الشخصية الانبساطية: تعريفها، وسماتها، وكيفية التعامل معها

يعشق مشاركة الآخرين، ويجد أنَّه ما من طعم للحياة دون وجود الناس والاجتماعات والحفلات؛ فهو ذاك الإيجابي المبتسم والمعطاء والعفوي والصادق، والذي يكره المجاملات والنفاق الاجتماعي، ولا يبرع في تمثيل دور المحب. إنَّه منطلق في الحياة وعاشق للحرية والعلاقات الاجتماعية، ويكون في قمة سعادته عندما يبوح للآخرين بمشاعره وأفكاره ومخططاته عن الغد؛ فهو لا يستطيع إخفاء مكنوناته ورغباته وأحلامه، ويثق بالآخرين وبنيتهم السليمة نحوه وتمنيهم الصادق لنجاحه.



يميل إلى الإصغاء بفاعلية إلى الآخرين، ولا يتوانى عن تقديم أيِّ مساعدة لهم، وقد يتسرع في اتخاذ قراراته نتيجة لاندفاعه الزائد ورغبته في الحصول على النتائج السريعة؛ فهو قليل الصبر، ويميل إلى السرعة في الأداء دون تحري الدقة في الإنجاز، ويبرع في الوظائف التي تتطلب احتكاكاً مع الناس، ويفقد طاقته وحماسته وانطلاقه إن وُضِع في وظيفة تعتمد على العمل الفردي ولا تتطلب تواصلاً مع الناس، حيث تتبلور مهاراته وقدراته وتتقد عندما يكون ضمن فريق عمل؛ فهو يجد نفسه ضمن العمل الجماعي وينفر من العمل الفردي. 

كما يمتلك أنواعاً مختلفة من الذكاء، وتتصدر قدرته على التواصل مع الآخرين والإصغاء الفعال إليهم وسرعة البديهة والثقة بالنفس وأسلوب الطرح المميز أولى مهاراته.

إنَّه الشخص الانبساطي، وللمزيد من المعلومات عنه، تابعوا معنا هذا المقال.

من هي الشخصية الانبساطية؟

تتواصل هذه الشخصية مع الناس من أجل أن تعيش، حيث تمثل العلاقات الاجتماعية الأوكسجين اللازم لبقائها على قيد الحياة؛ وهي شخصية إيجابية ونشيطة وحماسية ومليئة بالطاقة والحياة، ودائمة التبسُّم والحركة، وعفوية وصادقة ومتعاونة إلى أقصى الحدود مع الآخرين.

تكره الكذب، وتميل إلى البساطة والوضوح والصراحة، وغالباً ما تكون مندفعة ومتسرعة في اتخاذ القرارات، وتميل إلى المخاطرة لكسر الروتين والرتابة.

صفات الشخصية الانبساطية:

1- التواصل الجيد مع الآخرين:

تميل الشخصية الانبساطية إلى التواصل الفعال مع الآخرين؛ فهي تعشق مشاركة أوقاتها معهم، وتكره البقاء وحيدة دون رفقة أحد، وتجد أنَّ الحياة أجمل وألطف وأعمق برفقة الناس، ولا تتردد للحظة عن مساعدة الناس والإصغاء إلى مشكلاتهم وأمورهم وقضاياهم.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح لتعزيز مهارات التواصل مع الآخرين

2- الاندفاعية:

تحيا الشخصية الانبساطية حياتها بكامل الانطلاق والطاقة والحماس، وقد يقودها هذا إلى الاندفاع الشديد والتسرع والتهور في بعض الأحيان إلى نتائج كارثية.

3- عدم الصبر:

لا تتمتع الشخصية الانبساطية بالصبر، ولا تتقن مهارة حساب المخاطر والتقييم المنطقي والعقلاني للأمور، وتميل إلى اتخاذ القرارات بطريقة ارتجالية ومتسرعة، غير آبهة بما يمكن أن يترتب على هذا القرار من نتائج سلبية.

4- الصدق في المشاعر:

تتسم الشخصية الانبساطية بالعفوية والصراحة والوضوح مع الآخرين، وتبتعد عن الكذب والخبث، وتفضحها تعابير وجهها في حال لم ترتح لشخص ما؛ فهي شخصية شفافة وبعيدة عن التصنع.

5- عدم الدقة في الإنجاز:

تستهلك الشخصية الانبساطية كامل طاقتها في تكوين علاقات اجتماعية واتباع إيقاع سريع للحياة، وتتميز بالنشاط الزائد والسرعة في إنجاز المهام؛ ولكنَّها لا تراعي الدقة في الإنجاز.

6- الانفتاح:

تعشق الشخصية الانبساطية الحرية والانطلاق؛ فهي منفتحة على الحياة والآخرين، محبة للحفلات والاجتماعات والمناسبات والنزهات، وتكره الروتين والرتابة والانطوائية.

7- العمل الجماعي:

لا تجد الشخصية الانبساطية نفسها في العمل الفردي، وإنَّما تبرع في العمل الجماعي الذي يتطلب احتكاكاً مع الناس مثل: الاستقبال، والتسويق، والإعلام، والعلاقات العامة.

شاهد بالفديو: كيف تعيش بسعادة وهناء إلى الأبد؟

هل الشخص الانطوائي أذكى من الانبساطي؟

يعتقد الكثيرون أنَّ أغلب المبدعين هم من الأشخاص الانطوائيين، كالرسامين والشعراء والعلماء؛ في حين لم يثبت ذلك علمياً، فالإبداع والذكاء ليس حكراً على شخصية دون غيرها.

من جهة أخرى، يوجد تفسيرات علمية توضح الفارق بين الشخصيتين، فقد وجد العلماء أنَّ الدوبامين -الناقل العصبي المسؤول عن ضبط مراكز المتعة والمكافأة  في الدماغ- السبب الرئيس في اختلاف نشاط أدمغة كلٍّ من الانطوائيين والانبساطيين، حيث استجاب مركز المكافأة في الدماغ لدى الانبساطيين بصورة مختلفة عن الانطوائيين؛ فبينما تتمتع أدمغة الانطوائيين بقدرة أكبر على الاستثارة والتحفيز من الانبساطيين، يميل الانطوائيون إلى خفض درجة تحفيزهم من خلال الجلوس وحيدين والتأمل والهدوء والجدية في العمل؛ في حين أنَّ القدرة المنخفضة على الاستثارة أو التهيج لدى دماغ الانبساطيين تجعلهم يميلون إلى رفع حدة تحفيزهم من خلال الاحتكاك الدائم مع الناس والإقدام على المخاطرة والمجازفة وخوض التحديات، وذلك طمعاً في شعورهم بالتأهب واليقظة.

إقرأ أيضاً: 6 طرق فعّالة للتعامل مع الشخص الإنطوائي

كيف نتعامل مع الشخص الانبساطي؟

يجب على الوسط المحيط استيعاب هذا النمط من الشخصية، والعمل على الاستفادة المثلى من ميزاتها وسماتها؛ فمثلاً: إن اضطر معلم ما إلى عقاب طالب ذي شخصية انبساطية، يستطيع أن يحرمه من التواصل مع أصدقائه، حيث سيكون هذا أكبر عقاب له.

أيضاً، على مدير الموارد البشرية في أيِّ مؤسسة العمل على وضع الشخص ذي الشخصية الانبساطية في وظيفة تتناسب مع سماته الشخصية، بحيث يتمكَّن من الاحتكاك مع الناس وعيش ذاته وحقيقته وشغفه؛ ذلك لأنَّه إذا حصل الشخص الانبساطي على وظيفة تخلو من بناء علاقات مع الآخرين، سيصاب بعد فترة من الزمن بالاكتئاب وتنطفئ طاقته وحماسه وروحه، وتعود إليه حياته في حال حصوله على وظائف مثل: التسويق، والعلاقات العامة، والإعلام.

من جهة أخرى، وجد العلماء زيادة في حجم المادة الرمادية في القشرة قبل الجبهية في دماغ الانطوائيين، وهي المنطقة المسؤولة عن التفكير المنطقي وصنع القرارات والتأمل؛ بينما وجدوا أنَّ حجم المادة الرمادية أقل في دماغ الانبساطيين؛ وهو ما يفسر ميل الانبساطيين إلى المجازفة دون حساب مخاطر الأمر، ورغبة الانطوائيين في التفكير والتحليل الشددين قبل اتخاذ أيِّ قرار.

الخلاصة:

التوازن هو الهدف المنشود في كلِّ مفصل من مفاصل الحياة؛ لذلك لا تكن انبساطياً دائماً ولا انطوائياً دائماً، واستفد من ميزات كلٍّ من هاتين الشخصيتين، وحدد الأوقات المناسبة لطغيان إحداهما على الأخرى.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة