الصداع: أعراضه، وأسبابه، وأهم طرق علاجه

من منَّا لم يُعانِ من صداع الرَّأس، هذا الصُّداع الذي تتفاوت شدته، ولكنَّه مؤلم ومُزعج لو كان في أقل درجاته، وكثيراً ما تساءلنا ونحن في خضم هذا الألم ما الذي يحدث في الرأس؟ وما مصدر هذا الألم ومتى سيتوقَّف؟



لذلك سنتناول في هذا المقال الصُّداع بكافَّة أنواعه وأسبابه وعلاجه.

مفهوم الصُّداع:

يُشخَّص الصُّداع على أنَّه ألم في الرَّأس فوق العينين أو الأذنين، أو في المنطقة الخلفيَّة من الرَّأس، أو في الجزء الخلفي من منطقة الرقبة العليا.

أشارت جمعيَّة الصُّداع الدولية إلى أنَّه يوجد أكثر من 150 نوعاً من الصُّداع، واستناداً إلى البحث فإنَّ الصُّداع يُقسم فعليَّاً إلى فئتين رئيستين:

1. الصُّداع الأوَّلي:

لا يرتبط الصُّداع الأوَّلي بأمراض أخرى، ويكون الصُّداع هو المشكلة الرئيسة وليس عرضاً للإصابة بمرض أو مشكلة صحيَّة أخرى، وينشأ عن التهاب الأجزاء الحسَّاسة للألم في داخل الرقبة والرأس وما حولهما، ويتضمَّن الأوعية الدموية والعضلات والأعصاب، ومن أمثلته: الصُّداع النصفي وصداع التوتر والصُّداع العنقودي.

2. الصُّداع الثَّانوي:

يحدث الصداع الثانوي نتيجة أمراض أو ظروف أخرى تُحفز الأجزاء الحسَّاسة للألم في منطقة الرأس والرقبة، كالصُّداع الناتج عن عدوى الجيوب الأنفيَّة وعن أمراض أورام الدماغ والسكتات الدماغية والتهاب السَّحايا، وعن ارتفاع شديد في ضغط الدم.

غالباً ما يكون الطَّبيب قادراً على تشخيص نوع الصُّداع من خلال وصف الحالة ونوع الألم وتوقيت ونمط النوبات، وإذا كان الصُّداع من الطبيعة المعقدة، يمكن طلب اختبارات إضافية، مثل: تحاليل دم وأشعَّة سينيَّة ومسح الدِّماغ وتصوير بالرَّنين المغناطيسي.

شاهد بالفيديو: 7 عادات خطيرة تؤذي الدماغ توقف عنها حالاً

أنواع الصُّداع:

للصُّداع أنواع كثيرة، سنذكر أكثرها شيوعاً:

1. صداع التوتر:

يُعدُّ صداع التوتر أحد أكثر أنواع الصُّداع الأولي شيوعاً بين الأفراد وفقاً لما نشرته منظمة الصحة العالمية في عام 2016، وهو ألم يكون في جانبي الرأس، ويستمر عادةً من نصف ساعة إلى عدة ساعات، ويُرافقه أعراض أخرى كالشعور بالضغط خلف العينين، والحساسيَّة من الأضواء والأصوات، والشعور بألم عند لمس الرقبة والرأس والوجه والكتفين.

أسباب صداع التوتر:

يحدث نتيجة انقباض أو شد عضلات فروة الرأس، وذلك استجابةً لتعرُّض منطقة الرأس لإصابة معيَّنة، أو بسبب الشعور بالتوتر أو القلق أو الاكتئاب، وقد تكون بعض الأنشطة سبباً في حدوث صداع التوتر، مثل الأعمال اليدويَّة الدقيقة، والكتابة والأعمال المرتبطة بالحاسوب، وبقاء الرأس في وضعية واحدة ولفترة وحيدة أو النوم بوضعية لا تُناسب الرقبة، أو النوم بغرفة باردة؛ ومن المحفِّزات لهذا الصُّداع أيضاً الإفراط بالتدخين وشرب الكحوليات وإجهاد العينين.

علاج صداع التوتر:

يُعالج بمسكِّنات الألم التي تُصرف دون وصفة، مثل الإسبرين، لكن يجدر الانتباه لعدم الإفراط في تناول هذه الأدوية.

