اختلاف الدوافع التي تحث الموظفين على الاندماج بالعمل

قبل بضعة أشهر حضرتُ مؤتمراً لتقنية الموارد البشرية؛ إذ رأيت متحدثاً تلو الآخر يقولون بثقةٍ كبيرة: "بالطبع نعلم جميعاً أنَّ الدافع الأول لإدماج الموظفين هو..." كما لو كانوا يلقون حكمةً مؤكدة على الجمهور.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الرئيس التنفيذي "جيم بارنيت" (Jim Barnett)، يُحدِّثنا فيه عن تجربته في اكتشاف الدوافع الأساسية لإدماج الموظفين.

المشكلة أنَّ المتحدث الأول قال إنَّ هذا الدافع هو الثقافة، والثاني قال إنَّه الراتب، والثالث قال إنَّ الأمر كله يعود إلى مدير الموظف، وبالطبع، لا يمكن أن يكونوا جميعاً على صواب، أليس كذلك؟

هناك إجماعٌ ضئيلٌ على دوافع الإدماج:

قلَّلت نتائج بحث "غوغل" (Google) عن "الدافع الأول لإدماج الموظفين" من مدى الإجماع على هذا الموضوع أيضاً؛ إذ كشفت أفضل عشر نتائج عن تسع إجاباتٍ مختلفة:

  1. التمكين.
  2. القيادة.
  3. التقدير (ورد مرتين).
  4. راحة الموظف.
  5. القدرة على النمو والتطور.
  6. العلاقة التنموية القوية بين القائد وموظفيه.
  7. المديرون.
  8. اهتمام الإدارة العليا براحة الموظفين.
  9. الثقة.
إقرأ أيضاً: هل تواجه صعوبة في إدماج الموظفين؟ جرب استخدام الأسلوب التقليدي

الاعتقاد السائد:

تواجه الادعاءات المتعلقة بالدافع الأول للإدماج عديداً من المشكلات:

  1. تمثِّل هذه الادعاءات عادةً بياناتٍ مجمعةً من استطلاعٍ واحدٍ في وقتٍ واحد؛ عادةً من شركةٍ استشاريةٍ في مجال الإدماج وذات سمعةٍ طيبة.
  2. تقلِّل هذه الادعاءات من أهمية العديد من دوافع الإدماج وعلاقتها بعضها ببعضٍ.
  3. غالباً ما تكون هذه الادعاءات مدفوعةً بالمصلحة الذاتية؛ إذ يختار "الخبراء" بيانات الاستطلاع التي تدعم ما يروِّجونه، وفي هذه الحالات، أظن أنَّه من الأدق القول: "الدافع الأول لإدماج الموظفين هو الدافع الذي يجعلك ترغب في الشراء منِّي".

لقد ملأت البيانات الشاملة المناقشات المتعلقة بإدماج الموظفين والاحتفاظ بهم، مثل: "لا يغادر الناس الشركات؛ بل يغادرون مديريهم"، أو "إنَّ الثقافة أهم من الاستراتيجية"، ومع وجود حقيقةٍ في هذه البيانات، إلا أنَّ مبادئ الإدارة العامة لا توفِّر أساساً عملياً لاستراتيجية إدماج القوى العاملة؛ إذ إنَّ ديناميكيات مكان العمل في كل مؤسسةٍ فريدةٌ من نوعها، ويجب على المؤسسات أن تأخذ تكوينها الخاص في الحسبان عند توجيه الإدماج.

شاهد بالفيديو: 3 خطوات على المدراء اتباعها لتحفيز موظفيهم

اختلاف الدوافع:

تختلف دوافع إدماج الموظفين على نطاقٍ واسعٍ عبر مجموعةٍ هائلةٍ من سمات الموظف، من صناعةٍ إلى موقعٍ إلى دور العمل الذي يؤديه الموظف، مع تأثيرٍ نسبي مختلفٍ لكلٍّ منها، على سبيل المثال، قد يكون العمل الهادف والمديرون المتعاونون على رأس أولويات الموظف الذي يبدأ حياته المهنية في مؤسسةٍ غير ربحية، بينما قد يكون التعويض والاستقلالية أكثر أهميةً لمندوب مبيعاتٍ متمرسٍ في شركةٍ مالية.

يُعَدُّ الشعور بالهدف المحرك الأكثر تأثيراً في شركة "غلينت" (Glint)، وهذا أمرٌ منطقيٌّ بالنسبة إلى شركةٍ ريادية، بينما ترى المنظمات الأخرى أنَّ القيادة أو الآفاق المستقبلية للشركة أو الثقافة التنظيمية هي المحرك الأول، ويتغير تأثير هذه الدوافع مع مرور الوقت؛ وذلك بناءً على احتياجات الفرد أو الفريق أو المنظمة.

ملف الإدماج:

من الهام للغاية أن تتعلم الموارد البشرية والقيادة الدوافع المحدَّدة للإدماج في مؤسستهم، ومن ثمَّ الاحتفاظ بالموظفين، ونظراً لأنَّ كل منظمةٍ وفريقٍ فريدان من نوعهما، يحتاج المديرون والقادة إلى معرفة دوافع الإدماج الأكثر أهميةً لموظفيهم في أيِّ وقت، والأهم من ذلك، معرفة أيٍّ من هذه الدوافع يمثل نقاط ضعفٍ في أعين موظفيهم حتى يتمكنوا من فعل شيءٍ ما حيالها.

ونظراً لأنَّ التأثير النسبي لهذه الدوافع يمكن أن يتغير بسرعة، تحتاج المؤسسات إلى جس نبض الموظفين بشكلٍ أكبر ممَّا يمكن أن يوفره استطلاع الإدماج السنوي التقليدي.

تحتاج المنظمات أيضاً إلى تحليلٍ إحصائي للبيانات، وتحليل مجموعات الموظفين ودوافعهم الفريدة في الإدماج، ولا يمكن للمنظمات انتظار شركةٍ استشاريةٍ أو خبيرٍ إحصائيٍّ لتقديم هذا التحليل؛ بل إنَّها بحاجةٍ إلى معرفة ذلك بسرعة، وعلى نحو مباشر، حتى تتمكن من التعامل مع الموقف تعاملاً مدروساً.

إقرأ أيضاً: كيف تضمن إدماج الموظفين الذين يعملون عن بعد؟

تدفع الرؤية الملموسة عجلة الإدماج:

إنَّ الأبحاث الواسعة وتوصيات الإدماج المُوحَّدة التي تناسب الجميع، والتي أُنشِئت على أساسٍ سنوي، لا تتماشى ببساطةٍ مع المنظمات الديناميكية اليوم؛ إذ تعمل استطلاعات جس النبض المتكررة جنباً إلى جنب مع التحليلات الفورية على تمكين المؤسسات أخيراً من رؤية ما يدفع عجلة الإدماج بين موظفيها وفِرقها بشكل ملموس.

يُمكِّن ذلك القادة من التفاعل بسرعةٍ وذكاءٍ مع ما ينجح وما لا ينجح، مع إضافة عنصرٍ علميٍّ إلى فن بناء قوةٍ عاملةٍ ملتزمة.

المصدر




مقالات مرتبطة