الرغبة في الحوكمة

الحوكمة هي مجموعة القواعد والقوانين والأُسُس التي تَضبط عمل الشَّركات، وتُحقق الرقابة على كوادرها، وتُنظِّم العلاقة بينها وبين أصحاب المصلحة؛ وذلك بهدف تحقُّق الشَّفافية والعدالة ومُكافَحة الخلل القِيَمِي بين الموظَّفين.



يقول زياد ريس في كتابه "تجربتي لحياة أفضل" مع التطوُّر الكبير في التكنولوجيا، وما يتبع ذلك من تحديثٍ وتطويرٍ في جميع مجالات الحياة، مثل إدارة المُؤسَّسات والشَّركات؛ فتعمل على استخدام كل الطَّاقات والنَّظريَّات المُتجدِّدة بالإدارة، مثل استخدام التَّطوُّر التكنولوجي بغرض تحسين الأداء والمُراقَبة، وإنشاء وحدات القياس، مع رَبْط ذلك بمحاسبة الكوادر من جهة أو تحفيزهم وتشجيعهم ومكافأتهم من جهة أخرى.

إنَّ الدُّخول بمنظومة الحوكمة وما يندرج تحتها من إنشاء أنظمة ولوائح داخليَّة، يخدم هذا الغرض المرجو لصاحب العمل ويساعده على تطوير واستدامة المنظومة كلها، ويعمل على تفادي الأخطاء البشريَّة أو العجز القيمي والأخلاقي بين الكوادر إن وُجِدَت.

تتجلَّى ضرورة وأهميَّة الحوكمة في المُؤسَّسات الكبيرة مترامية الأطراف والأقسام والفعاليَّات، والتي يَصعب المتابعة والمراقبة فيها دون وجود نظام الحوكمة المنضبط؛ بحيث يُطبَّق على جميع مناحي العمل.

التَّحدِّيات أو المطبَّات التي يقع فيها صاحب العمل والإدارة القائمة على تنفيذ هذه الحوكمة:

لكن من جهة أخرى أودُّ هنا أن ألفت النَّظر إلى بعض التَّحدِّيات أو المطبَّات التي يقع فيها صاحب العمل أو حتى الإدارة القائمة على تنفيذ هذه الحوكمة، ومنها ما يأتي:

1. اختيار الكوادر لتطبيق الحوكمة:

يلجأ كثيرٌ من أصحاب الأعمال إلى تعيين مديرين أكفاء؛ بهدف إحداث التَّطوير وتطبيق نُظُم الحوكمة، واجتذاب قادة من منظومات كبيرة عُرفَت عنها الحوكمة والجودة في الأداء ليأخذ موقع المدير التنفيذي في المُؤسَّسة الجديدة متوسطة الحجم أو ذات طبيعة العمل المختلفة؛ بحيث يكون لديها أكثر من نشاط أو فعاليَّة، بينما المدير الجديد ينحصر عمله السَّابق ضمن فعاليَّة محدَّدة ونشاط واضح ضمن تركيبة كبيرة دون أن تكون لديه الخبرة في باقي النشاطات والفعاليَّات التي لدى المُؤسَّسة الجديدة حتى لو كانت أقل حجماً أو بموقع مختلف ومُتعدد النشاطات.

شاهد بالفديو: 7 نصائح لتحقيق النجاح في إدارة الأعمال

2. الحوكمة والإسقاطات التابعة له:

إنَّ تغليب تطبيق الحوكمة ذات المعايير العالية على أدق التَّفاصيل قد يُؤدِّي إلى نوع من البيروقراطيَّة التي تعوق العمل وتَقدُّمه؛ ما لم تتم معالجته بآليَّات موضوعيَّة.

إقرأ أيضاً: "الحوكمة".. الحكم الرشيد للشركات

3. انعدام المُبَادَرة وقَتْل رُوح المسؤوليَّة:

عدم مرونة نظام الحوكمة وتطبيقه بطريقة جامدة في المُؤسَّسات ذات الحجم المتوسِّط أو الصغير يثير شعوراً سلبياً عن الموظَّف، ويقتل فيه روح المُبادَرَة وتحمُّل المسؤوليَّة، ويُحوله إلى آلة روبوت كونترول يفقد القيمة المضافة للعقل البشري.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح لتولي زمام المبادرة في العمل

4. تضخُّم منظومة الحوكمة:

تطبيق منظومة الحوكمة يحتاج إلى كوادر إشرافيَّة ومتابعة بغرض وضع الأنظمة واللوائح ومتابعة تنفيذها، ولكن إذا لم يكن حجم العمل كبيراً وذا عائد مُجْزٍ؛ فسوف يواجه تكاليف ضخمة تفوق قيمة العائد من الحوكمة.

5. استيراد نظام الحوكمة:

يذهب الكثيرون إلى الاستعانة بمكاتب استشاريَّة هامَّة ومعروفة وذات نجاحات سابقة، ويعملون على إسقاط ما طبَّقوه من أنظمة في مُؤسَّساتهم دون أيِّ تعديل، بينما لكل مُؤسَّسة احتياجات محدَّدة تعود لطبيعة وحجم ونشاطات المُؤسَّسة نفسها؛ فعدم مراعاة ذلك سوف يعوق الحركة في المُؤسَّسة ويقتلها.

إقرأ أيضاً: 13 مهارة في الإدارة يتميز بها كل مدير ناجح

6. لوائح الحوكمة:

وضع لوائح الحوكمة وإسقاطها على أي مُؤسَّسة يجب أن يكون من جهة ذات خلفيَّة تشغيليَّة من طرف، وماليَّة من طرف آخر وقانونية من طرف ثالث، ولكن يغلب على أصحاب العمل إسناد هذا الأمر إلى مديرين ماليين ذوي خلفيَّة بنكيَّة أو مراكز استثماريَّة بحتة، وإغفال الجهة التشغيليَّة؛ ما يؤدي إلى خلل في المنظومة.

في هذا السياق أود أن أؤكد على ضرورة وأهميَّة الحوكمة؛ فهي تعمل على مجموعة مزايا هامة منها ما يأتي:

  1. تساعد الشَّركات على تحقيق نجاحات طويلة الأجل.
  2. تحافظ على ثقة المستثمرين؛ وذلك يستدعي زيارة رأس المال بأريحيَّة، أو يُحسن الثِّقة لمالكي الأسهم السُّوقيَّة.
  3. تعطي تحكُّماً أوضح لإدارة المخاطر وتُقلل الهَدْر والفساد.
  4. تعطي توجيهاً واضحاً لمالكي الشَّركة في استراتيجيَّة إدارتها.
  5. تنشر سُمْعَة وقيمة هامَّة للعلامة التجاريَّة للشَّركة.
إقرأ أيضاً: تعرّف على أهم سرّ في الإدارة الناجحة

في الختام:

الحوكمة شيء هام، ولكن يخضع لقوانين وسُنَن مُتطلَّبات النَّجاح، والتي يجب العمل عليها؛ لكي يتحقق الهدف المرجو منها.




مقالات مرتبطة