الشقيقة: تعريفها وكيفية تجنبها

لا يشبه شيءٌ التعاسة أو المأساة التي تسبِّبها الشقيقة (الصداع النصفي)، وإن كنتِ من ضمن الـ 20% من النساء اللواتي يعانين منها، فستعرفين مدى الألم الذي ينجم عنها، لكن ثمة بارقة أمل جديد؛ إذ يلقي الباحثون الضوء أخيراً على هذه الظاهرة الطبية التي غالباً ما كان يُساء فهمها سابقاً.



يشرح الدكتور "جيفري أوبانك" (Geoffrey Eubank)، الرئيس الطبي لعلم الأعصاب العام في مؤسسة "أوهايو هيلث" (OhioHealth) في مدينة "كولومبوس" (Columbus)، عن ذلك قائلاً: "منذ عشرة أعوام مضت، ظنَّ الأطباء أنَّ الشقيقة عبارة عن مشكلة في الأوعية الدموية، بينما نعلم الآن أنَّها مشكلة عصبية، أي إنَّ سببها نشاط خلوي مفاجئ وهائل في الدماغ، وقد ساهم ذلك في ابتكار علاجات جديدة لها".

تُعَد هذه أخباراً سارَّة للنساء خصوصاً؛ وذلك لأنَّ احتمال إصابتهنَّ بالشقيقة أكثر بثلاث مرات من الرجال؛ إذ يمكننا إلقاء اللوم في ذلك على هرمون الإستروجين - الهرمون الأنثوي الذي يُفرز من المبيضين ويكون مسؤولاً عن تطور الجهاز التناسلي الأنثوي وتنظيمه في الأعمار الصغيرة، ومن ثمَّ عملية الإباضة لدى الشابَّات - وعلى الرغم من أنَّ العلاقة بينه وبين الألم الدماغي ليست واضحةً تماماً، إلا أنَّه حسب الدكتور "أوبانك": "يبدو أنَّ التغيرات في مستويات الإستروجين في الدم تحرِّض على حدوث الشقيقة"، وربَّما لذلك يزداد احتمال إصابة النساء بالشقيقة في الأيام التي تسبق حدوث الدورة الطمثية مباشرة، وخلال الحمل أو بعده، أو خلال سن اليأس؛ أي الغياب الدائم للدورة الطمثية لمدة لا تقل عن سنة كاملة نتيجة ضمور المبيضين وانقطاع إفراز الإستروجين منهما، ممَّا يدل على نهاية مرحلة الخصوبة لدى المرأة، ويحدث ذلك غالباً في عمر 50-55 سنة.

لا تتعلق بالمقابل المحرِّضات الشائعة الأخرى للشقيقة بنوع الجنس، ونذكر منها المشروبات الكحولية، والمحليات الصناعية، واللحوم المعالجة مثل النقانق والسلامي - لحوم من أنواع البسطرمة البقرية - والأطعمة الحاوية على مركَّب التيرامين الكيميائي، مثل الجبن المعتق ومنتجات فول الصويا والنبيذ الأحمر، ومنتجات الألبان والشوكولاتة والغلوتين والمُكسَّرات، والغلوتامات أحادية الصوديوم التي تُضاف إلى الأطعمة.

شاهد بالفديو: 5 نصائح ذهبيّة لتعزيز طاقة الدماغ

أمَّا بالنسبة إلى علاقة الطقس بالشقيقة، فيعاني بعض المصابين من حساسية خاصَّة لتغيرات الضغط الجوي، مثلما هو الحال عند هبوط الضغط الجوي الذي يحصل مباشرةً قبل عاصفة رعدية، أو عند إقلاع الطائرة التي يُوجدون فيها.

يمكن لدرجات الحرارة الدافئة أن تكون محرِّضاً لنوبات الشقيقة؛ إذ وجدت دراسة أجرتها جامعة "هارفرد" (Harvard) أنَّ كلَّ زيادة للحرارة بمقدار 9 درجات أدَّت إلى زيادة آلام الصداع الشديدة بمقدار 7.5%، ومن ضمنها الشقيقة، ومع تزايد الاحتباس الحراري، يظنُّ بعض الخبراء أنَّ ذلك يعني مزيداً من الآلام لبعض النساء.

يمكن لعاداتكِ اليومية أن تلعب دوراً في تحريض النوبات أيضاً؛ إذ يمكن للنوم غير الكافي أو اتباع برنامج نوم غير منتظم؛ أي الاستيقاظ وأخذ غفوات في أوقات مختلفة خلال معظم الأيام، أن يحفِّز حدوث الشقيقة، ويمكن للتوتر أو الضغط النفسي أن يكون له تأثير مشابه، رغم أنَّ الهبوط الحاد والسريع في مستويات هرمون الكورتيزول في الدم - هرمون يُفرز من الغدة الكظرية استجابةً للتوتر والشدة أو نتيجة لانخفاض سكر الدم - خلال الفترة التي تلي المرور بمرحلة متوترة وعصيبة، يُعَد أكثر احتمالاً لتحفيز نوبة شقيقة ممَّا يفعله التوتر نفسه، وهذا ما يُسمَّى الشقيقة المرافقة للعطلات.

تعلِّق الدكتورة "ريبيكا إروين ويلز" (Rebecca Erwin Wells)، المتخصِّصة في الصداع في مركز "ويك فوريست بابتسيت" (Wake Forest Baptist) الطبي، على ذلك قائلةً: "بصرف النظر عمَّا يحرِّض نوبة الصداع لديكِ، فلا تلقِ اللوم على نفسكِ أبداً، وينبغي التذكُّر جيداً أنَّ الشقيقة حالة عصبية تصيب الدماغ، مع احتمالية شديدة لانتقالها بالوراثة".

إقرأ أيضاً: 10 نصائح للتعامل مع الصداع النصفي

تذكر الدكتورة "ويلز" مراجعة عديدٍ من النساء لها، ممَّن يعبِّرن عن الإحساس بذنبٍ كبير بسبب الصداع الذي يعانين منه، وذلك بسبب عدم أخذ فترات استراحة كافية، وعدم الالتزام بحمية الإقصاء؛ أي إجراء تشخيصي لتحديد الأطعمة التي لا يمكن تناولها بسبب تأثيراتها الضارة في الجسم، وفي حالتنا هذه استبعاد الأطعمة التي تحرض حدوث هجمات الشقيقة، لكنَّ الأمر أكثر تعقيداً من ذلك؛ إذ توضح الدكتورة أنَّ لوم ومعاقبة الشخص نفسه، يصرف النظر عن العلاج الحقيقي، والذي ينطوي على عدة أساليب عملية يمكنها المساعدة على تخفيف الألم، وتفادي حدوث نوبات مستقبلية.

المصدر




مقالات مرتبطة