العقلية المركزة على المُنتَج

يمكن تعلُّم شيء واحد عند المساعدة على بناء شركة انطلاقاً من شركة ناشئة قليلة التمويل والأعمال، وتحويلها إلى رأس مال مخاطِر، وهذا الشيء ليس وصفة سرِّية خاصة بالشركات الناجحة، ولا يتعلق حتى بالثقافة التنظيمية أو الإيرادات أو الأرباح، مع أنَّه يؤثِّر فيها مباشرةً؛ بل يتجلى بتنفيذ أعمال قابلة للتوسيع والتطوير، على أن يكون التنفيذ على هيئة أنظمةٍ، والأهم من ذلك، أن تكون أنظمةً قابلةً للتطوير.



عليك أن تكون شخصاً منتِجاً داخل العمل وخارجه:

يعمل كثيرون منا بسرعة كبيرة محاولين إنجاز عدة مهام في نفس الوقت؛ وهذا يؤثِّر في نوعية العمل؛ بمعنى آخر، إن صادفنا عائقاً ما لا نستطيع معرفته والتغلب عليه، وإن نجحنا بعملنا لا نتمكن من معرفة السبب وراء ذلك، وهو ما يشكِّل العقبة الكبيرة، فإن نجحتَ في القيام بعمل ما لأنَّك بصفتك رائد أعمال تعمل ساعات طويلةً يومياً، وترد على الآلاف من رسائل البريد الإلكتروني، فإنَّ عملك الناجح هذا ليس قابلاً للتطور بكل وضوح.

إذاً، لبناء عمل وحياة جديرةٍ بالقيادة، من الضروري أن نصبح أشخاصاً منتِجين؛ أي أن نضع تصوُّراً لمفهوم الأعمال، ابتداءً من مرحلة الإنتاج وصولاً إلى البيع.

وسواء كانت الشركة تكنولوجيةً من دون أيِّ أصول مادية، أم شركةً صناعية تختص بالأصول المادية وحسب، فإنَّ رجل الأعمال الذي يركز على المُنتَج قادرٌ على فهم الأعمال فهماً كاملاً؛ أي يعرف ماهية المُنتَج، وكيفية وسبب تصنيعه، ولمَن يُباع، والأكثر أهمية، أنَّه يعلم الأنظمة الحالية قيد التنفيذ، وكيفية جعلها أكثر فاعلية من خلال فهمه طريقة سير الأعمال، وما هي الأنظمة التي ينبغي استخدامها في سبيل تطوير العمل.

وبالعودة خطوةً للوراء، العمل التجاري هو عبارة عن مجموعة من الأنظمة التي أنشأها رواد الأعمال بطريقة مُؤتمَتة وتلقائية، كي تُدار من دون أن يشرفوا عليها دائماً.

والعمل التجاري الفعَّال، سواء كان شركة لمستلزمات الحياة اليومية أم إحدى الشركات ضمن قائمة "فورتشن 500" (Fortune 500)، هو ما يملك أنظمة واستراتيجيات مُحدَّدة تُمكِّنه من بلوغ الهدف النهائي بالحد الأدنى من الموارد، سواء كانت هذه الموارد عبارة عن الوقت أم المال أم غير ذلك.

وكي يكون العمل التجاري ناجحاً، فمن الضروري للغاية أن تكون أنظمته مُحدَّدة أو مُحسَّنة ودقيقة، مع وجود هدف نهائي له يتجلَّى بقابليته للتوسع والتطور أو جعله مؤتمَتاً للتخفيف من التكلفة والعمالة، ولكي تنجح بصفتك رائد أعمال طموحاً، يجب عليك أن تمتلك القدرة على رؤية الأنظمة والعمليات التي تكوِّن العمل التجاري، ومن ثم إيجاد طريقة لجعلها أفضل وأكثر كفاءةً.

إقرأ أيضاً: ما هي الأسباب التي تجعل عملك التجاري الصغير يحتاج إلى مواهب مرنة؟

العقلية المركِّزة على المُنتَج:

من الرائع أنَّ العمل التجاري يتعلق بالناحية المادية كعلاقته بالناحية النفسية؛ ففي كثير من الأحيان، لا نتمكن من رؤية النظام أو العملية؛ بل نعلم أنَّها موجودةٌ فحسب، غير أنَّ الإنسان المنتِج يستطيع رؤية الجوانب النوعية للعمل التجاري بوصفها أشياء ملموسة وواقعية في ذهنه، ثم يعبِّر عنها في العالم الحقيقي.

يُعَدُّ استخدام السبورة البيضاء وسيلة عظيمة للتدرُّب على التركيز في المُنتَج؛ لذا إن كنت تعمل حالياً، فاستثمر بعضاً من وقتك في رسم خريطة لتدفُّق العمليات في كامل الشركة.

كم عدد الخطوات التي يستغرقها الانتقال من المواد الأولية إلى رضى العملاء؟ وهل تُوجد طرائق للتقليل من هذه الخطوات، أو تسريعها مع المحافظة على كفاءتها؟

حين تبدأ بسؤال نفسك الأسئلة السابقة، تبدأ بالتفكير بصفتك شخصاً منتِجاً، والأكثر من ذلك، أنَّه عند بلوغ الدرجة القصوى من الكفاءة باستخدام الموارد الحالية، يقع على عاتق الشخص المنتِج إعادة توزيع تلك الموارد لتتناسب أفضلُ الأصول مع أفضلِ الأنظمة والاستراتيجيات.

على سبيل المثال، إن كان لديك خمسة مهندسي حاسوب، ويوجد خللٌ أو فيروس في واجهة المستخدِم لتطبيقك الرئيس، فإنَّك ستقوم مباشرةً بإعادة تخصيص مواردك الهندسية لإصلاح ذلك الخلل، وبعد إصلاحه، ربَّما تقوم بإجراءٍ ما كي لا يتكرر مرة أخرى؛ وذلك من خلال تكريس أحد المهندسين لضمان جودة ذلك التطبيق، وقد يستغرق ذلك وقتاً على حساب مشروع آخر، لكن من الضروري للغاية أن تكون تجربة المستخدم سلسةً كما تطبيقك الرئيس.

ينبغي للإنسان المنتِج الجيد أن يكون قادراً على تحديد أيِّ مشكلة كالتي ذُكِرَت آنفاً، وإيجاد طريقة لإعادة توزيع الموارد بما يسهِم في إصلاحها، ومن ثمَّ معرفة نوع الأنظمة والموارد المستقبلية المطلوبة كي تقلَّ نسبة حدوثها، وتُستعاد الإيرادات، وتُعاد القيمة للمستهلك، وفي الأساس، يستطيع الشخص ذو العقلية المركِّزة على المُنتَج رؤية أدوات العمل التجاري، ومعرفة طريقة تشغيلها بسلاسةٍ أكبر.

لذا عليك أن تكون شخصاً منتِجاً، سواء كنت رائد أعمال طموحاً أم جزءاً من مؤسسة كبيرة؛ إذ إنَّ ذلك سيزيد من كفاءة وفاعلية عملك وشخصيتك على حد سواء، ولا حاجة إلى إخبارك أنَّ الكفاءة هي كل ما يهم، سواء كان هدفك أرباحاً ضخمة أم تأثيراً اجتماعياً هائلاً أم الحصول على كثيرٍ من أوقات الفراغ.

إقرأ أيضاً: 7 إرشادات تساعدك على إنشاء مشروع تجاري ناجح

في الختام:

  • احرص على فهم الأعمال والحياة فهماً كاملاً.
  • اسأل نفسَك عن طرائق للأتمتة أو الاستعانة بمصادر خارجية.
  • كيف يمكنك جعل الأمور أكثر كفاءة من دون خسارة الفاعلية؟
  • عامِل نفسك بصفتك المدير التنفيذي لحياتك، واحرص على مضاعفة القيمة دوماً.

المصدر




مقالات مرتبطة