الإشراف التربوي ودوره في العملية التعليمية

تشترك نظم التعليم المختلفة في العالم في السعي نحو تجويد التعليم ومخرجاته، وفي سبيل ذلك تعمل على تطوير المنظومة التعليمية بكافة مكوناتها من بينها ميدان الإشراف التربوي الذي يحتل مكانة مرموقة في العملية التعليمية، فهو الذي يمتلك مفاتيح نجاح هذه العملية ويضع الخطط التربوية موضع التنفيذ ويوفر البيئة والمناخ المناسبَين لجميع أجزاء العملية التعليمية لتحقيق الأهداف التربوية المنشودة.



الإشراف التربوي خدمة تربوية فنية مستمرة تقوم على التعاون بين مختلف مكونات المنظومة التعليمية، فهو ركيزة أساسية من ركائزها؛ إذ يعمل على تعديل المسارات الخاطئة وتصحيحها لتحقيق أفضل النتائج في الحقل التعليمي، ووظيفة الإشراف التربوي ليست مسألة حديثة؛ بل هي قديمة؛ إذ تطورت هذه العملية من نظام تفتيش يقوم على أساس مراقبة عمل المعلمين والبحث عن تصيُّد أخطائهم إلى عملية توجيه تقوم على أساس التعاون المتبادل بين كل من المشرفين والمعلمين بهدف رفع كفاياتهم التعليمية، ومن ثم انتقلت إلى مرحلة تالية وهي الإشراف التربوي التي تهدف - إضافة إلى رفع كفاءتهم ومهاراتهم - إلى حل المشكلات التعليمية التي تواجههم واتباع أساليب منهجية علمية في حلها.

تعريف الإشراف التربوي:

الإشراف التربوي عملية تربوية إنسانية في المقام الأول تهدف إلى تحسين كل من عمليتي التعلم والتعليم من خلال توفير مناخ العمل الملائم وتقديم الخبرات لجميع أطراف العملية التعليمية، فهي عملية تتطلب العمل الدؤوب والاطلاع الواسع والمشورة والمساعدة على أساس الاحترام والتعاون لتذليل كافة الصعوبات، ويعرَّف الإشراف التربوي كما ورد في الأدبيات التربوية:

  1. عبارة عن مجموعة من النشاطات المدروسة التي يتقدم بها تربويون متخصصون لمساعدة المعلمين على تنمية ذواتهم وتحسين ممارساتهم التعليمية والتقييمية داخل غرفة الصف وخارجها، وتذليل جميع الصعوبات التي تواجههم ليتمكنوا من تنفيذ المناهج المقررة وتحقيق الأهداف المرسومة؛ بهدف إحداث تغييرات مرغوبة في سلوك التلاميذ وطرائق تفكيرهم.
  2. "تيسير الدويك" وزملاؤه في كتاب "أسس الإدارة المدرسية والتربوية والإشراف التربوي": عملية قيادية تعاونية منظمة تعنى بالموقف التعليمي التعلمي بجميع عناصره من منهاج ووسائل وأساليب بيئية ومعلم وتلميذ، وتهدف إلى دراسة العوامل المؤثرة في ذلك الموقف وتقييمها للعمل على تحسين التعلم وتنظيمه ومن أجل تحقيق أفضل الأهداف للتعليم والتعلم.
  3. الإشراف في التعليم هو عملية توجيه وتقييم نافذ للعملية التعليمية، وهو عملية قيادية ديمقراطية تعاونية منظمة تتطلب الثقة والتقدير المتبادلين بين المشرف والمعلم وتعنى بالموقف التعليمي بجميع عناصره من مناهج ووسائل وأساليب وبيئة ومعلم وطالب، وتهدف إلى النهوض بعمليتي التعلم والتعليم، وتُدرس من خلالها العوامل المؤثرة في الموقف التعليمي وتقوَّم للعمل على تحسينها وتنظيمها من أجل تحقيق أفضل أهداف التعلم والتعليم.
  4. "محمد حامد الأفندي" في كتابه "الإشراف التربوي": الإشراف التربوي هو الجهود الدائمة المنظمة التي ترمي إلى مساعدة المدرس وتوجيهه وتشجيعه على تنمية ذاته التي تتحقق بعمله الدائب المتواصل على أسس سليمة مع تلاميذه لتحقيق الأهداف التربوية المطلوبة.
  5. الإشراف التربوي عبارة عن نظام إداري متكامل العناصر له مدخلاته وعملياته ومخرجاته، ويرى أنَّ نظام الإشراف الجيد هو الذي يعمل على تطوير الإشراف التربوي، وذلك من خلال الأخذ بالبعد البنائي والبعد الثقافي والبعد التكاملي وبعد الفاعلية، وأنَّ هذا النظام الذي يتناول هذه الأمور يكون أكثر فاعلية في تحقيق الأغراض المراد تحقيقها.

