التواصل غير اللفظي: أشكاله ومهاراته

يدعى إيصال ونقل المعلومات من خلال لغة الجسد بـ "التواصل غير اللفظي"، وفي هذا المقال سنقدِّم لكم أشكال التواصل غير اللفظي ومهاراته؛ لذا تابعوا معنا في السطور القليلة القادمة.



ما هي أشكال التواصل غير اللفظي؟

1. الإيماءات:

من الطرائق الهامة جداً للتعبير عن المعنى دون استخدام الكلمات "الإيماءات" عن طريق الحركات والإشارات المعتمدة، ومن الإيماءات الشائعة الإشارة، والتلويح، والاعتماد على استخدام الأصابع للتعبير عن الكميات الرقمية، كما توجد أنواع أخرى من الإيماءات تتعلق بالثقافة، وسنذكر هنا مثالاً عن التواصل غير اللفظي المستخدَم في قاعة المحكمة:

  • الإشارات غير اللفظية التي يستخدمها المحامين للتأثير في آراء وأقوال المُحلفين.
  • في أثناء إدلاء الشاهد بشهادته في المحكمة، وفي محاولة لتقويض مصداقية شهادته يمكن أن يقوم المحامي بإغماض عينيه.
  • إلقاء المحامي نظرةً على ساعته دلالة منه على أنَّ حجة المحامي الخصم مملة.

ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ هذه الإشارات مؤثرة وقوية، حتى إنَّ بعض القضاة يمكن أن يضعوا أحياناً قيوداً على أشكال التواصل غير اللفظي المسموح بها في قاعة المحكمة.

2. تعابير الوجه:

غالباً ما يكون المظهر على وجه الفرد هو أول ما يمكن أن نراه ونشعر به قبل سماع صوته وما يريد أن يقوله، لذلك فإنَّ تعابير الوجه تُعَدُّ مسؤولةً عن جزءٍ كبيرٍ من التواصل غير اللفظي، كما أنَّ مقدار المعلومات التي يمكن إيصالها سواء بالابتسامة أم بالعبوس كبيرٌ جداً، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ تعابير الوجه التي تعبِّر عن الحزن والخوف والغضب والسعادة متشابهة في جميع دول العالم، على الرغم من أنَّ بقية أشكال التواصل غير اللفظي مختلفة بشكلٍ كبير بين الثقافات.

3. اللغويات:

أو ما يسمى "علم اللغة"؛ حيث يدل هذا العلم على التواصل الصوتي غير المرتبط باللغة الفعلية، ومن عوامل اللغويات: الجهرة، ونبرة الصوت، والانعطاف، وسرعة الصوت، ومستوى الصوت. ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ نبرة الصوت يمكن أن تُحدِث تأثيراً كبيراً في معنى الجملة، فيمكن للكلمات نفسها التي تُقال أن تحمل معانٍ عدَّة بالفهم؛ أي يمكن أن يتغير معنى الجملة بتغيير نبرة الصوت، فمثلاً:

  • عندما تقال الكلمات بنبرة صوتٍ مترددة، يمكن أن يفهم المستمع أنَّ المتحدث يقصد عدم الاهتمام والاستنكار.
  • عندما تقال الكلمات بنبرة صوتٍ قوية، يمكن أن يفهم المستمع أنَّ المتحدث يقصد الموافقة والحماسة.

وكمثالٍ آخر أيضاً:

عندما يسألك شخص ما عن أحوالك، سيكون جوابك الطبيعي "أنا بخير أو بحالٍ جيدة"، لكنَّ النبرة التي تُلفَظ بها هذه الجملة ستكشف جزءاً كبيراً من حقيقة ما تشعر به، فعندما تكون:

  • نبرة الصوت سعيدةً، ستكشف أنَّك حقاً بخير.
  • نبرة الصوت باردةً، فذلك يدل على احتمالية عدم رغبتك في الحوار معه، بالإضافة إلى أنَّك لستَ بخير.
  • نبرة الصوت حزينةً وكئيبة، تدل على أنَّك لستَ بخير وأنَّك بحاجة إلى مَن يهتم بك ويسأل عن أحوالك أكثر.

