الشركات العائلية

تتعدَّد تسميات الشركات وأنواعها، وإحدى المسميات والأنواع هي الشركات العائلية التي يقوم فيها فردان أو أكثر من العائلة بتأسيس شركة، فهم ملَّاكها وأصحاب القرار والسلطة فيها، وهذا النوع من الشركات لا يربطها فقط المصالح الاستثمارية، بل تعد بشكل من الأشكال واحدة من عوامل الترابط الأسري الذي يتم تناقله عبر الأجيال، الأمر الذي يؤدي إلى استمرار عمل الشركات العائلية.



تصنيف الشركات العائلية:

يقول الكاتب زياد ريس في كتاب "تجربتي لحياة أفضل": تُصنَّف الشَّركة تحت مسمَّى " شركة عائليَّة " عندما تتوفَّر فيها المعطيات الآتية:

  • نسبة مساهمة أفراد العائلة في رأس المال كنسبة فعَّالة.
  • امتلاك أفراد العائلة الواحدة لأكبر نسبة تصويت في الجمعيَّة العموميَّة أو مجلس إدارة الشَّركة.
  • امتلاك أفراد العائلة الواحدة سلطة التَّوجُّه الاستراتيجي للشَّركة.
  • مشاركة جيل واحد على الأقل في إدارة الشَّركة.
  • عزم أفراد العائلة على تحقيق استمراريَّة للشَّركة.

لقد أشارت دراسة للمجلس الأطلسي الأمريكي، إلى أنَّ الشَّركات العائليَّة تُشكِّل نحو ثلثي الشَّركات حول العالَم، وتُشكِّل ما يتراوح بين 70 إلى 90% من إجمالي النَّاتج المحلي السَّنوي عالميَّاً، كما تُوفِّر نحو 50 إلى 80% من الوظائف عالميَّاً، بما يُبْرِز أهمَّيَّتها ودَوْرها في تحقيق مستويات النُّمُو الاقتصادي الدَّولي، وهي كثيرة، ومنها ‏Nike, Samsung, Hyundai.

الجانب العاطفي بين الشركاء:

أودُّ أن أتحدَّث عن الجانب العاطفي بين الشَّركاء مع بعض أو بينهم، وبين إدارة هذا النَّوع من الشَّركات (العائليَّة والمختلطة) خاصةً في المجتمع الشَّرقيّ؛ فكثير من الشَّراكات تُبْنَى بحُكْم علاقات القرابة أو الصَّداقة، ويغلب على هذا النَّوع أن تكون الإدارة عائدةً إلى أحد الأطراف المشاركة، ويكون هناك غياب المنحى الرَّسمي أو المهني بالتَّعامل بين الشَّركاء وبين الإدارة، بل ويطغى الجانب العاطفي ذو الحساسية في مناقشة الأمور بشكلٍ عام، وخاصةً ما يتعلق بالتقارير الماليَّة؛ فكثير من الطروحات أو الاستفسارات قد تُؤخَذ على محمل التَّشكيك، ما يجعل التَّردُّد في الطَّرْح هو سيد الموقف ولو كان بريئاً؛ فثمة صعوبة في فَهْمه مِن قِبَل الطَّرف الآخر بنفس المَنْحى، ويحدث بعد ذلك أن يأخذ بعضهم منحى الانسحاب والانفصال، وربما تذهب الأمور إلى أبعد من ذلك مثل الدُّخول في نفق الخصومة وقطع العلاقة، وأكثر من ذلك.

شاهد بالفديو: 8 أمور هامّة لنجاح استثمارك الخاص

أذكر في هذا السياق حادثةً جرت معي منذ ٢٥ عاماً كنت حديث عهد في تقديم التَّقارير إلى مجلس الإدارة، وفي أحد الاجتماعات كان معنا أحدهم مخضرم يطرح بعض الأسئلة والاستفسارات على التَّقرير الذي أقوم بعَرْضه على المجلس، مع أسئلة أخرى عن سير العمل وآليته؛ شعرتُ وقتها بأنَّه كان يُشكِّك في الأداء أو نقص السيطرة، أو ما شابه ذلك، وبلا شعور ظهر عليَّ الانفعال والشُّعور بالضِّيق، وأخذتُ الأمر بحدَّةٍ مُدافِعاً عن موقفي، مع طرح كل البراهين والأدلة لما يؤيد أمانتي ومصداقيتي.

التفتَ إليَّ، ويقول مستغرباً: لماذا هذه الحدة؟ وتابع وقال: اعلم أنَّ الأمور لا تُؤخَذ بالعاطفة ولا بالشخصنة، ولو كان لدينا (نحن أعضاء المجلس) شَكُّ بالمهنيَّة أو الأمانة التي لديك لما كنتَ معنا هنا، لذا عليك أن تأخذ الأمور بمعزل تماماً عن الحساسية والعاطفة والتَّفسيرات التي هي خارج سياق العمل المهني البَحْت الذي نقوم به، إنَّ دَوْرنا هنا هو المناقشة بكلِّ حياديَّة مع عرض كل طرف لملاحظاته لنضع القيمة المضافَة والعمل الصائب.

لقد كان هذا درساً لي عن أهميَّة وضرورة التَّجرُّد العاطفي في الحوار والنقاش، وكذلك ضرورة التَّجرُّد من الاعتبارات ذات البُعد الشَّخصي، دون أن يعني ذلك الابتعاد عن المسؤوليَّة المجتمعيَّة التي يجب أن يتحلَّى بها كلُّ شخص بموقع المسؤوليَّة.

إقرأ أيضاً: 5 عوامل تساهم في نجاح الأعمال

من الهام نَشْر هذه الثقافة وخصوصاً في الشَّركات ذات البُعْد العائلي والتي هي الأكثر عُرْضَة لمثل هذا التَّحدِّي، ما يؤدِّي إلى تراجعها أو إقفالها؛ ما لم تُبْنَ على أُسُس وقواعد واضحة مع نظام حوكمة واضح.

إنَّ من العوامل المساعدة لذلك اعتماد مجموعة تقارير ماليَّة دوريَّة تُقدَّم من الإدارة الماليَّة ومن أهمها:

  1. خطَّة العمل المستقبليَّة (projection - budget) .
  2. قائمة الدَّخْل ‏(income statement).
  3. ميزانيَّة (balance sheet).
  4. التَّدفُّق النَّقدي (cash flow).
  5. وَضْع نِظام داخلي (internal policies) يخصُّ الشَّركة ويُغطِّي كل جوانب العمل والصَّلاحيَّات الممنوحة وطريقة التعيينات التي تتم بها، إضافةً إلى ضرورة وجود رقابة ماليَّة خارجيَّة تُشْرف على تطبيق جميع المعايير الدَّوليَّة الماليَّة اللَّازمة، مع الحفاظ على الاجتماعات الدَّوريَّة بفترات مُتناسِبَة مع طبيعة تطوُّر العمل.
إقرأ أيضاً: 5 نصائح مهمة لتساهم في نجاح شركتك

في الختام:

بعد الاطلاع على كل ما سبق نجد أنَّ نجاح الشركات العائلية لا يقوم فقط على دوام روابط وأواصر المحبة في العائلة مالكة الشركة، بل يجب أن يكون ثمة أسس علمية وتنظيمية تقود عمل الشركة، بل ويجب أيضاً تحييد العواطف العائلية وصلات القربى في أثناء العمل حتى لو كانت الشركة عائلية، وذلك لضمان استمراريتها ونجاحها.




مقالات مرتبطة