استخدام الطب البديل "الأعشاب" وخطورته

كثيراً ما نمرض أو نمرّ بوعكة صحية تترافق مع السعال والرشح أو رمد في العيون أو مغص أو تشنُّج بالرقبة أو آلام في الظهر والبطن وغيرها من الأعراض، فنهمل الذهاب إلى عيادة الطبيب وأخذ الاستشارة ونلجأ إلى الحلول البديلة المتوارثة عن أهلنا وأجدادنا؛ كشرب نقيع الأعشاب الساخن كالبابونج والزعتر واستخدام الزيوت النباتية وفي بعض الأحيان تُستَخدَم أنواع أخرى من الأعشاب؛ والتي إما تُغلى وتُشرَب أو تُنقَع لعدة ساعات ثم تُشرَب أو تُدَقُّ لصنعِ مرهم ويُدهَن مكان الألم بها، وهي طرائق متوارثة وتقاليد قديمة نُقِلَت عبر الزمن عن طريق الأجداد من جيل إلى آخر، وأول مَن استخدَمَها هم سكان القارة الآسيوية والصينيون.



قد تكون هذه الطرائق فعالة في الكثير من الأحيان وتعطي نتائج إيجابية، وقد تكون شافية في بعض الحالات، ولكنَّها ليسَت بطرائق سليمة للعلاج من كافة الأمراض، ولا تُصنَّف من الطرائق الآمنة على صحة المريض، وخاصة أولئك الذين يعانون من أمراض مُزمِنَة، وبعد تطوُّر العلم والعلوم وجب اللجوء إلى الطبيب لتشخيص المرض وإعطاء الدواء اللازم، ففي الكثير من الأحيان قد تكون مضار هذه الأعشاب وخطرها أكثر من فوائدها ومنافعها، والأعراض الجانبية المُلحَقة بها قد تكون ذات تأثير سلبي أكثر مما هو إيجابي في المريض وفي حياته.

كما قد تتسبَّبُ بظهور بعض المضاعفات نتيجة للتداخلات غير المدروسة علمياً، وهذا ما يُطلَق عليه بالطب البديل الذي يُعَدُّ من طرائق العلاج التي تتَّبعها شريحة كبيرة من الأفراد؛ والتي تُعَدُّ بعيدة عن العلمِ ولا يَعتمِد فيها التشخيص على الطرائق العلمية المُتَّبعة في الطب، ولا تُستَخدَم الأدوية المُتعارَف عليها ذات التركيب الكيميائي؛ بل يُعتمَد على معرفة الفرد وثقافته والتقاليد والأقاويل التي قد تربى عليها وتوارَثها.

أنواع الطب البديل:

الطب البديل له العديد من الأنواع؛ كالعلاج بالأعشاب والوخز بالإبر والتنويم المغناطيسي وغيرها من الأنواع الكثيرة التي تكون غايتها تخفيف الألم على الأغلب وليس العلاج.

أسماء أكثر الأعشاب الطبية استخداماً:

الخرنوب، عشبة الصبر، عشبة الكتان، عشبة الشمر، النعنع، الزعتر، الزنجبيل، البابونج، الشوفان، وهنا سوف نستعرضُ بعضَ هذهِ الأعشاب التي من الممكن أن نستخدمَها بوصفها بديلاً للدواء في العلاج، وما هو مدى فاعليتها، وما هي آثارها الجانبية في الجسم والصحَّة عند الأصحَّاء والمرضى.

1. البابونج:

البابونج

وهو العشبة الأكثر شعبية بين الناس، وتستخدمُه شريحة كبيرة من المجتمع؛ فعلى الرغم من أنَّه يُستَخدَم في الكثير من الأحيان لتهدِئَة الأطفال ومساعدتهم على النوم السريع وعلاج التهاب القصبات، إلَّا أنَّ الإفراط في شربه يؤدي إلى آلام في البطن والشعور بالغثيان، وقد تظهَرُ بعض البقع الحمراء على سطح الجلد.

كما يسبِّبُ في بعض الأحيان التهابات في الجلد، وقد يتداخل مع بعض الأدوية التي يستخدمها المريض ويسبِّب بعض المشكلات للجسد والصحة، كما لا يُستَحسَن شربه لمرضى السكري والضغط والسرطان، فقد أظهرَت بعض الدراسات أنَّه قد يسبِّبُ بعض المضاعفات.

