العثور على هدف حياتك

تقول البروفيسورة "بيتي سو فلاورز" (Betty Sue Flowers): "حين تجد هدف حياتك يبدأ بالتجلِّي في كل مكان حولك، تشعر كما لو أنَّ الحياة مسرحية أنت بطلها".



تسلط الحياة:

يقدِّم المؤلف "ريتشارد ج. لايدر" (Richard J. Leider) في كتابه قوة الهدف (The Power of Purpose) قصة معبِّرة عن عثور المرء على هدفه في الحياة بالعمل: "يُحكى أنَّ شاباً كان في رحلة بحثه عن هدفه في الحياة، وأرسل إلى شخصٍ حكيم رسالة يخبره فيها أنَّه ناقش أمرَ الغاية من الحياة مع كلِّ حكيم صادفه، وقرأ كلَّ ما وقعت يداه عليه من كتب تتحدث عن الغايات، وجاب أصقاع الأرض طالباً المشورة من بعض أعظم المعلمين الروحانيين، ومع ذلك لم يتمكن أحد من إخباره بهدفه".

ختم رسالته بسؤال الحكيم: "هل بوسعك إخباري ما هو هدفي في الحياة؟".

وجاء ردُّ الحكيم: "مع حلول الوقت الذي تكتشف فيه الغاية من وجودك لن يبقى لديك متسعٌ من وقت لإنجازها".

توضِّح هذه القصة البسيطة معاناة كثيرين ممَّن يبحثون عن هدفهم في العالم الخارجي وليس في داخل نفوسهم حيث مكان وجوده الحقيقي، في حين ذكَّرنا الزعيم الروحاني غاندي (Gandhi) أنَّ الغاية من الحياة دائماً ما تتصل بتحسين حياة الآخرين، وقال: "أفضل طريقة لتجد طريقك في الحياة هي إعانة الآخرين على عبور طرقهم".

في حين يصوِّر المؤلف "ستيفن بريسفيلد" (Steven Pressfield) في كتابه الشهير حرب الفن (The War of Art) رحلة البحث عن الهدف من منظور مختلف، ويسلط الضوء على نضال البشر المستمر لإيجاد أهدافهم بدلاً من الرضوخ لمتطلبات الحياة، ويتجلى ذلك غالباً في حياة الفنانين ومحاولاتهم للنجاح في العمل الإبداعي، فيقول: "عندما نستمر بالسعي يوماً بعد يوم يبدأ شيء روحانيٌّ بالحدوث، وتبدأ رحلتنا، وتتدخل اليد الإلهية لمساعدتنا، وتُغني طريقنا بالمصادفات والفرص والحظوظ".

العمل الهادف:

لا يمكنك العثور على هدف حياتك سوى بالتجربة والجهد، وستجد غايتك في العمل وليس في التقاعس عنه؛ فالبحث عن الغاية من وجودك هو عملية تستمر مدى الحياة، قد يتغير هدفك مع مرور الوقت لكن تستطيع أن تساعد الآخرين بطرائق عديدة خلال تقدُّمك.

ضع في حسبانك ألَّا تربط هدفك بالحياة المهنية وحسب، فيصف كثير من الناس الذين فقدوا مهنهم بصورة غير متوقعة شعورهم بالفراغ بعد ذلك؛ لأنَّهم ربطوا هدفهم عن غير عمد بحياتهم المهنية فقط، إضافة إلى ذلك فإنَّ امتلاك هدفٍ واحدٍ في الحياة فكرة مغلوطة ولا تستحق الاهتمام، فثمَّة عدة قصص لأشخاص ناجحين وجدوا الشغف في مجالاتٍ لا حصر لها طوال حياتهم، كما قال الوزير الأمريكي السابق "ويليام جينينغز بريان" (William Jennings Bryan): "القدر ليس مسألة مصادفة؛ وإنَّما اختيار، إنَّه ليس شيئاً يجب انتظاره؛ بل يجب تحقيقه".

