الاهتمام بتفاعل الموظف وأثر ذلك في الحفاظ على الزبائن

عند التحدث مع الشركات عن تفاعل الموظفين وبناء الثقافة التنظيمية، يجب علينا طرح سؤالٍ سهل جداً في البداية: لماذا يجب عليك تركيز الاهتمام على تفاعل الموظف؟



ترتبط الإجابة دائماً بشيءٍ يتعلق بالحصول على منفعةٍ تجارية، وعادةً ما تكون الإجابة متعلقةً باكتساب المواهب والحفاظ عليها؛ وذلك منطقيٌّ في الواقع. وضمن اقتصادٍ يعمل بكامل طاقته، يُعَدُّ خلق تجارب رائعة للموظفين أمراً في بالغ الأهمية لجذب المواهب العظيمة والحفاظ عليها؛ فإذا لم تجعل من ثقافتك جذابةً ووظائفك مُرضيةً، فسيغادر أصحاب المواهب ويتركونك.

لكن مع مجيء جائحة "كوفيد-19" (COVID-19)، ارتفعت معدلات البطالة وأصبحت الوظائف نادرة؛ لذا بدأت كل شركةٍ مسؤولةٍ تتطلع إلى تصحيح مسار استراتيجيتها وعملياتها عندما بدأت شقَّ طريقها في مشهدٍ اقتصاديٍّ لا يمكن التنبؤ به.

ومع وجود عشرات الملايين من العمال الذين بدؤوا التنافس فجأةً للعثور على وظائف، قد تستنتج الشركات أنَّه من غير المرجح أن يمثل الحفاظ على المواهب تحدياً كبيراً كما كان سابقاً، على الأقل لبعض الوقت في الفترة القادمة؛ لهذا السبب، تراجعت أهمية تفاعل الموظف لديهم، وهذا خطأٌ كبير. هناك سببان يُظهران بوضوحٍ لماذا يُعَدُّ الاستثمار في تجربة الموظف أكثر أهميةً الآن من أيِّ وقتٍ مضى.

1. تحوُّل تفاعل الزبائن إلى حقيقة واقعة:

لا توجد شركة تريد أن تفقد زبائنها، لكنَّ فقدان الزبائن هو بالضبط ما تعانيه الشركات في زمن الأوبئة والكساد الاقتصادي العالمي. يمكننا أن نتفهَّم قلق قادة الأعمال من هذه الحقيقة الجلية؛ فلا توجد شركة محصنة ضد كارثة اقتصادية واسعة النطاق.

هذا هو السبب في أنَّ الحفاظ على علاقات الزبائن ورعايتها خلال هذه الأزمة، يتطلب مستوىً غير مسبوقٍ من الاهتمام بحقيقة أنَّنا جميعاً على متن السفينة نفسها؛ ذلك لأنَّ الزبائن يراقبون الضبابية التي تسود المشهد، كما تفعل أنت، فيسارعون إلى تلبية الاحتياجات الجديدة وتعديل حياتهم بأسرع ما يمكن؛ إنَّهم بسهولة بحاجةٍ إلى بائعين ومورِّدين وشركاء يمكن أن يكونوا أكثر إنسانيةً وإبداعاً ومرونةً وتعاطفاً معهم.

بعبارةٍ أخرى، إنَّهم بحاجةٍ إلى مستوىً من التفاعل في علاقتهم معك أعمق من أيِّ وقتٍ مضى. مَن هم المسؤولون عن الاهتمام بالزبائن؟ إنَّهم موظفوك، ولا أحد سواهم.

تنجح الشركة بقدر ما يشعر الموظفون بالحيوية والحافز والتفاعل من أجل المضي قدماً بحماسة نحو الأمام والاستماع وتقديم ما يفوق أيَّ إبداعاتٍ قدموها سابقاً.

وسط الصعوبات الشديدة الحالية، يتمتع الموظفون المتفاعلون فقط بفرصة تلبية احتياجات الزبائن. وماذا عن الموظفين غير المتفاعلين؟ إنَّهم لن يكونوا عبئاً على ثقافتك غداً فحسب؛ بل هم يشكلون بالفعل تهديداً مميتاً لعلاقاتك مع الزبائن اليوم.

لتجهيز شركتك وتهيئة موظفيك لمواجهة التحدي المتمثل في تلبية رغبات الزبائن بخوض تجارب رائعة، فإنَّ من الأهمية بمكان أن تفهم ابتداءً أنَّ السبب غالباً في تقويض جهود إثارة تفاعل الموظفين بمجرد مغادرتهم بوابة المؤسسة، أنَّ الشركات معظمها تستثمر فيهم لأسبابٍ خاطئة.

إقرأ أيضاً: 7 قواعد لكسب ثقة الزبائن وجعلهم زبائن دائمين

2. عدم ارتباط التفاعل الحقيقي بالعمل:

قبل وقتٍ طويلٍ من حدوث هذه الأزمة، واجهت الشركات صعوبةً في فهم هذه الصيغة السهلة لتفاعل الموظفين: اهتم فعلاً بموظفيك، وسوف ترى تفاعلهم تلقائياً.