كما يُحبَّذُ إيقاف استخدام البابونج قبل العمليات الجراحية بحوالي الأسبوعين؛ وذلكَ لاحتمال تداخله مع أدوية التخدير، ويُنصَحُ بأخذ مشورة طبيَّة عند استخدام البابونج كعلاج طويل الأمد؛ وذلك لأنَّه يحتوي في تركيبته على كميَّة قليلة من مادة الكومارين التي تؤدي إلى تميُّع الدم عندما يُستَخدَم لفترات طويلة، كما أنَّ البابونج يعمل على خفض ضغط الدم؛ لذلكَ لا يُنصَحُ باستخدامه لمرضى الضغط المُنخفِض.

2. الشوفان:

ويُستَخدَم في الكثير من الأحيان كمتمِّم غذائي عند الكثيرين، ويُعَدُّ بديلاً عن القمح أيضاً، ويساعد على التخفيف من الوزن، ولكنَّ تناوله بكميات كبيرة قد يؤدي إلى انتفاخ في البطن والإسهال، كما يُسبِّبُ طفحاً جلدياً.

3. الزنجبيل:

الزنجبيل

يُستَخدَم لتخفيف آلام البطن والإسهال، لكنْ لا يُحبَّذ استخدامه طازجاً لمَن كانوا يعانون من قرحة معديَّة أو التهابات في الأمعاء.

4. الثوم:

الثوم

يُعَدُّ دواءً مضاداً للأكسدة ويحمي القلب والأوعية الدموية، ولكنَّ تناوله بطريقة عشوائية وبكثرة قد يُسبِّبُ الكثير من المشكلات؛ ومنها وأكثرها هي المشكلات الهضمية كالنفخة أو حرقة المعدة، وغالباً ما يُسبِّبُ الغازات، وهو يحتوي على مضادات لتخثُّر الدم والإكثار منه يُسبِّبُ ميوعة الدم؛ مما يؤدي إلى الإصابة بالنزيف وخاصةً إذا ترافقَ تناوله مع تناول أدوية مميِّعة للدم؛ إذ يُفضَّل إيقاف تناوله قبلَ العمليات الجراحية بحوالي ما يقارب الأسبوع.

إقرأ أيضاً: 10 فوائد صحية للثوم تجعل منه صيدلية متكاملة

الوخز بالإبر:

الوخز بالإبر يُعَدُّ من الطرائق الشائعة في الصين؛ وذلك من أجل علاج الحالات النفسية وضغوطات الحياة، فتساهمُ هذه الإبر في إعادة توازن الطاقة في الجسم وتُعَدُّ من الطرائق الآمنة، إلَّا أنَّ خطورتها تكمنُ في استخدامها دون تعقيم أو غرسها أكثر من اللازم أو الوخز الخاطِئ؛ والذي قد يُسبِّبُ في بعض الأحيان إصابة العصب أو أذيَّة دماغية أو صدرية، ومن الممكن أن تنكسر الإبر الدقيقة في الجسم؛ فتُسبِّبُ مشكلات عديدة.

لكنْ يُعَدُّ استخدام الأعشاب من أخطر ما قد نستخدمه في الطب البديل؛ إذ تكمنُ خطورة استخدام بعض الأعشاب مع بعضها كخطورة التداخلات الدوائية تماماً، فتناول الثوم والزنجبيل في آنٍ واحد يؤدي إلى تميُّع في الدم وصعوبة في تخثره على رغم من أنَّ استخدامهما مع بعضهما يُعَدُّ علاجاً للصداع الشديد، لكنْ لا تجدر المخاطرة.

مخاطر الطب البديل:

  1. قلَّة أمانه على الصحة؛ وذلك لأنَّهُ لا يعتمد على الأُسُس العلمية المُتَّبعة في الأدوية لا من ناحية التشخيص ولا حتى في العلاج ومدة العلاج، فهو في غالب الوقت يعتمد على التقاليد والعادات المُتوارَثة من قِبَل أجدادنا بعيداً عن الدراسات والأبحاث.
  2. عدم النظر إلى الآثار الجانبية للطرائق المُتَّبَعة في العلاج.
  3. عدم مراعاة الفروقات الفردية للمرضى.
  4. عدم الإدراك لدرجةِ سُميَّة بعض هذه الأعشاب وخطورتها؛ والتي من المُحتمَل أن تؤدي إلى الموت في أغلب الأحيان.

