الحياة عبارة عن نجاح وخسارة

إنَّ الحياة عبارة عن سلسلة من التحديات، فقد نخسر في بعض الأحيان وننجح أحياناً أخرى، ومع ذلك، فإنَّنا غالباً ما نستمر في خوض التحديات التي نخسر فيها، لكن لماذا لا تعمل على النجاح؟ بالنسبة إلي، أكره الخسارة كثيراً.

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن أنَّ الحياة عبارة عن سلسلة من التحديات، وقد تخسر فيها أحياناً وتنجح أحياناً أخرى.

بالتأكيد، لا أمانع الخسارة في بعض التحديات، لكن بشكل عام، أرغب في النجاح ولا أعتقد أنَّك مختلف عني؛ فأنا لم أقابل أيَّ شخص يحب الخسارة قط، فأعتقد أنَّ هذا النوع من الأشخاص غير موجودين، وبالنسبة إلى الأشخاص الذين يتظاهرون بأنَّهم لا يمانعون الخسارة فقد استسلموا للحياة منذ سنوات، إنَّني أفهم أنَّ الحياة صعبة وعندما تخسر كثيراً، تصاب بشعور بالخدر، ولهذا السبب يُعدُّ هذا الأمر هاماً جداً.

إنَّ الخسارة مؤلمة:

يمكنك أن تكون من أكثر الأشخاص تفاؤلاً وغير المهتمين للنقد أو الإهانات في العالم، لكن إذا خسرت دائماً، فسوف تفقد صوابك، كما يمكنك قراءة كتب عديدة عن المساعدة الذاتية وإتقان أيِّ نوع من الفن الذي تريده، لكن إذا خسرت، فلن تفيدك كلُّ هذه الأمور إطلاقاً.

لا أفهم لماذا لا يكون الناس صادقين بشأن الخسارة؛ إذ إنَّها أمر مؤلم، وأنا أقول هذا الكلام على الرَّغم من أنَّني لست شخصاً تنافسياً للغاية ولطالما لعبت أنواعاً مختلفة من الرياضة عندما كنت طفلاً، وعلى الرَّغم من أنَّ الغضب كان ينتابني عندما أخسر، إلا أنَّني استطعت أن أنسى الأمر؛ فقد كان لدي أصدقاء تنافسيين لدرجة أنَّهم لم يتمكنوا من التوقف قبل أن يفوزوا بشيء ما.

بصرف النظر عن الرياضة أو النشاط الذي مارسناه سواء كرة السلة أم ألعاب الفيديو أم كرة الطاولة أم كرة قدم الطاولة، فليس من طبيعتنا أن نشعر بالسعادة عندما نخسر ومعظمنا يحلُّ هذه المشكلة عن طريق الاستسلام.

هذا هو أتعس ما أراه حالياً، وأنا أرى ذلك كثيراً؛ ففي كلِّ مرة يترك فيها الأشخاص الموهوبون العمل في مجالاتهم، وينتقلون إلى عيش حياة بسيطة، أرى أشخاصاً استسلموا عن محاولة خوض تحديات الحياة.

بالطبع، هذا ليس هو الحال بالنسبة إلى الجميع، لكن بالنسبة إلي، فقد مررت بذلك سابقاً، وعندما بدأت عملي التجاري في عام 2010، وصلت إلى مرحلة بعد ثلاث سنوات لا يوجد فيها أيُّ تقدُّمٍ؛ لذلك توقفت عن ممارسة ريادة الأعمال وقررت أن أعمل في الشركات، وعندما فعلت ذلك، أدركت أنَّه ليس أمراً أجيده أيضاً؛ لذلك توقفت عن هذا العمل.

شاهد بالفيديو: دروس هامة يجب تعلمها عن الفشل

البحث عن مجال مختلف:

إذا كنت تعمل في مجال لا تجيده، فمن الأفضل أن تتوقف وتبحث عن آخر مختلف يمكنك النجاح به، لكن لا تستسلم؛ فقد أوضح الكوميدي الأمريكي جيري سينفيلد (Jerry Seinfeld) هذا المفهوم بأفضل شكل ممكن؛ فقد تحدث مع الممثل الأمريكي إيدي مورفي (Eddie Murphy) عن الشركات التي تحتل المراتب الثانية ولماذا يجب أن تنسحب في رأيه؛ فقال: "لماذا لا تنسحب هذه الشركات كلُّها التي تحتل المراتب الثانية؟ فكم من المحزن العمل في هذه الأماكن؟".

نلاحظ الحكمة في كلامه، فإذا كنت لا تستطيع أن تحتل المرتبة الأولى، فلماذا تتعب نفسك في العمل؟ لذلك انسحب من هذا المجال وابدأ بمجال آخر يمكنك النجاح فيه حقاً.

دعني أقدم لك مثالاً حدث معي منذ فترة، لقد أخبرني ناس كثيرون أنَّه يجب أن أنشئ مقاطع فيديو على تطبيق يوتيوب (YouTube)، فقد درَّستُ الإنتاجية والكتابة لسنوات عديدة، وأملك مدونة صوتية أيضاً؛ لذلك لم تكن فكرة سيئة بالنسبة إلي؛ لذا دخلت في عالم اليوتيوب، ونشرتُ 38 مقطع فيديو على قناتي، وجربت استراتيجيات مختلفة للوصول إلى مزيد من الأشخاص، لكن في النهاية، لم أقترب حتى من الأشخاص ذوي الأداء الأفضل على يوتيوب في مجالي؛ لذلك انسحبت.

ذات الشيء ينطبق على مدونتي الصوتية؛ ولكنَّ الفرق هو أنَّ المدونة الصوتية تستغرق وقتاً أقل، وإنشاؤها أكثر متعة، لكن مع ذلك لست أفضل الأشخاص الذين ينشِئُونها في فئتي، ولهذا السبب أخصص وقتاً وموارد أقل لها.

حاول أن تنجح أكثر من أن تخسر:

عندما يتعلق الأمر بإنشاء المحتوى وتحقيق الدخل منه، ينصب تركيزي الأساسي على التدوين والتدريس ونشر الكتب؛ وذلك لأنَّني أجيد هذه الأشياء وستكون النتائج والمكاسب أفضل بكثير.

على سبيل المثال: كان كتابي الذي يحمل عنوان "فكِّر بصورة صحيحة" (Think Straight) من أفضل الكتب في فئته، وعلى الرَّغم من أنَّني قد لا أكون في المرتبة الأولى في فئات معينة، إلا أنَّني قريب جداً من ذلك.

هل يمكنك أن تحتل أحد المراتب الـ 10 الأولى في مجالك؟ إذا كان الأمر كذلك؛ فهذا يعني أنَّك تملك فرصة للنجاح، وأحياناً ليس عليك أن تكون في المرتبة الأولى حتى، وإذا كنت الأفضل فسوف تجني الفوائد، لكن إذا لم تستطع أن تكون الأفضل، فيجب أن تجد مجالاً آخر.

كتب المؤلف الأمريكي سيث جودين (Seth Godin) في كتابه الذي يحمل عنوان هذا هو التسويق (This Is Marketing)، كيف أنَّنا نرى الفائزين فقط في أيِّ مجال: "نحن نسمع عن الأشخاص الاستثنائيين، مثل الأطفال الذين يكسبون ملايين الدولارات سنوياً من خلال قنواتهم على يوتيوب، أو الأشخاص المواكبين للموضة الذين يملكون ملايين المتابعين، لكن أن نصبح استثنائيين هو ليس استراتيجية؛ بل أمنية".

نحن لا نرى كلَّ الأشخاص الذين خسروا؛ بل نرى الناجحين فقط، وخاصةً في المجالات المرغوبة، وهؤلاء الناس هم الاستثنائيون الشهيرون، لكنَّ هذا لا يعني أنَّك لا تستطيع النجاح في مجالات أخرى.

اختر مجالك بحكمة:

توجد مجالات كثيرة فشلتُ فيها وهذا ليس شعوراً جيداً أبداً، وعلى سبيل المثال عندما أدركت أنَّني لم أكن سأنجح على يوتيوب، اضطررت إلى الانسحاب فلم يكن هذا الأمر يسفر عن أيِّ نتائج هامة.

لا تحتاج في بعض الأحيان إلى الاستمرار إلى الأبد لاستخلاص النتائج، فقد تتساءل: "لكن ماذا عن المثابرة؟"، لكن سأجيبك بأنَّك لا يمكنك المثابرة في كلِّ شيء، وبالنسبة إلي، إنَّني أفضِّل المثابرة في مجال واحد أو اثنين أجيدهما فعلاً؛ إذ إنَّك لا تملك سوى قدراً معيناً من الطاقة كلَّ يوم، فهل تستطيع أن تفعل كلَّ شيء؟

بالنسبة إلي، بالتأكيد لا أستطيع، فقد يقول بعض الأشخاص: "انظر إلى عدد المرات التي فشل فيها المخترع الأمريكي توماس إديسون (Thomas Edison)"، بالتأكيد لقد فشل في بعض الأحيان؛ لكنَّه لعب لعبة الاختراع وفاز بشكل عام.

لا بأس في الانسحاب من شيء ما حتى تتمكن من النجاح في شيء آخر، لكن حاول أن لا ترضى بالمتوسط، فقد كان لدى سيث أفكار ممتازة عن هذا الأمر؛ إذ قال: "انسحب أو كُن استثنائياً، فالمتوسط ​​للخاسرين".

ربما هذا ليس الوقت المناسب للنجاح، وربما ستفشل في شيء ما وتعود في مرحلة لاحقة؛ لذلك عندما تنسحب من مجال معين؛ فهذا لن يدوم إلى الأبد؛ ففي بعض الأحيان يتعين عليك الانسحاب حتى تتحسن وتتمكن من النجاح لاحقاً.

في الحالتين كلتيهما، عندما أركِّز على أشياء كثيرة في ذات الوقت، أبدأ في ارتكاب كثير من الأخطاء، قد أرتكب الأخطاء وأنسى الأشياء وأتكاسل، لكن إذا كنت تريد النجاح فلا يمكنك القيام بهذه الأشياء.

في الختام:

إنَّ النجاح ليس أمراً سهلاً، ولا يوجد إلا أماكن قليلة بين أفضل الأشخاص، لكن هذا لا يعني أنَّك لا تستطيع أن تكون الأفضل في مجالك؛ لذا لا يتعين عليك إلا اختيار ما يمكنك النجاح به فعلاً.