الإبداع في ظل الفوضى: ازدهار جيل الألفية في ثقافة عمل تتحلى بالصراحة

إنَّ الاستثمار في نجاح جيل الألفية لم يعد طلباً أو استعطافاً لإرضاء القوى العاملة الناشئة بعد الآن؛ إذ يمثل جيل الألفية جزءاً هاماً من القوة العاملة الحالية، وتؤكد 30% من الشركات ذات النمو المرتفع أنَّ المهنيين الشباب يشغلون مناصب قيادية في مؤسساتهم.



من أجل توظيف أفضل الأشخاص، وكذلك الاحتفاظ بالأفضل منهم، يتعين على المؤسسات تلبية الاحتياجات التنموية والمهنية لموظفي جيل الثمانينيات والتسعينيات (Gen Y).

تكييف بيئة العمل مع احتياجات جيل الألفية:

قد يبدو التواصل والشفافية بالنسبة إليهم مسعى صعب الوصول إليه عندما تكون الوسائط التقليدية، مثل البريد الإلكتروني والهياكل الهرمية موجودة منذ عقود؛ إذ إنَّ دمج بعض التغييرات في مؤسستك سيؤدي إلى الإبداع عندما تحتاج إلى تنظيم العمل اليومي للقوى العاملة من جيل الألفية.

قد يدهشك ما يحدث عند تكييف بيئة العمل لتتلاءم مع احتياجات أخلاقيات العمل المهنية الناشئة؛ فقد أظهرت الدراسات أنَّ التكتيكات مثل ساعات العمل المرنة، والعمل عن بُعد، والإجازات غير المحدودة يمكن أن تؤثر جميعها تأثيراً إيجابياً في الإنتاجية واندماج الموظفين والثقافة التنظيمية.

لكن لسوء الحظ، ليست كل الشركات مهيَّأة للتعامل مع بيئات العمل البديلة هذه، وسواء كان أبناء جيل الألفية يعملون في المكتب أم خارجه، فإليك كيفية تنظيم أيامهم:

التواصل:

في حين أنَّ الأعمال التقليدية تتمحور حول البريد الإلكتروني والاجتماعات الرسمية بوصفها معياراً للتواصل، إلا أنَّ جيل الألفية ليس حريصاً بالضرورة على جميع الإجراءات الشكلية، كما أنَّ مديري التوظيف يدركون مقدار انفصالهم عن بيئة العمل؛ إذ يوافق 38% منهم على أنَّ جيل الألفية غير معتادين على بيئة العمل القياسية.

مقارنةً بما كان عليه الحال قبل بضعة عقود من الزمان، فقد تقلصت فترات انتباهنا مع فيض المعلومات، وقد استجابت التكنولوجيا لذلك، باستثناء البريد الإلكتروني؛ فمع أنَّه ما يزال وسيلة تواصل حيوية، إلا أنَّ الطريقة التي نستخدمه بها يجب أن تتغير استجابةً لاحتياجات المهنيين الناشئين.

إن كنت تظن أنَّ الموظفين سيفهمون رسالة البريد الإلكتروني الطويلة التي أرسلتها، فهذا ليس منطقياً بعد الآن؛ إذ قالت "لويز إيفانز" (Louise Evans)، المديرة العالمية للاتصالات والتسويق في "دنتسو إيجيس نيت وورك" (Dentsu Aegis Network): "ليس من الجيد إرسال بريد إلكتروني طويل يقول: "لقد أنجزنا إي (A)، بي (B)، سي (C)، والآن سنبدأ بإكس (X)، واي (Y)، زد (Z)؛ وذلك لأنَّ الموظفين لن يقرؤوها، فهم لا يملكون الوقت أو الطاقة، والجيل واي (Generation Y) غير معتاد على استيعاب المعلومات بهذه الكمية".

لقد واصلت "لويز" التعبير عن مقدار أهمية مراعاة شروطهم عند التواصل، وفي صميم تغيير كيفية استخدام البريد الإلكتروني - في أجزاء صغيرة الحجم - فهذا حتى ليس لمصلحة الجيل واي، ومن أجل التعبير عن احتياجات العمل بوضوح، يجب تحويل الأهداف والأولويات إلى لغة يستخدمها ويفهمها الموظفون ويمكن استيعابها.

سواء كنت تعقد اجتماعاتٍ دائمة أم تقوم بجلسات عبر تطبيق "سكايب" (Skype)، أم تتواصل عن طريق المكالمات المسجلة أم عن طريق نظام المراسلة الفورية للعمل، أم تستخدم أياً من بدائل الاتصال، ضع في حسبانك أنَّ الطريقة التي تستخدمها يجب أن تناسب جميع موظفيك؛ إذ إنَّ الشركات الأكثر إبداعاً تملك طريقتين أو ثلاث للتواصل، والمدير الذكي سيكتشف الطريقة الأفضل التي تناسب أولئك الذين يعملون في القسم.

شاهد بالفديو: ما هي مهارات التواصل الفعال؟

الثقة من خلال الشفافية:

إنَّ الشفافية في مكان العمل من شأنها أن تسهِّل على المديرين توجيه جيل الألفية، وتنظيم يومهم مع منحهم شعوراً بالحرية، ومع هذه الشفافية يأتي الاحترام المتبادل بين جيل الألفية والمشرفين عليهم، وسيظهر الشغف للعمل؛ إذ تمنح ثقافة الشفافية والثقة في مكان العمل الموظفين حريةَ الابتكار يوماً بعد يوم.

مع ذلك، على عكس أسلافهم، فإنَّ موظفي الجيل واي لا يثقون بالآخرين كثيراً؛ إذ أكد 19% منهم فقط أنَّه يمكن الوثوق بالآخرين عموماً؛ لذلك قد يكون من الصعب التحريض على هذا الإبداع ما لم تبدأ علاقة ثقة في أثناء عملية التوظيف، ومن أجل الحفاظ على علاقة جيدة مع الموظفين من مرحلة المرشح إلى مرحلة تطور الموظفين، يجب على الشركات الحفاظ على الشفافية.

يتعين على المديرين الحفاظ على مستوى معين من الشفافية مع موظفيهم من جيل الألفية؛ وذلك لأنَّهم جيل روَّاد الأعمال؛ إذ يعمل أكثر من النصف 56% من الأسواق الناشئة بشفافية، مقارنةً بنسبة 40% من الأسواق القائمة، ونظراً لأنَّ جيل الشباب يزدهر اعتماداً على الشفافية، فأصبحت المنظمات أكثر شفافية مع بداية تولِّيهم لمناصب إشرافية، ولكي تكون الشركة متمتعة بالشفافية والصدق مع موظفيها، يبدأ الأمر بمدير واحد، وفريق واحد، وقسم واحد.

ابذل قصارى جهدك للحد من النميمة والأحاديث غير الضرورية، واحرص على إبقاء زملائك وموظفيك على اطلاع عندما ترد أخبار قد تؤثر فيهم، ومع أنَّك لست مضطراً إلى اتباع خطوات بعض الشركات مثل "بافر" (Buffer)، التي تفصح عن رواتب الموظفين الذين يعملون لديها عبر شبكة الإنترنت، فإنَّك قد تحتاج إلى الإفصاح عن بعض المعلومات غير الأساسية التي تعرفها؛ وذلك لتكسب ثقة مرؤوسيك المباشرين.

إقرأ أيضاً: بناء الثقة في مكان العمل

الجزء الإبداعي:

إنَّ السماح بأن يكون التواصل والتغذية الراجعة مع جيل الألفية متمتعاً بالشفافية، يزيد من مسؤوليتهم عن المشاريع اليومية، وهذا بدوره يزيد من استثماراتهم في المؤسسة وفي قيمها، وقد يتأثر أكثر من ثلاثة أرباع الجيل بإبداع المؤسسة ويتأثرون بإبداع مشرفيها من الجيل العاشر (Gen X)، ولمعرفة أفضل نتائج إنتاجية جيل الألفية وابتكاراتهم، اتبع الخطوات الآتية:

1. التخطيط للمستقبل:

إنَّ التخطيط للمستقبل مفيدٌ خاصة في تحديد أهداف طويلة الأمد للمهنيين الشباب، فالتخطيط المسبَق للمهام اليومية التي تتوَّج بمشروع كبير، يساعد المديرين على توجيه تقدُّم جيل الألفية تقدَّماً استراتيجياً طوال اليوم وطوال مدة المشروع.

2. القيادة بالأفعال:

يرغب الموظفون من جيل الألفية في العمل لدى شركات إبداعية، ورؤساؤهم والمنتورز هم أكثر مَن يعرضون لهم قيم الشركة؛ لذا عزِّز إبداعهم عن طريق الإبداع من خلال التفكير والعمل.

3. العثور على أوجه التشابه:

يمكن أن يتسبب التركيز على الاختلافات بين الأجيال في مكان العمل، في حدوث صدع أكبر من الاختلافات نفسها؛ لذا بدلاً من ذلك، ابحث عن أوجه التشابه لبناء مكان عمل أكثر تعاوناً.

إقرأ أيضاً: التفكير الإبداعي في المؤسسات ودور القادة في تعزيزه

الحاجة إلى توفير ثقافة صريحة:

لقد نشأ جيل الألفية نشأة مختلفة عن الأجيال السابقة، ومع أنَّهم يتوقون إلى نوع من الحرية في مكان العمل، فإنَّهم ما زالوا يحتاجون إلى تنظيم يلائم العمل اليومي، وقد يتطلب الأمر تغييرات في التواصل أو الشفافية، ولكنَّه في النهاية يؤدي إلى الحفاظ على تطلعاتهم الإبداعية.

إذ يريد جيل الألفية بيئة عمل يمكنهم من خلالها قضاء الوقت في الأشياء التي يقدرونها؛ لذا ضع معايير واضحة تسمح لأولئك الذين ينجزون الأهداف التنظيمية بتخصيص بعض الوقت للعمل في مشاريع خاصة؛ فمن خلال إنشاء ثقافة صريحة ووضع توقعات ثابتة وعادلة وبناء علاقات في جميع أنحاء المنظمة، ستتمكن من هيكلة العمل والثقافة الداخلية في شركتك.

المصدر




مقالات مرتبطة