الأرشفة الإلكترونية: فوائدها وعيوبها وأفضل برامجها

إنَّ توسع حجم الأعمال والتطور التقني، فرض على جميع المؤسسات والمنظمات والشركات الارتقاء بأنظمة عملها، ومواكبة التطور بما يحقق لها الحصول على خدمات توفر عليها كثيراً من الوقت والجهد، ومع تنامي حجم كل شركة أو مؤسسة يتنامى عدد سجلاتها وأوراق عملها، والتي يجب الحفاظ عليها؛ وذلك لأنَّها ذاكرة الشركة وتاريخها، وتستوجب أيضاً تحقيق السرعة والمرونة وإبقاء السجلات الجديدة في متناول اليد، وإبعاد السجلات القديمة إلى مكان آمن يمكن الوصول إليه في أي وقت بسهولة وسرعة.



إنَّ هذه الاعتبارات أدت إلى ظهور حاجة ماسة إلى استخدام ما يسمى بالأرشفة الإلكترونية تلك التقنية التي دمجت ما بين مزايا الأرشفة في حفظ السجلات القديمة وقليلة الاستخدام في مكان آمن بطريقة تنظم الوصول إليها، ومزايا دخول التكنولوجيا إلى جوانب الحياة المهنية، والتي استطاعت في هذا المجال استبدال مستودعات كبيرة من الرفوف والأوراق والغبار بوحدات تخزينية تحتوي على كل الوثائق الهامة وتؤمن الوصول إليها بسرعة ويسر.

إنَّ الأرشفة الإلكترونية ورقة رابحة في حفظ سجلات المؤسسات وأرشفة البيانات وضمان الوصول إليها بسهولة؛ لذا فإنَّنا نخصص هذا المقال من أجل الحديث عن مزاياها وبعض عيوبها وأفضل برامجها.

مفهوم الأرشفة الإلكترونية:

هو التطور التقني الذي طال مفهوم الأرشفة الورقية، التي كانت عبارة عن تصنيف السجلات وفق ترتيب معين، حسب رقم تسلسلي ما أو تاريخ الإنشاء أو الترتيب الأبجدي أو أيَّة اعتبارات أخرى تسهل عملية الوصول إليها.

جاء دخول التكنولوجيا ليبسط عملية الأرشفة ويسهلها ويقلل من المساحات التخزينية التي تستهلكها، فتم تحويل السجلات الورقية إلى صيغ رقمية، عن طريق طباعتها على برامج الكتابة أو تصويرها عبر الماسحات الضوئية، ومن ثم تخزينها على الأقراص الرقمية الثابتة أو المتحركة أو أقراص التخزين السحابية من أجل المزيد من الحماية.

لقد فُهرِسَت السجلات بطريقة محددة، تتيح إمكانية البحث فيها وإيجاد السجل المطلوب وفق آليات مختلفة، منها البحث باستخدام التاريخ أو باستخدام الرقم التسلسلي بحسب ما يتم تحديده من مفاتيح بحثية لقاعدة البيانات.

سهَّلَت الأرشفة الرقمية الوصول إلى الملفات؛ وذلك لأنَّ استعلام بسيط استطاع أن يحل محل ساعات من البحث اليدوي بين السجلات، فوفر بذلك الوقت والجهد، ويتم ذلك عن طريق برامج وسيطة تنظم هذه العملية وتتيح للمستخدم البحث عن السجل الذي يريد وفقاً لمعلومة تشير إلى مكان وجوده في قاعدة البيانات، كما أنَّ من بين هذه التطبيقات ما يسمح بالبحث في أكثر من قاعدة بيانات.

شاهد بالفيديو: 4 مواقع وتطبيقات رائعة تساعدك على زيادة الإنتاجية

أهداف الأرشفة الإلكترونية وفوائدها:

إنَّ للأرشفة الإلكترونية كثيراً من المزايا التي جعلت منها خياراً مناسباً للعديد من المؤسسات، وخاصة تلك التي تتعرض باستمرار لبيانات جديدة وكميات كبيرة منها، مثل الشركات والجامعات وغيرها، وتكمن فوائدها فيما يأتي:

1. تقليل المساحات التخزينية:

ألغت الحاجة إلى وجود مساحات تخزينية خاصة بحفظ المستندات، فهذه المستودعات كانت تشكل عبئاً على المؤسسات وتستوجب تفريغها كل فترة وإتلاف ما فيها لتستوعب من جديد محتويات جديدة، أما في عهد الأرشفة الإلكترونية فتكفي وحدة تخزينية أصغر من حجم الكف لاستيعاب ما لا تستطيع عشرات الأمتار المربعة استيعابه، فوفرت بذلك مساحات فارغة في أبنية الشركات، وأموالاً طائلة كانت تُنفق في استئجار المستودعات.

2. السرعة والمرونة:

هل لنا أن نتخيل كيف كانت طريقة الحصول على وثيقة التعيين لموظف أتم الثلاثين عاماً في الخدمة لإدراجها ضمن أوراق إحالته إلى التقاعد؟ وهل لنا أن نتخيل كمَّ الغبار المتراكم على الوثيقة والزمن المطلوب للبحث بين عدد لا نهائي من الوثائق المحفوظة في الشركة والتي تمثل كل واحدة منها بيانات موظَّف؟

وكذلك أراحتنا من كل هذا العناء، واختصرت كل هذه العملية باستعلام بسيط نحصل من خلاله على كل بيانات الشخص المطلوب.

3. سهولة التعديل على الوثائق:

جعلت مهمة استخراج وثيقة معينة أمراً سهلاً؛ وهذا يجعل إضافة أيَّة تعديلات عليها وإعادتها إلى مكانها أمراً بسيطاً ولا يستغرق وقتاً طويلاً، بخلاف الوضع الذي كان سائداً في الأرشفة الورقية.

4. توفير المساحات في المكاتب:

إنَّ من ميزات الأرشفة الإلكترونية تفريغ الرفوف في المكاتب التي عادة ما تكون مخصصة لوضع الوثائق التي يتم استخدامها دائماً، واستبدال المكان المخصص لها بأشياء تفيد الشركة، مثل وضع مكتب جديد أو غير ذلك.

إقرأ أيضاً: 5 تطبيقات ستحتاجها عندما تقرر أن تنهي اعتمادك على الورق

أنواع الأرشفة الإلكترونية:

توجد طرائق عديدة من أجل أرشفة البيانات منها الأرشفة الإلكترونية التي يمكن تطبيقها في مجالات عديدة، ولها أنواع متنوعة منها:

  1. الأرشفة الرقمية وتتعلق هذا النوع من الأرشفة بالحفاظ على الأرشيف الرقمي للمؤسسات والمنظمات الحكومية والخاصة، وتشمل الوثائق والصور والفيديو والملفات الصوتية والمكتبات الرقمية وغيرها.
  2. الأرشفة الرقمية الشخصية تتعلق بالحفاظ على الأرشيف الرقمي للأفراد، ويتضمن هذا النوع من الأرشفة الالكترونية، الصور والفيديوهات والملفات والرسائل الإلكترونية والوثائق الشخصية وغيرها.
  3. الأرشفة الرقمية العامة وتتعلق بالحفاظ على الأرشيف الرقمي للجهات الحكومية والمؤسسات العامة والمكتبات والأرشيفات والمتاحف والمؤسسات الثقافية الأخرى، وتشمل الوثائق الحكومية والمحفوظات الرقمية.
  4. الأرشفة الرقمية المتخصصة وتتعلق بالحفاظ على الأرشيف الرقمي لمجالات معينة مثل البحث العلمي والطبي والفنون.

عيوب الأرشفة الإلكترونية:

لا تخلو الأرشفة الرقمية من العيوب على الرغم من إيجابياتها ومزاياها الكثيرة، ومن بين عيوب الأرشفة الإلكترونية نذكر ما يأتي:

1. التكلفة المادية:

تُعَدُّ التكلفة المادية المنطوية على تحويل المستندات الورقية إلى أخرى رقمية من أبرز عيوب الأرشفة الإلكترونية، فآلاف السجلات تحتاج إلى أن يتم مسحها على الماسح الضوئي، الذي لا يُعَدُّ تجهيزة رخيصة الثمن، فضلاً عن الوثائق الأخرى التي يجب إدخالها عبر البرامج الخاصة بتحرير النصوص مثل "مايكروسوفت وورد" أو "إكسل"، التي غالباً ما تحتاج إلى موظفين مدخلي بيانات لكتابتها على الحاسوب ومن ثم أرشفتها إلكترونياً، وهذا ما يزيد أعباء الشركة المادية التي تضطر إلى توظيف مدخلين للبيانات أو التعاقد مع مستقلين لإنجاز هذه المهمة.

2. القلق حيال العمر الافتراضي للتجهيزات:

إنَّ أرشفة سجلات مؤسسة ما إلكترونياً على قرص حاسوبي أو وحدة تخزين قابلة للإزالة، يفرض على الجهة المالكة لهذه السجلات توخي الحذر من تلف الأجهزة التخزينية، التي غالباً ما يكون لها عمر افتراضي محدد يجب الانتباه إليه، من أجل تلافي كارثة فقدان هذه البيانات الهامة كلها دفعة واحدة وبلمحة عين.

قد يضطرها أيضاً إلى إدراج تقنيات النسخ الاحتياطي في مخططاتها حفاظاً على سلامة البيانات، وتوفيراً لفرصة استعادتها في حال حدوث أي خلل فني، كما أنَّ البرامج التي تُستخدم للولوج إلى قاعدة البيانات المؤرشفة وتنفيذ الاستعلامات وجلبها تملك أيضاً عمراً افتراضياً وتحتاج إلى تحديث أو استبدال بين الفينة والأخرى.

3. الحاجة إلى المزيد من إجراءات الحماية:

من عيوب الأرشفة الرقمية ووضع البيانات في مستوعبات رقمية، أدى إلى ظهور الحاجة إلى أنظمة حماية إلكترونية ولوجستية لحفظ هذه المستوعبات، فالبيانات التي تم تخزينها على أقراص تحتاج إلى مكان آمن لحماية هذه الأقراص، بعيداً عن اللصوص والمخترقين الذين يسعون إلى الوصول إليها بهدف الاطلاع عليها أو تشويهها، كما أنَّ حفظ البيانات المؤرشفة على أقراص حاسوبية يستوجب تدعيم الجهاز الحاوي عليها بأنظمة حماية من الاختراق ومن وصول الفيروسات والأشخاص غير المؤهلين.

4. كارثة حدوث الفقد:

لعل هذا العيب من عيوب الأرشفة الإلكترونية هو أكثر ما يؤرق المؤسسات ويمنع بعضها من اتباع هذه التقنية، فماذا لو اختفت بيانات الموظفين إلى غير رجعة؟ وماذا لو ضاعت سجلات الطلاب وعلاماتهم واختباراتهم بقصد أو بغير قصد؟ إنَّها كارثة بغير شك؛ لذا إنَّ الخوف من هذه النقطة بالذات هو ما يدفع الجهات إلى الاحتفاظ بنسخ ورقية من المستندات الهامة.

لعلَّ اتباع آليات النسخ الاحتياطي وضبطها بوتيرة تناسب كمَّ ونوع تخزين البيانات يُعَدُّ الإجراء الأفضل لحفظ قواعد بيانات الأرشفة الرقمية، وتفعيل إمكانية استعادة السجلات جميعها في حال حدوث كارثة أو عطل ما، ولكنَّه ومن جهة أخرى يتطلب هو الآخر تكاليف إضافية ثمناً للوحدات التخزينية، والإجراءات الأمنية لحماية مستوعبات النسخ من الوصول غير المصرح به.

شاهد بالفيديو: 10 وسائل فعّالة لحياة رقمية أكثر أماناً

كيف تتم عملية الأرشفة؟

تتم عملية الأرشفة بعدة خطوات، وهي كالتالي:

  1. تحديد المواد المراد أرشفتها، حيث يتم تحديد المواد التي تحتاج إلى أرشفة، إذ يمكن أن تكون وثائق أو صور أو ملفات صوتية أو فيديوهات.
  2. تحديد معايير الأرشفة، يتم تحديد معايير الأرشفة للمواد، مثل صيغة الحفظ، ومعايير الحفظ والأمان.
  3. إعداد البنية التنظيمية، يتم إنشاء البنية التنظيمية المناسبة للأرشفة، والتي تتمثل في تصنيف وفهرسة وتسمية المواد المراد أرشفتها، من أجل تسهيل عملية الوصول إليها.
  4. تجهيز الوثائق، حيث يتم تجهيز وإعداد الوثائق المراد أرشفتها.
  5. الحفظ والنسخ الاحتياطي، قبل أن يتم حفظ الأرشيف في الأماكن المخصصة لها يتم إجراء عملية نسخ احتياطية لهذه المواد لتأمينها من الفقدان أو التلف.
  6. تحديد طريقة الوصول إلى المواد المؤرشفة.

أفضل برامج الأرشفة الإلكترونية:

بعد الاطلاع على مفهوم الأرشفة الإلكترونية والمقارنة بين مميزاته الهائلة وعيوبه التي يمكن السيطرة عليها، نورد لكم فيما يأتي أفضل برامج الأرشفة الإلكترونية مع لمحة تعريفية عن كل منها:

1. تطبيق (Evernote Windows / Mac):

هو من أفضل برامج الأرشفة الرقمية المستخدمة، ويعمل على كل من نظامي التشغيل "ويندوز" و"ماك"، كما تتوفر نسخ منه للعمل على الأجهزة المحمولة.

يتميز التطبيق بإدارة متقنة لمختلف أنواع المستندات، ويتيح إنشاء مستندات منظمة يمكن الوصول إليها بيسر، كما يمكِّن المستخدمين من كتابة الملاحظات البسيطة وإنشاء التعليقات التوضيحية وإدارتها.

يتيح التطبيق أيضاً ميزة مزامنة المرفقات والملاحظات تلقائياً عبر شبكة الإنترنت، ويعاب على البرنامج تقييده لبعض الميزات على الإصدار المجاني منه، ولكنَّ الحصول عليها ممكن عبر الاشتراك المدفوع.

2. تطبيق (Dropbox):

هو من التطبيقات التي تعمل على نظامي التشغيل "ويندوز" و"ماك"، والمصنفة من أفضل برامج الأرشفة عبر التخزين السحابي، التي تتيح للمستخدم أرشفة سجلاته وتخزينها ومزامنتها عبر الإنترنت على جميع أنواع الأجهزة سواء كانت حاسوبية أم لوحية أم محمولة.

يتميز التطبيق بسهولة الاستخدام فضلاً عن توفير 2 غيغابايت من المساحة التخزينية، والقابلة للزيادة باستخدام الاشتراك المدفوع.

إقرأ أيضاً: 7 طرق للتخلص من الأوراق والتحوّل إلى الحياة الرقمية

3. تطبيق (FlashJetScan):

هو برنامج آخر من أفضل برامج الأرشفة الإلكترونية، فهو برنامج مجاني ويقدِّم ميزة تجميع الماسحات الضوئية للمستندات الورقية في ملف واحد بصيغة (PDF)، مع إمكانية تنظيمها حسب النوع.

تُعَدُّ سهولة استخدام البرنامج من أهم مميزاته، ويضاف إليها إمكانية تقسيم المستندات وتبويبها ضمن فئات محددة تساهم في عملية تسريع تتبع المعلومات التي تتضمنها، فضلاً عن إدارتها بشكل أفضل، فالتطبيق متوافق مع نظام التشغيل "ويندوز" (Windows)، ويدعم جميع أنواع الماسحات الضوئية المستخدمة في العالم.

4. تطبيق (Benubird PDF):

واحد من أفضل برامج الأرشفة الإلكترونية المتوافقة مع نظام التشغيل "ويندوز"، ويتميز بسهولة استخدامه وسماحه بإدارة أنواع مختلفة من الملفات باستخدام واجهة واحدة، ويتيح عمليات البحث والفهرسة حسب معايير مختلفة تُحدَّد من قِبل المستخدم، ويتمكَّن من تنظيمها بطريقة بسيطة ووضع علامات عليها لتمييزها بسهولة.

إقرأ أيضاً: 7 خدمات آمنة ومجانية لحفظ الملفات ومشاركتها عبر الإنترنت

في الختام:

إنَّ الأرشفة الإلكترونية هي نقلة نوعية في مجال حفظ البيانات وإضافة المرونة إلى عمليات استرجاعها والتعديل عليها والوصول إليها بسرعة وسهولة، وهي ذات مميزات توفيرية عديدة سواء من ناحية التكلفة المادية أم المساحات التخزينية، فضلاً عن مميزات استخدامها الأخرى.

وعلى الرغم من وجود بعض العيوب فيها، إلا أنَّ هذه الثغرات قابلة للتلافي وخاصة عبر استخدام تقنيات الحماية والنسخ الاحتياطي؛ الأمر الذي يجعل مفهوم الأرشفة الرقمية ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها في حفظ السجلات والعودة إليها.




مقالات مرتبطة