2. الصُّداع المرتد (الصُّداع الناتج عن الاستعمال المفرط للأدوية):

سبب هذا الصُّداع هو الإفراط في تناول الأدوية المستخدمة لتخفيف صداع الرأس، وهو السبب الأكثر شيوعاً للصُّداع الثانوي، ويبدأ في العادة في وقت مبكِّر من اليوم ويستمر طوال اليوم، ومن أعراضه: آلام الرَّقبة والأرق واحتقان الأنف وقلَّة النَّوم والحاجة إلى استخدام جرعات دوائيَّة عالية لعلاج الألم، وزيادة حدَّة الألم وصعوبة علاجه.

أسباب الصداع المرتد:

الأمر عبارة عن حلقة مفرغة تبدأ بوجود صداع متكرِّر يستدعي تناول الأدوية المسكِّنة، وبالتالي ينتج الصّدُاع الارتدادي في حال التوقف عن تناول هذه الأدوية، ما يستدعي الاستمرار في تناولها.

علاج الصداع المرتد:

التوقف عن تناول الدواء الذي سبَّب الصُّداع الارتدادي هو الطريقة الوحيدة لعلاج هذه المشكلة، مع الانتباه لآليَّة التوقف عن تناول الأدوية، فبعض المرضى يمكنهم الامتناع عن تناول الأدوية فوراً، وبعضهم الآخر يبدأ بتقليل استخدامها تدريجيَّاً.

3. الصُّداع النصفي (الشقيقة):

هو ألم ضارب أو نابض يُصيب أحد جانبي الرأس، وقد يستمر من ثلاث إلى أربع ساعات، ويظهر بين مرة إلى أربع مرات في الشهر الواحد، ويُرافق الألم أعراض أخرى، منها: التقيؤ أو الغثيان، واضطراب المعدة أو الشعور بألم البطن، وزيادة الحساسيَّة للروائح والأضواء والأصوات المزعجة، وفقدان الشهية للطعام.

أسباب الصداع النصفي:

ما تزال أسباب الصُّداع النصفي غير معروفة تماماً، لكن يبدو أنَّ للعوامل البيئيَّة والجينيَّة دور في حدوثه، ويرتبط هذا الصُّداع بحدوث اختلال في توازن المواد الكيمائيَّة في الدماغ، مثل السيروتونين الذي يُساعد على تنظيم الألم في الجهاز العصبي، وهناك عدة عوامل تزيد من احتمالية إصابة الإنسان بالصُّداع النصفي، منها:

  1. العمر: يُصيب الصُّداع النصفي الأشخاص بمختلف الأعمار، لكن أوَّل ظهور له يكون عادةً خلال المراهقة، ويصل ذروته في الثلاثينيات من العمر ويُصبح أقل حدة في العقود التالية من العمر.
  2. العوامل الوراثيَّة: تزيد احتمالية إصابة الفرد بالشقيقة في حال كان أحد أفراد العائلة يُعاني من هذه المشكلة.
  3. التغيرات الهرمونيَّة: تُؤثِّر التغيرات الهرمونيَّة التي تحدث في فترة الدورة الشهرية وسن اليأس في حالة الصُّداع النصفي عند النساء، وغالباً ما يبدأ الصُّداع قبل موعد الدورة الشهرية مباشرةً أو بعدها بفترة قصيرة، كما يتغير خلال الحمل أو فترة سن اليأس.
  4. الجنس: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالصُّداع النصفي بثلاث مرات من الرجال.

علاج الصداع النصفي:

إلى الآن لا يوجد علاج يُشفي المصاب بالصُّداع النصفي بشكل نهائي، لكن هناك وسائل تُساعد في تخفيف أعراض نوبة الشقيقة إلى جانب الأدوية، مثل الاستلقاء في غرفة مظلمة، ويصف الطبيب العلاج الدوائي حسب شدة وتكرار الصُّداع أدوية ذات مفعول فوري لتخفيف الألم أو أدوية وقائيَّة لتجنُّب حدوث الصُّداع النصفي فيما بعد، مثل مسكِّنات الألم (الباراسيتامول)، والتريبتانات التي تساعد على عكس التغيرات التي تحدث في الدماغ والتي قد تكون سبباً في الصُّداع النصفي.

