العمل بجد وبذكاء: 4 عادات يومية يجب تطبيقها في حياتك

إنَّ ما يميز القائد العادي عن القائد العظيم هو العادات؛ إذ يمكننا القول أنَّ الموهبة هي العامل الأكبر، وقد نختلف حول مقدار الكاريزما الذي يميز بين القائدين؛ ومع ذلك، إذا كنت تريد أن تشرح لي مواصفات القائد العظيم، يمكنني أن أوضح لك العادات التي جعلته عظيماً؛ فالقادة العظماء لديهم عادات عظيمة ويعرفون كيف يعملون بجد وبذكاء.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب جيم بورجون (Jim Burgoon)، والذي يحدثنا فيه عن كيفية العمل بجد وذكاء لتحقيق النجاح.

اكتساب عادات عظيمة هو عمل شاق:

في الأيام الأولى من دراستي الجامعية، قضيت الكثير من الوقت في تعلم العزف على البوق، وقد تطلّب العزف على البوق الوقت والانضباط، لقد كنت أمتلك بعض المواهب الطبيعية؛ لكنَّها لم تكن كافية لتخفي ضعف قدرتي؛ وكان مدرب العزف على البوق رجلاً منضبطاً، ولم يكن هناك شك في موهبته؛ ولكن ما استوقفني هو أخلاقيات عمله، إذ كان أحد المرشدين الأكثر جدية الذين تشرفت بالعمل معهم.

بعد ظهر أحد الأيام، كنت في مكتبه أستعد لدرس البوق الأسبوعي، وبينما كنت أجهِّز نفسي، ألقيت نظرة سريعة على الغرفة؛ فوجدت الكثير من الاقتباسات في جميع أنحاء مكتبه، واستقرت عيني على اقتباس واحد يتعلق بالعزف غيَّر تفكيري إلى الأبد؛ لقد كان اقتباساً لمدرب كرة السلة في المدرسة الثانوية "تيم نوتك" (Tim Notke) والذي أصبح شائعاً من خلال الرياضيين المحترفين مثل "كيفن دورانت" (Kevin Durant) و"تيم تيبو" (Tim Tebow): "العمل الجاد يتفوق على الموهبة عندما تخفق الموهبة في العمل الجاد".

يتفوق العمل الجاد على الموهبة؛ إذ لا يكمن مفتاح النجاح في موهبتك أو قدرتك، ورغم أهميتهما، إلا أنَّهما ليسا من العوامل الأساسية.

في النهاية، العمل الجاد هو مفتاح نجاحك، بينما تخلق أخلاقيات العمل الجيدة الدافعية التي تدفعك إلى الأمام نحو أهدافك.

شاهد بالفيديو: كيف تكون ناجحاً في حياتك: مفاتيح النجاح الأربعة

لا يكمن الحل في التحفيز:

كم مرة رأيت شخصاً يذهب إلى مؤتمر، ويستلهم الأفكار، ثم يعود إلى المنزل ولا يفعل شيئاً؟

لو كان التحفيز هو الحل، لكان العالم قد تغير مئات المرات، وعلى أي حال، عندما ننظر إلى الخارج أو نشاهد الأخبار، لا نرى مجتمعاً مثالياً؛ فلدينا الآلاف من الأشخاص الذين أصبحوا مُلهَمين ولكنَّهم يفتقرون إلى أخلاقيات العمل لتطبيق أي شيء تعلموه، إذ يتسلل العجز إلينا مراراً وتكراراً؛ فقد يحفزنا ما نراه ويثير الإلهام في نفوسنا، ولكنَّنا نخفق في تطبيق الأمور التي من شأنها تغيير حياتنا.

ونشعر بالعجز عندما تتوسع الفجوة بين ما نتوقع صحته وما هو صحيح بالفعل؛ إذ يميل الحافز إلى خلق توقِّع غير متجذر في الواقع؛ لأنَّنا نريد مواجهة العالم وفي نفس الوقت لا يمكننا التوقف عن مشاهدة نيتفلكس (Netflix) لفترة كافية للقيام بذلك.

التحفيز ليس هو الحل، بل يكمن الحل في العمل الجاد؛ فالعادات الجيدة والإجراءات التي تحقق النجاح ليست إلا نتاجاً ثانوياً لأخلاقيات العمل القوية، فنحن نبتكرها ونتبعها لتشكل الأساس الذي نبني عليه حياة ناجحة.

إقرأ أيضاً: أخلاقيات العمل المذهلة التي تحلى بها ألبرت آينشتاين

كيف تعمل بجد من خلال العمل بذكاء:

فيما يلي 4 إجراءات عاداتية ستساعدك على تعلم كيفية العمل الجاد وتحقيق أهدافك القصيرة والطويلة الأمد.

