التحليل المالي: مفهومه وأهدافه وأهم أدواته

يُعَدُّ التحليل المالي أحد ركائز استمرار نجاح الشركات ومنظمات الأعمال، فما هو التحليل المالي؟ وما هي أهدافه؟ وما هي أهم أدواته؟

أولاً: مفهوم التحليل المالي (Financial Analysis)

التحليل المالي أو ما يُعرف بتحليل البيانات المالية:

1. هو القيام بمجموعة من العمليات المالية التي تدرس وتقيس وتُحلِّل أنشطة وأعمال شركة ما خلال فترة زمنية مُحددة.
2. هو عمليات مالية تهدف إلى الوصول إلى الموافقة أو الرفض على المتابعة في استثمار معيَّن أو الاتجاه إلى استثمار آخر.
3. يتضمن التحليل المالي مراجعة القوائم المالية للشركة، وتحليل مدى كفاءة عملياتها الاستثمارية.
4. الغاية من التحليل المالي هي تقييم وضع الشركة المالي، ومساعدتها على اتخاذ القرارات وتحقيق أهدافها.
5. التحليل المالي ليس بالأمر البسيط، ولا يُمكن لأي شخص القيام به؛ بل يحتاج إلى أشخاص خبراء، يمتلكون الفهم والمعرفة بقراءة وتحليل البيانات والقوائم المالية، ويُعرف هؤلاء بـ "المُحللين الماليين".
6. إذ يُمكن تشبيه التحليل المالي بالتشخيص الذي يقوم به الطبيب للمريض، فالمُحلل المالي هو بمنزلة الطبيب الذي يُشخِّص وضع الشركة "المريض" ويكتشف الخلل، ويصف العلاج المُناسب "اتخاذ القرار المُناسب للشركة".

ثانياً: أهداف التحليل المالي

تهدف عملية التحليل المالي إلى:

1. الوصول إلى تحديد المركز أو الوضع المالي للشركة، ومقارنته مع وضع الشركات المنافسة لها.
2. تسهيل عملية اتِّخاذ القرارات المالية بشكل يُحقِّق عائداً أعلى وتكلفة أقل.
3. اقتراح سياسات مالية لتحسين الوضع المالي للشركة.
4. المُساعدة على اتِّخاذ قرار الاستثمار الأفضل.
5. تحديد نسبة نجاح الشركة في تحقيق أهدافها وأرباحها.
6. متابعة المخاطر المالية التي تُواجه الشركة بسبب سياستها التمويلية.
7. تحديد القدرة من عدمها على الاستمرار بنشاط الشركة الأساسي أو إيقافه.
8. المساعدة على اتِّخاذ القرار بين عدة خيارات، مثلاً تأجير معدات أو شراء المعدات، أو اللجوء إلى الاقتراض، أو طرح أسهم للاكتتاب، أو بيع أصل ما وغيرها من القرارات.
9. جذب المُستثمرين للاستثمار في الشركة من خلال التعريف بوضع الشركة المالي وأرباحها وسيولتها وعوائدها.
10. توفير الرقابة على كافة أقسام الشركة ومدى تقيُّدها بالقوانين.

ثالثاً: خصائص التحليل المالي

يتمتَّع التحليل المالي بالخصائص الآتية:

1. يُحوِّل التحليل المالي البيانات والأرقام الخاصة بالقوائم المالية إلى معلومات تُساعد على اتِّخاذ القرارات ووضع السياسات والخطط.
2. يتناول التحليل المالي كافة الأعمال والنشاطات في كافة المستويات الإدارية.
3. يشمل التحليل المالي كافة القوائم المالية، ولا يعتمد على قائمة مالية واحدة.

رابعاً: أهمية التحليل المالي

للتحليل المالي أهمية بالغة بالنسبة إلى الشركات والمشاريع؛ وذلك للأسباب الآتية:

1. تحديد أو تشخيص الوضع المالي للشركة، وقدرتها على الحصول على القروض وسدادها.
2. مساعدة الإدارة على اتخاذ القرارات ووضع الخطط والأهداف.
3. المساعدة على اكتشاف الأخطاء وتصحيحها.
4. اكتشاف فرص ومجالات جديدة للاستثمار.

شاهد: 8 أخطاء تقضي على الشركات الناشئة

خامساً: أنواع التحليل المالي

توجد عدة أنواع للتحليل المالي، وهي مصنَّفة حسب أسس معينة:

1. حسب الجهة التي تقوم بالتحليل المالي:

يوجد نوعان:

1. التحليل الداخلي: هو التحليل المالي الذي يقوم به قسم من داخل الشركة؛ مثل قسم الإدارة المالية أو قسم المحاسبة.
2. التحليل الخارجي: هو التحليل المالي الذي تقوم به جهة أو محلل من خارج الشركة، ويكون التحليل المالي الخارجي بهدف الاستثمار؛ أي يحلل المحلل أسهم الشركات لمساعدة المستثمرين على اختيار الاستثمار الأفضل.