إقرأ أيضاً: 10 نصائح للتعامل مع الصداع النصفي

4. الصُّداع العنقودي:

هو أشد أنواع الصُّداع ألماً، يأتي على ناحية واحدة من الرأس ويصيب العين والأنف في هذا الجانب، وسمِّي عنقودي لأنَّه يحدث في صورة نوبات متكررة؛ حيث تحدث هذه النوبة من 1 إلى 3 مرات متكررة يومياً مثل عنقود العنب.

تتميز النوبات بالشدة؛ ومن شدتها يستيقظ المريض من نومه، وتأتي في صورة نبض متكرر على جانب الرأس مع تدميع وحرقان واحمرار وانتفاخ بالعين، وأيضاً سيلان من الأنف وإحساس بالسُّخونة على جانب الوجه.

أسباب الصداع العنقودي:

إنَّ السبب الحيوي الدقيق للصُّداع العنقودي غير معروف، ولكن يرى بعض الباحثين أنَّ للصُّداع العنقودي علاقة مع الوطاء (مكان الساعة البيولوجية الداخلية التي تنظِّم نومنا واستيقاظنا)، إضافة إلى علاقته مع تفعيل العصب مثلث التوائم، وهو العصب الرئيس في الوجه، حيث يؤدي تفعيل هذا العصب لألم عيني مرافق للصُّداع العنقودي.

علاج الصداع العنقودي:

لا يوجد علاج محدد للصُّداع العنقودي، وإنَّما وسائل تُساهم في تخفيف الألم، مثل العلاج بالأوكسجين، واستخدام دواء الفيرباميل الذي يُساعد على ارتخاء الأوعية الدموية، ودواء الستيرويدي الذي يقلل الانتفاخ والالتهاب.

5. صداع الجيوب الأنفية:

يحدث نتيجة انتفاخ ممرات الجيوب الأنفية، بسبب التهاب النسيج المبطِّن لجيوب الأنف، إذ تبدأ هذه الأنسجة المُلتهبة بإنتاج إفرازات تسدُّ نظام التصريف الطبيعي فتتراكم السوائل والإفرازات فيها، فيكون ألم صداع الجيوب الأنفية بزيادة مقدار ضغط السائل في الجيوب، ويترافق بألم في العينين واحتقان في الأنف وخلف الخدين، ويزداد هذا الألم عند الاستيقاظ في الصباح أو عند الانحناء إلى الأمام.

أسباب صداع الجيوب الأنفية:

يحدث نتيجة تهيُّج الأنف أو تحفيز تفاعلات الحساسية فيه، أو نتيجة عدوى فطرية أو فيروسية أو بكتيرية، ولكن عدوى التهاب الجيوب الأنفية الفيروسي هو الأكثر شيوعاً، وفي حالات نادرة جداً يحدث صداع الجيوب الأنفية نتيجة انتشار الأورام الخبيثة أو الحميدة التي تغزو الجيوب الأنفية.

علاج صداع الجيوب الأنفية:

استخدام مضادات الاحتقان الأنفية ومسكِّنات الألم ومضادات الهستامين في حالات الحساسيَّة، والمضادات الحيوية.

6. الصُّداع النومي:

وهو صداع نادر الحدوث، وهو صداع شامل لا يتركَّز في أحد جانبي الرأس، ولا يُرافقه تدميع العينين أو سيلان الأنف، يُصيب الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 40-80 سنة، ويُميز هذا الصُّداع أنَّه يبدأ خلال ساعات الليل ويستمر غالباً بين 15-60 دقيقة، وقد يُواجه المصاب 15 نوبة صداع يومي شهرياً أو أكثر، وغالباً ما تحدث النوبات في نفس الوقت من كل ليلة.

أسباب الصداع النومي:

لم تُعرف الأسباب المؤكدة وراء هذا الصُّداع، ولكن يقترح الباحثون وجود علاقة محتملة تربط بين الصُّداع النومي بمراحل معينة من النوم.

علاج الصداع النومي:

أكثر الطَّرائق الشائعة المستخدَمة في حالات الصُّداع النومي هي العلاج بجرعات الكافيين، وتُستخدم أيضاً علاجات أخرى، مثل: إندوميثاسين والميلاتونين والفلوناريزين.

