الاستفادة من تحليل الأتراب "Cohort analysis" لمنح الموظفين رواتب عادلة

قد يكون التحدث عن المكافآت والترقيات مع موظفيك عملاً معقَّداً. ومع ذلك، يتخذ العديد من المديرين هذه القرارات المكلفة، التي قد تكون صالحة فقط لفترة قصيرة من الوقت؛ وذلك بناءً على حدسهم وكلامٍ تناهى إلى سمعهم من الموظفين.



الحدس - الطريق المختصر الذي يسلكه الذهن - هو نتيجة عمليتين طبيعيَّتَين هما: "تعرُّف الأنماط" (Pattern recognition) و"الوسم العاطفي" (Emotional tagging)، واللتان تؤديان في كثير من الأحيان إلى أخطاء إدراكية.

سيكون من المستحيل معرفة ما إذا كان الموظف قد كوفِئ مكافأة عادلة، إذا لم تُدعَم هذه القرارات ببيانات تحليلية. وبدلاً من القبول باتخاذ قرار قائم على الحدس، ضع في حسبانك إجراء "تحليل أتراب" (Cohort analysis) قائم على البيانات؛ إذ يمكنك إلقاء نظرة على سجلات العمل التفصيلية لكل موظف وإجراء مقارنات مع موظفين مماثلين ومجموعات مماثلة؛ إذ إنَّ هذه الطريقة لن تمنحك صورة أفضل لما يبدو عليه نموذج المكافآت في مؤسستك فقط؛ بل ستُمكِّن المديرين الموجودين في شركتك من اتخاذ قرارات أفضل بناءً على الأدلة المتوفرة.

فيما يأتي بعض السيناريوهات الشائعة التي يمكن أن تساعد فيها تحليلات الأتراب المستندة إلى البيانات على اتخاذ قرارات أفضل:

تحسين عمليات مراجعة الراتب:

عندما يتعلَّق الأمر بهذا الفعل الذي يتكرر بشكل سنوي، عليك أن تبدأ بهذا السؤال: "كيف يُقارَن أداء هذا الموظف بمجموعة من زملائه والموظفين الآخرين؟" سيساعدك هذا النهج على تحديد ما إذا كنت تدفع لهذا الشخص راتباً عادلاً ضمن إطار التعويض المالي الذي تعتمده.

ولفهمِ الموقف تماماً، قارِن الشخص بـ:

  1. مجموعة الموظفين المحيطة به: قد يكون الفرد في حالات معينة أعلى، وفي حالات أخرى أدنى من أقرانه المباشرين المحددين. ومع ذلك، من الهام فهم ما إذا كان الموظف أعلى أو أقل من متوسط ما يحصل عليه أقرانه عندما يُنظَر إليهم كمجموعة. فعلى سبيل المثال، إذا كان أجره أقل من المتوسط وأداؤه فوق المتوسط مقارنةً بأداء المجموعة، فعندها تشير هذه البيانات إلى أنَّه قد يستحق راتباً إضافياً.
  2. الأقران المباشرين: يجب أن تكون المقارنة الأولى والأكثر منطقية هي بين الشخص المحدد والأشخاص الذين يؤدون الدور نفسه وعلى المستوى نفسه وفي منطقة جغرافية مماثلة. يمكنك تكوين صورة واضحة عما إذا كانت حالة شخص فريدة أم لا من خلال مقارنة هذا الموظف بأولئك الأشخاص: "هل يؤدي أداءً أعلى من الآخرين؟ وهل يُكافأ بإنصاف مقارنة بهؤلاء الناس؟".
  3. الموظفين المشابهين له في جميع أقسام الشركة: قارن أخيراً الموظفين بالأشخاص ممن يتشابهون معهم، ولكن ربما يعملون في مناطق جغرافية أو وظائف مختلفة؛ إذ ستساعدك هذه المقارنة على تحديد مدى حصول موظف ما على أجر جيد ضمن نطاق الأجور الحالي. واطرح على نفسك الأسئلة التالية: "ما هو موقع هذا الموظف في سلَّم الرواتب؟ وهل توجد العديد من الأمثلة عن الأشخاص الموجودين في الطرف الأعلى من نطاق الأجور، الذين قد يكون لهم الأولوية في زيادة الراتب؟".

يجب عليك - بمجرد أن تتكون لديك صورة واضحة عن مكان تموضع كل موظف ضمن سلَّم الرواتب - إعادة استعمال النهج نفسه لتقييم البيانات الخاصة بالموظفين طوال فترة حياتهم المهنية في مؤسستك: ما هي تكلفة توظيفهم؟ وكيف هو أداؤهم ومساهماتهم خلال فترة عملهم، وإمكاناتهم المستقبلية؟

مع وجود كل هذه البيانات في متناول يدك، يمكنك أن تثق بأنَّ أيَّة تغييرات تُجرى على هيكل تعويض الموظف المالي، تعكس بشكل أكثر دقة تاريخه مع شركتك.

شاهد بالفيديو: متى يحق لك أن تطالب في زيادة راتبك الشهري؟

التفاوض على العروض الأخرى:

 من الضروري أن تلجأ إلى بيانات القوى العاملة الموجودة لديك عندما يأتي إليك موظف بعرض منافس؛ ولمعرفة كيفية التعامل مع الموقف، أجرِ التحليل البياني نفسه الذي تفعله عند مراجعة التعويضات.

يستعمل فريق التحليلات في قسم الموارد البشرية في شركة الخدمات المالية "بي بي في أي" (BBVA) متعددة الجنسيات بانتظام حلاً تحليلياً لمقارنة ملفات الرواتب، ودرجات الحوافز، وتقييمات الأداء، وسمات الموظفين مع الآخرين في الفريق نفسه أو في مناصب مماثلة.

إذا توصَّلتَ بعد تحليلك للمجالات المذكورة آنفاً إلى أنَّ مؤسستك لا تدفع لهذا الفرد بشكل عادل، فسيكون مسار العمل التالي واضحاً؛ إذ ستحتاج إلى عرض آخر. ومع ذلك، في حال رأيتَ أنَّك تدفع للفرد ما يتقارب نسبياً إلى حد ما مع الأشخاص الآخرين داخل المؤسسة، فيجب عليك العودة إلى بياناتك وتقييم قيمة هذا الفرد الحالية والمحتملة.

إقرأ أيضاً: إصلاح الفجوة في الأجور يبدأ بمهارات التفاوض على راتبك

تقييم الترقيات:

يمكن أن يتحوَّل تقييم جهوزية الموظف للترقية إلى حديث حول رؤية القادة للموظفين الواعدين أكثر وسنكون جميعنا عرضة إلى التحيُّز حينها، وسيحدث كل هذا حين لا تتوافر البيانات. تحقِّق الترقيات - خاصةً إذا كانت جزءاً من عملية التخفيف من المخاطر كـ "تخطيط التعاقب" - نتيجةً أفضل إذا كانت تتضمن نهجاً قائماً على الأدلة.

ويجب تقييم الإمكانات القيادية بناءً على البيانات الخاصة بالأداء، وعدد الترقيات السابقة، ومدى التقارب الزمني الذي حصلَت فيه هذه الأحداث، والإنجازات التعليمية والتطويرية. وعليكم أخذ كل هذه العوامل في الحسبان عند النظر إلى مرشح داخلي؛ وذلك لتحديد مَن يمتلك حقاً الأفضلية والفرصة الأكبر للنجاح في دوره الجديد.

إقرأ أيضاً: هل تعمل أنظمة تقييم أداء الموظفين التي تعتمد على الدرجات والمعدلات؟

لا تعتمد على نظام إدارة الموارد البشرية الخاص بك:

بينما تجمع المؤسسات اليوم وأكثر من أي وقت مضى المزيد من البيانات الخاصة بالموظفين، تُخبَّأ هذه البيانات في أنظمة إدارة الموارد البشرية المُقفلة، التي لم تُصمَّم أبداً للتحليل؛ إذ أُنشِئَت هذه الأنظمة لدعم العمليات المتعلقة بسوق العمل؛ مثل السماح للمديرين بالموافقة على إجازة أو طلب وظيفة جديدة أو تقديم التغذية الراجعة على الأداء. ومع ذلك، فإنَّ هذه العمليات تحدث بعد أن تكون قد اتُّخِذَت القرارات من قِبَل الأشخاص بالفعل.

لكي تنجح في الاستفادة من هذه البيانات بالحصول على إحصاءات داخلية؛ من الهام أن تكون لديك أنت ومَن تدعمهم من قادة الأعمال طريقة للبحث عن المعلومات بسرعة وبشكل صحيح؛ وذلك حتى تتمكن من اتخاذ أفضل القرارات لكل من مؤسستك وموظفيك، ويجب أن يكون التحليل الهادف للموظفين متوفِّراً عند الطلب ومقارناً، وأن يعكس تطور الموظفين وتغيرهم مع مرور الوقت.

قد يكون العمل باستعمال البيانات أمراً شاقاً بالنسبة إلى الكثيرين، ولكنَّ الأنظمة ذات الاستراتيجية الموجَّهة نحو الأشخاص - خاصة تلك التي توفر إمكانات مقارنة فورية بين الموظفين - تجعل من تحليلات القوى العاملة متوفرة بشكل أكبر؛ إذ سيسهل الحصول على الإحصاءات والمعلومات اللازمة لجميع النقاشات الخاصة بالمواهب الهامة.

المصدر




مقالات مرتبطة