2. حسب الأسلوب الذي يُستخدم في التحليل المالي:

1. التحليل بالمقارنات.
2. التحليل بواسطة الطرائق الرياضية.
3. التحليل باستخدام الأرقام القياسية.

3. حسب الزمن:

يوجد نوعان:

1. التحليل الرأسي: يتم في التحليل الرأسي تحليل القوائم المالية بصورة منفصلة عن بعضها بعضاً؛ إذ تُحلَّل كل قائمة على حدة، وتُدرس عناصرها بشكل رأسي، ويُنسب كل عنصر إلى إجمالي العناصر البقية، ثم يُضاف إلى إجمالي مجموعات جزئية معينة؛ وذلك لدراسة العلاقة بين كافة عناصر القائمة ضمن تاريخ محدد؛ أي في لحظة ثابتة.
2. التحليل الأفقي: يدرس التحليل الأفقي سلوك كل عنصر من عناصر القائمة المالية مع مرور الزمن؛ أي يدرس حركة العنصر "زيادة أو نقصان" خلال فترة زمنية طويلة؛ لذا يوصف بالديناميكية.

سادساً: أدوات التحليل المالي

يستخدم المُحلِّل المالي أدوات معينة لتطبيق التحليل المالي، ومن أهمها:

النسب المالية (Financial Ratios):

تُعَدُّ النسب المالية أهم أدوات التحليل المالي وأكثرها استخداماً من قِبل مُدققي الحسابات المالية؛ وهي نسب مئوية تقيس العمليات المالية للشركة؛ وذلك من خلال تحليل الأثر المالي المُرتبط بهذه العمليات، ومن أهمها:

1. نسب السيولة (Liquidity Ratios):

هي عبارة عن قواعد رياضية تعتمد تطبيق معادلات مالية؛ وذلك بهدف قياس قدرة الشركة على توفير السيولة المالية اللازمة للقيام بعملياتها اليومية، وسداد الالتزامات المُترتبة عليها، من خلال حساب نسبة التداول وحساب نسبة السيولة السريعة ونسبة النقدية.

2. نسب الربحية (Profitability Ratios):

هي عبارة عن قواعد رياضية تعتمد تطبيق المُعادلات المالية الآتية: هامش الربح الإجمالي وهامش الربح التشغيلي؛ لقياس مدى نجاح الشركة في تحقيق الأرباح؛ وذلك من خلال دراسة صافي المبيعات والعوائد التي حصل عليها أصحاب العمل والمُساهمون.

3. تحليل الرافعة المالية (Leverage):

يهدف تحليل الرافعة المالية إلى تقييم أداء الشركة في الحصول على التمويل من خلال القروض أو الديون؛ وذلك من خلال مُقارنة إجمالي ديون الشركة بحقوق الملكية.

4. تحليل النمو (Growth):

يهدف تحليل النمو إلى تحليل معدلات نمو الشركة مع توقُّع معدل النمو المستقبلي.

5. تحليل التدفق النقدي (Cash Flow):

يهدف تحليل التدفق النقدي إلى تحديد مدى قدرة الشركة على توليد التدفق النقدي في أنشطتها الرئيسة؛ كالأنشطة التشغيلية وأنشطة الاستثمار والتمويل.

6. تحليل معدل العائد (Rates of Return):

يهدف تحليل معدل العائد إلى تحديد المخاطر التي تُحيط بالأموال التي يحصل عليها المستثمِر والمُقرض مثل: حساب العائد على حقوق الملكية، والعائد على رأس المال المُستثمر، والعائد على الأصول.

7. تحليل التقييم (Valuation):

يهدف تحليل التقييم إلى الوصول إلى تقييم لأعمال الشركة؛ وذلك من خلال: حساب نهج التكلفة، وحساب نهج السوق، وحساب القيمة الجوهرية، وحساب تحليل الشركة المُقارن.

8. تحليل الكفاءة (Efficiency Ratios):

يهدف تحليل الكفاءة إلى تحديد مدى كفاءة الشركة في إدارة الأصول التي تمتلكها، وكيف تستخدمها في تحقيق الإيرادات؛ وذلك من خلال حساب نسبة دوران الأصول الثابتة، وحساب معدل دوران المخزون، ونسبة التحويل النقدي.

9. السيناريو وتحليل الحساسية (Scenario & Sensitivity):

يهدف السيناريو وتحليل الحساسية إلى قياس المخاطر والتنبؤ بمستقبل الشركة سواء كان للأفضل أم للأسوأ مثل: توقُّع تأثير أسعار الفائدة في أسعار السندات، أو تأثير تغير حركة العملاء في إجمالي إيرادات مبيعات الشركة.

