استكشاف قوة الجسم الخارقة على الشفاء الذاتي

ما الذي يسبِّب المرض؟ وماذا يمكننا أن نفعل لتحسين صحتنا؟ تكمن إجابة الطب الحديث عن هذه الأسئلة في فهمه لجسم الإنسان كآلةٍ معقدة، فالجسم مثل أيِّ أداةٍ ميكانيكيةٍ غريبةٍ لابدَّ وأن يضعف.



يعمل الأطباء كميكانيكيين متخصصين، ويستخدمون أدواتٍ وإجراءاتٍ معقدةٍ لمعالجة الخلل لدينا؛ إذ يمكنهم تخدير آلامنا، واقتطاع ومعالجة الإصابات السرطانية لدينا بالأشعة، كما يتحكمون في عمل أجهزتنا المناعية، ويعيدون تأهيل نواقلنا العصبية، وقد يصبحون قادرين قريباً على إعادة تجديد العيوب الجينية التي كان أسلافنا يعتقدون أنَّها مرض.

قارن هذه الفلسفة التي تصف الجسم كآلةٍ بممارسات الطبِّ التقليدي لأسلافنا التي نظرت إلى العالم الطبيعي على أنَّه دليلٌ نحو الصحة، إذ قد تبدو هذه الفلسفات القديمة بدائيةً بالمقارنة مع صناعة التكنولوجيا عالية المستوى المستخدمة في الرعاية الصحية الحديثة، ولكن كان لديهم معرفة ودراية أيضاً؛ لأنَّ الأطباء والعلماء ما زالوا يعكفون على فهم إن كانت أجسادنا تمتلك المقدرة على شفاء أنفسها.

يمكن العثور على تفاصيل هذه القوة الخارقة والغامضة في كتابٍ جديدٍ للباحث "ساير جي" (Sayer Ji) يُدعَى: "Regenerate: Unlocking Your Body’s Natural Resilience Through the New Biology"، يبحث الكتاب في فهمنا لكيفية تطور الصحة والجسم البشري على مدى السنوات القليلة الماضية، وكيف أجبرتنا الأبحاث الجديدة على إعادة النظر في كلِّ شيءٍ اعتقدنا أنَّنا نعرفه؛ وفي حين أنَّ الأمر قد يبدو غامضاً بعض الشيء، إلَّا أنَّه يوجد دليلٌ موضوعيٌّ على خاصية الشفاء الذاتي هذه.

يتحدَّث "ساير جي" عن "الخيط الخالد داخل خلايانا الجذعية" لوصف قدرة التجدد المذهلة للجسم، وإنَّ أحد الأمثلة على هذا هو فئةٌ كاملةٌ من الخلايا الجذعية المنبثقة من النخاع العظمي تُدعَى: خلايا السلف البطانية، والتي تعمل باستمرارٍ على شفاء الأضرار التي لحقت ببطانة أوعيتنا الدموية. يقول "ساير جي": "نحن نجسِّد حقاً هذه المعجزة التي بالكاد نستطيع تفسيرها".

تشمل مؤهلات "ساير جي" كونه الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Systome Biomed، والناقد في المجلة الدولية للتغذية البشرية والطب الوظيفي، ومستشاراً لاتحاد الصحة الوطني؛ ويتوافق كتابه مع تلك الاهتمامات، ويعتمد بشكلٍ كبيرٍ على البحث لسرد قصته. ولكن بالنسبة إلى "ساير جي"، فإنَّ القصة شخصية، فهو جاء إلى العالم مريضاً، ونما ليصبح مراهقاً مكتئباً سميناً يعاني مرض الربو، وقد جرى فحصه على مدار حياته المبكرة من قبل اثني عشر طبيباً على الأقل، والذين أجروا له عملياتٍ جراحية، ووصفوا له كميات كبيرة من المستحضرات الصيدلانية، وذلك في محاولةٍ لتقليل أعراض مرضه، لكنَّ "ساير جي" يقول: "كانت العلاجات التي تلقَّيتها مؤلمةً أكثر من كونها مفيدة، كما أنَّ أملي بالشفاء تضاءل، فقد اعتقدت بأنَّه محكومٌ عليَّ بحياةٍ قصيرةٍ وبائسة".

أخيراً، وخلال عامه الأول في الكلية، بدأت صحة "ساير جي" تتحسَّن عندما اكتشف نوعاً جديداً من الأدوية؛ حيث جعله هذا الدواء يستبدل الجراحة والأدوية التي عرفها طوال حياته بنمطٍ أكثر طبيعية. وبعد عقود، أصبح "ساير جي" من المدافعين الجريئين عن الطب الطبيعي، ويدير اليوم -على الرغم من فترة شبابه الحزينة وجسده السقيم حينها- ماراثونات، ويشعر بأنَّه أقوى من أيِّ وقتٍ مضى، حيث لم يتناول أيَّ أدويةٍ منذ سنوات. يقول "ساير جي": "لو لم أكتشف الطب الطبيعي، لما كنت على قيد الحياة اليوم".

شاهد بالفيديو: 6 طرق طبيعية لحمايتك من أمراض الشتاء 

ولكن كيف يكون هذا ممكناً؟

الاعتقاد الأساسي في الطب الحديث هو أنَّ لديه أكثر العلاجات فعاليةً على الإطلاق، علاجاتٌ متفوقةٌ بكثيرٍ على أيِّ شيءٍ اعتمد أجدادنا عليه في الصحة. فكيف خلق "ساير جي" -في الوقت الذي فشل فيه الطب الحديث- صحةً نابضةً بالحياة باستخدام بعض أقدم أشكال العلاج من الأعشاب والحمية الغذائية والتغييرات في أسلوب الحياة؟

تستند ممارسات الطب القديم على أشياء مثل العادات ومراقبة الطبيعة، بالإضافة إلى دروسٍ انتقلت إلى الأجيال القادمة، والذين تأكَّدوا من تلك المعرفة من خلال مراقبتهم الخاصة، حيث يُثبِت الطب الحديث قيمتها من خلال العلم.

تُظهِر دراساتٌ طبيةٌ جرت مراجعتها من قبل الأقران والمجلات دليلاً يُعرَف في نظام الرعاية الصحية الحديثة على أنَّه علاجٌ "قائمٌ على الأدلة"؛ لكنَّ "ساير جي" يقول: "ليس الكثير من العلم ممَّا يقوم عليه نظامنا -القائم على الدليل- قوياً كما نعتقد، إنَّما الطب "القائم على المجازفة" هو الذي يبدو كدليل، رغم أنَّه قائمٌ على الخطر. كلُّ ذلك وهمٌ يستند على المعتقدات، إذ عندما تنظر إلى المؤلفات، وتثير كلَّاً منها على حدة، وتنظر إلى مصادر التمويل؛ فنادراً ما ترى أيَّ شيءٍ قيِّم".

في حين أنَّ الطبَّ الحديث مسؤولٌ بالتأكيد عن إيجاد أفكارٍ أنقذت حياة الناس خلال القرن الماضي، فقد أنتج أيضاً كوارث عديدةً لا يمكن إنكارها، رغم مراجعة الخبراء والمجلات والأبحاث السريرية.

يوضِّح "ساير جي" أنَّ العملية التي تهدف بمعظمها إلى إظهار الأمان والفعالية في طرائق العلاج الحديثة لا علاقة لها بتحديد شيءٍ جديرٍ بالاهتمام، وتتعلَّق أكثر بالتلاعب بالرأي العام، ويقول: "إنَّ المؤلفات الطبية الحيوية النقدية ملوثةٌ بالتأثير والمال والتحيز، والشركات قد تمول 100 تجربةٍ على عقار، وتحاول تحويل واحدٍ من آثاره السلبية العديدة إلى تأثيرٍ علاجي؛ لذلك ينشرون النتيجة التي قد تُظهِر الحد الأدنى من المخاطر النسبية، ثمَّ وباستخدام القليل من الحيل يقولون أنَّها تقلِّل من الخطر المطلق".

توصَّلت مقالةٌ نُشِرت عام 2008 في مجلة "New England Journal of Medicine" واختبرت تحيُّز النشر الانتقائي للتجارب السريرية، إلى استنتاجٍ مماثل، حيث صرَّح رئيس تحرير المجلة: "لم يعد من الممكن ببساطةٍ أن نصدق الكثير من الأبحاث السريرية التي يجري نشرها، أو الاعتماد على حكم الأطباء الموثوق بهم، أو الإرشادات الطبية الموثوقة، ولا يسعدني هذا الاستنتاج الذي توصَّلت إليه -ببطءٍ وعلى مضض- على مدار عقدين كمحرر".

ولكن فلننظر إلى المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض أو المؤسسات الصحية المرموقة، وسنجد مزيداً من الخطر المتنكِّر بهيئة دليل؛ حيث تحثُّ مؤسسات الصحة العامة هذه -على سبيل المثال- الجميع على الحصول على لقاح الإنفلونزا السنوي، ولكنَّ توصياتهم لا تعكس استنتاجات المؤلفات العلمية.

لم يجد التحليل التلوي على دراسات لقاح الإنفلونزا الذي قامت به مؤسسة كوكرين (Cochrane Collaboration) المستقلة، والتي تحظى باحترامٍ كبير - دليلاً لا لبسَ فيه على أنَّ هذه اللقاحات كانت آمنةً وفعَّالةً على الأطفال أو البالغين الأصحاء أو المسنين أو العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين عملوا مع المسنين ممَّن أُصِيبوا بالإنفلونزا.

من المفترض أن يكون العلم أداةً لكشف الحقيقة؛ لكن للأسف، نحن نعيش في عالمٍ يمكنك فيه ببساطةٍ شراء المصداقية العلمية إذا كانت جيوبك مليئةً بما فيه الكفاية.

بعد أن تلقَّت مؤسسة كوكرين تبرعاً بمبلغ 1.15 مليار دولارٍ أمريكيٍّ من مؤسسة بيل وميليندا غيتس (Bill and Melinda Gates) في عام 2016، جرى التخلي عن مؤسسي المنظمة، وسرعان ما نشرت كوكرين مراجعةً مؤيِدةً لأحد مشاريع غيتس على الحيوانات، يُدعَى: لقاح فيروس الورم الحليمي البشري.

بعد المراجعة، رفض مؤسس شركة كوكرين الشريك "بيتر غوتشي" (Peter Gotzsche) المطرود وفريقه، القراءة الخاصة لمؤلفات فيروس الورم الحليمي البشري، وتوصلوا إلى تفسيرٍ مختلفٍ جداً؛ حيث قالوا: "إنَّ جزءاً من شعار شركة كوكرين هو "الدليل الموثوق به"، ونحن لم نجد أنَّ مراجعة لقاح كوكرين لفيروس الورم الحليمي البشري دليلٌ موثوق؛ لأنَّها تأثَّرت بتقاريرٍ وتجارب متحيِّزة، ونعتقد أنَّ تلك المراجعة لا تفي بمعايير مراجعات كوكرين أو احتياجات المواطنين أو مقدمي الرعاية الصحية الذين يستشيرون الشركة لاتخاذ قراراتٍ مستنيرة، والذي يشكِّل بدوره جزءاً من شعارها".

إقرأ أيضاً: كيف تفرِّق بين الإنفلونزا، والكورونا، وغيرهما من الأمراض؟

التداوي بالغذاء:

بينما تُوصَف العلاجات الحديثة على أنَّها علاجاتٌ طبيعيةٌ قائمةٌ على الأدلة، إلَّا أنَّ العلاجات تُرفَض بشكلٍ روتينيٍّ بسبب كونها "غير مثبتة"، حتَّى عندما يكون من الممكن إيجاد دعمٍ علميٍّ لها في الواقع، وهذا هو سبب تأسيس "ساير جي" لشركة "GreenMedInfo"، وهي أكبر قاعدة بياناتٍ صحيةٍ طبيعيةٍ متاحةٍ للجميع في العالم. يقول "ساير جي": "بالنسبة إلي، لقد كانت شغف مناضل، فقد كنت أجد باستمرارٍ دراساتٍ مدهشةً للغاية، مثل البحث في علاج صبار الألوفيرا لأمراضٍ مختلفة. كنت متحمساً جداً له، وكنت أعلم أنَّه لن يتحدَّث أحدٌ حوله في وسائل الإعلام الرئيسة؛ ولم أفكِّر أبداً أنَّه سيصبح موقعاً شهيراً بهذا الشكل".

قد لا تحظى العلاجات الطبيعية بالاحترام أو التمويل الجيد أو الترويج على نطاقٍ واسعٍ مثل دراسات العقاقير، ولكن ثبت أنَّ العلاجات الطبيعية لديها خصائص مكافحة للأمراض.

إنَّ مجرَّد الحصول على كميةٍ كافيةٍ من "فيتامينات ب" سيؤثِّر مباشرةً في مدى إمكانيتك لتهدئة بعض الجينات الأساسية الضرورية للصحة، وتُعرَف العملية باسم "المثيلة" أو "اتصال روابط الكربون الواحد في جزيء الحمض النووي الذي يعمل بشكلٍ فعَّالٍ على إيقاف تعابير معينةٍ لهذا الجين".

التداوي بالغذاء مفهومٌ معروفٌ منذ العصور القديمة، والفرضية الأساسية هي أنَّه يمكن لتناول الأطعمة الصحيحة واستبعاد الأطعمة الخاطئة أن يعزِّز قدرات الشفاء الذاتي لجسمك، مثل الكائنات الحية (النباتات والحيوانات) التي تملك طبيعياً آلياتٍ خاصةً للشفاء والتجدد. في الحقيقة، تشبه أجسامنا النباتات من حيث قابليتنا للإصابة بالآفات وزيادة إمكانية العدوى عندما لا نحصل على العناصر الغذائية الرئيسة الكافية، أو إذا كانت بيئتنا كذلك مسمومة، أو أنَّنا لا نحصل على ما يكفي من أشعة الشمس.

يقول "ساير جي": "لماذا يوجد الكثير من الإصابات بالإنفلونزا في الأماكن الأكثر ارتفاعاً؟ ربَّما يُعزَى ذلك إلى سبب نقص فيتامين د الناتج عن نقص أشعة الشمس، ومن الواضح أنَّ هذا التفسير أكثر صحةً من نقص لقاح الإنفلونزا". تأثير الطعام عميق، حيث يمكننا مع كلِّ لقمةٍ نأكلها أن نختار عمداً الرسائل التي نرسلها إلى جيناتنا، ونحدِّد ما إذا كنَّا نقوِّي أو نُضعِف أنظمتنا المناعية. قارن رسائل الطعام برسائل الأدوية، ففي الوقت الذي غالباً ما تعتمد العقاقير على مركَّباتٍ موجودةٍ في الطبيعة، غير أنَّ صنَّاعها يخلقون متغيِّراتٍ اصطناعيةٍ لصالح براءات الاختراع الحصرية؛ يمكن للعقاقير أن تغيِّر علم وظائف الأعضاء، لكنَّها تعمل بطريقةٍ تختلف عن عمل الطعام، حيث ترغم الأدوية الجسم على الاستجابة بطريقةٍ معينةٍ بدلاً من تعزيز قدرته الخاصة على الشفاء، بالإضافة إلى أنَّ الأدوية تتكوَّن من مكوِّناتٍ لا نتناولها بشكلٍ طبيعي.

يقول "ساير جي" أنَّ النظام الطبي يقوم على البتروكيماويات حرفياً، والتي هي بعضٌ من أكثر المواد سُمّيَّةً على وجه الأرض؛ وتسجيل براءات الاختراع بها، وبيعها إلى الجمهور عند الحاجة. و​​العقاقير المعتمدَة من إدارة الغذاء والدواء لديها ما يساوي 75 تأثيراً سلبياً في المتوسط، وإنَّ كلَّها تقريباً يمكن أن تؤدي إلى الموت.

إنَّ 50 % من العقاقير المعتمَدة من إدارة الأغذية والعقاقير يجري سحبها من السوق قبل انتهاء صلاحية براءات الاختراع الخاصة بها؛ وذلك نظراً لأضرارها الجانبية البالغة".

إقرأ أيضاً: حبة دواء قد تلحق بك أضراراً ليست بالحسبان

ظهور علم الأحياء الجديد:

يقترح "ساير جي" أنَّ الفساد ليس هو فقط الذي يقوّض النموذج الطبي الحديث، ويقول: إنَّ فلسفته ذاتها تقف على أرضٍ مهتزة، ويُثبِت البحث الجديد ذلك. ومن الأمثلة على ذلك: الفكرة المقبولة على نطاقٍ واسعٍ بأنَّ الجينات هي المحركات الرئيسة للمرض، وأنَّ التغييرات في الجينات تحدث ببطءٍ على مدار مئات بل آلاف السنين. ومع ذلك، فقد وجدت الأبحاث الحديثة أنَّ المتغيرات البيئية يمكن أن تنشِّط أو تعرقل جيناتٍ معينة من خلال التأثير على العمليات البيوكيميائية المعقدة، ويمكن للمتغيرات أن تحدث بسرعة.

إنَّ الإجهاد، والحياة قليلة الحركة، وقلة النوم، والأغذية المصنعة، والتعرُّض إلى المواد الكيميائية الصناعية، وتناول العقاقير الصيدلانية، ونقص الدعم الاجتماعي، والاتصال مع الطبيعة بحدوده الدنيا؛ يشكلون عوامل الخطر الرئيسة للمرض.

تحدِّد عوامل نمط الحياة هذه -التي يمكننا التحكم بها إلى حدٍّ كبير- ما إذا كانت مخططاتنا الجينية تعبِّر عن الصحة أو المرض، ولكن ربَّما كان العامل الأكبر الذي قلب فلسفة الطب الحديث رأساً على عقب هو الميكروبيوم؛ إذ أنَّ اكتشاف مستعمرة البكتيريا هذه -التي تعيش داخلنا جميعاً- في مطلع الألفية لم يكن أقل من ثورة الطب الحيوي.

يقول "ساير جي": "لقد طغى ذلك كلياً على حالة وعينا السابقة؛ لأنَّ أيَّاً من المرجعيات السابقة لا تبيِّن دور الميكروبيوم في أيٍّ من الأبحاث". بطريقةٍ ما، لم يجري التحقق من صحة كلِّ المؤلفات السابقة والمجموع الكلي للمعرفة البشرية في عالم الطب الحيوي، ولم يعد النموذج القديم لنظرية الجراثيم صحيحاً؛ وذلك بمجرد اكتشاف أنَّ أجسامنا ليست فقط ممتلئةً بالبكتيريا والفيروسات، وأنَّ علم وظائف الأعضاء لدينا يعتمد عليها أيضاً، ويسمِّي "ساير جي" هذا بالفهم الجديد لعلم الأحياء الجديد، حيث يقول: "إنَّ علم الأحياء الجديد يساعدنا في فهم أنَّنا أقوى، ولدينا اكتفاءٌ ذاتيٌّ أكثر ممَّا يؤمن به أيُّ شخص. نحن لدينا المقدرة الكلية على شفاء الذات، وليس علينا أن نعتمد على مجمعٍ طبيٍّ صناعيٍّ عالميٍّ للوصول إلى ذلك".

"ساير جي" ليس طبيباً، ولكنَّ هناك عدداً متزايداً من المهنيين الطبيين الذين يتبَّنون الفلسفة البيولوجية الجديدة التي يتكلَّم عنها، والتي تُسمَّى "الطب الوظيفي"، ومن أتباعه: أطباء التشخيص، والمعالجون الطبيعيون، وأطباء تجبير العظام، وأطباء الوخز بالإبر، وممرضون ممارسون، ومقومو عظام، وخبراء تغذية.

قد يصف بعض الأطباء الأدوية أحياناً، ولكن ممارسي الطب الوظيفي سوف يختارون العلاجات الطبيعية والتغييرات في نمط الحياة التي تعالج حقاً قدرة الجسم على الشفاء.

في نمط الطب الوظيفي، يكون الطبيب أقل من ميكانيكيٍّ وأكثر من مدربٍ أو معلم، حيث يساعد المرضى في فهم الدور الحيوي الذي يلعبونه في شفاء أنفسهم. قارن هذه الفلسفة بالنظام الطبي التقليدي، حيث يُعدُّ فهم الصحة والمرض عمليةً معقدةً للغاية بالنسبة إلى الشخص العادي. لكن كيف نتحمل مسؤولية سلامتنا عندما يكون لدى الطبيب فقط ما يكفي من المعرفة ليحدِّثنا عن مشاكلنا الصحية؟

يقول "ساير جي": "إنَّ مجرد إدراكنا لمدى قدرتنا على التحكُّم بإمكانية الشفاء من خلال الخيارات التي نتخذها هو مثل الطب في حدِّ ذاته، وما لم نؤمن أنَّنا قادرون على شفاء أو التغلُّب على بعض الأمراض التي تصيبنا، فلن نتمكَّن من القيام بأيِّ إجراءٍ لتحقيق ذلك. إنَّ الإيمان بقدرة الجسم على الشفاء أمرٌ ضروري لحدوثه؛ وهذا يمنحنا الكثير من القوة التي لا يريدها الكثير من الناس، لكن بعضهم يريدها ويتبناها كلياً".

 

المصدر




مقالات مرتبطة