الحلول المناسبة للشعور بعدم الاستقرار

كتبت راشيل ميسي ستافورد (Rachel Macy Stafford) مؤلفة كتاب "عِشْ الحبَّ الآن" (Live Love Now): "قد تظن أنَّني سأخبرك كيف يمكنك أن تعيش في حالة دائمة من الحب والإيجابية لأنَّني كتبت كتاباً بعنوان "عش الحب الآن"، لكن هذا ليس الواقع؛ ففي حين نعيش الحياة نواجه حتماً مواقف مؤلمة وفترات صعبة يمكن أن تؤدي إلى ردود فعل بغيضة، لكن عندما نبدأ في ممارسة العيش من خلال الحب نتعلم مع مرور الوقت كيفية اختيار التعاطف واللطف مع أنفسنا والآخرين حتَّى في أوقات الصراع وعدم الاستقرار".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة "إنجل تشيرنوف" (ANGEL CHERNOFF)، وتُحدِّثنا فيه عن الحلول المناسبة للشعور بعدم الاستقرار.

غالباً ما يكون العيش من خلال الحب فوضوياً وهو ليس سهلاً دائماً؛ لكنَّه يصبح هدية متكررة يمكن أن نقدمها لأنفسنا ولمن نحب، وإليك مثالاً: خلال محاولتي للتخفيف من المشروبات الغازية في الصيف شعرت بانفجار عاطفي، وفي ذلك الوقت كان رأسي يؤلمني؛ بسبب انخفاض الكافيين الذي كنت أستهلكه، وكنت غاضبةً من نفسي؛ لعدم الإصغاء إلى طبيبة البولية عندما قالت إنَّه من الضروري أن أتوقف عن شرب المشروبات الغازية.

عندما كنت أتذمر في المطبخ ذاك الصباح كان كل شيء غير مرتب يزعجني، وصرخت على بناتي للمساعدة في التنظيف، فبدأت ابنتي الصغيرة بمساعدتي ببطء؛ لأنَّ ركبتها كانت مصابة، وبعد مشاهدتها لبضع دقائق بغضب أمرتها أن تبذل مجهوداً إضافياً، وعندما لم يتحسن عملها تذمرت أكثر.

بعدها لاحظت كمية الكلمات الخاطئة التي قلتها وشعرت بالانزعاج الشديد، وبعد وقت قليل بكت ابنتي، وعندها تدخلت ابنتي الكبرى بهدوء وقالت: "أمي، نحن نعلم أنَّك تحاولين جاهدةً التخلص من عادة غير صحية، لكن من فضلك لا تكوني لئيمة".

ابنتي ناتالي (Natalie) رأت جذور المشكلة واستجابت برحمة وهدوء، وقلت لنفسي: "ناتالي تتحلى بالعقلانية، وأنا لست كذلك؛ يجب أن أتَّبع نصيحتها"، وبعدها هدأت على الفور، فتفقد اللاعقلانية قوتها في وجه المنطق، ويتلاشى الخوف في وجود الهدوء، ويخف الصراع في وجه الرحمة.

لولا مشكلتي مع المشروبات الغازية لكنت نسيت مشكلتي الأساسية مع اللاعقلانية، ولعقود كنت أتشبث بها عندما أكون خائفة أو قلقة أو غاضبة أو حزينة أو متوترة، وكانت أختي ريبيكا (Rebecca) الأفضل في اكتشاف المشكلات العميقة وراء سلوكي اللاعقلاني ومعالجتها بنهج هادئ وثابت، ولطالما كان لاستجابة ريبيكا تأثير عميق في قلقي.

طوال السنوات العديدة الماضية تعلمت أن أكتشف متى أبدأ في التمسك باللاعقلانية، وشعرت أنَّها تثقل كاهلي؛ إذ يبدأ قلبي بالتسارع ولا أستطيع التنفس أو التفكير على نحو صحيح وأبدأ بإصدار الأوامر على الأحباء أو نفسي كأنَّني أتحكم بموقف لا يمكن السيطرة عليه، وعندها كنت أتذكر ما كانت تقوله لي أختي؛ إذ تساعدني كلماتها على التفكير المنطقي الذي يفتح المجال للتواصل وتلقِّي المساعدة.

على الرغم من أنَّه قد يبدو غريباً إلَّا أنَّني ممتنة لعلاقتي مع اللاعقلانية؛ فقد كان النمو والوعي الناتج عنها سبباً لأكون مرشدةً أمنح الحب لأطفالي في أثناء مرورهم في سنوات المراهقة وهو وقت غير مستقر غالباً، وعلى الرغم من أنَّني ما زلت في طور التقدم إلَّا أنَّني قادرة على تجاوز سلوكات بناتي ورؤية المصدر الأعمق للألم؛ ونتيجة لذلك غالباً ما يكونون قادرين على التعرف إليها بأنفسهم.

شاهد: تقنيات تساعد على الهدوء والسيطرة على الغضب

بعد ظهر أحد الأيام تلقيت مكالمة من ابنتي الكبرى بشأن مفتاح منزل إحدى الجارات الذي كان ضائعاً، وفي لحظة يأسها هاجمَتني وشعرتُ بإحباطي يتصاعد وتأهبتُ للدفاع عن نفسي، لكن بدلاً من ذلك ذكَّرت نفسي: خوفها هو ما يجعلها تتكلم هكذا؛ فهي تخشى أن يكون المفتاح قد ضاع، ولن تكون قادرة على أداء وظيفتها وقد تُطرَد، وقد فهمت هذا الخوف وعرفت ماذا أفعل، وقلت لها: "لا يمكنني مساعدتك في البحث الآن؛ لكنَّني سأفعل ذلك في غضون ساعة عندما أعود إلى المنزل، وهذا ليس خطأي لكن سأكون سعيدةً لمساعدتك في البحث، وأنا متأكدة من أنَّنا سنجده".

بعد ساعة تلقيت اعتذاراً منها من خلال رسالة نصية: "أنا آسفة على الطريقة التي تصرفت بها فقد كنت غاضبةً من نفسي وصببت غضبي عليك، ووجدت المفتاح بمجرد أن هدأت".

أجبتها: "شكراً، وأنا أفعل ذلك أيضاً عندما أشعر بالضيق وتكون الأمور خارجة عن إرادتي".

اختبار العقلانية:

لقد تعلمت أنا وابنتي أن ننظر إلى ما وراء السلوك الذي نراه في الألم الخفي الذي يحفزه؛ وهذا يساعدنا على الحفاظ على التعاطف مع أنفسنا في مواجهة عدم اليقين، وأحد أفضل أدوات العيش من خلال الحب هو ما أسميه اختبار العقلانية؛ إذ يكون ذلك مفيداً للغاية عندما أواجه خلافاً أو في الأوقات التي يتصاعد فيها الصراع بسرعة، وخلال هذه الأوقات أتحقق من الأمر بنفسي بطرح الأسئلة الثلاثة الآتية:

  1. هل ما أطلبه أو أقوله معقولاً؟
  2. هل أبدو منطقية؟
  3. هل تتوافق لغة جسدي مع صوتي الهادئ وكلماتي؟

إذا كانت الإجابة عن أي من هذه الأسئلة بالنفي فذلك يعني أنَّني أسهم في تأجيج عدم الاستقرار والصراع، لذا أقوم بإجراء تعديلات على كلماتي ونبرتي ولغة جسدي وتوقعاتي حتَّى أتمكن من فهمها على نحو أفضل، وإذا كانت الإجابة عن أي من الأسئلة الثلاثة نعم، ولم يرد الشخص الآخر رداً معقولاً؛ فهذا يعني على الأرجح أنَّ هناك مشكلة أعمق لديه، وحينها أقدم واحدة من ثلاث إجابات معقولة للوصول إلى جذر المشكلة:

  1. المساعدة: "أعلم أنَّك تحت ضغط كبير في الوقت الحالي، كيف يمكنني المساعدة؟".
  2. تقدير الجهود: ​​"أعلم أنَّك أردت أن تكون الأمور على ما يرام، وأتعاطف معك لأنَّ الأمر لم يكن على هذا النحو".
  3. إفساح المجال: "سأمنحك بعض الوقت لنفسك، وسأكون هنا على الفور إذا كنت بحاجة إلي، وربَّما يمكننا بعد قليل التحدث عن سبب انزعاجك الشديد".

تبعث هذه الإجابات الراحة في الروح الخائفة، والسكون في العقل الغاضب، والقبول في القلب الحزين، ولا يسعني إلَّا أن أرى مدى أهمية اختبار المعقولية في الوقت الحالي بالنظر إلى الحالة الحالية لعالمنا.

إقرأ أيضاً: نصائح لمواجهة الأوقات الصعبة في حياتك

ضع في حسبانك الاحتمالات، فماذا لو نظرنا إلى ما هو أبعد من مشاعر التحفظ والغضب والإحباط التي يشعر بها الطرف الآخر لنعترف بالألم والخوف في الداخل؟ وماذا لو كنَّا صوتاً هادئاً وثابتاً للعقل في مجتمعاتنا وعالمنا؟ الصوت الذي يقول: "أرى أنَّك تمر بأوقات عصيبة، فاتكأ علي خلال هذه المحنة وسوف نتجاوزها معاً".

إقرأ أيضاً: 8 نصائح مهمة لتنعم بالسلام الداخلي

فكر فقط في التقدم الذي يمكن أن نحرزه إذا قدمنا ​​التعاطف وسعينا إلى التفاهم في وقت يشوبه قدر كبير من عدم اليقين، وبالشفاء الذي يمكن أن يحدث، والأمل الذي يمكن أن نعطيه؛ فاللاعقلانية تفقد القوة في وجه المنطق.

3Reasonable Responses to Steady Us When Life Feels Unstable




مقالات مرتبطة