الحروق عند الأطفال: درجاتها، وإسعافاتها الأولية، وطرائق علاجها

يكون الأطفال فضوليِّين بطبعهم، وقد يدفعهم هذا الفضول نحو المغامرة والتسلُّق والقفز واستكشاف الأشياء من حولهم؛ ممَّا قد يعرِّضهم إلى المخاطر في بعض الأحيان، والتي قد تشمل تعرُّض الطفل إلى الإصابة بالحروق، فهي من أكثر الأخطار شيوعاً.



وفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإنَّ الوفيَّات المرتبطة بالنيران السبب الرئيس رقم 15 لوفاة الأطفال والشباب البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و29 عاماً، ويحدث أكثر من 95% من الحروق المميتة المرتبطة بالنيران في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل؛ بينما تحدث أعلى معدَّلات الوفيات في مرحلتي الطفولة (الأطفال دون سنِّ الخامسة)، والشيخوخة (كبار السنِّ الذين يبلغون الـ 70 عاماً فأكثر).

لذلك، وحرصاً على أطفالنا، ولأهمية هذا الموضوع؛ سنقدِّم في مقالنا اليوم معلوماتٍ حول كيفية التعامُل مع الحروق عند الأطفال، وطرائق معالجتها:

1. الحروق وعوامل الخطورة:

تحدث الحروق عندما تُدمَّر بعض أو كلُّ طبقات الجلد، وذلك عن طريق التعرُّض إلى أيِّ مُسبِّبٍ كان. نذكر من هذه المسبِّبات:

  • الحرارة: التعرُّض إلى البخار، أو ملامسة موقدٍ حراري، أو ملامسة ألسنة اللهب، وغيرها.
  • الكهرباء: التعرُّض إلى تيارٍ كهربائي.
  • المواد الكيميائية: مثل الصودا الكاوية.
  • الأشعة: مثل حروق الشمس.

وتحدث معظم هذه الحروق بسبب حرائق البيوت، أو السوائل والغازات الحارقة.

تُقدَّر خطورة الحرق وفقاً لعدَّة عوامل تشمل:

  • عُمق الحرق: تبعاً لعدد الطبقات المتأثِّرة بالحرق، ويُصنَّف على هذا الأساس إلى ثلاث درجات.
  • مقاس الحرق: إذا زاد مقاس الحرق عن راحة اليد وجب مراجعة الطبيب.
  • موضع الحرق: تبعاً لمكان الحرق، حيث تُعَدُّ الأربطة والأيدي والأقدام والوجه والأعضاء التناسلية والأرداف أخطر المواضع.
  • سنُّ المصاب: قد تكون الحروق أكثر خطراً على الأطفال والمسنين.
  • الصحة العامَّة للمريض: نتيجة حالاتٍ خاصَّةٍ متعلِّقةٍ بصحَّة المريض، والتي قد تسبِّب مضاعفاتٍ إضافيةً للحرق، مثل: مرض السكري، والآفات الجلدية.

2. درجات الحروق:

قبل الحديث عن طريقة علاج الحروق لدى الأطفال، سنتحدَّث أوَّلاً عن درجات الحروق، والتي يحتاج كلٌّ منها إلى طريقةٍ مُختلفةٍ في العلاج.

تنقسم الحروق في شدَّتها إلى ثلاث درجات، وهي:

  1. حروق الدرجة الأولى: تؤثِّر في الطبقة الخارجية من الجلد فقط؛ لذلك قد تجد طفلك يُعاني من ألمٍ واحمرارٍ وتورُّمٍ في الجلد.
  2. حروق الدرجة الثانية: تؤثِّر في الطبقة الخارجية من الجلد وبعض الطبقات الداخلية التي تقع تحتها مُباشرة. قد تظهر على جلد الطفل في هذه الحالة تقرُّحات، بالإضافة إلى الألم الشديد والاحمرار والتورُّم.
  3. حروق الدرجة الثالثة: يُعَدَّ هذا النوع الأخطر، ويؤثِّر في طبقةٍ كاملةٍ من الجلد، وقد يسبِّب ابيضاض أو تفحُّم الجلد. قد لا يشعر الطفل في هذه الحالة بأيِّ ألمٍ بسبب الشعور بالتخدُّر في الجلد، حيث يتضمَّن هذا النوع من الحروق تلفاً كاملاً في الأعصاب والأنسجة في المنطقة المصابة.