10. تحليل التباين (Variance):

يهدف تحليل التباين إلى مُقارنة النتائج الفعلية للميزانية مع التوقعات مثل: حساب فارق سعر الشراء "المدفوع فعلياً والقياسي"، وحساب فارق معدل العمالة، وحساب فارق سعر البيع.

شاهد: 7 نصائح لتحقيق النجاح في إدارة الأعمال

سابعاً: تحديات التحليل المالي

يُواجه التحليل المالي مجموعة من التحديات والمشكلات وهي:

1. رداءة البيانات:

من أكبر التحديات التي يُواجهها المُحلل المالي هي رداءة البيانات وعدم صحتها أو دقتها، أو صعوبة الوصول إليها؛ مما يُؤثِّر سلباً في جودة نتائج التحليل المالي، ومن ثم في القرارات التي ستُتَّخذ بناءً على نتائج التحليل.

2. الوقت:

يحتاج التحليل المالي إلى الكثير من الوقت؛ وذلك في حال قيام المُحلِّل المالي بإجراء العمليات وحساب النسب المالية بشكل يدوي، لكن ظهرت في الفترة الأخيرة برامج وأدوات إلكترونية تُخفِّف من مشكلة الوقت.

3. المعلومات المالية فقط:

من مشكلات التحليل أنَّه يُحلِّل البيانات المالية فقط بعيداً عن البيانات التشغيلية للشركة؛ كتحليل بيئة العمل أو الرضى الوظيفي للموظفين أو العملاء.

4. عدم كفاءة المُحلِّل:

يعتمد تفسير نتائج التحليل المالي على كفاءة المُحلل وخبرته ووجهة نظره ورأيه الشخصي أحياناً؛ مما قد يؤثر سلباً في دقة التحليل المالي في حال عدم كفاءة المُحلل.

ثامناً: الجهات المُستفيدة من التحليل المالي

تستفيد من نتائج التحليل المالي الجهات الآتية:

1. المُستثمرون المُحتملون:

يهتم المُستثمِر الذي يسعى إلى الاستثمار في شركة ما بالحصول على معلومات عنها تتعلق بوضعها المالي، وقدرتها على تحقيق الأرباح، وسياستها في توزيع الأرباح، ومُقارنة أدائها مع الشركات المُشابهة، وإمكانية نموها وتطورها، وقيمة أسهمها.

2. المالكون "المُساهمون":

يهتم مالكو الشركة بالتحليل المالي؛ كونه يُوفِّر لهم الرقابة على أعمال الشركة، ويُساعدهم على اتِّخاذ القرارات ووضع الخطط وتصحيح الخلل.

3. الدائنون:

يهتم الدائنون بنتائج التحليل المالي من أجل التأكُّد من سلامة المركز المالي للشركة، ومن ثم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، والتأكُّد من ربحيتها وقدرتها على تحقيق الأرباح التي تُعَدُّ إحدى مصادر الوفاء بالديون.

4. إدارة المنظمة "مجلس الإدارة":

يهتم مجلس إدارة الشركة بنتائج التحليل المالي للحكم على مدى نجاحه في الإدارة؛ وذلك من خلال تقييم ربحية الشركة، ومقارنة أدائها بأداء الشركات المماثلة.

5. وسطاء الأوراق المالية:

يهتم وسطاء الأوراق المالية بمعرفة التغيرات المُحتملة في سعر سهم الشركة، واكتشاف فيما إذا كانت أسهمها تُشكِّل فرصاً استثمارية أم لا.

6. موظفو الشركة:

يهتم موظفو الشركة بنتائج التحليل المالي؛ وذلك لمعرفة مدى كفاءة إنجازهم، ومن ثم تعزيز شعورهم بالانتماء، والتفاؤل بمستقبلهم في الشركة.

7. المصالح الحكومية:

تهتم المصالح الحكومية بنتائج التحليل المالي؛ وذلك لأسباب ضريبية ورقابية.

8. المُحللون الماليون المتخصصون:

هم جهات أو مؤسسات مُتخصصة بالتحليل المالي؛ وتحلِّل إما من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب المهتمين بأمر الشركة مقابل أجور معيَّنة.

في الختام:

التحليل المالي صمام الأمان للشركات:

التحليل المالي صمام أمان الشركات والمشاريع مهما كان حجمها؛ وذلك لأنَّه يضمن اتِّخاذ قرارات مالية واستثمارية ناجحة، واكتشاف المخاطر المالية المُحتملة والاستعداد لها؛ لذا يجب على الشركات التعامل معه بجدية واختيار محللين ماليين أكفاء للقيام بالتحليل المالي الدقيق والفعَّال لها.

المصادر: 1،2،3،4