عندما يُسأل القادة عن الأسباب الكامنة وراء الجهود التي يبذلونها في سبيل تعزيز تفاعل الموظفين، ينبغي لنا أن نعرف جيداً ما إذا كانوا يفعلون ذلك لأنَّ الاهتمام بكل سهولة هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله. أو الأفضل من ذلك، لأنَّ الاهتمام هو غريزةٌ فطرية.

لسوء الحظ، من النادر أن نرى التزاماً فعليَّاً بالرعاية في خضم الجهود المبذولة لإثارة تفاعل الموظفين؛ وهذا سببٌ كبيرٌ لفشل الجهود معظمها، وهو مشكلةٌ أكبر في ظل ظروفنا الحالية؛ لأنَّ الاهتمام الحقيقي ببعضنا بعضاً الآن أكثر أهميةً من أيِّ وقتٍ مضى.

حسناً، ما هو المقصود بعبارة "التزام فعلي بالرعاية"؟ وكيف تبدو فعليَّاً؟

شاهد بالفديو: 10 طرق لكسب الاحترام في العمل

يعني الالتزام الفعلي بالرعاية، إعطاء الأولوية بشكل مطلقٍ لاحتياجات الآخرين بِعَدِّها غايةً في حد ذاتها:

بعبارةٍ أخرى، إنَّ الرعاية ليست عبارة عن تكتيكٍ أو وسيلةٍ للحصول على نتائج الأعمال، وهنا تتعثر المنظمات معظمها. يعني الاهتمام بشخصٍ ما أن تضع في حسبانك مصالحه العليا من دون أن تكون لك معه أيُّ مصلحة.

يعني الاهتمام الحقيقي عدم التفكير في العلاقة بين الموظف والشركة من منظور العمل:

فأنت لا تمنح الفوائد والبرامج والوجبات الخفيفة المجانية ومبادرات "تفاعل الموظفين" للاحتفاظ بالموهبة أو زيادة الإنتاجية أو الاحتفال بأرقامٍ هامةٍ أخرى أحرزتموها؛ بل تفعل ذلك لأنَّك تهتم حقاً بموظفيك.

إذا كنت قائداً يتحفز بشكل أساسي من خلال التفكير المتعلق بالعمل (كأن تنظر إلى برامج تفاعل الموظفين من منظور عائد الاستثمار فيها)، فإنَّ تفاعل الموظف وجهود تجربة الزبائن ستتعطل من البداية.

سيعرف موظفوك ما إذا كنت تهتم حقاً؛ ذلك لأنَّ البشر بارعون بشكل مذهلٍ في فهم هذا النوع من الأشياء. وعندما نشعر أنَّ هناك أجندةً أخرى خلف الرعاية التي يقدمها شخصٌ ما، فإنَّنا لا نثق بها.

خلاصة القول هنا، أنَّ ارتباط الرعاية بالعمل تكبح الإنجاز والتفاعل والالتزام، التي تنشأ بشكلٍ طبيعي وتحفز الرعاية الحقيقية. يخسر الجميع عندما ترتبط الرعاية بالعمل؛ فابتداءً وقبل كل شيء، لا يحصل الموظفون على ما يستحقونه، الذي هم اليوم بحاجةٍ ماسةٍ إليه.

حينما نعمل باستعمال نظرية التحديد الذاتي نرى مراراً وتكراراً أنَّه عندما تفشل المؤسسة في دعم احتياجات الموظفين الأساسية للاستقلالية والإتقان والعلاقات الوثيقة (احتياجات تشكِّل صميم الرعاية الحقيقية)، فسيعانون في صحتهم الجسدية والعقلية.

وإلى جانب الموظفين، سيعاني الزبائن أيضاً؛ إذ إنَّه من غير تلبية احتياجات الموظفين، سيكونون أقل تجهُّزاً، وسيكون حافزهم أضعف فيما يخصُّ تقديم الخدمة الاستثنائية التي يستحقها الزبائن. كما رأينا، أصبح هذا النوع من الخدمة الآن أكثر أهميةً من أيِّ وقتٍ مضى للاحتفاظ بالزبائن والحفاظ على عملك بينما نسير في هذه الأزمة وفي التحديات الاقتصادية المقبلة.

وبصراحةٍ شديدة، لن ينسى عملاؤك ولا موظفوك قريباً كيف عوملوا في الفترة التي كانوا فيها محتاجين؛ لذا يجب دعم موظفيك ورعايتهم ليكونوا مستعدين لهذا التحدي. لا أحد منَّا يمكنه الاهتمام بالآخرين إذا لم نشعر بأنَّنا نحظى بدورنا بالاهتمام.

إقرأ أيضاً: 8 طرق ترهقك بها الثقافة التنظيمية شديدة التنافسية

في الختام:

مثل كل الأزمات، فإنَّ هذه الأزمة تسلِّط الضوء على ما هو هام على المستوى البشري. ودوماً ما كان الاهتمام بالموظفين والزبائن على حدٍّ سواء هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله، كما أنَّه أمر بالغ الأهمية لعملك، ويجب جعله قراراً يمكن الالتزام عن طريقه بسهولةٍ فائقة بتقديم الرعاية الحقيقية!

المصدر




مقالات مرتبطة