الإدارة الفعالة تبدأ بالمديرين

في مرحلة مبكِّرة من مسيرتي المهنية رُقِّيتُ إلى منصب إداري إقليمي، ونُقِلتُ إلى "بوسطن" (Boston)، فكنت مسؤولاً عن جميع عمليات الخدمة في 15 مكتباً في جميع أنحاء "نيو إنجلاند" (New England)، شمال مدينة "نيويورك" (New York) وشمال شرق "بنسلفانيا" (Pennsylvania)؛ وقد كنت محظوظاً لوجود 6 مديرين في هذه المكاتب يقدمون الدعم لأكثر من 50 موظفاً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدير التنفيذي "ريتشارد ديفيس" (Richard Davis) ويتحدث فيه عن دور المديرين في الإدارة الفاعلة.

بعد فترة وجيزة من انتقالي إلى إحدى ضواحي "بوسطن"، بدأت بالقيام بجولات على هذه المكاتب، والتعرف إلى الموظفين، وتقييم أسلوب الإدارة ومدى كفاءة الموظفين التابعين لي، وبغض النظر عن المعلومات التي تلقيتُها من الآخرين، قيَّمتُ المديرين على فرض أنَّني لا أعرف عنهم شيئاً؛ إذ أردتُ أن أعرف منهم مباشرةً عن كفاحهم ونجاحاتهم ووجهات نظرهم حول أفضل طريقة لتقديم خدمة ذات مستوى ممتاز مع تطوير فِرق عمل عالية الأداء.

كان من الواضح وجود نقص في الدعم الإداري المطلوب، وكان كل مدير يعمل وفق منهجية يرى أنَّها الأفضل، لكن لم يكن هناك منهجية موحَّدة في جميع المكاتب.

كان معظم الموظفين لا يعرفون الغاية التي يأتون من أجلها إلى العمل وكيف أنَّ علمهم يؤدي إلى نجاح الشركة. لقد آلمني أنَّ الكثير من الموظفين المجتهدين والمهتمين كانوا يؤدون عملهم فحسب دون بذل الكثير من الجهد، وفي غضون 3 أشهر من استلامي للمنصب الجديد استبدلت 5 مديرين من أصل 6. قد يبدو للوهلة الأولى إجراءً تعسُّفياً، ولكن هنا كان يكمن الدرس والغرض من الوظيفة التي عُيِّنت فيها.

أعتقد بشدة أنَّ المسؤولية الأساسية للمدير هي توفير جميع الوسائل والموارد وأنواع الدعم والتشجيع لمساعدة كل موظف يعمل تحت إدارته ليحقق النجاح والسعادة؛ لذلك لا ينبغي أن يتفاجأ أي موظف عندما يتم الاستغناء عن خدماته، ولم يتفاجأ أي من المديرين الذين أقلتهم من مناصبهم بهذا القرار، وإليكم السبب:

1. كان من المتوقع اتخاذي لهذا القرار بعد التواصل مع المديرين:

لقد أمضيتُ وقتاً طويلاً مع كل مدير من المديرين في مناقشة ما يحتاجه كل مكتب من إجراءات تساعد على إنجاح العملية بأكملها، لقد قمنا بمراجعة تفصيلية للخطة التي وضعوها، التي كانوا يعتقدون أنَّها الأنسب لتحقيق الأهداف، وما هو المطلوب منِّي لكي تتكلَّل جهودهم بالنجاح، وما هي المعايير التي سنستعملها لقياس النجاح، لقد حرصتُ على معرفة الإجابات عن الأسئلة الأكثر أهمية، ووافق الجميع على الخطة التي وضعناها معاً.

شاهد: أهم مهارات مدير الموارد البشريّة

2. كان هناك تواصل إيجابي ومستمر:

أوضحتُ أنَّ زياراتي لكل مكتب من المكاتب هي بهدف تقييم الأداء وإعادة التوجيه عند الضرورة وتقديم الدعم والتشجيع، وكنتُ أسأل عمَّا يمكنني فعله للمساعدة خلال كل حديث مباشر أو اتصال هاتفي؛ لذلك لم يكن هناك شك أنَّني أردتُ النجاح لكل واحد من المديرين الستة.

3. كان كل مدير يخضع للمساءلة بخصوص الأداء:

شجَّعتُ كل واحد من المديرين على أن يتعامل مع كل مكتب من هذه المكاتب على أنَّه مشروعه التجاري الخاص، وذلك بهدف تشجيعهم على التحلِّي بالمسؤولية الشخصية عن كل موظف يعمل تحت قيادتهم. مع العلم أنَّني كنت أصغي دوماً إلى الأسباب التي يتم تقديمها بخصوص عدم إنجاز عمل ما أو حدوث خطأ ما، ولكنَّ ذلك لم يكن يعفي المديرون من المساءلة حول الأداء أو القضايا التي كانت تخضع لسلطتهم المطلقة.

4. كانت هناك عقوبات تُفرَض بحق المديرين عند التقصير في الأداء أو السلوك الخاطئ:

على الرَّغم من صعوبة الأمر، لكنَّني تابعت ما بدأت به منذ البداية، لم أكن متناقضاً أبداً، وعندما كنت ألوِّح بعقوبة حول خطأ ما، فقد كنت أفرضها في حال حدوث الخطأ. ومع ذلك، كنت أتسامح عندما كانت هناك ظروف خارجة عن إرادة المدير ساهمت بنسبة ما في حدوث الخطأ، وكنت دائماً أتوخَّى العدل عند فرض العقوبة، لكنَّني دائماً كنت أفعل ما أتوعَّد به.

على مدى السنين، قدَّمتُ الكوتشينغ للآخرين لاتِّباع هذا الأسلوب في إدارة المواهب بشكل فعَّال؛ لأنَّني كنت دوماً مهتماً بالأشخاص الذين يعملون تحت إدارتي، وأردت دوماً أن يكون الموظف ناجحاً وسعيداً في عمله، لذلك كنت أتَّبع هذه الصيغة في الإدارة. إنَّه ليس أسلوباً سهلاً، ولكنَّه كفيل بخلق فِرق عمل عالية الأداء، فيها موظفون موهوبون وذوو حس مبادرة عالٍ. وتحقيق هذا الهدف يجعل العمل ممتعاً للجميع والنتيجة تستحق الجهد المبذول.

المصدر: 1




مقالات مرتبطة