في حال تعرُّض طفلك إلى الحروق، افحص أولاً المنطقة المصابة؛ وذلك لتقدير مدى خطورته، وتحديد مدى حاجته إلى الذهاب إلى المستشفى؛ كما أنَّه من الهامِّ جداً تحديد مكان الحرق، هل هو في اليدين؟ أم القدمين؟ أم الوجه؟ أم الأرداف؟ أم المفاصل؟ أم الأعضاء التناسلية؟ وهل يقتصر على منطقةٍ واحدة؟ أم ينتشر في أكثر من منطقة؟ وهل مساحته صغيرةٌ أم كبيرة؟

إقرأ أيضاً: 11 وصفة طبيعية لعلاج الحروق الشمسية

3. كيفية التعامل مع حروق الأطفال:

3. 1. علاج الحروق من الدرجة الأولى:

هناك عددٌ من النصائح والإرشادات الأساسية التي يجب اتباعها عند محاولتك علاج حروق طفلك من الدرجة الأولى، ألا وهي:

  1. وضع منطقة الحرق تحت -أو في- الماء: وذلك من خلال وضع المنطقة المصابة تحت الماء البارد المتدفِّق فوراً، أو في وعاءٍ يحتوي على ماءٍ فاتر، ولمدةٍ تتراوح من 5 إلى 15 دقيقة، مع تجنُّب الثلج تماماً؛ لأنَّه قد يسبِّب مزيداً من الضرر للأنسجة المصابة، ويزيد الأمور سوءاً.
  2. الامتناع عن إزالة الأقمشة الملتصقة بالجلد: في حال كان هناك ثيابٌ أو قماشٌ يلتصق بمنطقة الحرق، فإياكَ أن تنزعه بالقوة، وقُصَّ بدلاً من ذلك أطراف قطعة القماش الحرة وغير الملتصقة.
  3. تغطية منطقة الحرق: لحماية المنطقة المُصابة من التلوُّث والمساعدة على شفائها. يمكنك أن تضع ضماداً غير لاصقٍ على الحرق (يوجد أنواع خاصة بالحروق)، ويمكنك أيضاً أن تستخدام فوطةً نظيفةً ومعقَّمة. تجنَّب دهن المنطقة المحروقة بأيِّ نوعٍ من الدهون أو الزبدة، وتجنَّب أيضاً تفجير الفقاعات التي تظهر في منطقة الحرق، واتركها حتَّى تلتئم طبيعيَّاً.
  4. استخدم مسكِّنات الألم واتصل بالطبيب: يمكنك استخدام المسكِّنات المناسبة وفقاً لمرحلة طفلك العمرية بعد استشارة الطبيب؛ وذلك ريثما تصل إلى عيادة الطبيب لمعاينة الحالة.
إقرأ أيضاً: تعرَّف على أفضل العلاجات للحروق البسيطة

3. 2. علاج الحروق من الدرجة الثانية والثالثة:

وهي أشدُّ خطراً بمراحل من الدرجة الأولى، وإليكم أهمَّ الإرشادات والنصائح للتعامل معها:

  1. خلع ثياب الطفل: في حال تعرَّض طفلك إلى هذا النوع من الحروق، فيجب إزالة الثياب غير الملتصقة بالحرق فوراً في حال وجودها؛ ولكن في حال الحروق الناتجة عن المواد الكيميائية، فيجب غسل المنطقة المحروقة بماء فاترٍ أولاً، ولمدة 5 دقائق قبل إزالة الثياب.
  2. استلقاء الطفل أمرٌ ضروري: حاول جعل طفلك يستلقي، وارفع المنطقة المصابة بالحرق فوق مستوى الجسم قدر الإمكان، ومن ثمَّ ضع فوطةً مُبللةً على منطقة الحرق، وجدِّدها كلَّ 10-20 دقيقةً من أجل سحب الحرارة من الجلد. في حال كانت مساحة الحرق واسعةً، تجنَّب وضع الماء البارد عليها؛ لأنَّ ذلك قد يُسبِّب حالةً من الصدمة للجسم.
  3. بضع أمورٍ هامة:
    • حاول تجفيف منطقة الحرق بالتربيت عليها برفق، ومن ثمَّ تغطيتها بضمادٍ مُناسب.
    • اصطحب طفلك إلى الطبيب فوراً.
    • احذر من استخدام أيِّ كريماتٍ من أيِّ نوع، أو أيَّ موادٍ لدهن الحرق.

أخيراً: حاول طمئنة طفلك ومساعدته على الهدوء والتعامُل مع الألم، فقد يُشكِّل الحرق في كثيرٍ من الأحيان تجربةً مُخيفةً للطفل الصغير.

4. إسعافاتٌ أولية هامَّةٌ لحروق الأطفال في حالاتٍ خاصة:

قد تستدعي بعض حالات التعرُّض إلى الحروق عنايةً خاصَّة، واتخاذ بعض الإسعافات الأولية عند مُحاولة علاجها، وأهمُّ هذه الحالات:

  1. اشتعال جسم الطفل: في حال اشتعال النار في جسم الطفل، بادر فوراً إلى لفِّه ببطانيَّة، أو احتضانه بسرعة، أو دفعه ليتدحرج على الأرض.
  2. حروق المواد الكيميائية: في حال تعرُّض طفلك إلى الحرق نتيجة مادة كيميائية، قُم بما يأتي:
    • تأكَّد أوّلاً من سلامة الموقع، وأبعد طفلك عن مكان المادة الكيميائية المسبِّبة للحرق.
    • حاول أن تعرف المادة التي سبَّبت الحرق.
    • ضع المنطقة المصابة تحت صنبور الماء بحرارة فاترة، ولمدةٍ لا تقلُّ عن 5 دقائق؛ واحرص على نزع الثياب التي لامست المادة الكيميائية، كيلا تزيد من انتشارها على جلده.
    • انتبه عند نزع الثياب التي انسكبت عليها المادة الكيميائية، وارتدِ الثياب الواقية والقفَّازات عند الضرورة.
    • أعِد منطقة الحرق إلى تحت صنبور المياه بعد إزالة الثياب، أو انقع بدلاً من ذلك المنطقة المصابة بالماء الفاتر لمدَّةٍ لا تقلُّ عن 20 دقيقة.
    • في حال كانت المادة الكيميائية مسحوقاً، فحاول نفضها عن جسم الطفل قبل تعريض المنطقة المصابة للماء.
    • استخدم ضماداً مُعقَّماً لتغطية مكان الحرق لدى طفلك، وتجنَّب وضع المراهم على الحرق.
    • اتصل بالإسعاف واطلب المساعدة الطبية.
  3. الحروق الكهربائية: قد لا تبدو الحروق الكهربائية خطيرة، إلَّا أنَّها يمكن أن تُسبِّب أضرراً شديدة. في هذه الحالة:
    • اقطع فوراً مصدر التيار الكهربائي الذي تعرَّض له الطفل بشكلٍ آمن، أو حاول سحب الطفل عن الكهرباء من خلال إمساكه وشدِّه باستعمال مادةٍ غير ناقلةٍ للكهرباء -مثل: عصا خشبية، أو كُرسي خشبي- وحاول أن تقف على سطحٍ عازلٍ (خشبي أو بلاستيكي).
    • اطلب المساعدة الطبية الإسعافية فوراً، مهما بدت الإصابة بسيطة.

5. طرائق خاطئة لعلاج الحروق:

هناك بعض الطرائق الخاطئة التي قد يلجأ بعض الناس إليها لمعالجة الحروق في المنزل، والتي لم تثبت فاعليتها علمياً، فضلاً عن كونها قد تؤثِّر سلباً على الحرق ودرجته ومدى إصابة الجلد، ومنها:

  1. بياض البيض: يُعَدُّ من أكثر العلاجات التقليدية شيوعاً في حالة الحروق، إذ يظنُّ بعضهم أن استخدامه يُساعد في تخفيف آلام الحروق، إلَّا أنَّه قد يؤدِّي إلى نشر البكتيريا حول الجلد المتقرِّح بعد الحرق.
  2. الزيوت: قد يلجأ بعضهم إلى استعمال زيوت الطهي -زيت جوز الهند وزيت الزيتون- بدعوة أنَّها مفيدةٌ للحروق، إلَّا أنَّها تُسبِّب زيادة حرارة الجزء المُصاب بالحرق؛ ممَّا يزيد الوضع سوءاً.
  3. الزبدة: قد يلجأ بعضهم إلى فرك الزبدة على مكان الحرق، إلَّا أنّه لا يوجد دليلٌ طبِّي يُشير إلى فاعليتها في علاج الحروق، بل قد تزيد الإصابة سوءاً.
  4. معجون الأسنان: يضع الكثير من الأشخاص معجون الأسنان لتخفيف شدة الحرق، إلَّا أنَّه يتسبَّب بانتشار البكتيريا حول الجلد المحترق.
إقرأ أيضاً: نصائح مهمة وسريعة لعلاج مختلف أنواع الحروق