شاهد بالفديو: 12 نصيحة لتسريع عملية التعلم

وظائف الإشراف التربوي:

  1. يساعد الإشراف التربوي المعلمين على الفهم الصحيح للأهداف التربوية وإدراك دور المدرسة الحقيقي والوظائف التي يجب أن تقوم بها لإتمام دورها بالشكل الصحيح.
  2. إجراء الأبحاث التربوية وإقامة الدورات التدريبية لتنمية مهاراتهم وقدراتهم وتطويرها باستمرار.
  3. تعريف أعضاء الهيئة التعليمية والإداريين العاملين في المجال التربوي إلى الاتجاهات التربوية الحديثة وآخر التطورات في المجال التربوي والتعريف بالطرائق والأساليب التدريسية الحديثة وتطوير مهاراتهم وتزويدهم بالمعارف المناسبة حسب اختصاص كل منهم.
  4. اكتشاف الميول والمواهب الخاصة للمعلمين والعاملين في المجال التعليمي والعمل على تطويرها وتنميتها.
  5. تزويد المعلمين بالخبرات المختلفة لا سيما المعلمين الضعفاء وكذلك المعلمين الجدد في الميدان التعليمي وتعريفهم إلى أهم المصادر التعليمية ومستجدات التكنولوجيا وأساليب البحث للاستفادة منها في تطوير ذواتهم والرفع من مهاراتهم.
  6. متابعة مستويات الطلاب التعلمية ونواحي نموهم المختلفة ووضع الخطط الكفيلة الخاصة بعلاج نقاط الضعف التي تظهر لديهم.
  7. تذليل الصعوبات المهنية من خلال إتاحة الفرصة للمعلمين للتعاون معاً وعقد الورشات الكفيلة بتحقيق ذلك.
  8. دراسة واقع المنهاج التعليمي والعمل على تطويره بحيث يلائم التطورات التي تحدث في المجتمع، إضافة إلى جعله يلائم ميول الطلاب واهتماماتهم.
  9. تشجيع المجتمع على تحقيق التواصل الفعال مع المدرسة وإدارتها والمعلمين.
  10. مساعدة المعلم على معرفة كيفية التعامل مع الطلاب وتعريفه بالأساليب التي يمكن أن يستخدمها لمراعاة الفروق الفردية بين الطلاب.
  11. توجيه المعلمين وحثهم على وضع الخطط السليمة الموضوعية وفقاً للأسس العلمية وتناسب الموقف التعليمي التي توضع خصيصاً من أجله.
  12. توفير متطلبات ومستلزمات العملية التعليمية وما تحتاجه من موارد بشرية وموارد مادية وتوظيفها في خدمة الإدارة والمدرسة والمعلمين والطلاب.
  13. الاهتمام بنمو التلميذ من كافة النواحي العلمية والمعرفية والمهنية والاجتماعية والحياتية المختلفة والتأكد من بلوغه الأهداف التربوية الموضوعة من أجله.
  14. علاج المشكلات الطارئة التي يمكن أن تحدث في السلك التعليمي وفي المجال التربوي عامةً.
  15. إعداد التقارير الدورية والدراسات الإحصائية لمكونات العملية التعليمية من أجل تقييمها ومعالجتها.
إقرأ أيضاً: صعوبات التعلم عند الأطفال وأهم الطرق لتحسين قدراتهم العقلية

أنواع الإشراف التربوي:

  1. الإشراف التفتيشي: يقوم على عنصر المفاجأة بهدف تصيد الأخطاء؛ إذ يعمد إلى الزيارة الصفية للمعلم في أثناء قيامه بإعطاء درسه ومراقبته عن قرب، ومن ثم يعمد إلى كتابة ما لاحظه في تقرير يستخدمه في تقييم المعلم.
  2. الإشراف التصحيحي: يقوم على ملاحظة الأخطاء التي يقع فيها المعلم ومناقشته بها ومعالجة الموقف مباشرة دون اللجوء إلى كتابة أي تقرير عن عمل المعلم، فمن مزايا هذا الأسلوب احترام المعلم وعدم الإساءة إليه؛ بل هذا النوع هو عملية بنَّاءة تصحيحية لعمل المعلم.
  3. الإشراف القيادي: هنا يُعَدُّ الطالب محور العملية التعليمية؛ إذ تتعاون جميع الأطراف المعنية بعملية الإشراف التربوي لتحقيق جميع الأهداف المرتبطة بالطالب وتعليمه ونموه.
  4. الإشراف الوقائي: يهدف هذا النوع إلى التنبؤ بالصعوبات والمعوقات التي تواجه المعلمين ومحاولة التخفيف من أضرارها قدر الإمكان، وترك باب الحوار والنقاش مفتوحاً لمساعدة المعلم على تقييم نفسه.
  5. الإشراف العلمي: هو نوع من الإشراف يعتمد على القياس الموضوعي في عمله ويبتعد عن ذاتية المشرف.
  6. الإشراف الديمقراطي: هو الذي يقوم على أساس تقدير المعلم واحترام شخصه وتذليل الصعاب التي يواجهها.
  7. الإشراف الإبداعي: هو الذي يشجع على الابتكار والتميز في العمل ويشجع أساليب البحث العلمي.

أساليب الإشراف التربوي:

1. الزيارة الصفية:

هي أسلوب إشرافي فردي يتيح الفرصة للمشرف لمشاهدة سير العملية التعليمية؛ إذ يرى على أرض الواقع الطرائق والأساليب التي يستخدمها المعلم في التدريس، كما يطلع على التحديات التي تعوقه عن تحقيق الأهداف المحددة، وتقسم الزيارة الصفية إلى أنواع عدة أهمها:

  • الزيارة الاستطلاعية: يتأكد من خلالها من ممارسة كل معلم عمله وفقاً لاختصاصه؛ أي يركز على توزيع المعلمين حسب اختصاصاتهم.
  • الزيارة التوجيهية: لتزويد المتعلم بالخبرات والمعارف والمعلومات الجديدة.
  • الزيارة التوضيحية: لنقل مستجدات العلم الحديث وعلاقته بأساليب تدريسه.
  • الزيارة التقييمية: لتقييم أداء المعلمين الصفي.
  • زيارة المتابعة: للاطلاع على سير العملية التعليمية وتلقي الاقتراحات من قِبل المعلمين.

شاهد بالفديو: 7 طرق مثبتة لتقوية الذاكرة طويلة الأمد

2. المداولات الإشرافية:

هي عبارة عن الأحاديث التي تدور بين المشرف التربوي والمعلم المتعلقة بالقضايا التربوية، وقد تكون هذه المناقشات قصيرة أو موجزة أو مرتبة بشكل من الأشكال.

3. الزيارات التبادلية:

هي أسلوب يقوم على تبادل المعلمين الزيارة بين بعضهم ليستفيد كل منهم من معارف وخبرات الآخر.

4. الدروس التطبيقية:

هي نشاط صفي ودرس نموذجي يقوم به المشرف التربوي أو أحد المعلمين المميزين داخل أحد الصفوف العادية وبحضور عدد من المعلمين الآخرين، وذلك لأهداف عدة منها تجربة طريقة علمية جديدة أو شرح أساليب تقنية فنية أو وسائل تعليمية جيدة وما إلى ذلك.

5. الورشة التربوية:

هي نشاط تربوي عملي جماعي تحت إشراف قيادة تربوية من ذوي الخبرة المهنية الواسعة من أجل تجريب أحسن طرائق التدريس أو دراسة مشكلة تربوية أو إنجاز عمل تربوي محدد مثل تحليل وحدة دراسية وأهدافها وإنتاج الوسائل التعليمية الخاصة بها.

إقرأ أيضاً: الإبداع في العملية التربوية - وسائله ونتائجه

6. النشرات الإشرافية:

هي وسيلة اتصال كتابية بين المشرف التربوي والمعلم، وتحتوي على مجموعة من التعليمات والمعلومات التي تهدف إلى إطلاع المعلمين على نشاطات تعليمية معينة.

7. القراءات الموجهة:

أسلوب إشرافي يقوم على تحفيز المعلمين لممارسة القراءة الخارجية المتعلقة بالممارسات التربوية واقتناء هذه الكتب وتبادلها بحيث تكون عملية مدروسة لتوجيه المعلم لاختيار كتب بعينها والاستفادة منها في تعليم التلاميذ.

8. الندوات التربوية:

هي اجتماع منظم يضم مجموعة من القادة التربويين؛ إذ يتناولون قضية ما من قضايا التربية، ومن ثم يفتحون باب الحوار والنقاش لتبادل الآراء حولها.

في الختام:

تعبِّر عملية الإشراف التربوي عن الجهود المنظمة التي يبذلها المتخصصون في التربية في الحقل التربوي بهدف تحسين العملية التعليمية ودفعها باتجاه تحقيق الأهداف المرغوبة؛ إذ يتم بواسطة هذه العملية تشخيص كل من نقاط القوة والضعف لدى المعلمين وإعداد الخطط لتعزيز جوانب القوة وعلاج جوانب الضعف، فهذه العملية هامة من أجل تنمية المعلمين ثقافياً وسلوكياً ومهنياً وكل ما من شأنه المساعدة على رفع مستوى العملية التعليمية.




مقالات مرتبطة