استخدام التفكير الناقد في حل المشكلات وتحسين القرارات

يواجه الإنسان في حياته العديد من المشكلات يومياً، منها ما هو بسيط لا يتطلَّب حلها وقتاً طويلاً أو تفكيراً ملياً ومنها مشكلات تبدو بسيطة فيهملها الفرد أو يسيء التعامل معها لتتطور مع مرور الزمن وتصبح أصعب، وقد تصبح مستعصية الحل وربما تتسبب في تغيير مجرى الحياة العملية أو العاطفية أو الاجتماعية، وقد تؤثر في مختلف جوانب الحياة معاً وجميعنا معرضون لذلك.



عند التفكير بالأشخاص الناجحين والمميزين في مجالات عملهم، غالباً ما نفسر سبب النجاح بالقدرة على اتخاذ أفضل القرارات وحل مختلف المشكلات التي تعرضوا لها خلال مسيرة حياتهم.

هنا قد تفكر بقدرة الإنسان على حل مشكلاته هل هي مكتسبة أم أنَّها موهبة فطرية؟ وسنجيبك بأنَّ الحدس غير كافٍ لحل مشكلة أو اتخاذ قرار لأنَّك تحتاج إلى التفكير الصحيح للوصول إلى النتيجة الصحيحة، وربما سمعت سابقاً عن التفكير الناقد وأهميته في حل المشكلات وتحسين قدرة الإنسان على اتخاذ القرارات فما هي العلاقة بينهما؟ وما هي المهارات التي يجب علينا تطويرها من أجل استخدام التفكير الناقد في حل مشكلاتنا؟

مقالنا الحالي سيجيب عن كافة الأسئلة السابقة لتصبح عملية حل أيَّة مشكلة أبسط وأنجح أيضاً، وهذا يضمن وصولك إلى ما ترغب به في الحياة سواءً العملية أم الشخصية.

مفهوم التفكير الناقد:

وُضعت العديد من التعريفات للتفكير الناقد من قِبل العلماء المتخصصين، وجميعها تؤكد أنَّ التفكير الناقد هو القدرة على تحليل الحقائق والأحداث والفرضيات ودراستها بشكل منطقي وواقعي، وإيجاد النقاط التي تصل الأفكار ببعضها وتساعد الفرد على الوصول إلى نتيجة صحيحة فيتمكن من اتخاذ القرارات المناسبة وحل المشكلات المعقدة.

خصائص التفكير الناقد:

للتفكير الناقد العديد من الخصائص التي يتميز بها وأهم تلك الخصائص ما يأتي:

  1. القدرة على تحليل البيانات بالطريقة الصحيحة.
  2. تحديد العوامل والأسباب التي أدت إلى حصول المشكلة والتي تساعد على فهم طبيعة المشكلة.
  3. الوصول إلى النتائج والأحكام المنطقية والواقعية أيضاً القابلة للتنفيذ التي تتوافق مع المعطيات الخاصة بالمشكلة.
  4. الحلول والنتائج تكون قابلة للتعديل في حال لم تتمكن من تنفيذها نتيجة خطأ في التفكير في أثناء محاولة إيجاد الحلول.

علاقة التفكير الناقد بحل المشكلات:

تبين الفقرة السابقة أنَّ التفكير الناقد هو وسيلة من وسائل حل المشكلات التي تم التركيز عليها كثيراً في الفترة الأخيرة، وأهمية التفكير الناقد في حل المشكلات أتت من النقاط الآتية:

  1. التفكير الناقد يجعل كل شيء واضحاً أمام الشخص، ومن ثم طريقة تعامله مع المشكلات تكون أكثر شفافية ووضوحاً.
  2. التفكير الناقد يعطي الفرد خبرة كبيرة تمنعه من الوقوع في الأخطاء قدر الإمكان.
  3. يدفع التفكير الناقد الفرد إلى العمل التعاوني ومشاركة المحيطين من أصدقاء أو زملاء عمل أو أفراد العائلة في التفكير من خلال الحوار بهدف الوصول إلى القرار الصحيح.
  4. يحسن التفكير الناقد قدرة الفرد على حل المشكلات مع مرور الوقت.