6. متى يجب أن يحصل الطفل على عنايةٍ طبية؟

غالباً ما تُعالَج حروق الدرجة الأولى في المنزل؛ أمَّا في حال حروق الدرجة الثانية والثالثة، فيجب التوجُّه بطفلك للعناية الطبية العاجلة كونها المكان المناسب لمعالجة هذه الحالات الخطيرة.

هناك حالاتٌ معيَّنةٌ يتوجَّب معها أن تتوجَّه بطفلك مباشرةً إلى المستشفى، وهي:

  • في حال كنت تعتقد أنَّ طفلك مُصابٌ بحروقٍ من الدرجة الثالثة.
  • في حال كانت مساحة الحرق تُغطِّي أكثر من 10% من مساحة جسم الطفل.
  • في حال كان الحرق ناتجاً عن مادةٍ كيميائية، أو حرقٍ كهربي (صعقةٌ كهربائية).
  • في حال كان هناك دخان في وقت الحريق؛ لأنَّ هذا قد يسبِّب إصاباتٍ بسبب استنشاق الدخان.
  • في حال خروج مواد غريبةٍ وإفرازاتٍ وسوائل من منطقة الحرق، مع تورُّمٍ واحمرارٍ وألمٍ يزداد مع الوقت.
  • في حال كان الحرق في منطقة الوجه أو المفاصل أو الأقدام واليدين أو الأعضاء التناسلية.
  • في حال ظهرت علامات الصدمة على الطفل، وتشمل تلك الأعراض:
    • شحوب لونه.
    • الدوخة أو الإغماء والضعف.
    • سرعة ضربات القلب، أو التنفس بسرعةٍ أو بصعوبة.

اتصل بالإسعاف مباشرةً في حال ظهور تلك الأعراض.

7. كيف نقي أطفالنا الإصابةَ بالحروق؟

قد تُسبِّب الحروق العديد من التشوُّهات والمضاعفات الخطيرة، وقد يستغرق بعضها -خاصةً الخطير منها- بعض الوقت للعلاج والشفاء؛ لذلك من الضروري جدَّاً اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أطفالنا ووقايتهم من خطر التعرُّض إلى الحروق داخل المنزل أو خارجه، وذلك من خلال اتباع عددٍ من الإجراءات الوقائية، ونذكر منها:

  • إبعاد أعواد الكبريت والشموع والأدوات الساخنة، مثل: السخَّان الكهربائي، والمكواة؛ عن متناول يد الأطفال.
  • إبعاد المشروبات الساخنة عن متناول الأطفال، ووضعها على أسطحٍ عالية.
  • التأكُّد من درجة حرارة المياه جيِّداً، وتجربتها على الجسم قبل وضع الطفل في حوض الاستحمام.
  • ضمان عدم وصول الطفل أو اقترابه من الأشياء التي تشعُّ حرارة، مثل المدفأة.
  • التأكُّد من توفير مطفأة الحريق داخل المنزل، وتعلُّم استخدامها وفقاً للإرشادات.
  • العمل على تغطية المقابس غير المستخدمة لمنع الطفل من العبث بها أو إدخال أيِّ أدواتٍ معدنيةٍ فيها، تجنّباً لتعرِّضه إلى الصعق الكهربائي.
  • منع دخول الطفل للعب في المطبخ، وخاصَّةً في أثناء الطهي.
  • عدم السماح للطفل باللعب بالألعاب النارية داخل المنزل أو استخدامها في وجوده.
  • تجنُّب التدخين داخل المنزل وفي وجود الأطفال، والتأكُّد من عدم ترك أيِّ سجائرَ مُشتعلة مع إفراغ منفضة السجائر باستمرار.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6




مقالات مرتبطة