الاستفادة من قوة الحدس لتحقيق الأهداف

يوجد عقل واعٍ وآخر لا واعٍ يعمل دون أن نحس، ويبدو أنَّ هذا الأخير لديه الأجوبة والحلول كلها التي يحتاج إليها الفرد خلال تجاربه، ويُطلَق عليه اسم العقل الباطن، والحدس هو الوسيلة التي يُقدِّم عبرها هذه الأجوبة والحلول.



يقدم اللاوعي الحلول التي مصدرها الحدس والإلهام الذي يُفضي إلى الإبداع وإلى الأفكار التي تغير الحياة من خلال دمج التركيز مع الاسترخاء أو تحقيق التوازن بينهما. 

إنَّ الأفراد اللامعين والاستثنائيين في مجال عملهم، سواء أكانوا فنانين أم مؤلفين لا يتوصلون إلى أفكارهم الإبداعية ووجهات نظرهم الفذة عبر عمليات الممارسة والتطبيق أو الاستنتاج المنطقي؛ بل تخطر لهم فجأة دون أي تخطيط مسبق، أو تكون ناجمة عن ومضاتٍ من الإلهام المترافق مع حدسٍ قوي؛ إذ يتسنى للفرد القادر على تمييز الحدس واستثماره أن يدرك الصواب إدراكاً عاطفياً وحماسياً، وهو ما يُطلَق عليه اسم "لحظة يوريكا" (Eureka moment) التي يظهر خلالها الإلهام وتتجلى فيها الحلول والأفكار فجأة دون مقدمات، وهي ليست وهمية ولا تنم عن محدودية التفكير على الإطلاق؛ بل إنَّها تضفي شعوراً يفوق الوصف بأنَّك عثرت على الجواب أو الحل السديد.

طبيعة الحدس:

لدى بعض الأشخاص استعداد فطري لتهيئة الظروف الزمانية والمكانية المثالية التي تخدم مصالحهم، وتؤدي الصدفة دوراً محورياً في بعض الحالات؛ لكنَّها لا تضمن محالفة الحظ لهم على الدوام؛ بل لا بُدَّ من وجود عامل آخر كامن يفسر حالة التوفيق الملازمة لهم.

يكمن السر في قدرة هؤلاء الأفراد على الاستفادة من مَلَكة الحدس في اتخاذ القرارات السديدة وإصدار الأحكام الصائبة، والقيام بما يلزم في الوقت والأسلوب المناسبين.

يمكن عدُّ الاصطلاحات الشائعة من قبيل "التفكير الإبداعي" أو "التفكير خارج الصندوق" محاولات لغوية للتعبير عن معنى الحدس وأهميته في عملية اتخاذ القرار وابتداع الأفكار الخلَّاقة. 

إنَّ الأشخاص الذين يتمتعون بقدرة بارزة على اتخاذ القرارات السديدة والقيام بالأفعال الصائبة وابتكار الأفكار الخلَّاقة، يتميزون بمقدرتهم الاستثنائية على التفكير خارج الصندوق، أو قراءة الحدس والاستفادة منه في تجاربهم.

يمكن أن يزودك الحدس بالأجوبة أو الحلول التي تحتاج إليها للأسئلة أو المشكلات التي تواجهها، ويساعدك على تحديد الأسلوب الأمثل والأجدى لتحقيق الهدف الذي ترغب فيه على أرض الواقع.

إقرأ أيضاً: النجاح في تحقيق الأهداف: 8 طرق تسهّل عليك الطريق لتحقيق أهدافك

كيفية إدراك الحدس واستثماره:

تقتضي الخطوة الأولى إدراك حقيقة وجود العقل الباطن وقبولها الذي يمثل صوت الحكمة داخل النفس الإنسانية، والإيمان بقدرته على تزويدك بالأساليب والمعارف والمعلومات التي تحتاج إليها لتلبية رغباتك وتحقيق أهدافك. 

يجب أن تبذل ما بوسعك لتفتح ذهنك على حقيقة وجود العقل الباطن والقوة التي ينطوي عليها، ولا تقف عند المفهوم الفلسفي أو المعرفي المجرد للكلمة وحسب؛ بل يجب أن تقبله وتفهمه على المستوى العاطفي أيضاً، وعندما تبلغ هذه المرحلة، ستبدأ بالشعور بالحماسة والاندفاع؛ لأنَّك ستُقدِّر الفرص والإمكانات الحقيقية في حياتك بصرف النظر عن الظروف التي تمر بها.

يجب أن تُحدِّد بعد ذلك بمنتهى الوضوح والدقة الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، والمعلومات والأفكار التي ستطلب من الحدس أن يزودك بها، ويبدأ العقل الباطن عند هذه المرحلة بالعمل على المهمة المطلوبة، وتستطيع أن تحافظ على ديمومة العملية وتسريعها عبر تكرار عبارات تشجيعية من قبيل "سوف يبيِّن لي عقلي الباطن الآن كذا"، أو "سوف يقدِّم لي عقلي الباطن الآن كذا". 

تستطيع أن تكرر هذه العبارات نحو 20 مرة كل ليلة قبل أن تخلد إلى النوم، ثم تسترخي وتنتظر أن يلهمك عقلك الباطن بالحلول التي تحتاج إليها، أو تخلد إلى النوم وتدع عقلك الباطن يعمل على المطلوب وفق طريقته الخاصة بلا قيود.

شاهد بالفيديو: قوانين العقل الباطن

الإجراءات العملية:

تستطيع أن تعزِّز من فاعلية هذا النهج عبر بذل قصارى جهدك في جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن الموضوع أو المسألة أو المشكلة التي تبحث عن حلول أو أجوبة لها وتحصيلها.

يُستحسَن أن تطلع على أكبر قدر مستطاع من المعلومات حتى تفهمها، دون أن تقلق أو تتوقع إيجاد الحلول التي تبحث عنها على الفور، ويقتضي هذا النهج استيعاب أكبر قدر مستطاع من المعلومات بهدف تكوين تصورات وعلاقات جديدة خلَّاقة بين جوانب الموضوع المختلفة، وقد يشعر الفرد في هذه المرحلة بالارتباك على مستوى العقل الواعي، لكن تبدأ الحلول والأجوبة بالتشكل على مستوى العقل الباطن وتتخذ صورتها النهائية بفعل الإلهام.

بعد أن تنتهي من عملية البحث وجمع المعلومات التي يمكن أن تستغرق أياماً عدة، يجب أن تنتظر لبعض الوقت لكي تترسخ المعلومات التي سبق أن جمعتها وفهمتها في عقلك، ولا داعي للقلق أو العجلة بسبب عدم الحصول على الأجوبة بسرعة؛ بل يجب أن تثق بأنَّ عقلك الباطن يعمل وفق سرعة ومنهجية معينة على إيجاد الحلول والأجوبة التي تحتاج إليها.

يعثر الفرد على الحلول التي يحتاج إليها فجأة عندما يتوقف عن التفكير بالمسألة أو المشكلة، ويكون في حالة راحة واسترخاء تام؛ إذ يحلها الإلهام فجأة، وتتجلى الفكرة أو الحل الذي يبحث عنه الفرد على حين غرة؛ وذلك عندما ينجز العقل الباطن واجبه على أكمل وجه، ويأتي بالأفكار والحلول التي يحتاج إليها.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح لتقوية حدسك والاستفادة منه

في الختام:

لقد قدَّم المقال منهجية لاستثمار الحدس تقوم على 3 خطوات على الشكل الآتي:

  1. بذل الجهد اللازم لتحصيل الإدراك العاطفي والقبول لقوة العقل الباطن.
  2. تخصيص أيام عدة لاستيعاب المعلومات المتعلقة بالمسألة أو المشكلة القائمة.
  3. تكرار العبارات التحفيزية المذكورة آنفاً أو ما يقابلها نحو 20 مرة كل ليلة قبل النوم.

يدرك الإنسان الأجوبة التي يحتاج إليها على مستوى الحدس والعقل الباطن، سواء بحث عن شريك حياته، أم فكر بمحاسن خطواته المهنية أو مساوئها، أم يحاول العثور على توجهه وغرضه في الحياة وما إلى ذلك، ويكمن دوره في هذه الحالة في إدراك الإجابة عن مستوى العقل الواعي وتطبيقها على أرض الواقع.




مقالات مرتبطة