الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة: علاماته، وتأثيراته، وطرق التغلب عليه

الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة هو نوع من الإساءة العاطفية، والتي غالباً لا يتم التعرُّف إليها أو الإبلاغ عنها، فهذا النوع من سوء معاملة الأطفال ليس واضحاً دائماً؛ وذلك لأنَّ قلة من الناس يتحدثون عنه أو يعرفون العلامات التي يجب البحث عنها.



حيث يمكن أن يكون الإهمال العاطفي تجربة مدمرة، فلا تؤثِّر صدمة الطفولة هذه بإحساس الطفل بذاته وقدرته على الثقة وقدرته على بناء علاقات صحية فحسب؛ بل يمكن أن تؤثر أيضاً في صحة الطفل؛ حيث يمكن أن تنتقل آثار الإساءة النفسية إلى مرحلة البلوغ.

يشمل إهمال الطفل في الولايات المتحدة - مثلاً - الإهمال الجسدي والطبي والتعليمي والعاطفي؛ حيث إنَّ إهمال الوالدين الذي يسبب ضرراً للطفل من خلال نقص الرعاية أو الإشراف؛ هو عمل إجرامي كما هو محدد في القانون الفيدرالي لمنع إساءة معاملة الأطفال وعلاجها (Federal Child Abuse Prevention and Treatment Act) - قانون منع وعلاج إساءة معاملة الأطفال (CAPTA ،1996).

ما هو الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة (Childhood Emotional Neglect)؟

الإهمال العاطفي في مرحلة الطفول (CEN) هو فشل الوالدين في تلبية احتياجات طفلهم العاطفية خلال السنوات الأولى؛ حيث إنَّه ينطوي على تفاعلات عاطفية بين الأهل والطفل محدودة تعكس الاستهتار والغياب، فيتم تجاهل احتياجات الأطفال العاطفية للمودة أو الدعم أو الاهتمام أو الكفاءة.

يحدث الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة (CEN) أيضاً عندما يقوم الوالد أو مُقدِّم الرعاية الأساسي للطفل بتعريضه للعنف المنزلي الشديد أو يسمح للطفل بممارسة سلوكات خاطئة أو يرفض التماس العلاج لمشكلات الطفل العاطفية أو لا يوفِّر له البيئة المناسبة.

إنَّ الحرمان من الأم، مثل وضع الطفل في مؤسسات أو ملجأ للأيتام، هو أيضاً شكل من أشكال الإهمال العاطفي، فقد يعاني الأطفال في غياب آبائهم أيضاً من إهمال مماثل.

إقرأ أيضاً: الصحة النفسية للطفل: أهميتها، وطرق الاهتمام بها

آثار الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة:

الإهمال العاطفي للطفل هو شكل من أشكال سوء المعاملة النفسية، وهو أيضاً أحد أكثر أنواع الإساءة شيوعاً، فعلى الرغم من عدم وجود أحداث صادمة صريحة، فإنَّ التعرُّض للإهمال العاطفي كطفل، يمكن أن يكون ضاراً مثل سوء المعاملة.

تشير الدراسات إلى أنَّ الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة (CEN) قد يكون له تأثير سلبي واسع النطاق في الصحة العقلية بين جميع أنواع سوء معاملة الأطفال، فهو يرتبط بنتائج جسدية ونفسية وتعليمية معاكسة، وتشمل الآثار قصيرة الأمد لإهمال الطفولة زيادة خطر استيعاب الأطفال وسلوكهم الخارجي، فضلاً عن التأخير في النمو المعرفي والعاطفي.

اللوزة هي الجزء من الدماغ المسؤول عن تعلُّم الأهمية العاطفية؛ حيث تؤثر في رد فعل الإثارة للمحفزات البيئية، فعندما يعاني الطفل من أشكال حادة من الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة (CEN) في أثناء نمو الدماغ المبكر، مثل وضعهم في مؤسساتٍ تتولى تربيتهم عوضاً عن آبائهم، تصبح اللوزة أكبر حجماً وأكثر تفاعلاً؛ ونتيجة لذلك، يميل الأفراد الذين ربَّاهم الآباء المهملين إلى مشكلات صحية عقلية أسوأ على الأمد الطويل؛ بل هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض عقلية في سن 15، بما في ذلك تطور الاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب واضطراب القلق واضطراب الهلع والرهاب واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

والمراهقون الذين أُهمِلوا عاطفياً هم أكثر عرضة لسوء الأداء الأكاديمي وتعاطي المخدرات ومحاولات الانتحار، وغالباً ما يكون الإهمال العاطفي عابراً للأجيال؛ أي الكثير من الآباء والأمهات الذين أهملهم آباؤهم، يميلون إلى تبنِّي أساليب أبوية مماثلة عند تربية أطفالهم.

