إيجابيات وسلبيات العمل عن بعد: هل سيتكيّف الموظفون لديك؟

مع الوضع الحالي لفيروس كوفيد-19 (COVID-19)، يفكِّر أصحاب العمل في كلّ مكان في التحوُّل إلى ثقافة فِرَق العمل عن بُعد، وقد أجبرتهم الظروف -حرفياً- على تجربة نمط العمل عن بعد -على الأقل- في الوقت الراهن.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّنة وخبيرة الذكاء الاصطناعي: أليكساندرا كوت (Alexandra Cote)، بالإضافة إلى مساهمات بعض العاملين عن بُعد.

أنا شخصياً لا أصدِّق أنَّ الفوائد الصحية للعمل عن بُعد تظهر فقط في الأوقات الصعبة، إذ يجب أن تكون سلامة موظفيك دائماً مصدر اهتمامٍ كبير، ولا يجب أن يحتاج الأمر إلى تفشِّي فيروسٍ ما لاستنتاج أنَّ العمل عن بعدٍ يُعدّ أكثر أماناً.

خلال سنواتٍ من الحديث مع الشركات الأخرى والعاملين عن بعد، لاحظت أنَّ الموظفون يبحثون -كأولويةٍ لمواجهة التحديات المحتملة- عن حلولٍ جديدةٍ لمساعدتهم في مواصلة عملهم بشكلٍ طبيعيٍّ قدر الإمكان، حتَّى خارج بيئة مكاتبهم.

تشمل المخاوف الرئيسة ما يلي:

  • اختلاف المناطق الزمنية، ممَّا يجعل التوفيق بين التواقيت صعباً.
  • عدم وجود تعاونٍ في الوقت الحقيقي.
  • المعلومات غير المؤكَّدة.
  • انعدام الثقة بالعمال الذين لا يمكن مراقبتهم.
  • محدودية السيطرة على الطريقة التي يقضي بها الموظفون وقتهم حقاً، وعدم وضع حدودٍ بين الحياة والعمل.
  • الاعتقاد بأنَّه بحاجة إلى الكثير من الأدوات والسياسات والتدريب والتقنيات الإضافية؛ لإدارة الفرق البعيدة.
  • حقيقة أنَّ التحوُّل تحدٍّ كبير للغاية.

حتَّى الآن، لا يزال الناس يشيرون إلى الوضع بأكمله باعتباره تعطيلاً لأمور العمل اليومية، بدلاً من النظر في جميع الفوائد التي تجلبها هذه "التجربة" (كما يسمونها).

خلقت هذه الاضطرابات أيضاً معارضةً غير ضرورية بين المتعَّصبين للعمل عن بعد، والأشخاص الذين لا يريدون حتَّى اقتراح العمل من المنزل كإمكانية.

تشعر الشركات بالقلق من أنَّ موظفيها سوف يتراخون ويفعلون كلَّ شيءٍ آخر باستثناء العمل، فهم ببساطةٍ يريدون أن يكون الفريق منتجاً، لهذا السبب يوظفون محترفين من ذوي الخبرة.

هذه المخاوف كلُّها منطقيةٌ بالرغم من ذلك، لماذا؟ لأنَّ العمل عن بعدٍ ليس للجميع. ومع ذلك، فإنَّ 90 بالمئة من الأشخاص الذين لديهم بالفعل وظائف عن بعدٍ، لن يعودوا إلى العمل في بيئةٍ مكتبيةٍ عادية.

تواصلت مع زملاء آخرين من العاملين عن بُعدٍ في جميع أنحاء أوروبا لمناقشة سبب حبِّهم للعمل عن بُعد، ومعرفة التحديات الرئيسة التي يواجهونها. ما اكتشفته هو أنَّنا تعاملنا جميعاً مع المشكلات نفسها أو ما شابهها: الوحدة، والانحرافات، والقلق من أنَّ الآخرين يظنون أنَّك لا تعمل بالفعل، ومشاكل التواصل مع الزملاء الآخرين الذين لم يكونوا مستعدين بعد ليكونوا جزءاً من فريقٍ منتشرٍ في عدَّة أماكن. فضلاً على ذلك، هناك أشخاص ليسوا مناسبين للقيام بذلك على أساسٍ منتظم، إذ يفضِّل البعض منهم التواصل وجهاً لوجهٍ، والتفاعل مع أعضاء فريقهم.

لكنَّ حياة العمل المستقلة مناسبةٌ بشكلٍ أفضل بكثيرٍ للعمَّال المستقلين (الفريلانسرز)، والذين لا يحتاجون إلى الكثير من الإشراف والتوجيه؛ وذلك على غرار ما سيفعله صاحبُ أيِّ مشروع. لذا فأنت تتطلَّع بشكلٍ أساسيٍّ إلى إضافة أشخاصٍ لديهم مهاراتٌ قويةٌ عندما يتعلَّق الأمر بالقيادة والتنظيم.

