السينما عين على الواقع وعين على المستقبل: أهميتها؟ وكيف نستلهم منها؟

في الحقيقة، لقد تم الاختلاف منذ زمن بعيد في صياغة تعريف شامل وكامل ومتكامل يلخِّص السينما ويعطيها حقها بالشكل الذي يليق بها، ويصون كرامتها، ويعيد لها رونقها ونكهتها ولونها الذي تعرَّض للصدأ بفعل السنين.



ما هي وظائف السينما؟

1. وظيفة ترفيهية:

تمنح السينما المشاهد أو المتفرج أو المتابع الاستمتاع بأوقات فراغه ويقضي وقتاً جميلاً وممتعاً وشيقاً برفقة أفلام السينما كأفلام هوليوود؛ إذ تُعَدُّ السينما في هذه الحالة مادة ترفيهية، كما تُعَدُّ مادة دسمة غنية تمتِّع المشاهد بعد الاستراحة من عناء العمل ومشقاته وضغوطاته.

2. وظيفة دعائية:

لا يمكن أن نصرف النظر عن هذه الوظيفة، فلدينا في عالم السينما مفاهيم هامة متعلقة بإعلانات السينما، مثل قطع وبيع التذاكر في السينما، ونجم شباك التذاكر، وأهم شيء هو الدعايات الإعلانية ودور الإعلام في ترويجه لمنتجات السينما وصنَّاعها وأفلامها وما شابه ذلك.

3. الوظيفة الجمالية:

السينما هي عبارة عن لون آخر من ألوان الفنون والثقافة تحاكي الإنسان وتنقل همومه ومآسيه، وتسلط الضوء على مشكلات وقضايا تُعنى بالإنسان الفقير المعدم والمضطهد والمقهور والمحزون والضعيف والمشرد مثلما تعنى تماماً بالبشرية جمعاء، كما تؤدي السينما وظيفة تجميلية أو جمالية إذا صح التعبير؛ فهي تحرص على نقل الواقع بصدق، ومن ثم إضافة مسحة جمالية عليه لتقديمه على أنَّه لوحة فنية باذخة الجمال يتَّحد فيها البياض مع السواد.

حتى لا ننسى، السينما ترفد الثقافات والفنون الأخرى لأنَّها لغة الجمال ومصدِّرة وولَّادة له من حيث هندسة الصورة، وسحر الإضاءة، وجمال الألوان، وروعة أداء الممثلين، واحترافية المونتاج والتصوير وغيرها من العناصر اللازمة لإضفاء مسحة جمالية على المشهد السينمائي وإنجاح الفيلم وتميزه.

4. الوظيفة التعليمية:

لا بد من أن تدرك نقطة في غاية الأهمية؛ ألا وهي أنَّ السينما لا تقتصر وظائفها فقط على قضايا الترفيه والدعاية وصياغة الجمال فقط؛ إنَّما لها وظيفة شديدة القدسية وهي التعليم، فيمكن في كثير من الأحيان أن تساهم السينما في تعليم الإنسان من خلال قصص وحكايات حقيقية ومعاناة واقعية تطرحها من خلال أفلام هادفة ذات رسالة نبيلة خالدة، كما يمكن في كثير من الأحيان أن تؤدي السينما دور المعلم من خلال طرحها قصص لأشخاص كانوا عاديين ولمع بريق نجمهم بعد رحلة معاناة صعبة وطويلة وشاقة، فالسينما ترفيه وجمال وتعليم وإلهام وثقافة لا حدود لها وفكر يرتقي إلى أعلى المستويات.

ما هي أهمية السينما في حياتنا؟

1. تتضح الأهمية العظيمة للسينما كونها أداة فعالة وناجحة، ووسيلة إعلامية ضرورية لتسليط الضوء على قضايا المجتمع وهمومه، والحديث عن الإنسان وأحلامه الضائعة، وحالات النجاح، وقصص الحب والفراق.

2. السينما تجعل أذهان المشاهدين وعقولهم أكثر انفتاحاً وابتكاراً وقدرة على العطاء والإبداع في مختلف ميادين الحياة ومجالاتها.

