمعرفة الاختلافات بين التوصية بشركة ما وامتلاك الدافع:

تخيَّل موظفاً مدفوعاً بالإنجاز، سواء كان في المدرسة أم في العمل، ويحفز نفسه دائماً لتقديم عمل رائع، وكسب ما هو مستحق، والحصول على تقييمات عالية للأداء، وتخيَّل أنَّ هذا الموظف نفسه قد وُجِّه للعمل من المنزل في أثناء الجائحة؛ ونتيجةً لتجنب الازدحام المروري، وتناول وجبات مُعدَّة في المنزل، والتهرُّب من سياسات المكتب، وتجنُّب المقاطعات المستمرة، فَقَدَ الوزن، ومارس الرياضة أكثر، وازدادت إنتاجيته، وتعززت علاقاته الأسرية.

تظاهر الآن أنَّ مديره غير الواثق من نفسه يطالب بالعودة إلى المكتب، وبصرف النظر عن مقدار استفادة الموظفين من العمل من المنزل، لا يمكن لهذا المدير أن يتحمَّل عدم قدرته على متابعة موظفيه، ومراقبة نشاطهم اليومي.

شاهد بالفديو: 8 طرق لتحفيز العاملين على العمل

إذاً؛ بعد العودة إلى المكتب، هل سيوصي هذا الموظف بالشركة التي يعمل لديها على أنَّها رائعة؟

لا نعتقد ذلك، لكن هل حافزه لبذل جهد بنسبة 100% سوف يتلاشى فجأة؟

تذكَّر أنَّ هذا الشخص لديه دافع داخلي لبذل قصارى جهده منذ الطفولة، ومع أنَّه غاضب من رب العمل، فمن غير المرجح أن يتخلى عن سماته الشخصية عميقة الجذور ودوافعه. ويتمثل أحد الدروس الهامة المستفادة من كل من هذا المقال والدراسة في الحاجة إلى فصل أمر التوصية بشركة ما ودافع الفرد لبذل جهد بنسبة 100%، فهذه قضايا مختلفة تماماً، ومعظم استطلاعات الرأي عن المشاركة تخلط بينها خطأً.

آمل أيضاً أن ترى كيف تستخدم بعض الشركات مصطلح "غير مشارك" بوصفه وسيلة لتجنب المسؤولية؛ إذ سيكون من الخطأ وصف الموظف بأنَّه غير مشارك؛ فهو متحمس ومنتج وذو إنجاز عالٍ، ولكنَّه غاضب من رب العمل، فخطأ مَن هذا؟ صحيح أنَّ الموظف حقق توازناً أفضل بين العمل والحياة الشخصية في أثناء العمل عن بُعد، لكن نظراً لأنَّ رئيسه هو مدير دقيق وغير واثقٍ من نفسه، فإنَّ تجربة موظفه ستصبح سيئة الآن.

إذا وصفنا ذلك الموظف بأنَّه غير مشارك، فيبدو كما لو أنَّ شيئاً ما تغير داخله، لكن لم يتغير شيء في الواقع داخله؛ إذ أجرت الشركة والمدير تغييرات من المحتمل أن تزعج معظم الناس، وقد تدفع هذه التغييرات الموظف إلى الاستقالة، ومع ذلك، ما يزال العامل هو نفسه المناضل الذي يدفعه الإنجاز كما كان دائماً، وإذا استقال هذا الشخص؛ فذلك لأنَّ الشركة ارتكبت خطأ غبياً وليس لأنَّ الموظف فقدَ دوافعه.

إقرأ أيضاً: كيف تحقق التوازن بين العمل وحياتك الشخصية؟

في الختام:

ننصح كل مسؤول تنفيذي ومدير موارد بشرية: توقَّف عن تصنيف الموظفين على أنَّهم غير مشاركين، وافصل بين القضايا المتعلقة بالتوصية بالشركة وتحفيز الموظفين؛ وذلك حتى تتمكن من تقييم قوة العمل لديك تقييماً أكثر دقة؛ فهؤلاء الموظفون غير سعداء ولكنَّهم متحمسون وفي انتظارك لإصلاح بعض المشكلات في بيئة العمل، وبعد القيام بذلك، يمكنك أن تتوقع زيادة مشاركة الموظف بصورة كبيرة.

المصدر




مقالات مرتبطة