الاحتراق الوظيفي: العدو اللدود للاحتفاظ بالموظفين

يبدو أنَّ العلاج بالتدليك قد أصبح رائجاً جداً هذه الأيام حتى في ثقافة العمل؛ إذ إنَّ الشركات أصبحت توفر للموظفين جلسات تدليك في مكان العمل، أو تغطي نفقاتها في التأمين، أو الاثنين معاً. والأمر ينطبق على جلسات اليوغا أيضاً؛ إذ أصبحت هذه الإجراءات طريقةً يكافئ بها أرباب العمل الموظفين حينما يحققون أهدافهم.



أصبح التوجه العام في الشركات في أمريكا هو الاهتمام بالعافية وما يخفف من التوتر اليومي، ويهدف هذا التوجه بجزء منه إلى التقليل من تكاليف الرعاية الصحية، والتخفيف من الاحتراق الوظيفي؛ إذ يختلف الناس في مقدار كفاءة هذه الإجراءات المُتَّبعة، ولكنَّ المشكلة في أنَّ بعض أرباب العمل يركزون تركيزاً كبيراً على الأعراض مثل: التوتر والاحتراق النفسي، وقليلاً على "المرض".

الاحتراق الوظيفي والقدرة على الاحتفاظ بالموظفين:

وفقاً لاستطلاع حديثٍ موجَّهٍ لمديري الموارد البشرية، فإنَّ 95% من المشاركين يؤكدون أنَّ الاحتراق الوظيفي "يُدمِّر القدرة على الاحتفاظ بالقوى العاملة"، ويرى الباحثون أنَّ أسباب هذه الآفة تكمن في بعض المشكلات الشائعة في مكان العمل، ومنها الأجور غير العادلة؛ إذ ذكرها 41% من مديري الموارد البشرية، ويأتي بعد ذلك عبء العمل الزائد وكثيرٌ من ساعات العمل الإضافية بنسبة 32%.

يُعَدُّ العمل الزائد وغياب العدالة في الأجور كوارث شائعة تخيِّم على المؤسسات معظمها منذ عقود. ولكن يمكن حلها بسهولة، وخاصة المشكلة في عدالة الأجور، ولكن من النادر أن يحدث ذلك؛ أما العامل التالي في تلك القائمة فهو الإدارة السيئة وتأتي بنسبة 30%، وهي مشكلة صعبة للمعالجة.

لكنَّ ما يثير القلق كثيراً هو مشكلتان على قدر من الوضوح ولكن قليلاً ما تُعالجان؛ إذ أكد 29% من اختصاصيي الموارد البشرية أنَّ السبب الرئيس في الاحتراق الوظيفي هو عدم إدراك الموظفين للرابط بين ما يقومون به، وبين استراتيجية المؤسسة، وذكر 26% منهم "ثقافة مكان العمل السلبية".

شاهد بالفديو: 7 علامات للاحتراق المهني

زيادة سعادة الموظفين وتفانيهم عن طريق زيادة تفاعلهم:

لا يخفى على المؤسسات أنَّ الموظف الذي يدرك مهامه يؤدي دوراً هاماً في نجاح المؤسسة، أو في تحقيق رسالتها. كما أنَّه سيكون سعيداً جداً ويكرِّس نفسه من أجل عمله.

وبالطبع يجب أن يكون لدى كل موظف دور هام ليؤديه في تقدُّم المؤسسة ونموِّها، وإلا فما هي الفائدة من توظيفه لديها؟ وصحيح أنَّ "الثقافة السلبية" تنطبق على نطاق واسع من الأمور، ومن ذلك أمور تُدمِّر ثقافة العمل، مثل التمسك بالآراء والتحرش، إلا أنَّ المؤسسة التي يفهم جميع أفرادها الرسالة الكلية لها واستراتيجيتها، والدور الذي يؤدونه فيها، من المرجح أن تكون ذات ثقافة إيجابية جداً.

إقرأ أيضاً: تأثير برامج تعزيز السعادة في بيئة العمل

إثارة اهتمام الموظفين بالرؤية التي تمتلكها المؤسسة:

إنَّ التركيز على أهمية رسالة المؤسسة ليس أمراً سهلاً على الدوام، وكذلك ربطها بما يقوم به الموظفون من أعمال. وهنا تأتي مهمة المديرين، والثقافة التنظيمية المبنية على التواصل الدائم والمنفتح.

التواصل المنفتح يعني أن يطَّلع الموظفون على خطط واستراتيجية المؤسسة؛ فيجب شرح كل قاعدة جديدة، وكل تغيير في سياستها أو في اتجاهاتها، وكل إجراء للتوسع أو التقشف من خلال علاقة تلك الإجراءات برسالة المؤسسة؛ كما يجب أن يملك الموظفون الفرصة للتواصل مع المديرين خلال الاجتماعات غير الرسمية، أو على الأقل من خلال طرح الأسئلة في الاجتماعات، ويجب الترحيب بأفكارهم ورؤاهم وتشجيعها والاستجابة لها.

ربما تكون محظوظاً جداً للعمل في هكذا مؤسسة ولكنَّ الكثيرين ليسوا كذلك؛ إذ يدرك اختصاصيو الموارد البشرية قيمة أن تملك المؤسسة ثقافة عمل إيجابية، وقيمة إدراك الموظفين للصلة بين العمل الذي يقومون به والهدف الذي تتجه إليه مؤسستهم، وكيف يُستثمَر عملهم في المؤسسة؛ إذ تشجع الثقافة الإيجابية إشراك الموظفين، الذي بدوره يدعم عملية الحفاظ على العاملين والإنتاجية؛ وذلك لأنَّ الموظفين يبذلون كل ما بوسعهم في العمل.

المصدر




مقالات مرتبطة