ألقِ نظرةً سريعةً على أيِّ موقعٍ للوظائف عن بعد، وستلاحظ أنَّ معظم الإعلانات مخصَّصةٌ للمناصب العليا. يمكن تفسير ذلك بامتلاكهم مزيداً من السيطرة والشعور بالمسؤولية؛ لكن ومع ذلك، فكم يمتلكون من خبرةٍ في مجال العمل عن بعد؟

هذا مجرد سؤالٍ يمكن طرحه، والتفكير في اتخاذ القرار المناسب عند البحث عن عضوٍ رئيسٍ جديدٍ من أجل الفريق.

تتجاوز خبرة العمل "الوصف الوظيفي" للشخص؛ فعليك أن تضيف إلى ذلك التعاون، والتعاطف، والإبداع، والقدرة على التكيف، والحيلة؛ كأفضل المهارات التي ستحتاج إلى تقويمها.

تخشى الشركات من المخاطرة في العمل عن بعد:

على عكس توقعات زيادة فرص العمل من المنزل، كانت مؤسساتٌ ومنظماتٌ مثل: "آي بي إم" (IBM)، وياهو (Yahoo)، وريديت (Reddit)، ومصرف أمريكا (Bank of America)؛ تعمل بالفعل على تقليل، وحتَّى إلغاء عدد وظائف العمل عن بعد في عام 2017. حالياً، يعمل 4.7 مليون موظفٍ من المنزل نصف الوقت على الأقل، وهذا فقط في الولايات المتحدة وحدها. تقدِّم مزيدٌ من الشركات في جميع أنحاء أوروبا والعالم بضع أيامٍ للعمل من المنزل، كجزءٍ من المزايا الخاصَّة بها.

فلماذا لا يتحوَّلون إلى فريقٍ كاملٍ للعمل عن بعد؟ كلُّ هذه المشاكل لها مصدرٌ واضحٌ نميل إلى إهماله:

عادةً ما تواجه الشركات التي يعمل فيها بضع أشخاصٍ فقط من خارج المكتب هذه المشكلات، كأن يكون مجرد 3% من الموظفين الذين لا يحبِّذون العمل عن بعد؛ جزءاً من هذه الفرق.

عندما يكون لديك عدة فرقٍ مختلطة، سوف تتفاقم مشاكل التواصل والأداء حتماً. لقد رأيتُ الكثير من العاملين عن بعد -بما فيهم أنا- ينجحون في أن يكونوا الوحيدين أو القلائل الذين يعملون من المنزل بشكلٍ جيد، وبعض هؤلاء الأشخاص لديهم التأثير والمساهمات الأقوى في أيّ مشروع.

على الرغم من كلِّ هذا النجاح والنموِّ المهني، هناك دائماً تلك الصراعات في ذهنك عندما تكون قلقاً دائماً بشأن ما سيفكِّر فيه العاملون في المكتب بخصوص عملك:

  • هل يعتقدون أنَّني لا أعمل؟
  • ألا يقدِّرون عملي بشكلٍ مُنصِف؟
  • هل أُعتبر حقاً جزءاً من فريقهم؟

وهكذا.

في الحقيقة: ليس كلُّ الموظفين الذين يعملون من موقع العمل أو يتعاونون مع أحد أعضاء الفريق العامل عن بُعد، على استعدادٍ لبذل القليل من الجهد الإضافي لجعله يعمل كما لو كان كلُّ شيءٍ يحدثُ وجهاً لوجه؛ فالغيرة أو عدم الثقة أو النقص الكبير في فهم هذا النمط الجديد نسبياً من العمل والمعيشة، هي المفاهيم الثلاثة الأولى التي يجب محوها تماماً من شركتك.

يعتمد كلُّ شيءٍ على أهداف عملك. ففي حين ادَّعت بعض الشركات أنَّ موظفيها الذين يعملون عن بعد حافظوا على مستوى الإنتاجية ذاته في أثناء العمل من المنزل، فقد قرروا استدعاء هؤلاء الموظفين للعمل المكتبي بغية تعزيز التعاون والتفكير بينهم وبين بقية الموظفين.

ما يحافظ على قوة فرق العمل في المكتب هي تلك الأشياء الصغيرة التي لا تصادفها إلَّا في المكتب، مثل: الاحتكاك المباشر مع زميل العمل وتوليد أفكارٍ جديدة، أو جلسات العصف الذهني خلال استراحة الغداء.

