العلامات الكبرى للساعة في الإسلام

قال الله سبحانه وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، [سورة: لقمان، الآية: 34].



إنَّ الله سبحانه وتعالى لم يُطلع أحداً من خلقه على وقت قيام الساعة، ولكن هناك علامات لظهورها، تقسم إلى: علاماتٍ صغرى، وعلاماتٍ كبرى، وفي هذا المقال أعزاءنا القراء سنقدم لكم علامات الساعة الكبرى في الإسلام؛ لذا تابعوا معنا في السطور القليلة القادمة.

علامات الساعة الكبرى:

وهي العلامات التي تقع قرب وقوع الساعة والتي ذكرها النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ ذكرها لم يقتضِ الترتيب؛ حيثُ إنَّ ترتيبها كان يختلف من حديثٍ لآخر، وهذه العلامات هي:

1. ظهور المهدي:

اختلف العلماء في تصنيف ظهور المهدي فمنهم من عدَّه من علامات الساعة الصغرى، وآخرون عدُّوه من علاماتها الكبرى؛ حيثُ لم يرد نص واضح على تصنيفه، ويخرج المهديُّ من مكة المُكرَّمة، فيبايعه الناس بيت الله الحرام على السمع، والطاعة، فيحكم المسلمين، ويُعظمُ فيها أمر الأمة، وينعم الناس بالخيرات والعدل، وقد ذكر الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم ظهور المهدي في الكثير من الأحاديث منها:

  • عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (يخرج في آخر أمَّتي المهديُّ، يسقيه الله الغيث، وتُخرج الأرض نباتها، ويُعطي المال صحاحاً، وتكثر الماشية، وتَعظم الأمَّة، يعيشُ سبعاً، أو ثمانياً).
  • عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (لا تنقضي الأيامُ ولا يَذهبُ الدهرُ حتى يملكَ العربَ رجلٌ مِنْ أهلِ بيتي يواطئُ اسمُه اسمي)، أي أنَّ اسم المهدي محمد بن عبد الله.
  • عن أم سلَّمة أم المؤمنين رضي الله عنها، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (المهديُّ من عِترتي من وِلدِ فاطمة)، أي أنَّ المهدي من آل بيت النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
إقرأ أيضاً: الانتحار في الاسلام: لماذا تم تحريمه واعتباره من الكبائر؟

2. خروج المسيح الدَّجَّال:

المسيح الدَّجَّال هو: رجلٌ من بني آدم، ممتلئ الجسم، قصير القامة، أبيض البشرة، ذو شعرٍ كثيفٍ أجعد، مُتباعد القدمين، وذو جبهةٍ عريضة، سمي بالمسيح الدَّجَّال؛ وذلك لأنَّه كاذبٌ ومحتال، ويمسح الأرض كلها، ويقال إنَّه أعور؛ أي عينه اليسرى ممسوحة، ومكَّن الله الدَّجَّال بقُدراتٍ خارقة، لامتحان إيمان الناس، ويمكث الدَّجَّال في الأرض لمدة 40 يوماً، ويتحرك فيها بسرعةٍ كبيرة، وهو يتجول في جميع أنحاء الأرض بسرعةٍ خارقة، باستثناء مدينتين هما: مكة المُكرَّمة، والمدينة المنورة، وقد وردت عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عدة أحاديث عن المسيح الدَّجَّال، ومن هذه الأحاديث نذكر لكم ما يلي:

  • عن حذيفة بن أسيد الغفاري، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (مكتوبٌ بين عينيه كافر، يقرؤه كلُّ مؤمنٍ، كاتبٍ وغيرُ كاتبٍ).
  • عن أنسٍ بن مالك رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (ليس من بلدٍ إلا سيطؤه الدَّجَّال، إلَّا مكَّة، والمدينة، ليس له من نقابها نقبٌ، إلَّا عليه الملائكة صافِّين يحرسونها، ثمَّ ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فيُخرجُ الله كُلَّ كافرٍ ومنافق).
  • عندما سُئل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عن المدة التي يمكثها المسيح الدَّجَّال، قال: (أربعون يوماً، يومٌ كسنةٍ، ويومٌ كشهرٍ، ويومٌ كجمعةٍ، وسائر أيَّامه كأيَّامكم).

