استراتيجية تحقيق النجاح عندما لا يكون لديك شيء تخسره

تَعرَّض موقع عسكري يحرسه 21 جندياً إلى حصار مفاجئ من قِبل جيش يتألف من أكثر 10000 جندي، ما المتوقع حدوثه بعد ذلك؟ تقول الأسطورة إنَّ هؤلاء الجنود هزموا 600 من الأعداء في مثال مذهل للشجاعة في مواجهة الصعاب الهائلة. تُعرَف هذه بمعركة ساراغراهي (Battle of Saragrahi)، وهي واحدة من أشجع المعارك الأخيرة في التاريخ.



وبالانتقال إلى عام 2010، حين أراد فريق مكوَّن من ثلاثة مؤسسين مشاركين لشركة سيلسي (Celsee Inc) المشاركة في مسابقة أكبر خطة عمل في العالم، وهي أكسيلريت ميتشغن (Accelerate Michigan)، لم يتمكنوا من شراء التذاكر؛ لذا تطوعوا، وبعد عام عادوا للمنافسة في الحدث نفسه ليس فقط للنجاة من أزمة ضعف السيولة؛ بل ولاكتساب المصداقية في نظام لا يقدِّرُ الشركات الناشئة، وفي النهاية فازوا بالجائزة الكبرى البالغة 500000 دولار، متغلبين على 300 شركة من جميع أنحاء العالم.

إنَّهما قصتان مختلفتان، لكن تشهد كلتاهما على قدرة الأداء البشري على العمل تحت ضغط غير عادي؛ أي في حالة "إما أن تكون أو لا تكون"، حرفياً في المثال الأول ومجازياً في الثاني.

في عالم الأعمال، يُطلق على هذا المفهوم اسم "استراتيجية عدم امتلاك شيء تخسره".

تعتمد معظم خطط الأعمال الحديثة على التخفيف من المخاطر، ومع ذلك، على غرار المحاربين في ساحة المعركة، لا يكون لدى روَّاد الأعمال - في بعض الأحيان - خيار آخر سوى اتخاذ المخاطر وتحويلها إلى فرصة والنجاح في مواجهة الصعوبات الهائلة. هذه الاستراتيجية ليست وصفةً سحرية؛ حيث لا ينبغي أن تُفسَّر على أنَّها قفزة متهورة إلى المجهول؛ ففي الواقع، لتحقيق النجاح باستخدام هذه الاستراتيجية، يجب أن تشرع في مهمة تخطيط وتنفيذ دقيقة.

وفيما يلي خمسة مفاتيح لإتقان هذه الاستراتيجية:

1. العثور على الهدف:

يساعدك النضال من أجل هدف إيجابي أو سببٍ أسمى على الارتقاء إلى مستويات أعلى، في الواقع، يُظهر العلم أنَّ الأشخاص الذين لديهم هدف معين، هم أكثر عرضة بنسبة 50% لأن يكونوا قادة و42% منهم يكونون أكثر رضا عن حياتهم، في حالة شركة سيلسي (Celsee)، كان الدافع لتطوير تقنية من شأنها إنقاذ مرضى السرطان، هو ما أدى إلى انتصارهم؛ لذا يجب على روَّاد الأعمال عندما يواجهون موقفاً عصيباً العودة إلى رؤاهم وتذكر أهدافهم، سوف يمنح هذا التأمل العميق الشجاعة لمواجهة أي تحدٍّ.

2. العمل ضمن فريق:

لا بد أنَّ معظمنا قد اندهش من قصص بطل خارق خيالي يأتي لإنقاذ العالم، ولكن هل يمكن لأناس عاديين تحقيق انتصارات بطولية في العالم الحقيقي؟ يمكنهم ذلك من خلال تسخير قوة الفريق بالطبع؛ حيث كان المؤسسون الثلاثة لشركة سيلسي (Celsee) من روَّاد الأعمال المبتدئين، ومع ذلك، فقد جمعوا جهودهم ووضعوا خبرتهم في مديرهم التنفيذي الجديد؛ نظراً لأنَّ الفريق ركَّز على الهدف المشترك بكل جوارحه، فقد عملوا معاً بجدية أكبر وأكثر ذكاءً، كان سر فوز سيلسي (Celsee) هو اتحاد الفريق لتحديد هدف واحد، تذكر أنَّ معظم الحروب الواقعية قد كُسِبَت بأعمال عسكرية منظمة جيداً، وليس بواسطة فرد واحد.

إقرأ أيضاً: كيف تكون فعالاً ضمن فريق العمل؟

3. التركيز على الهدف فقط:

في حكاية هندية قديمة، يختبر معلم مهارة طلابه في الرماية، كان الهدف هو إصابة عين طائر جالس على شجرة على بعد أمتار قليلة، عندما اتخذ طلاب الرماة مواقعهم، سأل المعلم كل واحد منهم، عما يرونه أمامهم، تراوحت الإجابات من السماء الزرقاء الصافية إلى رؤية أعشاش الطيور في الشجرة إلى لون الطائر، رفض المعلم جميع الإجابات باستثناء إجابة طالب واحد، فعندما سُئِل هذا الطالب، قال إنَّه رأى عين الطائر فقط، سأله المعلم مرة أخرى وأعاد الطالب إجابته، بمجرد أن سمح له بالرمي، اخترق السهم عين الطائر في ضربة مثالية؛ أي عندما تستخدم استراتيجية "لا شيء لتخسره"، لن يوجد أي أمر يشتتك عن هدفك.

4. التغلب على مخاوفك:

إن سألت أي استراتيجي في هذا العالم، سيخبرك أنَّه يمكن للمرء اتخاذ جميع تدابير التخفيف من المخاطر في خطوات التخطيط والتنفيذ، ومع ذلك، لا يمكن لأحد أن يضمن نتائج المشاريع الريادية؛ حيث تكون المتغيرات كثيرة للغاية، عندما تكون الظروف الخارجية غير متوقعة وغادرة، فما الذي ستعتمد عليه؟ الآن هو الوقت المثالي للاستفادة من مواردك الداخلية.

إنَّ معظم الناس في هذا العالم مقيدون بسبب خوفهم من الفشل، نظراً لأنَّ تجربة شيء جديد تعني وجود فرصة لفشلهم، فهم لا يحاولون على الإطلاق، إذن، ما الذي يجعل روَّاد الأعمال مختلفين؟ ألسنا قلقين من الفشل؟ الحقيقة هي أنَّ روَّاد الأعمال يكرهون الفشل مثل أي شخص آخر في هذا العالم، لكنَّ الأمر المختلف هو أنَّهم يتغلبون على خوفهم من الفشل، نحن لا نحب الفشل، ولكنَّنا نرفض الانصياع له، عندما تشعر أنَّك محاصر، استخدم استراتيجية "لا شيء لتخسره" من خلال التغلب على مخاوفك الفطرية من الفشل، اعلم أنَّه عندما لا يكون لديك ما تخسره، فلن يمنعك شيء أيضاً.

شاهد بالفديو: 12 أمراً يساعدك في التغلب على الخوف

5. متابعة التقدم:

الفوز أو الخسارة مسألتا وجهة نظر، صحيح أنَّ التغلب على الإخفاقات أمر ضروري، لكن كذلك القدرة على الهروب من فخ النجاح المبكر، يعرف رجل الأعمال الذكي كيف يحول الخسائر إلى قوة جبارة للمضي قدماً، دون أن يتأثر في الانتصارات المبكرة.

على سبيل المثال، قبل مسابقة أكسيلريت ميتشغن، تقدم فريق سيلسي بطلب للحصول على جائزة بيل وميلندا جيتس (Bill and Melinda Gates)، لكن لسوء الحظ، خسر الفريق؛ وبالنسبة إلى فريق قليل الخبرة، كان الفشل مزعجاً، ومع ذلك، في هذه اللحظة العصيبة، جعل الفريق من هذا الألم حافزاً للتركيز على خطة عمل أفضل، وكانت هذه الخطة المحسَّنة هي التي انتهت بالفوز بالجائزة الكبرى.

إقرأ أيضاً: كيف تتخلى عن فكرة الاستسلام وتحافظ على دوافعك؟

لم يكن هذا الفوز نهاية لكفاح الشركة الناشئة؛ حيث سيتعيَّن على الفريق خوض العديد من المعارك ومواجهة العديد من التغييرات حتى يصلوا إلى النهاية، لقد خسروا أشياء، وفازوا بأشياء، لكنَّهم لم يستسلموا أبداً، السر الكامن وراء إتقان استراتيجية "لا شيء لتخسره" يكمن في القدرة على التحمل والمضي قدماً مهما كان الأمر.

لم يكن العالم قبل الآن بحاجة إلى مبتكرين ومحدثي تغيير لإظهار مستقبل أفضل، لكنَّ الاحتمالات مخيفة فأكثر من 90% من الشركات الناشئة تفشل في تحقيق ذلك، لكن ضع مخاوفك جانباً وخذ زمام المبادرة، وتجرَّأ على استخدام تقنية "لا شيء لتخسره" وتسلَّح بمعرفة أنَّك قمت بعمل نبيل - بغضِّ النظر عن العواقب - ستذكرك الإنسانية دائماً كأسطورة، تماماً مثل هؤلاء الجنود الـ 21 في معركة ساراغراهي.

المصدر




مقالات مرتبطة