شاهد بالفيديو: 5 أسباب تجعلك تمتلك هدفاً في الحياة

في خدمة الآخرين:

يروي الدكتور والمؤلِّف "أليكس ليكرمان" (Alex Lickerman) في كتابه "العقل غير المهزوم" (The Undefeated Mind) قصة امرأة كانت تعتني بزوجها المريض، وتنجح بعد وفاته في إيجاد المعنى والهدف من حياتها بتكريس نفسها للعناية بالمرضى الميؤوس من شفائهم، فقد كانت تعاني نوبات اكتئاب وشعوراً بالذنب عقب خسارته؛ وقد كان الضغط الذي واجهته في أثناء رعايتها له في لحظاته الأخيرة من حياته أكبر ممَّا تتحمل، ولكن في النهاية تجد طريقها لتجاوز الاكتئاب بناءً على نصيحة الدكتور ليكرمان بتكريس نفسها للمرضى الميؤوس من شفائهم، وتعوِّض في الوقت نفسه شعورها بالذنب لعدم قدرتها على إنقاذ حياته.

لم يفُت الأوان بعد للعثور على هدفك، فقد يكتشف بعض الناس هدفهم في سنٍّ صغير؛ مثل الموسيقي بيتهوفن (Beethoven) الذي كان موهوباً وقُدِّر له الوصول إلى العظمة الموسيقية منذ صغره، في حين يحتاج آخرون إلى أن ينضجوا قبل الوصول إلى هدفهم، مثل غاندي (Gandhi) الذي قاد في سن الحادية والستين احتجاجاً عمَّ الهند ضد الضرائب التي فرضتها بريطانيا، واستمر موقفه ضد السلطة حتى أواخر السبعينيات من عمره قبل اغتياله في عام 1948 عن عمر يناهز الثامنة والسبعين.

إقرأ أيضاً: ما هي الفوائد الصحية لمساعدة الآخرين؟

اعثر على شغفك:

معظم الأشخاص يتبعون شغفهم بحثاً عن غاياتهم، في حين يكتشف آخرون غاياتهم فجأة في أوقات غير متوقَّعة؛ فلا توجد طريقة سائدة يجد المرء فيها هدفه، لكن يكمن العامل الرئيس في التزام العمل والمثابرة، فيجب أن يظل المرء منصتاً إلى صوت قلبه من خلال تعلُّم الثقة في حدسه.

اطلب النصيحة ممَّن خاضوا التجربة قبلك، وتأمَّل في الخطوات التي اتخذوها للعثور على هدفهم، ولكن على الرغم من محبة العائلة ودعمها لك قد يكون طلب مشورتهم أمراً مُحبطاً؛ فقد يثنيك أفراد الأسرة الذين لم يسعوا إلى تحقيق أحلامهم عن متابعة أحلامك متحجِّجين بكثير من الأسباب التي تجعل العمل لأجل كسب العيش أكثر أماناً؛ إذ تؤمِّن بذلك مصدر دخل ثابت ومضمون، ومع ذلك عيش الحياة بحذر دائم لا يتيح لك تحدي نفسك واكتشاف قدراتك والوصول إلى حيث تريد؛ ومن ثمَّ يذكرنا "أوليفر ويندل هولمز" (Oliver Wendell Holmes) أنَّ الوقت ليس في صالحنا بقوله: "يموت كثير من الناس وأحلامهم ما تزال حبيسةً بداخلهم؛ لأنَّهم في كثير من الأحيان ينتظرون الوقت المناسب للعيش؛ لكنَّ الوقت ينفد قبل أن يدركوا ذلك".

لا تفترض أنَّك يوما ماً ستنهض من تلقاء نفسك وتبدأ بالعمل؛ لأنَّ ذلك اليوم قد لا يأتي أبداً.

إقرأ أيضاً: 5 خطوات لتعزيز الشغف لدى الموظفين

في الختام:

كما قال الأستاذ والكاتب "راندي باوش" (Randy Pausch) مؤكداً على ضرورة التغلب على الوقت من خلال العمل المُلهِم: "أظنُّ أنَّ النصيحة الوحيدة التي يمكنني تقديمها لك بشأن كيفية عيش حياة حقيقية، هي ألَّا تنسى أنَّ ما نندم عليه على فراش الموت ليس الأشياء التي فعلناها في الحياة؛ بل الأشياء التي لم نفعلها".




مقالات مرتبطة