شاهد بالفيديو: 5 تقنيات فعالة للتفكير النقدي

الخطوات التي تساعد على حل المشكلات وتحسين القرارات باستخدام التفكير الناقد:

يتطلب حل المشكلات وتحسين القرارات باستخدام التفكير الناقد اتباع خطوات عدة ربما تكون صعبة في بداية استخدام هذه المهارة، لكن مع مرور الزمن يصبح الأمر أسهل نتيجة الممارسة المستمرة، والخطوات هي كالآتي:

1. تحديد المشكلة:

إن كانت البداية صحيحة فالوصول إلى نتيجة صحيحة أمر لن يستغرق الكثير من الوقت والجهد، لذلك يجب على من يرغب بحل مشكلاته بالاعتماد على التفكير الناقد تحديد المشكلة بدايةً وتحديد جوانبها الإيجابية والسلبية أيضاً، وتحتاج هذه الخطوة إلى التفكير ملياً، وهذا يجعلها تعد خطوة تحتاج إلى الذكاء.

2. تحليل المشكلة:

تشمل هذه الخطوة تحديد الأسباب التي أدت للوقوع في هذه المشكلة والظروف التي ساعدت على نموها وتطورها، وأيضاً هي خطوة تحتاج إلى التفكير العميق، إضافة إلى ذلك فيجب تحديد مدى صعوبة حل هذه المشكلة لفهم طبيعتها.

3. وضع قائمة الحلول:

هي قائمة تضم كافة المقترحات التي توصَّل الفرد إليها بعد تحليل المشكلة والتي يمكنها حل المشكلة، ومن ثم التفكير لاختيار الطريقة الأكثر منطقية وواقعية، وفي حال كانت معظم الطرائق تفيد في الحل وواقعية أيضاً، فالأفضل اختيار الطريقة الأسهل التي تساعد على حل المشكلة بوقت وجهد أقل أيضاً.

4. تحديد خطة تطبيق الحل:

بعد اختيار الطريقة الأنسب لحل المشكلة يجب رسم مخطط يتضمن طريقة تطبيق الحل خطوة بخطوة مع تحديد الزمن المناسب لكل خطوة، من أجل أخذ الاحتياطات اللازمة لتطبيق كل مرحلة من مراحل الحل، ومن ثم يجب البدء بتطبيق الخطة.

5. تقييم النتائج:

بعد تنفيذ كل خطوة من الخطوات الموضوعة سابقاً يجب تقييم النتيجة لتحديد مدى تحقيق الفرد للنتائج المرجوة، فقد يحتاج إلى تعديل إحدى الخطوات في حال لم يصل إلى النتيجة المرجوة أو فشل نهائياً في تحقيق ما يرغب.

مهارات التفكير الناقد اللازمة لحل المشكلات:

يشمل التفكير الناقد مهارات عدة يجب التمتع بها لتحسين القرارات وحل المشكلات، وأعلاها هي المهارات الآتية:

1. مهارة التحليل:

هي قدرة الفرد على رؤية الأشياء الصغيرة غير الملحوظة للكثيرين والأمور المخفية وقراءة ما بين السطور وتفكيك المفاهيم المعقدة وجمع المعلومات وتحليلها، ومن ثم ربط الأفكار ببعضها بعضاً، ولتطوير المهارة التحليلية عند الفرد يمكن اتباع طرائق عدة مثل التدرب على حل المسائل الرياضية؛ وذلك لأنَّ علم الرياضيات هو علم منطقي وحل أيَّة مسألة يتطلب استخدام العديد من المعلومات معاً بعد تجميع كافة المعلومات التي تتعلق بموضوع المسألة.

يمكن أيضاً المثابرة على الألعاب الذهنية التي تعتمد على الذكاء؛ إذ تعد الألعاب الذهنية من أفضل الطرائق لتطوير المهارة التحليلية عند الفرد، فهي تدفعه للتفكير بعمق وتساعد على اكتساب أنماط تفكير متجددة، ويمكن أيضاً الالتحاق بنوادي القراءة التي تمكِّن الفرد من الالتقاء مع العديد من الأشخاص ممن يمكنه مناقشتهم وتبادل وجهات النظر معهم في جو مناسب لذلك حول الموضوعات والكتب التي يتم اختيارها، فوجهات النظر المختلفة تساعد على توسيع الأفق، كما يساعد على ذلك حضور المحاضرات الأكاديمية والمؤتمرات العلمية أو الثقافية.

شاهد بالفيديو: 7 طرق لتحسين مهارة اتخاذ القرار

2. مهارة التواصل:

هي قدرة الفرد على تبادل الأفكار والمعلومات والمشاعر مع الآخرين، وتشتمل مهارة التواصل على مهارات عدة منها المهارات التعبيرية المتعلقة بتعابير وجه الفرد في أثناء تبادل الأفكار وغيرها، ومهارة الاستماع لكلام الشخص الذي يتواصل معه دون مقاطعته كي يتمكن من فهم ما يريد بشكل كامل وصحيح، إضافة إلى الثقة؛ وذلك لأنَّ الناس تميل بطبعها إلى التواصل مع الأشخاص ممن يمتلكون ثقة عالية بأنفسهم.

تحتاج تنمية مهارة التواصل إلى أن يكون الإنسان ذا تفكير منفتح فيتقبل آراء الآخرين المخالفة لرأيه ويبرز الاحترام لجميع الناس ويبتعد قدر الإمكان عن القسوة في التعامل، وكي يكون التواصل أكثر فاعلية يجب التحدث بذكاء بعيداً عن التصنع أو الكذب أو السرعة في التحدث.

3. مهارة الإبداع:

نقصد بالإبداع هنا طلاقة الفرد في تفكيره وتصوره وتعبيره، ويمكننا تعريفه بأنَّه "التفكير خارج الصندوق" الذي يسمح للفرد باكتشاف الطرائق المناسبة لحل مشكلاته واتخاذ أنسب القرارات، ولتطوير مهارة الإبداع يمكن أن يقوم الفرد بالعديد من الأمور كقراءة موضوعات بعيدة عن نطاق عمله أو اهتماماته للتعرف إلى أشياء جديدة ومتابعة الكثير من الأفلام ذات الموضوعات غير المتشابهة وعدم التركيز على نمط معين.

مثلاً إن كنت من محبي الأفلام الوثائقية فحاول مشاهدة أفلام الأكشن، كما تساعد الرياضة على تحسين التفكير وتعزيز القدرات الذهنية، وهذا يحفز الفرد على الإبداع، ولا تنسَ محاولة التركيز على النواحي الإيجابية في حياتك والمهارات التي تمتلكها ومحاولة تنميتها قدر الإمكان.

4. مهارات أخرى:

للتفكير الناقد مهارات أخرى تساعد على تنمية المهارات السابقة لتستطيع اتخاذ أفضل القرارات في كل موقف تجد نفسك فيه، منها مهارة الذكاء العاطفي التي تعني قدرة الفرد على التعرف إلى مشاعره ومشاعر الآخرين أيضاً وفهمها والتعامل معها بالطريقة الأنسب، ومهارة الاستدلال الاستقرائي التي تعتمد على الملاحظات التي يمتلكها الفرد والتي تمكِّنه من فحص الاحتمالات الموجودة أمامه ليصل إلى النظرية الأفضل، والاستنتاج المنطقي أيضاً وهو العملية التي يقوم بها عقل الإنسان للبحث عن تفسير وسبب منطقي لكل حدث من الأحداث بهدف فهم الأحداث واستخراج العبر منها.

إقرأ أيضاً: التفكير الإبداعي والتفكير الناقد: سمات كل منهما، والفرق بينهما

في الختام:

التفكير الناقد هو إحدى الوسائل التي تساعد على حل المشكلات واتخاذ القرارات الصحيحة والمنطقية بطريقة تعتمد على تحليل البيانات وتحديد طبيعة المشكلة والأسباب التي أدت إلى وقوعها وتطورها، فتلك الطريقة تجعل كل شيء واضحاً أمام الفرد، ومن ثم قدرته على الوصول إلى القرارات الصحيحة أكبر ونسبة وقوعه في الأخطاء أقل.

إقرأ أيضاً: التفكير النقدي: تعريفه، أهميته، ضوابطه، وكيف نطبقه؟

يتطلب حل المشكلات باستخدام التفكير الناقد اتباع خطوات عدة تبدأ بتحديد المشكلة بمختلف جوانبها الإيجابية والسلبية، ومن ثم تحليلها لمعرفة مدى صعوبة أو سهولة حلها، وبعدها يقوم الفرد بوضع قائمة بالمقترحات التي تعد أفضل الحلول ليتم اختيار الأنسب والأسهل من بينها.

كما يجب وضع خطة لتطبيق الحل المختار لتجنب الوقوع في أي خطأ، ومن ثم تقييم النتائج التي توصل إليها الفرد من كل خطوة من خطوات الحل، ولاستخدام التفكير الناقد في حل لمشكلات يجب تطوير مهارات عدة منها مهارة التواصل ومهارة التحليل ومهارة الإبداع ومهارات عدة ثانوية أيضاً مثل مهارة الذكاء العاطفي.




مقالات مرتبطة