4. نظرات العيون:

 يقال: "العيون مغرفة الكلام"؛ حيث تؤدي لغة العيون دوراً هاماً في التواصل غير اللفظي، ومن سلوكات نظرات العيون الهامة: التحديق، والنظر، والغمش (كسل العينين)؛ فمن خلال نظرات العيون يمكن أن نميِّز ونفهم حالات عدة لا حصر لها، نذكر لكم منها ما يلي:

  • إنَّ نظرات العيون تساعد مساعدة كبيرة على تحديد ما إذا كان الفرد صادقاً أم لا، فإذا كان النظر بالعين ثابتاً وطبيعياً، فذلك دليل على أنَّ الفرد جدير بالثقة ويقول الحقيقة.
  • في حال لم يتمكن الفرد من الحفاظ على الاتصال البصري، فذلك ربما يُعَدُّ دليلاً في بعض الحالات على كذب وخداع هذا الفرد.
  • عندما ينظر الفرد إلى شخصٍ أو فردٍ يحبه، فإنَّ حدقة العين تتسع ويزداد وميضها.
  • يمكن أن تكون نظرات عيون الفرد في بعض الحالات تدل على الاهتمام أو الكراهية أو العداء أو الانجذاب وغيرها من المشاعر.
إقرأ أيضاً: مهارات الإقناع وفنون التواصل

5. المساحة الشخصية:

من أنواع التواصل غير اللفظي التي تُعَدُّ هامةً أيضاً "المساحة الشخصية"، وتتعلق المساحة الشخصية بعوامل عدَّة منها: التوقعات الثقافية، وخصائص الشخصية، والمعايير الاجتماعية، والعوامل الظرفية، ومستوى ودرجة الألفة، ويمكن أن نميِّز نوعين من أنواع المساحة الشخصية:

  • المساحة الشخصية التي تتراوح ما بين 10 إلى 12 قدماً: هي المسافة المطلوبة عند التحدث إلى مجموعةٍ من الناس.
  • المساحة الشخصية التي تتراوح ما بين 18 بوصة إلى أربعة أقدام: هي المسافة المطلوبة عند التحدث بشكلٍ غير رسمي مع شخصٍ آخر.

ومن الجدير بالذكر أيضاً أنَّه عندما تتواصل مع شخصٍ ما للمرة الأولى، فيمكن أن تميِّز ثلاث حالات تعبِّر عن شعوره تجاهك، وهذه الحالات هي:

  • في حال ابتعد الفرد أو تراجع خطوةً للوراء، فإنَّ ذلك يدل على أنَّه يريد أن يكون في مكانٍ آخر، أو أنَّه بحاجة إلى المزيد من المسافة بينكما.
  • في حال بقي الفرد في مكانه، فإنَّ ذلك يدل على أنَّه يشعر بالارتياح.
  • في حال قام الفرد بالتقرب خطوةً للأمام، فإنَّ ذلك يدل على أنَّه يشعر بالانسجام والتفاهم والراحة معك.

6. اللمس:

يُستخدَم اللمس عادةً للدلالة والتعبير عن الألفة والتعاطف والمودة وغيرها من العواطف الدافئة والجميلة، وقد أكدَت أبحاثٌ كثيرة على أهمية اللمس عند الأطفال الرضع في مرحلة الطفولة المبكرة، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ الاختلافات الجنسية تؤدي دوراً هاماً في توصيل معنى اللمس، فمثلاً:

  • تستخدم الإناث اللمس عادةً للدلالة والتعبير عن القلق والرعاية.
  • يستخدم الذكور اللمس عادةً للدلالة والتأكيد على القوة والسيطرة على الأشخاص الآخرين.

شاهد بالفديو: ما هي مهارات التواصل الفعال؟

7. لغة الجسد:

يمكن للحركة أو الموقف إيصال قدرٍ كبير من المعلومات ومن الدلالات، ويمكن أن نميِّز عدداً لا محدوداً من حركات لغة الجسد، نذكر لكم عدداً منها فيما يلي:

  • رفع الكتفين: وفي هذه الحركة يرتفع الكتفان نحو الأذنين على نحوٍ تبدو معه الرقبة مختفيةً، وعادةً يقوم بهذه الحركة الفرد الذي يشعر بقلقٍ شديد، أو الفرد غير الواثق من نفسه، فيلجاً لذلك لأنَّه يحاول أن يخفي رأسه.
  • التنفس: عند رؤية صدر الشخص المقابل ينقبض ويتمدد بسرعة، أو عند رؤيته يرتفع، فإنَّ ذلك يُعَدُّ دليلاً على أنَّ هذا الشخص يشعر بالقلق والخوف.
  • هز الكتفين: ويمكن أن نميِّز هنا حالتين هما:
    1. عندما يهز الشخص كتفيه بشكلٍ كاملٍ ومرتفع وبحدة وبارتفاعٍ متساوٍ، فإنَّ ذلك يُعَدُّ دلالةً على أنَّ الشخص صادق فيما يقول.
    2. عندما يهز الشخص كتفيه بشكلٍ كاملٍ وطفيف، فإنَّ ذلك يُعَدُّ دلالةً على أنَّ الشخص لا يقول الحقيقة وليس صادقاً.
  • تمدُّد الجذع: يمكن أن نميِّز الحالات التالية:
    1. في حال قام المراهق بالجلوس متمدداً على الأريكة بينما يُوبَّخ من قِبل أحد الأبوين، فإنَّ ذلك يُعَدُّ دلالةً على قلة الاحترام وعدم الاكتراث بولي الأمر.
    2. يمكن أن يُعَدَّ التمدد على الأريكة دلالةً على الراحة.
    3. عند تمدُّد أحدهم في أثناء مناقشة الأمور الجادة والحازمة، فإنَّ ذلك يُعَدُّ دليلاً على السيادة والسيطرة المكانية.
إقرأ أيضاً: 20 من أكثر دلائل لغة الجسد شيوعاً

8. الآثار:

ويُقصَد بها الصور والأشياء التي يمكن استخدامها للتواصل غير اللفظي، فمثلاً:

عند حضور منتدى عبر الإنترنت يمكن أن يعبِّر الفرد عن نفسه وعن هويته عن طريق استخدام صورة رمزية تدل على الأشياء التي يُفضلها أو على هويته، وفي حالات مختلفة أخرى يمكن استخدام الزي الرسمي الذي يدل على العمل الذي يقوم به الفرد، فمثلاً:

  • الزي العسكري يدل على أنَّ مَن يرتديه جندي أو ضابط.
  • معطف المختبر الأبيض يدل على أنَّ مَن يرتديه غالباً ما يكون طبيباً أو ممرضاً.

9. المظهر الخارجي:

يُعَدُّ المظهر الخارجي شكلاً من أشكال التواصل غير اللفظي، ومن أمثلة عوامل المظهر الخارجي: تسريحة الشعر، أو لون الملابس، أو طريقة اللباس؛ فالمظهر الخارجي هو ما يعطي الانطباع الأول عن الشخص؛ لذا يُنصَح الأشخاص الذين يريدون البحث عن عمل بأن يرتدوا الزي الرسمي أو ملابس أخرى مناسبة عند الذهاب لإجراء مقابلات التوظيف.

ما هي مهارات التواصل غير اللفظي؟

هناك أربع فئات رئيسة لمهارات التواصل غير اللفظي، وهذه المهارات هي:

1. التقاط الإشارات غير اللفظية:

يجب أن يتمتع الشخص بالقدرة على الانتباه إلى حركات الآخرين، ولغة جسدهم، ووضعيتهم، والتواصل البصري، وتعبيرات الوجه عند التحدث إليهم.

2. الانتباه:

 من الأمور التي تساعد الفرد على التواصل الفعال والتعلم بسرعة والقدرة على امتلاك مهارة الاستمرار في الانتباه والمشاركة.

3. استخدام الإشارات غير اللفظية:

من الأمور التي تساعد الفرد على التحكم في أي اتصالات فعالة أو غير فعالة في أماكن العمل وتدعم مهاراته المهنية بشكلٍ كبير، هي قدرته على تطوير استخدام الإشارات غير اللفظية.

4. تفسير الإشارات غير اللفظية:

عندما يتمكن الفرد من تحديد الإشارات غير اللفظية بسرعة وبدقة عالية، عندها يكون باستطاعته تفسيرها؛ الأمر الذي يمنحه قدرةً عالية على التواصل مع الآخرين.

وبذلك نكون قد قدَّمنا لكم أشكال التواصل غير اللفظي ومهاراته.

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة