كولونيل ساندرز قصة نجاح

يوجد اعتقاد سائد وخاصة في منطقتنا العربية أنَّ ثمة عمر محدد للنجاح، وأنَّ ثمة عمر معين لكي نعيش الحياة، وما إن يتجاوز الإنسان ذلك العمر، فإنَّه يهمل نفسه ولا تبقى لديه همة نحو النجاح والعمل.



العمر مجرد رقم والحياة قرار:

يقول الكاتب زياد ريس صاحب كتاب "تجربتي لحياة أفضل" بعد أن قرأت قصة الكولونيل ساندرز بتفاصيلها اللطيفة والملهمة لم أعد أستغرب ما حدَّثني به صديقي (يعمل سابقاً في زراعة الأسنان)؛ فسبق أن زرع لأحد زبائنه 28 سنَّاً في فكَّيْه العلوي والسفلي، وكان قد تجاوز من العمر 106 أعوام، وما يزال مقبلاً على الحياة، وكذلك قصة الكولونيل ساندرز فيها من العِبَر ما فسَّر وأكَّد لي كمْ هو صَعْب الوصول للنَّجاح الذي يحتاج إلى كثيرٍ من العوامل؛ أهمها العزيمة والصبر والمثابرة دون يأسٍ أو ملل خلال مراحل الإخفاقات والصُّعوبات والتَّحدِّيات التي يمر بها الإنسان، وقد يعود نتيجة هذا النَّجاح لشَخْصه وخلال حياته وكثير من الأحيان يكون من نصيب الآخرين أو بَعْد رحيله عن هذا العالَم.

من هو كولونيل ساندرز؟

وُلِدَ ساندرز في مدينة هنرفيل في ولاية إنديانا بأمريكا في ١٨٩٠م، وفارق والده الحياة (عامل مناجم فحم)، وهو في السَّادسة من العمر، وخرجت والدته للعمل، وعليه أن يهتمَّ بأخيه الذي يبلغ الثالثة من العمر، وأخته الرَّضيعة، وأن يقوم بتحضير الطعام لإخوته مهتدياً بتعليمات والدته؛ فأتقن مجموعة من الطبخات وهو بعُمر السَّابعة، واضطر للعمل في صباه في عدَّة وظائف؛ أولها في مزرعة بأجر شهري فقط 2$، وبعدها بسنتين تزوجت والدته وذلك مكَّنه من العمل خارج البلدة، وفي عمر 16 عاماً خدم لمدة ستة أشهر في كوبا مع الجيش الأمريكي، وعمل بعدها بعدَّة وظائف منها ما يأتي:

  1. عامل في تلقين فَحْم حجري على قطار يعمل على البخار.
  2. ربَّان لقاطرة نهريَّة.
  3. مندوب لبيع بوالص تأمين.
  4. درس القانون وعمل محامياً لفترة.
  5. مندوب لبيع إطارات السَّيَّارات.
  6. إدارة محطة وقود.

في الأربعين من العمر أصبح يبيع الدجاج المتبَّل للمَارَّة في محطة الوقود التي يعمل بها، وانتقل بعد ذلك ليعمل بمهنة كبير الطهاة لمطعم يستوعب قرابة 140 زبوناً.

شاهد بالفديو: 7 قواعد ذهبية تمهد طريق النجاح

قصة كنتاكي KFC:

أتقن ساندرز فن طَبْخ الدجاج المقلي بتتبيلة خاصةٍ من 11 نوعاً من البهارات، واشتهر به وذاع صِيته إلى أن كان تغيير مسار الطريق العام الذي يَمُر بالبلدة التي بها مطعمه سبباً في إغلاق المطعم وبيع أغراضه ومُعداته بالمزاد ليَسُدَّ الالتزامات التي عليه، ولم يبقَ له إلا المعاش التقاعدي من التَّأمين الحكومي، وهو بعمر 65 عاماً.

لكن لم يَرُقْ له ذلك، وبدأ من جديد في إقناع بعض المستثمرين بإعادة إطلاق فكرة بيع الدجاج المقلي بالخلطة الخاصَّة به، وعمل على تسويقها في المطاعم المحيطة، والتي تليها من الولايات؛ إلى أن وصل عدد المطاعم التي تَستخدم هذا الدجاج 600 مطعماً خلال 12 عاماً، وقد بلغ من العمر 77 عاماً، وقرَّر حينها بَيْع هذه المنظومة بقيمة 2 مليون دولار لبعض المستثمرين، وبقي يعمل معهم بأجر لمدة عشر سنوات بصفته مُتحدِّثاً رسميَّاً باسم الشَّركة، وبلغ من العمر 88 عاماً، وكتب خلالها كتابه بعنوان: (الحياة التي عرفتها كانت شهيَّة بدرجة تَدْفعك إلى لَعْق الأصابع).

إقرأ أيضاً: قصة نجاح مؤسس سلسلة مطاعم كنتاكي

لكنْ خلال هذه الفترة قام المستثمرون بتحويل الشَّركة إلى شركة مُساهمة مُدْرَجَة بالبورصة وبيعت بقيمة 285 مليون دولار بعام 1971م.

تمت إعادة شرائها من شركة ببسي كولا العالميَّة بقيمة 840 مليون دولار عام 1986م، وتحوَّل اسمها بعد ذلك من "دجاج كنتاكي" إلى KFC المعروفة اليوم؛ حيث يوجد فيها أكثر من 33,000 موظفاً، بما يزيد عن 100 دولة، وقد تُوفِّي ساندرز وهو بعمر 90 عاماً بمرض سرطان الدم بعد أن قطع أكثر من 250 ألف ميل يتفقد أفرع الدجاج المقلي.

بقي هذا الصَّرح الكبير والمجد يذكره ليكون مُلْهِماً ومُحَفِّزاً للأجيال القادمة، ويعود بنا للحديث الشَّريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا قامت السَّاعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها".




مقالات مرتبطة