اتبع مسار شغفك

لقد أصبحَت كلمة شغف مصطلحاً تجارياً ونمط حياة رنَّاناً في الفترة الأخيرة، مثلها مثل المصطلحات الأخرى التي تنتشر اليوم بسرعة هائلة: كالاستدامة والقيمة المضافة، ومع أنَّ الشغف بطبيعة الحال أمر جيد، إلَّا أنَّه يظل بعيد المنال بالنسبة إلى كثيرٍ من الناس، إن لم يكن جميعهم.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "إيفان تارفر" (Evan Tarver)، ويُحدِّثُنا فيه عن تجاربه في الوظائف المختلفة التي عمل فيها، وكيف صقلت هذه التجارب شغفه مع الزمن.

الشغف يقود الأهداف:

الشغف هو الغاية القصوى التي تعطي الحياة هدفها ومعناها وأهميتها، وهو الأساس لكلٍّ من تحسين الذات وريادة الأعمال، فيا له من أمر محزن أنَّ هذا هو الشيء الوحيد المُشترك الذي يفتقر إليه معظم الناس في حياتهم الشخصية والمهنية.

لكن لا تقلق؛ لأنَّك إن لم تمتلك شغفاً في حياتك، فلستَ الوحيد في ذلك؛ فليست المشكلة أنَّك لا تمتلك شغفاً؛ بل المشكلة هي أنَّك لم تكتشفه بعد، ومن الهام جداً الإشارة إلى أنَّ الإنسان لا يجد شغفه بقدر ما يكتشفه اكتشافاً؛ إذ إنَّ الشغف قابع في أعماق قيم الإنسان ومعتقداته الشخصية؛ في انتظار أن يُخرجه إلى السطح.

إقرأ أيضاً: كيف أُحدِّد شغفي؟

عند إيجاد شغفك ستعطي لحياتك معنى وأهمية قصوى:

قد يتطلَّب منك الأمر تكرار كثيرٍ من التجارب الحياتية حتى تسبر أغوار قيمك العميقة؛ ولا بدَّ أنَّه سبق لك وعملت في وظيفة تكرهها، ولكنَّك اكتسبت منها الخبرة، وتعرَّفت جيداً إلى ما يعجبك وما لا يعجبك؛ وهذا ساعدك على إيجاد عمل أفضل، ولا بُدَّ أنَّك مررت بصداقة أو علاقة سلبية مع أحدهم، ولكنَّك استخدمتها بوصفها نقطة انطلاق للعثور على أصدقاء يمكنك التوافق معهم بشكل أفضل.

إذا مررت بتجارب كهذه، فإنَّك على الطريق الصحيح في مسار شغفك؛ إذ تستخدم جميع تجارب حياتك - الإيجابية منها والسلبية - بصفتها مساراً يصل بك إلى المعنى والشغف الحقيقي في حياتك.

لقد كانت حياتي الشخصية تكراراً لتجربةٍ تلو الأخرى، بعضها سيِّئ وبعضها الآخر جيد، لكن بعد كل تكرار أو بعد كل ارتداد كما أحب تسميته، عرفت مزيداً من المعلومات عن نفسي وعما أحبه وما لا أحبه، واقتربت خطوةً أخرى من شغفي الحقيقي.

خلال حياتي المهنية انتقلتُ من تخصص التسويق إلى التخصص المالي، ثم إلى وظيفة في تمويل الاستثمار التي لم أحبها، ولم يتوافق أبداً مع معتقداتي وقيمي الجوهرية أن أرتدي ربطة عنق كل يوم وأعمل في بيئة عمل مزدحمة على مدار الساعة؛ لذا عَدَدتُ ذلك إشارةً إلى أنَّ ثقافة الشركة هي عامل هام جداً بالنسبة إليَّ، واستخدمتُ هذا الفهم الجديد للعثور على وظيفة في تمويل الشركات، ذات بيئة عمل أكثر استرخاءً.

ومع أنَّ بيئة العمل هذه تناسبت أكثر مع أسلوب حياتي، إلَّا أنَّ الشركة كانت كبيرة للغاية، وسرعان ما أدركتُ أنَّ الشركات الناشئة السريعة والمرنة - التي تتبنى عقلية الفريق - ناسبتني بالشكل الأفضل، فاستخدمتُ هذه المعرفة للتواصل مع أشخاص في الأنظمة المختلفة التابعة للشركات الناشئة في "وادي السيليكون" (Silicon Valley)، وحصلت على وظيفة مالية بمستوى قيادي في شركة جديدة ما زالت بمستوى التمويل الأولي، ولقد أصبحتُ صانع قرار رئيساً في شركة ناشئة، ولو سألتني وقتها، كنت سأقول إنَّني قد حققتُ حلمي.

ومع ذلك، اكتشفتُ الحقيقة سريعاً، فمع أنَّ كوني في موقع صانع قرار كان أمراً رائعاً، ولكنَّ رسالتي الحقيقية هي إنشاء شركتي الخاصة؛ ونظراً لذلك، فإنَّني أتَّخذ حالياً مزيداً من المبادرات التنفيذية والاستراتيجية داخل الشركة؛ وهذا سيساعدني في ناحيتين: سوف يمنحني مزيداً من الخبرة للانطلاق وحدي، كما أنَّه سيدفعني خطوة إلى الأمام في طريقي نحو تحقيق شغفي.

من يدري ما الذي سأتعلمه من هذه التجربة في حياتي، فمع أنَّ تأسيس شركة ناشئة هو شغفي في الوقت الحالي، لكن ما تزال توجد فرص هائلة ليتغير هذا الشغف، ولا أعلم في الوقت الراهن ما هو نوع الشركة التي سأنطلق في تأسيسها، لكن سنعلم ذلك مع مرور الوقت فقط، ومن المؤكد أنَّ هذه الرحلة مثيرة للغاية.

يكفينا حديثاً عني، آمل فقط أنَّه من خلال عرض تجاربي لك وكيف أثَّرت في شغفي، ستصبح ملتزماً أكثر بتحقيق شغفك الخاص.

شاهد بالفيديو: كيف تكتشف شغفك وتصل إليه؟

اكتشاف شغفك هو عملية مستمرة مع تجارب الحياة المستمرة:

هذه النقطة هامة جداً؛ إذ إنَّ الشغف يتغير ويتحسن دائماً مع تراكم الخبرة الحياتية وفهمك لنفسك فهماً أفضل، ويظن معظمنا أنَّ التجارب الفاشلة أو السلبية تحيدنا عن طريقنا الصحيح نحو شغفنا، ولكنَّ هذه التجارب هي ما يقربنا إليه؛ فمع كل تجربة تعيشها، تتقدم خطوةً أخرى نحو رسالة حياتك الحقيقية.

إقرأ أيضاً: كيف تحوّل شغفك إلى طاقة إيجابية؟

في الختام:

بعد تحديد مسار شغفك، فإنَّك ستتبعه طوال حياتك؛ فالعواطف تتطور مع مرور الوقت مع تطور فهمك لذاتك؛ لذا إنَّ شغفك الحقيقي هو هدف متحرك، وهذا أمر جيد للغاية؛ لأنَّه مع تقدُّم شغفك إلى الأمام، لن يكتسب إلَّا مزيداً من الزخم والمعنى والأهمية.

سواء اكتشفت شغفك أم لم تكتشفه بعد، فإنَّ نصيحتي لك هي أن تنهض من مكانك وتعيش الحياة بحلوها ومُرها، ولا تدع أيَّة تجربة جديدةٍ تفوتك؛ سلبية كانت أم إيجابية، فطالما أنَّك تتعلَّم من كل تجربة، سوف تصقل شغفك حتى يكشف عن نفسه أكثر فأكثر، وبعد اكتشافك له، ستصبح حياتك موجَّهة باتجاه واحد فقط، وأنت وحدك مَن يحدده.

المصدر




مقالات مرتبطة