7. صداع الرعد:

تم تسميته بهذا الاسم لأنَّه يحدث بشكل مفاجئ وقوي، ويصل إلى أقصى درجة من شدته في أقل من دقيقة واحدة ويستمر لمدة أطول من 5 دقائق.

  • أعراض صداع الرعد: سرعة ضربات القلب والشعور بالغثيان وارتفاع درجة حرارة الجسم وآلام في مختلف أنحاء الرأس وما حولها.
  • أسباب صداع الرعد: ارتفاع ضغط الدم الشديد ونزيف المخ وجلطة الدم الدماغية وتمزُّق في أحد شرايين الدم وتسرُّب سائل النخاع في الدماغ.
  • علاج صداع الرعد: ستلزم الذهاب إلى الطبيب في أسرع وقت وإجراء الأشعة المقطعية على المخ، لأنَّه غالباً ما يكون صداع الرعد نتيجة للحالات التي تُهدِّد الحياة.

8. صداع الآيس كريم:

يحدث في حال استنشاق أو شرب أو أكل شيء بارد، كعضِّ الآيس كريم، أو شرب مشروبات فيها ثلج مطحون، وتكون أعراضه على شكل ألم حاد في الجبين، يستمر لفترة قصيرة من 20-60 ثانية ويزول، إذ من النادر استمراره لأكثر من 5 دقائق.

9. صداع الضغط الخارجي:

من تسمياته أيضاً: صداع نظارة السباحة أو صداع خوذة كرة القدم، وأسماء أخرى مرتبطة بنوع الأداة التي تُسبب الصُّداع. وهو شعور بضغط متوسط الحدَّة مستمر، يُصيب أكثر أجزاء الرأس المعرَّضة للضغط نتيجة ارتداء أغطية الرأس، وعلاج هذا الصُّداع يكون بإزالة غطاء الرأس الذي يُسبِّب الصُّداع.

10. صداع الإجهاد:

يحدث عند قيام الإنسان بنشاط فيه إجهاد ذهني أو جسدي، وعادةً يكون ألم نابض يظهر فجأة ويستمر من 5 دقائق إلى 48 ساعة، ويترافق مع حساسية تجاه الأصوات والأضواء وشعور بالغثيان، وتزول أعراض الصُّداع بالراحة، دون استخدام علاج.

إقرأ أيضاً: 5 طرق مُفاجئة يُؤثّر بها الإجهاد على دماغك

11. صداع الدورة الشهرية:

يحدث عند النساء عادةً بين يومين وثلاثة أيام قبل بدء الدورة، بسبب الانخفاض المفاجئ في هرمون الإستروجين قبل الدورة مباشرةً، علاجه يكون بتناول مكمِّلات المغنيسيوم التي تساعد في السيطرة على آلام الرأس.

12. صداع الصباح الباكر:

وهو الصُّداع الذي يحدث لأشخاص يُعانون من توقف التنفس في أثناء النوم.

13. صداع الأسنان:

هناك حالات متعلِّقة بالأسنان يمكن أن تُؤدي لصُداع، مثل صرير الأسنان واضطراب المفصل الصدغي الفكي.

في الختام، نمط الحياة الصحي والتفكير الإيجابي هما الحل:

الصُّداع وآلام الرأس أمراً مرافقاً للإنسان منذ وُجِد على هذه الأرض، لذا علينا تقبُّله والتعايش معه قدر الإمكان ومحاولة الابتعاد عن مُسبباته، واتباع نمط حياة صحي، وذلك بتناول الأغذية الصحية الغنية بالعناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم، والابتعاد عن الأغذية الضارة كالوجبات السريعة، والالتزام بممارسة الرياضة وجعلها جزء من روتيننا اليومي، وأخذ قسط كافٍ من النوم لترتاح الجملة العصبية وتسترخي، والابتعاد عن السهر والتدخين والكحوليات، وتجنُّب الضغط النفسي والعصبي بأن نكون أشخاصاً إيجابيين في الحياة؛ ذلك لأنَّنا إن ضحكنا أو بكَينا لن نُغيِّر من الأمر شيء، لذلك فلنتقبل ضغوطات الحياة بروح مرنة ومرحة.

إذاً الحياة الصحية والتفكير الإيجابي هما الحل لننعم بجسم سليم وصحي، ونُجنِّب رؤوسنا آلام الصُّداع قدر الإمكان.

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة