التحول الرقمي في السعودية

يُعدُّ التحول الرقمي في السعودية من أهم المكاسب للحكومة والمملكة؛ إذ إنَّ السعودية من أوائل الدول العربية التي اهتمت به، وأحرزت إنجازات عديدة من خلال برامج الريادة الرقمية الإقليمية والعالمية بدرجات عالية من الأداء والموثوقية، بهدف الوصول إلى مجتمعٍ رقمي حيوي وتحقيق اقتصاد مزدهر وشباب مُنتج. نستعرِض في هذا المقال أهداف عملية التحول وأبرز الإنجازات.



أهداف التحول الرقمي في السعودية:

وضعت حكومة السعودية أهدافاً طموحة للتحول الرقمي بصفتها تعتمد عليه في مناحي الحياة كلها، بما يتضمن: الخدمات الحكومية والتعليم والرعاية الصحية، وقد تجلَّت فيما يأتي:

1. رفع حجم الاقتصاد الرقمي ضمن اقتصاد المملكة:

يشكِّل الاقتصاد الرقمي في الوقت الحالي جزءاً كبيراً من إجمالي الناتج المحلي للمملكة بنسبة تتراوح بين 12 و15%، وتهدف لتصل إلى 25% مع بداية عام 2025 بسد الفجوات الرقمية كلها، فقد أفادت صحيفة Saudi Gazette بحسب بيانات البنك الدولي الأخيرة كل زيادة بنسبة 1%، وتسد الفجوة الرقمية من خلال زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 0.5 و1%، وتُعدُّ الطريقة الأفضل والأكثر فاعلية في نمو الاقتصادي الرقمي.

فضلاً عن ذلك، تساهم المملكة في عائدات التقنية المالية بمبلغ يتراوح بين 1-1.2 مليار دولار بوصفه جزءاً من التزامها في تحسين طرائق الدفع مع الحفاظ على بيانات المستخدم؛ إذ إنَّها اتصلت بشبكات الجيل الخامس، لتكون من أفضل الدول التي تتبنى أحدث تقنيات الاتصال اللاسلكي.

2. زيادة الإنفاق الصحيح على مشاريع المستقبل:

بلغت نفقات المملكة السعودية في العام الماضي مبلغ 32.9 مليار دولار على حلول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بحسب تقديرات مؤسسة الأبحاث الدولية، ويمكن إطلاق مشاريع جديدة ومبتكرة تجعل المملكة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وخارجها، كما سيرجع بضعف تلك العائدات فيما بعد.

شاهد بالفيديو: 10 وسائل فعّالة لحياة رقمية أكثر أماناً

3. الاستفادة من إمكانات بلوك تشين:

تشير توقعات هيئة تنظيم الاتصالات في المملكة إلى أنَّ سوق بلوك تشين في السعودية سينمو بنسبة 41 % بين عامي 2021 و2025، فذلك جزء من نمو قطاع تكنولوجيا المعلومات والتكنولوجيا الناشئة على نطاق أوسع، والمتوقع أن يصل إلى 100 مليار ريال سعودي بحلول عام 2025 بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 10% نتيجة ميزات البلوك تشين.

ميزات البلوك تشين:

  • تتميز البلوك تشين بقدرتها على تحقيق اللامركزية في المجالات المختلفة وحماية بيانات العملاء.
  • تفيد في منع الرشوة والفساد، وبناء قواعد بيانات مع موثوقية عالية.
  • كما أنَّها تُسرِّع المعاملات المالية وتقلِّل تكاليف تحويل الأموال.

4. الاستفادة من إمكانات الكمبيوتر الكمي:

تُعدُّ الكمبيوترات الكمية أداة قوية جداً لكونها تساعد على حل مشكلات عديدة لم تستطع الحوسبة التقليدية حلها؛ إذ تستطيع الصناعات كلها، بما في ذلك الطيران والتشفير والتنبؤ بالطقس الاستفادة منها، كما تجعل التشفير المتقدم بسيطاً، إضافة إلى تحسين التنبؤ بالطقس.

في الواقع بدأت المملكة العمل على شراكات مع شركات دولية عدة وخبراء عديدين في جامعة الملك عبد الله لتطبيق ذلك.

5. جعل السعودية من أفضل 20 دولة رقمية مبتكرة في العالم:

تسعى السعودية إلى أن تكون من أفضل 20 دولة رقمية مبتكرة عالمياً، من خلال تحسين نوعية الحياة لمواطنيها عبر الخدمات الرقمية المتقدمة؛ فهي تزيد وعيهم وتمكنهم من تنفيذ العمليات عن بُعد خاصة الخدمات الحكومية؛ لذا توفِّر فرص التدريب والتعليم في المجالات التقنية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وتقنية البلوك تشين وتقنيات الواقع الافتراضي والحوسبة الكمومية.

لكن توجد بعض التحديات تعترض الرقمنة يجب التعرُّف إليها بهدف معالجتها لبلوغ الأهداف والرؤى فما هي هذه التحديات؟

تحديات التحول الرقمي ومعوقاته:

يتطلب نجاح عملية التحول الرقمي في السعودية أن تكون على علم بالمخاطر، كما أنَّ الاستهانة بها أخطر، ومن أبرز التحديات والمعوقات التي تعترض طريق التحول الرقمي:

1. الافتقار إلى وجود رؤية واضحة ومحددة:

نتيجة الاتساع والغزارة بين المعلومات والحلول التقنية وتداخلاتها وترابطاتها الكبيرة، إضافة إلى وجود ضعف في طرائق الربط مع رؤية المؤسسة عامة.

2. عدم وجود استراتيجية وخطط محددة:

سيصعب بلوغ النجاح دون خطة استراتيجية، ويُعدُّ وجود استراتيجيات واضحة للتحوُّل إلى الاقتصاد الرقمي في السعودية من أكثر التحديات لكون تنفيذه يحتاج إلى المال والوقت والجهد؛ فلا بُدَّ من تحديد أهداف المؤسسة وأولوياتها.

3. استراتيجيات تحوُّل رقمي كثيرة غير قابلة للتطبيق:

تركِّز المنشآت والمؤسسات على وضع استراتيجيات معقدة وضخمة، وهذا يتعارض مع تطبيقها فتصطدم بالواقع الحقيقي الفعلي.

4. ضعف الكفاءات ونقص القدرات والخبرات المتمكنة:

صحيح أنَّه توجد خبرات داخلية كثيرة، لكن يوجد نقص في قدرات بعضها، وهذا يعوق عملية التحول الرقمي.

5. نقص المهارات التقنية المخصصة:

تستطيع عملية التحول الرقمي الناجحة أن تصنع فرقاً متخصصاً في مجال تكنولوجيا المعلومات؛ إذ تُعدُّ هندسة مؤسسات الأمن السيبراني وتحليلات البيانات المتقدمة والذكاء الاصطناعي مكونات أساسية للنجاح؛ لذا يجب الاستعانة بخبراء ومستشارين من الخارج، يمتلكون سنوات من الخبرة وباستطاعتهم تقديم خدمات الاستشارات والتحول الرقمي للمؤسسات.

عدم القدرة على تحسين المنتجات والخدمات المُقدَّمة

يرجع الأمر إلى تعقيدات كثيرة موجودة في بعض نماذج الأعمال؛ فتطويرها وتحسينها يحتاج إلى كثيرِ من الوقت والأموال والجهود.

6. عدم القدرة على وضع خطط منظمة:

هي من أهم التحديات وأعقدها التي واجهت الحكومة السعودية؛ إذ إنَّ وضع خططٍ استراتيجيةٍ منظمة هي أول خطوةٍ هامةٍ في مجال عملية التحول الرقمي الصحيح، وترجع صعوبة وضع خطط صحيحة إلى أنَّها تحتاج إلى أبعادٍ فكرية جديدة وواضحة من شأنها أن تساهم في دفع الاقتصاد الرقمي نحو الأمام.

7. نقص إدارة التغيير التنظيمي:

تعرقل الهياكل التنظيمية القديمة نجاح التحول الرقمي رغم أنَّ الأدوات الجديدة صعبة؛ لكنَّ مقاومة التطوُّر تزيد الأمر صعوبة، وإضافة إلى ضرورة التركيز على إعداد الموظفين عبر تطوير خطة شاملة.

8. تطوُّر احتياجات العملاء:

ظهرت أهمية الحاسوب والهاتف عند الناس وقوته في ظل جائحة كورونا، وهذا جعل العملاء أكثر تطلباً من قبل، إضافة إلى زيادة التوقعات فيما يتعلَّق بالتقنيات الرقمية الحديثة؛ لذا نستطيع الاعتماد على التقنيات المتطورة بصفتها وسيلة، لكن يجب البحث لتحديد رغبة عملائك، وما يقوم به منافسوك لمواكبة المنافسة.

9. إدارة البيانات غير الفعالة:

مفتاح التحول الرقمي الناجح هو جمع بيانات العملاء وتحليلها تحليلاً يسمح بأخذ نظرة إلى تفضيلات وسلوكات المشترين لاتخاذ قرارات مُرضية لهم؛ ففي حال العمل مع أنظمة منعزلة، سيصعب دمج هذه المعلومات في موقع مركزي، كما أنَّ حماية البيانات وخصوصيتها يُعدُّ أكبر تحدٍّ؛ لذا يجب تطبيق أطر العمل الدولية لحمايتها من خلال إدارة الأمن السيبراني.

10. سياسات خصوصية البيانات والأمن السيبراني:

يُعدُّ الأمن السيبراني من أصعب المسائل فلا يقتصر ذلك على مجال النمو المخيف في برامج التحول الرقمي؛ إنَّما توجد مخاوف من البرامج الخبيثة والبيانات المسروقة؛ فقد أطلق بعض "الهاكرز" هجماتهم بهدف انتهاك خصوصية المعلومات الرئيسة للمؤسسات، وهذا يكلِّف المؤسسات الملايين، إضافة إلى جرائم الاحتيال وإطلاق رسائل رقمية مجهولة المصدر بهدف السرقة.

إقرأ أيضاً: انفوغرافيك: هل التَّعليم الإلكتروني هو مستقبل التَّعليم؟

إنجازات التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية:

أحرزت السعودية المركز الأول في معدل سرعة التحميل لخدمة 5G، بحسب تقرير قياس تجربة مستخدمي شبكات الجيل الخامس الذي أصدرته شركة أوبن سيجنال أكتوبر الماضي؛ وذلك غير أنَّها قد ارتقت بجودة الخدمات الرقمية للمستفيدين التي تتجلَّى فيما يأتي:

  • غطت ما يزيد عن 3.5 مليون منزل بشبكة الألياف الضوئية متعاونة مع القطاع الخاص.
  • رفعت حركة الإنترنت من خلال مقسم الإنترنت الوطني.
  • زادت سرعة الإنترنت حتى بلغت نحو 109ميجا بايت لكل ثانية.
  • أصدرت منصات عديدة لتمكين دعم حلول المصدر المفتوح وأبرزها منصة مصدر، التي توفِّر حلول البرمجيات مغلقة المصدر، ومنصة المعرفة الرقمية ThinkTech، وهي مظلة مشاريع التوعية الرقمية.
  • أطلقت أكبر مركز سحابي متقدم لجوجل داخل الاتفاقية التي وقعتها "أرامكو" مع جوجل كلاود، بما يدعم الرياديين والشركات بهدف تقليل الجهد بنسبة 70%؜، والتكاليف بنسبة 30%، إضافة إلى مركز "علي بابا كلاود" لخدمات الكلاود في الرياض بالشراكة مع شركة STC، بدعم EWTP Arabia Capital.
  • أطلقت مبادرات عديدة لدعم التحول الرقمي، بما في ذلك العطاء الرقمي ورواد المستقبل، وبرامج عدة بما في ذلك رواد التقنية ومعسكر "همة" جودة البرمجيات.
  • ارتفع معدل نضج الخدمات الحكومية الرقمية، فقد تطوَّرت بنسبة 35.5؜ في كل من قطاعات النقل، والصحة والقطاع المالي والتجاري وما إلى ذلك، كما تبنَّت تطوير مفاهيم الحكومة الشاملة.
إقرأ أيضاً: التحول الرقمي: زيادة المشاركة في التعلم عبر الإنترنت

في الختام:

إنَّ المؤسسات بحاجة إلى أن تكون لديها دراية بإمكانات التحول الرقمي في السعودية المستقبلية لتبدأ في اتخاذ الخطوات لضمان الانتقال السلس، عبر فهم التحديات ووضع خُطَّة للتغلُب عليها بحسب أنظمة المؤسسة والقوانين واللوائح الدولية، وخاصة فيما يرتبط بحماية البيانات.




مقالات مرتبطة