إنَّ اتباع الطب البديل قد يُسبِّبُ في بعض الأوقات ضرر أعضاء أخرى، ويُعَدُّ العلاج بالطب البديل من الطرائق غير السليمة وغير الآمنة على صحة المريض، ولا سيما في الأمراض المزمنة ومعقدة التشخيص، فقد تودي بحياة المريض في معظم الأحيان؛ وذلك لأنَّها من المُحتمَل أن تصيب ومن المُحتَمَل أن تُخطِئ، كما تُوجَدُ مشكلة ما تزال قائمة بحدِّ ذاتها؛ والتي تُعَدُّ من أهم المشكلات عند استخدام الطب البديل؛ وهي عدد الجرعات والكميَّة الواجب استخدامها ومدَّة الجرعات الواجب على المريض أخذها، وكذلك مدى تأثير تداخل مجموعة من الأعشاب مع بعضها بعضاً وتفاعلها.

في حين تتشابه بعض الأمراض مع بعضها، إلَّا أنَّ الدقة في التشخيص تُعَدُّ أمراً في غاية الأهمية لتشخيص المرض ووصف العلاج المطلوب والمناسب للحالة؛ لذلك على الرغم من تطوُّر الطب البديل، إلَّا أنَّ أخطاره تُعَدُّ قاتلة في أغلب الأحيان.

إقرأ أيضاً: الأعشاب والنباتات الطبية ودورها العلاجي

أخطاء شائعة في استخدام الطب البديل:

هنا سوف نذكر بعض هذه الأخطاء الشائعة في استخدام الطب البديل، وأولها الزيوت التي يمكنُ استخراجها من الأعشاب والتي يذكر الكثيرون أنَّها مفيدة، إلَّا أنَّها في أغلب الأحيان تُسبِّبُ حساسية للجلد، وقد تؤدي إلى التسمُّم.

يُوجَدُ بعض العطارين الذين ورثوا عن أهاليهم صنع بعض الخلطات العشبية المتنوعة بشكل عشوائي وبيعها للناس على أنَّها آمنة وفي إمكانها علاج بعض الحالات المستعصية كالسكري وضغط الدم وغيرها، إلَّا أنَّها على العكس تماماً، ووجب التنويه إلى مدى خطورتها لعدَّة أسباب أهمها:

  1. صنع العطارين لخلطاتهم بشكل عشوائي دون دراية بالنسب الواجب وضعها في الخلطة وعدم معرفتهم بالمواد ومدى فاعليتها؛ مما يجعل هذه الخلطات خطرة.
  2. استخدامهم مصطلحات متعدِّدة؛ كأعشاب طبيعيَّة أو أعشاب آمنة أو لا تضرُّ بالصحة؛ وذلك لترغيب المرضى، إلَّا أنَّها من الممكن جداً أن تكونَ سامَّة وقاتلة وبعيدة كل البعد عن العلاج.
  3. افتقار العطارين لمدَّة صلاحية هذه الخلطات التي يدمجونها مع بعضها بعضاً.
  4. مزج العطارين عدَّة أعشاب مع الزيوت دون دراسة لمدى فاعليتها وتأثيرها في المرضى، وخصوصاً أنَّها قد تسبِّبُ الحساسية لبعض الأشخاص أحياناً.
  5. عدم ذكر العطارين للعشبة المُستخدَمة في الخلطة؛ أي التركيب الواجب على المريض معرفته؛ وهذا ما يجعلها غير آمنة لإمكانية تفاعلها مع أدوية معيَّنة يتناولها المريض.

بعض الطرائق الآمنة لاستخدام الأعشاب الطبيَّة:

  • استخدام هذه الأعشاب الطبية بشكلها الخام.
  • تحويل أنواع منها إلى صبغات.
  • استخلاص الأعشاب.
  • تحويل الأعشاب إلى أقراص أو مراهم.
  • دمجها مع الطعام أو الحلويات.

في الختام:

لقد تحدَّثنا في هذا المقال عن الطب البديل؛ أين نشأ، وما هو سبب إقبال شريحة كبيرة من المجتمع على اللجوء إليه، وعلى ماذا يعتمد، وما هي أنواعه، وما هي الطرائق المُتَّبعة باستخدامه، وتعرَّفنا إلى مخاطر تداخل بعض هذه الأعشاب مع بعضها، ومخاطر الطب البديل بشكل عام على كلٍّ من الكبار والصغار، وتحدَّثنا أيضاً عن مخاطر اللجوء إلى العطارين، ولنختم مقالنا بالقول: لا للجهل، نعم للعلم والمعرفة، فبالعلم ترقى الأمم.




مقالات مرتبطة