1. تحديد ماهية الفوز:

في كرة القدم الأمريكية، يكتسب اللاعب الذي يعبر منطقة النهاية نقاطاً، وفي كرة القدم يركل اللاعب الكرة نحو الشباك ليسجل هدفاً، فالهوكي وكرة السلة والقدم كلها ألعاب متشابهة، إذ يأخذ اللاعب الكرة وينقلها إلى المنطقة المخصصة لكسب النقاط، والفريق الذي يحصل على أكبر عدد من النقاط يفوز باللعبة.

لماذا يمكننا تحديد شكل الفوز في الرياضة، لكنَّنا نخفق في القيام بذلك في قيادتنا أو أعمالنا أو منازلنا؟

إنَّ تعلم كيفية العمل الجاد دون تحديد هدف هو أمر لا طائل منه، بل من الجنون أن تعمل بجد دون أن يكون لديك اتجاه واضح لتوظيف طاقاتك، أود أن أقول إنَّ تحديد الفوز هو أحد أهم الإجراءات التي يمكن أن يمتلكها القائد؛ فتحديد الفوز يفصل النشاط السطحي عن النشاط الهادف.

فعندما أحدد الفوز، أعرف خط الهدف الذي يجب أن أعبره، وهذا يرشدني إلى النشاط الذي يجب أن أشارك فيه لكي أتمكن من العبور؛ فبدون اتجاه واضح، سوف أتحرك على أمل أن أصل إلى وجهة لم أحددها؛ وكأنَّك تطلب من نظام تحديد المواقع (GPS) تحديد الاتجاهات بنجاح دون أن تُدخل وجهتك.

إليك 4 خطوات لتحديد الفوز:

  • اعرف النتيجة التي تريدها.
  • أعلن عن النتيجة بعبارات محددة وذات مغزى.
  • دوِّن النتيجة.
  • ضع قائمة بالنشاطات التي تكمل أهدافك فقط.

اسمحوا لي أن أقدم لكم مثالاً: منذ 15 عاماً، بدأت بالتحدث بشكل احترافي، وبما أنَّني كنت متحدثاً شاباً وساذجاً، اعتقدت أنَّ الفوز يتمثل في حصولي على رد فعل من الجمهور؛ فإن هتفوا أو ابتسموا لي أو بكوا؛ أعدُّ نفسي فائزاً، لقد كانت المشكلة هي عدم فهمي لماهية الفوز؛ ولكن عندما أصبحت متحدثاً متمرساً، بت أرى الفوز بطريقة مختلفة.

في هذه الأيام، عندما أتحدث، لا أبحث عن أي ردود فعل عاطفية من الجمهور؛ أفوز إذا وفقط (إذا) تمكنت من إيصال وجهة نظري بوضوح بطريقة يمكن بواسطتها لأي شخص يسمع الحديث أن يفهمه ويطبقه في حياته في ذلك اليوم، هذه هي الطريقة التي أحدد بها الفوز عندما أتحدث الآن.

أسس عادة إعلان الفوز؛ فعندما تفعل ذلك، ستلاحظ ارتفاع إنتاجيتك وزيادة تشجيعك، واعلم أنَّ الجمع بين أخلاقيات العمل الجاد والقرارات الحكيمة يؤدي إلى تحقيق النصر؛ لذا، توقف عن العمل بلا هدف، وابدأ بقيادة أسطولك بنفسك.

2. تقييم نشاطك:

ليست كل النشاطات متساوية؛ فهناك أشياء يجب عليك فعلها، وأشياء تحتاج إلى القيام بها، وأشياء يمكننا إما التخلي عنها أو حذفها؛ والتحدي الأكبر الذي يواجه القائد هو فهم الفرق بينها؛ إذ إنَّ معرفة النشاط الذي يشغلك دون جدوى والنشاط الهادف هو أمر محوري.

لا نحتاج فقط إلى تعلم كيفية تقييم نشاطنا، ولكن يجب أن نجعل هذا عادةً أساسيةً في ترسانة نجاحنا، توقف عن محاولة إنجاز كل شيء بجد، وابدأ بتعلم كيفية محاولة إنجاز الأشياء الصحيحة فقط.

لن يساعدك كل نشاط على النجاح، في الواقع، ليس من المفترض أن تفعل كل شيء بنفسك! فإنَّه فور توقفنا عن محاولة أن نكون الضحية في قيادتنا، يمكننا البدء بالنظر في كيفية إزالة بعض المهام من قائمة مهامنا من خلال التفويض.

بناءً على مصفوفة أيزنهاور (Eisenhower box)، هناك 4 أمور ننظر إليها عند تحديد الأنشطة الهامة:

  • نفذ المهمة الآن.
  • خطط لتنفيذ المهمة في وقت لاحق.
  • فوّض المهمة إلى شخص آخر.
  • احذف المهمة.

ويمكنك من خلال الأسئلة الذكية معرفة ما إذا كان النشاط صحيحاً أم لا:

  • هل يدفعني هذا النشاط نحو أهدافي أم بعيداً عنها؟
  • هل يجب علي القيام بهذا النشاط أم يمكنني تفويضه إلى شخص آخر؟
  • هل يجب القيام بهذا النشاط الآن أم يمكن تنفيذه في موعدٍ لاحق؟
  • هل يجب القيام بهذا النشاط أصلاً؟

يجب أن يكون تقييم نوع النشاط الذي تفعله عادةً يوميةً؛ فتعلُّم كيفية العمل الجاد يجب أن يؤدي إلى التقدم، وسيساعدك على ذلك وجود نظام تقييم وعادات للقيام به.

إقرأ أيضاً: كيف تستخدم مصفوفة تحديد الأولويات عندما تكون كل مهمة أولوية؟

3. ترتيب الأولويات ضمن جدول أعمالك:

إذا كنت ستريني جدول أعمالك، يمكنني أن أوضح لك سبب عدم تقدمك؛ فعندما تخفق في التعود على ترتيب المهام في جدول أعمالك، يحدث أمران:

  • أولاً: لن تنفذ ما لا يظهر في جدول أعمالك. إنَّها حقيقة بسيطة غالباً ما تُتجاهل؛ إذ يستطيع جدول أعمالك تغيير حياتك، ومع ذلك، لا نحرز أقصى استفادةٍ من جداول أعمالنا. إذ يقول "جون سي ماكسويل" (John C. Maxwell): "لن تغير حياتك أبداً حتى تغير شيئاً ما تفعله يومياً، يكمن سر نجاحك في عاداتك اليومية".
  • ثانياً: إذا لم تضع أنشطةً في جدول أعمالك فأنت تتركه مفتوحاً لأولويات الآخرين. إذ يقول ستيفن كوفي (Stephen Covey): "المفتاح ليس تحديد الأولويات في جدول أعمالك، بل جدولة أولوياتك". يُعدُّ وجود عادات يومية في حياتك ووضع الأشياء في جدولك الزمني أمراً محورياً لنجاحك.

لقد حان الوقت للانتقال بقيادتك وعملك إلى المستوى التالي، وحان الوقت لبدء وضع عاداتك اليومية في جدولك الزمني، جنباً إلى جنب مع أولوياتك.

4. التفكير في يومك والتخطيط لليوم التالي:

جميعنا يهتم بإجراءات العادات الصباحية أكثر من أي شيء آخر، ومهما كانت وجهة نظرك، يجب أن يكون لديك عادات صباحية تؤهلك للنجاح.

يبدأ العمل الشاق عندما تلمس قدماك الأرض في الصباح؛ إذ يبدأ اكتساب عادة الفوز بأول شيء تحققه في ذلك الصباح؛ فإن ربحت صباحك، فستربح يومك.

لكن كم مرة سمعت الناس يتحدثون عن عادات المساء؟ يبدأ نجاح اليوم من مساء الأمس، عندما تخفق في التخطيط ليومك، قد تبذل جهودك في الأمور الخاطئة؛ فيحل المسار محل العادات، والتردد محل الحسم، والإخفاقات محل الانتصارات. سيقلل العجز من دافعيتك ويزيد من فرص التسويف؛ لهذا السبب نضع جدول أعمالنا في الليلة السابقة؛ لذا يقول الفيلسوف سان تزو (Sun Tzu): "يمكنك أن تربح المعركة أو تخسرها حتى قبل أن تخوضها".

يجب ألا يكون العمل الجاد عملاً شاقاً؛ إذ لا ينبغي أن يستغرق الأمر الكثير من وقتك حتى تتعلم كيفية العمل الجاد طالما أنَّك تعمل بذكاء، إنَّ قضاء وقت تفكر فيه في يومك وتحدد أولوياتك سيُحدث الفرق.

استخدم هذه الأسئلة للتفكير في يومك:

  • ما الذي سار بشكل جيد؟
  • ما الذي لم يسر بشكل جيد؟
  • ما الذي يمكنني تغييره؟
  • ما العمل الذي يجب أن أبدأ القيام به؟
  • ما العمل الذي يجب أن أتوقف عن القيام به؟
إقرأ أيضاً: 12 عادة تضمن لك ممارستها مساءً تحقيق النجاح في اليوم التالي

الخلاصة:

القيادة في الحياة ليست بالأمر السهل، ومع ذلك، لا يجب أن يكون العمل صعباً عندما تعمل بذكاء؛ فعندما تؤسس إجراءات عاداتية تدعم مهمتك، فإنًك تحقق الانتصارات، فالعمل بجد وبذكاء سيرجح كفة الميزان لصالحنا.

يقول أسطورة الملاكمة "جو فرايزر" (Joe Frazier): "لا يُصنع الأبطال في الحلبة، وإنَّما بالكاد يتعرف الناس إليهم هناك".

يبذل الأبطال الجهد وراء الكواليس، ولكن اعترف بهم العالم بوصفهم أبطالاً عندما رأوا نتائج جهودهم وكدهم. لقد أصبحت تعلم الآن أنَّ النجاح ينبع من عاداتك اليومية؛ فإن كنت لا تعيش النجاح الذي تريده، فقد حان الوقت لتغيير الأمور.

 

المصدر




مقالات مرتبطة