شاهد بالفديو: 7 نصائح ذهبية لتنمية الذكاء العاطفي عند الأطفال

علامات الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة:

على عكس الإهمال الجسدي أو الإساءة، لا تظهرُ أيَّة علامات خارجية بسبب الإهمال في التربية مثل الكدمات أو الإصابات، فعلى الرغم من الفروقات الفردية، يميل الأشخاص المُهمَلون عاطفياً إلى إظهار أنماط سلوكية معينة، وبالإضافة إلى ذلك، غالباً ما تكون تجارب الإساءة مصحوبة بأنواع أخرى من الإساءة، مثل الاعتداء الجسدي أو الاعتداء الجنسي، والتي تميل إلى إظهار علامات أكثر وضوحاً.

1. علامات تدل على الآباء المُهمِلين عاطفياً:

  • التحدُّث بنبرة باردة وغير ودية.
  • عدم الاستجابة لمشاعر الطفل.
  • تجاهل مشاعر الطفل.
  • عدم التحدث إلى الطفل كثيراً.
  • قضاء القليل من الوقت مع الطفل، وجعلهُ يشعر بأنَّه غير مرغوب فيه.
  • ردود فعل أقل إيجابية وقلة المديح.
  • قلة التعبير عن العاطفة.
  • قلة التفاعلات الاجتماعية الإيجابية.
  • عدم الاهتمام بحياة الطفل.
  • عدم الاهتمام بأنشطة الأطفال.
  • البحث باستمرارٍ عن الأخطاء التي يرتكبها الأطفال.
  • تجاهُل إشارات الطفل للمساعدة على حل المشكلات.
  • عدم تقديم أي تشجيع عندما يفشل الطفل في مهمة.
  • استخدام ألفاظ عدوانية لضبط الطفل.
  • إظهار أعراض الاكتئاب.
  • المعاناة من الإهمال العاطفي في طفولتهم.
  • نمط التعلُّق غير الآمن والتعلُّق غير المنتظم وفي الحالات القصوى، اضطراب التعلُّق.
  • إظهار نمط السلوك السلبي والانسحابي والعدواني مع والديهم.
  • التأخُّر في النمو والفشل في التقدم.
  • السلبية في أثناء التفاعلات بين الوالدين والطفل والغضب تجاه الوالدين.
  • تفاعُل اجتماعي أقل إيجابية بشكل ملحوظ.
  • التأخُّر في تطوير اللغة.
  • الغضب تجاه الوالدين في أثناء اللعب.
  • تجنُّب التعامل مع الأطفال الآخرين.
  • علاقات سيئة مع أقرانهم.
  • السلوك التخريبي والانفعالي، بما في ذلك العدوانية والاعتداء والمعارضة.
  • انخفاض الأداء الإدراكي.
  • تدني احترام الذات.
  • الخزي والذل ومشاعر عدم القيمة.
  • مشكلات في الانتباه.
  • معدلات تفكك أعلى.
  • المزيد من المشكلات السلوكية.
  • معرفة عاطفية أقل، وصعوبة في التعرُّف إلى الوجوه الغاضبة.
  • أعراض الاكتئاب.
  • في الحالات الشديدة، تظهر على الطفل أعراض تشبه التوحد، مثل التأرجح النمطي أو التهدئة الذاتية.
إقرأ أيضاً: الذكاء العاطفي ودور الأسرة في تكوينه

2. علامات الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة (CEN) عند الأطفال:

اعلَم أنَّ الطفل المُهمَل عاطفياً يحتاج إلى تقييم من قبل متخصصين مؤهلين، فإذا كنت تشك أو لاحظت علامات الإهمال، فأبلغ السلطة في أقرب وقت ممكن.

كيف تتغلب على الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة؟

يمكن أن يكون لسوء معاملة الأطفال و"تجارب الطفولة السلبية" (Adverse Childhood Experiences) تأثير كبير في سلامة الشخص البالغ، ويمكن أن تؤثر التجارب العاطفية للطفل في علاقاته المستقبلية مع البالغين.

ويمكن أن يساعد العلاج الأُسري مع اختصاصيي الصحة العقلية المدرَّبين كُلاًّ من الوالدَين المُهمِلَين والطفل المُهمَل؛ حيث يمكن أن يساعد علاج الآباء على فهم التأثير الشديد لإهمالهم، ويمكن للمعالج أيضاً تعليم الطفل آلية التأقلم المناسبة، فمن خلال التدخُّل المبكِّر، يمكن تعديل السلوكات التي تؤدي إلى الإهمال وتصحيحها، وعادةً ما تتحسن أعراض الإهمال في مرحلة الطفولة عندما يتمُّ رعاية الأطفال المُهمَلين فيما بعد من قِبل أفراد الأسرة المحبين، خاصة قبل سن الثانية.

حيث يمكن للوالدين الذين تعرضوا لتجارب إهمال مبكرة في طفولتهم، أن يستفيدوا أيضاً من الدعم العاطفي؛ حيث أَظهرت إحدى الدراسات أنَّ التغلب على الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة يمكن تحقيقه من خلال تقديم المشورة للوالدين عبر منظمات معنية بهذا الأمر؛ حيث تتمتع خيارات العلاج هذه بمعدلات نجاح عالية نسبياً.

المصدر




مقالات مرتبطة