3. يمكن أن تكون السينما في حالة من الحالات ملهِمة بأفكار خلاقة مبتكرة وفريدة من نوعها، وأناس مميزين وعباقرة ومختلفين عايشوا ظروفاً صعبة ومؤلمة وموجعة نحتت منهم أشخاصاً آخرين أكثر صلابة وقوة، وتحولت شخصيتهم إلى قصص نجاح وسيرة ذاتية إنسانية مشرفة تُروى في الأفلام والمسلسلات تتلقفها السينما وتنقلها إلى المشاهد بعين المراقب والمصور والناقد في آنٍ معاً.

إقرأ أيضاً: التلفاز المربي الأول: إلى متى؟

ما هي مراحل صناعة السينما والفيلم السينمائي؟

حتى يصل الفيلم السينمائي إلى النهائيات ومرحلة المنتج النهائي، ينبغي أن يمر في عدة مراحل وخطوات نذكر منها:

1. النص السينمائي:

يُعَدُّ النص العمود الفقري للفيلم وهيكله الرئيس الذي لا يمكن أن نستغني عنه أو نستبدله بأي عنصر آخر، فلا يمكن أن يُبنى الفيلم إلا من خلال نص متماسك، ويشكل النص السينمائي معياراً رئيساً في تحديد إمكانية نجاح الفيلم أو فشله، وإنَّ الفيلم السينمائي لا بد من أن يقوم على مادة نص سينمائي قوي متماسك على هيئة رواية محكية أو قصة مروية فيها أحداث وشخصيات ونزاعات وسيناريو لطيف قوي متماسك.

من عوامل نجاح نص الفيلم، تصاعد مسار الأحداث بالتزامن مع تطور الشخصيات، وتزايد عنصر الفانتازيا والتشويق والدهشة من بداية النص حتى نهايته، وعلى حسب نوع النص أو المادة السينمائية المكتوبة على الورق من قبل الكاتب أو المؤلف تُقسَم الأفلام إلى أنواع وتصنيفات كثيرة؛ كالأفلام الرومانسية، والأفلام الكوميدية، وأفلام الأنمي، أو أفلام الرسوم المتحركة، وأفلام الأنيميشن، وأفلام الأكشن والرعب وغيرها من الأفلام.

2. حصر ميزانية الفيلم:

لإنجاح الفيلم السينمائي، لا بد من مراعاة نقطة هامة ألا وهي حصر ميزانية الفيلم، بالإضافة إلى القيام بتجهيز المعدات الضرورية من أجل توفير جودة أعلى وجو ملائم لتقنيات التصوير السينمائي، والقيام بصناعة وتجهيز الديكورات التي تناسب جو العمل وطبيعة النص وأماكن ومواقع التصوير، بالإضافة إلى تحضير كادر وطاقم العمل الفني والكاست من ممثلين ومصورين ومديري إضاءة وما إلى ذلك من أجل الحصول على سوية عالية للعمل الفني، وتُعَدُّ هذه العوامل التي ذُكرت آنفاً من أهم ما يؤثر في ميزانية الإنتاج وفي ميزانية العمل الفني ككل.

إقرأ أيضاً: دليلك الشامل لإعداد ميزانية

3. قيام المخرج بجميع المهام المطلوبة منه:

المسؤوليات التي تقع على كاهله بوصفه ربان السفينة ورب العمل من إعداد، وتهيئة، وإشراف، وإدارة الكاست والعمل الفني، وإجراء التعديل على النص، وحسن انتقاء أفضل طاقم من الممثلين والنجوم الكبار بحيث يكون الشخص المناسب في المكان المناسب.

في الحقيقة، إنَّ المخرج مسؤول عن كل كبيرة وصغيرة في العمل، ولا توجد شائبة تمر في الفيلم إلا ويكون على علم بها، وهو أدرى من الممثلين نفسهم بتوجيه الرؤيا الفنية، وإضافة بعض التغييرات والتعديلات الفنية والدرامية على النص ومن ذلك الحوار والسيناريو.

كما يكون للمخرج دور هام وكبير في ضبط جودة الصورة والمؤثرات البصرية، والتحكم بالإضاءة والألوان، وتحديد الرؤيا الفنية للنص السينمائي بالاستعانة مع رؤية الكاتب والمؤلف والسيناريست والحوار مع الممثلين، والبحث في تفاصيل الشخصية وطقوسها وحالاتها النفسية وتقلباتها.

شاهد بالفديو: مهام وأعمال القائد الفعّال

ما هي أهمية صناعة الفيلم والسينما؟

تكمن أهمية صناعة الفيلم والسينما في عدة عوامل تتمثل بالآتي:

1. قوة الفيلم من حيث توفر كل عناصر نجاحه مثل تماسك النص وقوة الحوار ومتانة السيناريو والحبكة السينمائية.

2. الدور الذي يؤديه الفيلم من حيث التأثير الاقتصادي والاجتماعي إلى فئة معينة من الناس يستقطبها ويستهدفها ويوجه كلامه ورسائله إليها.

كيف بدأ إنتاج الأفلام عالمياً كصناعة سينمائية قائمة بحد ذاتها؟

إنَّ السينما زادت أهميتها ولاقت انتشاراً ورواجاً وازدهاراً وانتعاشاً كبيراً منذ أن بدأ تاريخياً اختراع فكرة شديدة القدسية تسمى بالمصطلح السينمائي الكبير فكرة صناعة الأفلام، وحدث ذلك في عام 1839 ميلادية من تاريخ السينما الحديث والمعاصر، وفي نفس العام، شهدت السينما تطوراً جديداً ومبتكراً يتمثل في اختراع لوحات طباعة من نوع خاص مهمتها أن تعرض الصور بطريقة أخرى أكثر ابتكاراً وأكثر عصرية.

في عام 1889 ميلادية من تاريخنا الحديث والمعاصر قام المدعو باسم "آيتل جين ماري" وبناءً على نظرية تدعى نظرية السدس باستخدام لوحة خاصة جداً تسمى لوحة فوتوغرافية عوضاً عن استخدام الرصاص بهدف تسجيل الصور بطريقة أكثر ابتكاراً وأكثر حداثةً، بالإضافة إلى أنَّها تدخر الوقت والجهد، وقام هذا العظيم باختراع ما يسمى محرك التصوير الفوتوغرافي، وقد جرى هذا كله لحسن الحظ بكبسة زر صغير واحد.

لقد جرى تحديث هذه الآلات مجتمعة كلها في سنة 1894 ميلادية؛ إذ استطاع المدعو "لامبرت برادذر" أن يستخدم شاشات مستطيلة طويلة وعريضة خاصة لصنع كاميرا لفيلم لتقديم وعرض صور ثابتة بطريقة سريعة وغامضة تجعل عقل المشاهد ونظره واستيعابه كأنَّه قد دخل في متاهة كبيرة لا يعلم شيئاً عنها، وهذا ما يسمى في عالم ولغة السينما بالخدعة السينمائية.

الجدير بالذكر أنَّه تم عرض أول فيلم في سنة 1895 ميلادية، وقد كان يبلغ طول العرض خمسة عشر متراً، وقد جرى في وقت لاحق تصوير عدد كبير من الأفلام ما يفوق عشرة أفلام، وكانت هذه الأفلام تتناول موضوعات وقضايا كثيرة ومتنوعة، ويجري عرضها على هيئة صور متواصلة ومتسلسلة، ولقد تم عرض أول فيلم مأخوذ من رواية طويلة مدته الزمنية استغرقت نحو اثنتي عشرة دقيقة، وأخذت طريقة الصور المتسلسلة شكل قصص واضحة؛ الأمر الذي ساهم بدوره مساهمةً واضحة وكبيرة في إرساء قواعد جودة ومستوى الإنتاج السينمائي العالمي الراقي والمحترم.

فعلى الرغم من وجود أكاديميات وجامعات ومعاهد ومدرسات ومؤسسات وأنظمة تدرس السينما بوصفها علماً قائماً بحد ذاته، لكن لم يزل هذا الموضوع غامضاً وقابلاً للشك والتناقض إلى حد كبير، فتوجد فئة من الأشخاص ينظرون إلى السينما على أنَّها فن أقل درجة من الفنون الأخرى، إلا أنَّ هذا الكلام ظالم ومسيء لقيمة ومكانة السينما وعظمتها وقدسيتها.

في الختام:

إنَّ الاقتباس الذي يحصل في السينما واستعارته حركات من فنون أخرى كالرقص والعمارة والمسرح والشعر لا يقلل من قيمة السينما ولا يطال قدسيتها؛ بل على عكس ذلك تماماً، فإنَّه يمنحها صيغة أخرى وبعداً فنياً آخر، ويجعلها تتربع على عرش الفنون الأخرى؛ وهذا يجعلنا نؤمن ونصدق صحة مقولة "إنَّ السينما هي أم الفنون".

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة