الأحلام الجامحة وجمال البدايات الصعبة

جميعنا نمتلك أحلاماً منها العادية والمألوفة ومنها الجامحة والغريبة؛ فقد تقول لنفسك أريد العيش في لندن لعام كامل، أو أريد تحويل مرآبي إلى مكتبة للحي. قد تحلم أيضاً بأن تتعلم عزف الغيتار أو تُنشئ فرقة موسيقية، ولربما تكون أحلامك أكبر فتتمنى إنشاء منظمة تكافح الاتجار بالبشر، أو الترشح إلى منصبٍ ما، أو تكون أحلامك بسيطة فتتمنى التقاعد مبكراً والسفر إلى اليابان لتعليم اللغة الإنكليزية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن جين هاتميكر (Jen Hatmaker) وهي مؤلفة وكاتبة محتوى ومتحدثة حائزة على عدة جوائز ولها أكثر من 12 مؤلَّفاً.

في الواقع أنا أحب أحلامك كثيراً وأقدرها، وأحب طريقة تعلقك بهذه الأحلام وكيف تفكر في تحقيقها وكيف تلمع عيناك وتتحدث بشوق عنها؛ ولذلك عليك أن تعمل بجدٍ من أجل تحقيقها، فكل المتاعب الأخرى ثانوية مقابل أحلامك.

ربما يتطلب العمل قليلاً من الدموع، لكن هذا العمل كله ليس مجرد وسيلة لتحقيق الغاية بل هو أصل ثمين بحد ذاته، فكل تلك المحادثات والنكسات ومحطات التعلم والأشياء التي تحدث قبل النتائج؛ تبني فيك شيئاً قوياً ستحتاجه على الأمد الطويل؛ وحينها تجد ما صنعت يداك حينما لا تشاهد أحداً حولك ولا تلقَ أي تشجيع.

لن أكرر النقطة التي سبق أن أوضحتها بالفعل، لكنَّني حققت نجاحاً بين عشية وضحاها خلال أقل من عقد من الزمن، وأنا لا آسف على شيء؛ فقد علمتني تلك السنوات كيف أكتب ومنحتني الوقت لأجد صوتي، وأظهرَت لي كيف أحقق الأفضل وكيف أواجه الانتقادات والتوجيهات دون أن أفقد سحري.

إقرأ أيضاً: 8 دروس مهمة يجب أن تتعلّمها من الحياة

لقد أعطتني تلك السنوات مكاناً لأدرس فيه نظرتي للعالم، وأحمد الله أن لا أحد منكم يستطيع  قراءة ما كتبت في بداياتي؛ فقد كنت أكتب حينها كطفل صغير عابث؛ ذلك لأنَّه لم يكن لزاماً علي أن أضع أياً من طاقاتي في أشياء مثل "بيع الكتب" و"إدارة النجاح" أو "التعامل مع وسائل الإعلام"، ولم يكن هناك فيسبوك أو تويتر أو إنستغرام: لقد كنت أنشر الكتب بالطرق التقليدية القديمة عن طريق تنشيط قوتنا التقليدية.

لا تحط من قدر البدايات الصعبة وتعامل مع خطواتك المبكرة بجدية كما لو كان العالم بأسره يراقبك، فهذا جزء هام من العملية التي يجب أن تفتخر بها لاحقاً، وتذكر سبب اهتمامك ولماذا تريد ذلك؛ لأنَّ الرغبة في فعل الشيء وعدم استطاعة البدء بفعله ستتربص فيك بكثرة، وحتى أوائل من دعموك يمكن أن يتأثروا إذا استغرق الأمر منك وقتاً أطول من المتوقع أو ساءت الأمور لمدة من الزمن، وسيكون الفشل موجوداً دائماً لعرقلة حلمك إذا لم تكن تعتقد أنَّ الفشل يمكن أن يكون أفضل معلم لك، وهو أمر ممكن كذلك؛ فقد ترى شخصاً بدأ بعدك قد تجاوزك، فيتسرب اليأس والغيرة إلى نفسك؛ هذه كلها أمور تافهة فلا تدعها تؤثر فيك، لأنَّ هناك ما يكفي من الأعمال والإبداع والأفكار الكبيرة والابتكار للجميع، ولا أحد يسرق من أحد، فقط تحلَّ بالعزيمة وقم بعملك.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح هامة لمواجهة صعاب الحياة

بالنسبة إلى البعض، قد يكون هذا بمنزلة إعادة برمجة الحياة بشكل كامل من جديد، فلنفترض مثلاً أنَّك محاسب وتريد فتح متجر كبير؛ ورغم أنَّك لم تعش أبداً خارج قريتك الصغيرة إلا أنَّك ترغب في شراء كوخ صغير على أحد السواحل الجميلة؛ أو لنفترض أنَّك تريد الجري في ماراتون رغم أنَّك لم تجري منذ الصف السابع؛ أو لنفترض أنَّكِ أمٌّ غارقة في واجباتها تجاه أطفالها، لكنَّكِ ترغبين في تطوير برنامج إرشادي لفتيات المدارس الثانوية، ولنضف على هذه الفرضيات أيضاً أنَّك تريد التحدث باللغة الفرنسية إلا أنَّ تجربتك الفرنسية الوحيدة هي تناول الكرواسان؛ لذا بعض الأحلام ستعيدك إلى نقطة البداية.

إنَّ التعلم هو عملية لا تحظى بالتقدير المطلوب؛ فنحن محاطون بقصص النجاح والمنتجات النهائية، ويبدو أنَّ الجميع يقومون بهذا؛ لكنَّ هذه العملية المتواضعة تبدأ من بداية تعلم مهارة، أو حرفة؛ وهذه هي الأشياء التي توقظ عقلك وتجعلك تشعر بأنَّك على قيد الحياة.

بحثت صديقتي جيني في "غوغل" (Google) وكتبت حرفياً: "هل يمكن في عمر 51 عاماً تعلم لغة؟ هل ما زال بمقدور عقلي القيام بذلك؟ " قال غوغل إنَّه أمر ممكن؛ لذلك قامت بتنزيل دورة اللغة الإسبانية كاملة وهي تشق طريقها الآن من خلال الدروس.

حتى كتابة هذه السطور، كانت مدهشة حقاً، لأنَّ كل ما تفعله هو أن تسألنا مراراً وتكراراً عن أسمائنا ومن أين نحن في اسبانيا، لكن هل تعرفون ماذا؟ لقد بدأت رحلتها، وخطت الخطوات الصغيرة الأولى، وها هي تنطلق في السباق.

أحد برامجي المفضلة هو "شيفس تيبل" (Chef’s Table) على "نيتفلكس" (Netflix). كل حلقة لها نفس القصة؛ فيمكنك تقريباً التنبؤ بمحتوى البرنامج. خمسة عشر دقيقة من الدراما الحقيقية، وخمس دقائق تحكي عما جذب الطاهي للطهي، و 10 دقائق عن الإلهام والموهبة تليها النجاح بالإضافة إلى الجوائز؛ ولكن بغض النظر عن مطبخهم أو موقعهم، وبغض النظر عن مدى قدرتهم الطبيعية أو صقل ذوقهم، سواء كانوا مدعومين ببعض الحظ أو المستثمرين أو أفراد الأسرة الأثرياء؛ يجب عليهم جميعاً معرفة كيفية طبخ عظام دجاجة أو فيليه سمك.

وقد بدؤوا في مدرسة الطهو، وليس على طاولة الشيف؛ وقد ترى على أيديهم وأذرعهم خريطة للندبات كدليل على العمل والتكلفة التي لا يمكن تعويضها من دفع مستحقاتهم.

إذا كنت تحدق في حلم يتطلب معرفة جديدة تماماً لم تكن في حوزتك بعد، فتشجَّع، فقد كان على الأفضل بيننا أن يتعلم أيضاً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة