الإبداع: كيف تحرر عبقريتك الإبداعية الدفينة؟

كيف يعمل الإبداع؟ وكيف تجد عبقريتك الإبداعية الدفينة؟ وكيف تجعل عملك هادفاً من خلال جعل التفكير الإبداعي عادة لديك؟



ستجد في هذا المقال كل شيء تحتاج إلى معرفته للبدء بإتقان الإبداع، حتى لو لم يكن لديك الكثير من الوقت.

ما هو الإبداع؟

تتمحور العملية الإبداعية حول بناء روابط جيدة بين الأفكار القديمة أو التعرُّف على العلاقات بين المفاهيم؛ فهو لا يتعلق بابتكار شيء جديد من لوحة فارغة، لكنَّه بالأحرى الاعتماد على ما هو موجود بالفعل، وتجميع الأجزاء والقطع بطريقة لم يقم بها أحد سابقاً؛ ومع أنَّ الإبداع ليس بالأمر السهل، إلَّا أنَّ جميع الأفكار العظيمة تقريباً نتجت عن عملية إبداعية مماثلة.

نشر مدير إعلاني يُدعَى جيمس ويب يونغ (James Webb Young) في عام 1940 دليلاً موجزاً بعنوان: "تقنية لإنتاج الأفكار" (A Technique for Producing Ideas)، حيث يعتقد أنَّ سياق العملية الإبداعية دائماً ما يمر بخمس خطوات هي:

  • تجميع مادة جديدة: عليك في البداية أن تتعلم وتركز خلال هذه المرحلة على:
    • تعلُّم مادة محددة تتعلق بمَهمَّتك مباشرة.
    • تعلُّم مواد عامة من خلال إعجابك بمجموعة واسعة من المفاهيم.
  • العمل بصورة شاملة على المواد الموجودة في ذهنك: يجب عليك خلال هذه المرحلة مراجعة ما تعلمته مسبقاً؛ وذلك من خلال النظر إلى الحقائق من زوايا مختلفة، وتجريب الأفكار المختلفة المتلائمة مع بعضها بعضاً.
  • الابتعاد عن المشكلة: يمكنك هنا إخراج المشكلة من ذهنك تماماً وفعل شيء آخر يثير حماستك ونشاطك.
  • ترك فكرتك تعود إليك: بعد أن تتوقف عن التفكير في الأمر، ستعود فكرتك إليك مع وميض من الرؤية والطاقة المتجددة.
  • تشكيل وتطوير فكرتك بالاعتماد على التغذية الراجعة: لإنجاح أي فكرة، عليك أن تطرحها على العلن، وتُخضِعها إلى النقد، ومن ثم تُعدِّلها وفق الحاجة.
إقرأ أيضاً: من أجل دماغ أكثر إبداعاً، اتبع هذه الخطوات الخمس

هل يأتي الإبداع بالفطرة؟

غالباً ما نفكر في الإبداع كمهارة طبيعية يمتلكها بعض الناس، إلَّا أنَّ الأبحاث تشير إلى أنَّه مهارة مكتسبة يمكن تعلُّمها؛ ووفقاً لأستاذة علم النفس باربرا كير (Barbara Kerr): "يرجع نحو 22 بالمئة فقط من التباين في الإبداع إلى تأثير الجينات"، وقد توصَّلت إلى هذا الاكتشاف عن طريق دراسة الاختلافات في التفكير الإبداعي بين مجموعات من التوائم.

يوضح ما سبق أنَّ "عدم امتلاك موهبة إبداعية" ما هو إلَّا حجة واهية لتجنب التفكير الإبداعي؛ إذ من المؤكد أنَّ بعض الناس مهيؤون ليكونوا أكثر قدرة على الإبداع من غيرهم، إلَّا أنَّ الجميع تقريباً يُولَدون بمستوى معين من المهارة الإبداعية؛ كما أنَّ معظم قدراتنا على التفكير الإبداعي قابلة للتدريب والتحسين.

3 دروس حول الإبداع من مشاهير مبدعين:

1. روتين الـ 15 دقيقة الذي اتبعه أنتوني ترولوب (Anthony Trollope) لكتابة أكثر من 40 كتاب:

لقد كتب ترولوب روايته الأولى عام 1847، وقد كانت نقطة انطلاقه للكتابة بوتيرة مذهلة؛ حيث نشر على مدى الـ 38 عاماً التالية 47 رواية و18 عملاً غير روائي و12 قصة قصيرة ومسرحيتين ومجموعة متنوعة من المقالات والرسائل؛ فقد اتبع استراتيجية بسيطة جعلت منه منتجاً جداً، وبإمكاننا جميعاً السير على خطاه.

إقرأ أيضاً: روتين الـ 15 دقيقة: استراتيجية أنتوني ترولوب في التأليف

2. الاستراتيجية الغريبة التي استخدمها الدكتور سوس (Seuss) لابتكار أعظم أعماله:

تحدَّى مؤسس شركة "راندوم هاوس" (Random House) للنشر في عام 1960 الدكتور "سوس" لكتابة كتاب ترفيهي للأطفال باستخدام 50 كلمة مختلفة فقط؛ وكانت نتيجة هذا التحدي كتاباً صغيراً يُسمَّى (Green Eggs and Ham).

3. كيف يخرج العباقرة بأفكار عظيمة:

قال الكاتب المشهور "ماركوس زوساك" (Markus Zusak) أنَّه أعاد كتابة الجزء الأول من كتابه الشهير "سارق الكتاب" (the Book Thief) من 150 إلى 200 مرة؛ وتدلنا أخلاقيات عمله هذه وتفانيه على الطريقة التي يتوصل بها العباقرة المبدعون إلى ابتكار أفكار رائعة.

كيف تكون مبدعاً؟

الخطوة 1، السماح لنفسك بابتكار أشياء تافهة:

يجب أن تسمح لنفسك بابتكار أشياء لا قيمة لها في أي مسعى إبداعي، فلا مفر من القيام بأمور لا طائل منها؛ إذ قد تكتب أحياناً 4 صفحات مريعة فقط كي تحصل على جملة واحدة جيدة تستفيد منها لاحقاً.

إنَّ خلق شيء مفيد وجذاب أشبه بالعمل في منجم ذهب، حيث عليك أن تدخل في أكوام من التراب والصخور والطين للعثور على سبيكة من الذهب؛ لكن تأكد أنَّ الكثير من الأفكار الإبداعية ستجد طريقها إليك إذا سمحت للإلهام بالتدفق.

الخطوة 2، الإبداع وفق جدول زمني:

لن تتكشَّف عبقريتك الإبداعية دون إرغام نفسك على الابتكار باستمرار؛ فممارسة مهنتك مراراً وتكراراً هي الطريقة الوحيدة لتصبح جيداً فيها؛ إذ إنَّ الشخص الذي يجلس وينظِّر حول الكتاب الأكثر مبيعاً لن يكتبه أبداً، في حين يتعلم الكاتب الذي يجلس في كرسيه ويداه على لوحة المفاتيح كيف يقوم بالعمل.

لا تترك الأمر اختيارياً إذا كنت ترغب في إنتاج أفضل أعمالك الإبداعية، ولا تستيقظ في الصباح وتقول: "أتمنى أن أشعر بالإلهام لابتكار شيء ما اليوم"؛ ذلك لأنَّ كل ما عليك القيام به هو التوصل إلى قرار؛ لذا ضع جدولاً زمنياً لعملك.

الخطوة 3، إنهاء شيء ما:

أنهِ شيئاً ما، وتوقَّف عن البحث والتخطيط والاستعداد للقيام بالعمل، وقم به فحسب؛ إذ لا يهم كم سيكون عملك جيداً أو سيئاً، فلا شيء ينجح من المحاولة الأولى، وكل ما عليك فعله هو أن تثبت لنفسك أنَّ لديك كل ما يلزم لإنتاج شيء ما.

لا يوجد فنانون أو رياضيون أو علماء أصبحوا عظماء عن طريق إنهاء نصف عملهم فقط؛ لذلك توقف عن الجدال ومناقشة ما عليك القيام به، وابدأ بفعل شيء ما.

الخطوة 4، التوقف عن إطلاق الأحكام على عملك:

يناضل الجميع لابتكار أمور عظيمة، بما فيهم الفنانون والمهندسون وغيرهم من أصحاب المهارات المتميزة، وربَّما يطلق هؤلاء الأحكام على أعمالهم بصورة منتظمة.

إنِّه لمن الطبيعي أن تحكم على عملك، وتشعر بخيبة الأمل لأنَّ ابتكارك لم يكن رائعاً كما كنت تأمل أن يكون، أو لأنَّك لا تحرز تقدماً في حرفتك؛ لكنَّ المفتاح هو ألَّا تدع استياءك يمنعك من الاستمرار بالقيام بالعمل، وأن تتعاطف بما يكفي مع ذاتك حتى لا تترك مجالاً لسيطرة الأحكام الذاتية عليك.

من المؤكد أنَّك تهتم بعملك، لكن لا تكن جاداً جداً بشأنه لدرجة تمنعك من الضحك على أخطائك والاستمرار في إنتاج الشيء الذي تحبه، ولا تدع إطلاق الأحكام يقف عائقاً أمام الإبداع.

الخطوة 5، تبنِّي المساءلة:

شارك عملك علناً، حيث سيجعلك موضع مساءلة لابتكار أفضل أعمالك، ويزودك بالتغذية الراجعة اللازمة للقيام بعمل أفضل؛ وعندما ترى أنَّ الآخرين يهتمون بما تبتكره، يلهمك هذا ويجعلك تهتم أكثر.

قد يعني مشاركة عملك أحياناً أنَّ عليك التعامل مع أشخاص كارهين ومنتقدين، لكنَّ الشيء الوحيد الذي يحدث غالباً هو أنَّك تجمع الناس الذين يؤمنون بالأشياء نفسها التي تؤمن بها، أو يتحمسون للأشياء نفسها التي تتحمس لها، أو يدعمون العمل الذي تؤمن به؛ ومَن منَّا لا يريد ذلك؟

تذكر أنَّ ما يبدو بسيطاً بالنسبة إليك غالباً ما يكون رائعاً بالنسبة إلى شخص آخر، لكنَّك لن تعرف هذا أبداً إلَّا في حال اخترت مشاركة أعمالك مع الآخرين.

إقرأ أيضاً: 5 أشياء تساهم في قتل روح الإبداع

كيف تكتشف عبقريتك الإبداعية؟

قم بالعمل، وأنهِ شيئاً ما، وتلقَّ التغذية الراجعة، وابحث عن طرائق للتحسين، واستمر في العمل يومياً، وكرر هذا لمدة عشر سنوات أو أكثر؛ فما الإلهام إلَّا حصيلة جهد وتعب مستمر.

 

المصدر




مقالات مرتبطة