3. نزول عيسى:

في آخر الزمان ينزل عيسى عليه السلام ويقتل المسيح الدَّجَّال، ويمكث في الأرض 40 سنةً يملؤها أمناً وعدلاً، ووردت عن النبي محمد صلَّى الله عليه وسلَّم أحاديث عديدة تبيَّن ذلك منها:

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (لا تقوم الساعة حتَّى ينزل عيسى بن مريم).
  • وصف رسول الله عيسى بن مريم في الحديث: عن عبد الله بن عباس أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (رأيت عيسى رجلاً مربوعاً، مربوع الخَلقِ إلى الحُمرةِ والبياض، سَبِط الرَّأس).

4. خروج يأجوج ومأجوج:

يأجوج ومأجوج هما قبيلتان من ذرية يافث - من أولاد نوح عليه السلام - وهم يتميزون بصفاتٍ خلقية عديدة، منها: (وجوههم عريضة، عيونهم صغيرة، شعرهم أصهب اللون)، وهناك العديد من الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة التي توضِّح كيفية خروجهم، وأوصافهم، وفسادهم في الأرض، وهلاكهم، نذكر لكم منها:

  • قال الله عزَّ وجل في كتابه الكريم: (قَالَ هَٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي ۖ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ۖ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقَّاً). [سورة: الكهف، الآية 98]
  • قال الله سبحانه وتعالى: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97)). [سورة الأنبياء، الآيتان 96- 97]
  • أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (وإنَّكم لن تزالوا تُقاتِلونَ حتَّى يأتيَ يأجوجُ ومأجوجُ عراضُ الوجوهِ صغارُ العيونِ صهبُ الشِّعافِ ومن كلِّ حَدَبٍ ينسِلونَ كأنَّ وجوهَهم المَجانُّ المطرقةُ).
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (ويخرجون على النَّاسِ، فيستقون المياه، ويفرُّ الناس منهم، فيرمون بسهامهم إلى السَّماء فترجع مخضَّبةً بالدماء، فيقولون: قَهَرنا من في الأرضِ، وعلونا من في السَّماء، قسوةً وعلواً).

عن النواس بن سمعان الأنصاري، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (فَيرغبُ نبيُّ الله عيسى وأصحابه، فيُرسِلُ الله عليهم النَّغَفَ في رقابهم، فيصبحون فرسى كموتٍ نفسٍ واحدةٍ، ثمَّ يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضِع شبرٍ إلَّا ملأهُ زهَمُهُم ونَتنُهُم، فيرغبُ نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله طيراً كأعناقِ البُختِ فتحملهم فتطرحهم حيثُ شاء الله).

إقرأ أيضاً: فوائد الاستغفار وشروطه وأوقاته

5. هدم الكعبة:

من العلامات الكبرى لاقتراب الساعة هدم الكعبة، حيثُ يقوم رجلٌ من الحبشة يدعى بـ "ذي السويقتين" يتصف بصغر ساقيه ورقتهما، كما أنَّه أسود اللون، مُتباعد ما بين ساقيه، يهدم الكعبة الشريفة حجراً حجراً، كما أنَّ الناس سيخرجون من المدينة المنورة لتصبح خاويةً على الرغم من خيراتها، ورغد العيش فيها، ومن الأحاديث التي دلَّت على ذلك:

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (يُخرِّبُ الكعبة ذو السويقتين من الحبشة).
  • ووصف الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم ذو السويقتين بقوله: (كأنِّي به أسود أفحج، يقلعها حجراً حجراً).

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (يتركون المدينة على خير ما كانت، لا يغشاها إلَّا العواف).

6. الدخان:

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12)). [سورة: الدخان].

وهنا يمكن للناس استدراك نفسها بالتوبة والإنابة، واللجوء إلى الواحد القهار، وقد ذكر النبي صلَّى الله عليه وسلَّم تأثير هذا الدخان في كلٍ من المؤمنين والكافرين بقوله: (إنَّ ربكم أنذركم ثلاثاً: الدُّخانُ، يأخذ المؤمن كالزكمة، ويأخذ الكافر، فينتفخُ حتَّى يخرج من كل مسمعٍ منه، والثَّانية الدابَّة، والثَّالثة الدَّجَّال).

7. طلوع الشمس من مغربها:

من العلامات العظيمة التي تدل على اقتراب الساعة كثيراً طلوع الشمس من مغربها، وفي هذا اليوم لن ينفع الناس إيمانها إن لم تكن آمنت من قبل، ومن أحاديث الرسول الكريم التي تدل على هذا اليوم نذكر لكم:

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (لا تقوم السَّاعة حتَّى تطلع الشَّمس من مغربها).
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (ثَلاثٌ إذا خَرَجْنَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ، أوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْرًا: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِها، والدَّجَّالُ، ودابَّةُ الأرْضِ).

8. دابَّة الأرض:

وقيل دابَّة الأرض للدلالة على أنَّها تخرج من الأرض لكنَّها ليست كبقية الدواب المعروفة تُخلق بالتوالد، وتخرج دابَّة الأرض في اليوم الذي تطلع فيه الشمس من مغربها، تقوم هذه الدابَّة بالتكلم مع الناس ومخاطبتهم، وتمييز من كان مؤمناً، ومن كان كافراً، بوضع علامة على أنف المؤمن، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (تخرج الدابَّةُ فتسم الناس على خراطيمهم، ثم يُعمِّرون فيكم، حتى يشتري الرجل الدابَّة، فيقال: ممَّن اشتريت؟ فيقولُ: من الرجل المُخَطَّمِ).

إقرأ أيضاً: الأدعية والأذكار التي تكفر الذنوب

9. علامات أخرى:

  • الخسوفات الثلاثة: من علامات الساعة الكبرى حدوث الخسوفات الثلاثة في الأرض وهي ليست كغيرها من الخسوفات، وتحدث في المغرب، والمشرق، والجزيرة العربية.
  • الريح الباردة: إنَّ الساعة لا تقوم إلا على شِرار فلا يبقى في الأرض أحدٌ في قلبه ذرةٌ من إيمان، هذا ما أخبر به نبينا محمد صلَّى الله عليه وسلَّم في حديثه: (ثُمَّ يُرسل الله ريحاً باردةً من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحدٌ في قلبه مثقال ذرَّةٍ من خيرٍ أو إيمانٍ إلَّا قبضته، حتَّى لو أنَّ أحدكم دخل في كبد جبلٍ لدخلته عليه، حتَّى تقبضه، فيبقى شِرارُ النَّاس).
  • خروج النار: تخرج نارٌ من اليمن، تسوق الناس إلى محشرهم في بلاد الشام، ومن الأحاديث التي دلت عليها:
    • عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (ستخرج نارٌ من حضرموت أو من نحو بحر حضرموت، قبل يوم القيامة تَحشُر النَّاس، قالوا: يا رسول الله فبماذا تأمرنا؟ فقال: عليكم بالشام).
    • عن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (ويَحشُر بقيَّتُهُم النَّار، تَقيلُ معهم حيثُ قالُوا، وتَبيتُ معهم حيثُ باتوا، وتصبح معهم حيثُ أصبحوا، وتمسي معهم حيثُ أمسوا).

سنذكر لكم الحديث الدال على العلامات السابقة:عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: اطلع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم إلينا ونحن نتذاكر فقال: (ما تذاكرون؟) قالوا: نذكر الساعة، قال: (إنَّها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات) فذكر صلَّى الله عليه وسلَّم (الدخَّان، والدَّجَّال، والدابَّة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تطرد الناس إلى محشرهم).

وبذلك أعزاءنا القراء نكون قد قدمنا لكم العلامات الكبرى للساعة في الإسلام.

 

المصادر: 1، 2




مقالات مرتبطة