قام "ريتشارد ليرمر" (Richard Laermer)، صاحب شركة علاقاتٍ عامةٍ مقرُّها نيويورك، بإجراء تجربة على فريقه المكوَّن من 11 موظفاً، وأتاح لهم العمل من منازلهم براحةٍ كلَّ يوم جمعة. جاء الاختبار كلُّه بنتائج عكسية، حيث كان عمَّاله يفعلون أشياء مختلفةً تماماً ويعطلون عمليات التواصل.

لا تزال هذه الحالة فردية، ولكن هناك سببٌ رئيسٌ يفسِّر لماذا حَدَثَ كلُّ شيءٍ بشكلٍ خاطئ: فَشِل ريتشارد في مراعاة حقيقة أنَّه وظف هؤلاء الأشخاص للعمل المكتبي؛ ونتيجةً لذلك، لم يكونوا مستعدين لذلك، ومن غير المحتمل أن يبذلوا قصارى جهدهم عندما يكونون في المنزل.

إذا فكرت في الأمر، فإنَّ هذا النوع من السلوك يمكن التنبؤ به. حيث اعتاد موظفو المكاتب على بيئةٍ وروتين عملٍ مختلفين تماماً، وإنَّ انتقالهم المفاجئ إلى المنزل وبدون وجود أحدٍ يراقبهم، يمنحهم إشارةً لاشعوريةً أنَّهم في عطلة.

إنَّها حريةٌ كبيرةٌ جداً لشخصٍ لم يختبرها من قبل. ومع ذلك، إذا قرَّرت تجربة العمل عن بُعدٍ بنفسك في فريق مكتبك الحالي، فلا تتفاجأ عندما لا تتلقى رداً لساعاتٍ أو عندما لا يكون أحدٌ في فريقك على استعدادٍ للجلوس في اجتماع.

بالنسبة إليهم، من الصعب التمييز بين ساعات العمل ووقت الفراغ؛ لأنَّهم غالباً ما يقضون كلا الجزأين من حياتهم في المكان نفسه.

أتذكَّر أنَّني لم أفعل شيئاً في المنزل في عملي الأول، ولم أدخل إلى الموقع الالكتروني للشركة. كعاملةٍ عن بعد، أتحقق باستمرارٍ من الإحصائيات وأجيب على رسائل البريد الإلكتروني بمجرد أن أحصل عليها، وحتَّى أنَّني أكتب لساعات، ويصبح العمل عن بعدٍ أسلوب حياةٍ بالنسبة لي.

ما لا يحفِّز الجميع هو معارضة الكثير منهم لفرص العمل عن بُعد. لقد تحدَّثت مع بعض الأشخاص الذين كانوا متحمسين للغاية للعثور على وظيفةٍ عن بعد، ولكنَّنا توقَّعنا أن يتقدَّموا بشكلٍ أبطأ في شركتهم الجديدة، كلُّ هذا لأنَّهم كانوا يقرؤون عن عيوب هذا الاختيار الوظيفي.

بشكلٍ عامٍ، من المرجَّح أن نقرأ عن المعتقدات السلبية ونتأثَّر بها؛ لذا فإنَّ جميع الوافدين الجدد إلى حياة العمل عن بعدٍ الذين تحدَّثت إليهم، كانوا يرتكبون خطأً كبيراً: لقد استمعوا إلى المشككين بدلاً من القراءة عن التجارب الرائعة التي نجح فيها الأشخاص في العمل عن بُعد.

فكيف ننظر إلى الجانب المشرق من الأشياء؟

إقرأ أيضاً: 3 أسباب تفسّر تفوّق الذين يعملون عن بُعد عن موظفي المكاتب

عندما ينقذ فريق العمل عن بُعدٍ عملك:

تجاهَل كلَّ المخاوف، فاختيار فريقٍ للعمل عن بُعدٍ يحمل مزيداً من الفوائد على المدى الطويل:

  • ستعمل مع كبار المحترفين من جميع أنحاء العالم.
  • ستجذب الموظفين والشركاء الذين ربَّما لم يضعوا شركتك في عين الاعتبار من قبل.
  • ستبدأ بالتركيز على النتائج أكثر من التركيز على المهام الإدارية والاجتماعات.
  • سيكون موظفوك أكثر سعادة، وسيتمكَّنون من الاستمتاع بمرونة العمل، كما سيطورون أنفسهم بشكلٍ احترافي.
  • سوف تُخفِّض التكاليف، ومن وطأة سياسات المكتب والتصادمات التي تحدث أحياناً بين الموظفين.

أمَّا بالنسبة إلى الهموم الرئيسة التي يواجهها جميع رجال الأعمال:

إلى جانب النمو السريع للفرق البعيدة حول العالم، فإنَّ 78٪ من الموظفين على يقين أنَّ ترتيبات العمل المرنة قد جعلتهم أكثر إنتاجية.

ليس لدى الجميع مشاكل تتعلَّق بكفاءتهم وتعاونهم. في الواقع، بالنسبة إلى البعض -بما فيهم أنا- تسمح ظروف العمل عن بُعدٍ بإجراء محادثاتٍ أسرع وأكثر تفصيلاً، مع إبقاء هذه الاجتماعات المزعجة قصيرةً ومباشرةً حتَّى تتمكَّن من التركيز على المهام التي تهمُّك حقاً.

على عكس تجربة العمل عن بعدٍ الفاشلة التي تحدَّثت عنها أعلاه، ساعد الانتقال عن بُعد الشركات في تلبية احتياجات العملاء في جميع أنحاء العالم في الوقت الفعلي، والاستفادة من الفرص التي لم يكن بإمكانهم الحصول عليها لولا ذلك.

تقول "إيلما نوسيديت" (Ilma Nausedaite)، مديرة العمليات في شركة الخدمات الالكترونية "ميلر لايت" (MailerLite)، أنَّ السبب الرئيس الذي جعلهم يبدؤون بالتعاقد مع موظفيهم عن بُعدٍ هو خدمة قاعدة عملائهم العالمية المتنامية، وتضيف: "تمنحنا شبكتنا من أعضاء فريق العمل عن بُعدٍ، والتي تعمل في مناطق زمنيةٍ مختلفةٍ ميزةً في توفير مستوى أعلى من الدعم للعملاء. أعتقد أنَّ دعم العملاء الرائع أحد العناصر الرئيسة لنمو أعمالنا، إذ يساعد التحكم عن بعد في جعل ذلك ممكناً".

اكتشفت دراسةٌ مثيرةٌ للغاية أُجرِيت في عام 2004 أنَّ: تجربة التعاون السابقة في الموقع، وأنماط العمل المتشابهة، وعدم التحيز، والأدوات الرقمية المناسبة؛ كلُّها عواملٌ تساهم في الاندماج الناجح لعضوٍ جديدٍ في الفريق. ويمكننا بكلِّ ثقةٍ أن نقول: "إذا كنت جيداً في التعاون بشكلٍ عام، فستتمكَّن أيضاً من التعامل مع العمل عن بُعد".

هذا هو السبب في أنَّ "إيلما" ورجال الأعمال الآخرين، يولون اهتماماً إضافياً لكيفية فهم أعضاء فريقهم لأسلوب العمل عن بُعدٍ والتكيف معه، تقول إيلما: "التواصل هو الجزء الأكثر حساسيةً في كلِّ منظمة، وخاصةً المنظمات التي تعتمد على العمل عن بُعد. نريد أن نتأكَّد من أنَّ الجميع على توافق، وأنَّ جميع أعضاء الفريق يوافقون على المساهمة واتباع إرشادات الاتصال الخاصة بنا".

يتعلَّق الأمر كلُّه بكونك شخصاً لطيفاً ومنفتحاً لمناقشة جميع القضايا بدقة، وبامتلاكك الصبر على الجلوس لحضور اجتماعاتٍ ثنائية، وتدريب الآخرين، وتلقِّي التعليقات بشكلٍ بنَّاء.

إذا لم تتمكَّن أبداً من إيجاد أرضيةٍ مشتركةٍ مع زملائك، وكنت تبحث فقط عن طرائق لإنهاء العمل بأسرع ما يمكن حتَّى تتمكَّن من متابعة مشاهدة برنامجك التليفزيوني المفضَّل، فمن الواضح أنَّ العمل عن بُعدٍ ليس هو الخيار المناسب لك.

بالنسبة إلى مشكلة الثقة، هذه ليست سوى مشكلة للعاملين أو الفرق التي تعمل لأوّل مرة، والتي بدأت للتوّ بهذه التجربة. يطوِّر الموظفون الذين عملوا مع فريقٍ للعمل عن بُعدٍ لمدةٍ تزيد عن 5 سنوات، روابط أقوى واحتماليةً أقلّ لمغادرة الشركة.

كيف يمكنك تنجح في الاستفادة من فرق العمل عن بُعد؟

يمكن أن تزدهر الأعمال عن بعد، وغالباً ما تحقِّق نتائج أفضل من الشركات الموجودة في المكتب؛ هذا إذا وضعتَ الموظفين في صميم أنشطتك.

ستحتاج إلى اختيار الأشخاص المناسبين، وتوفير التدريب الكافي لمساعدتهم في فهم ما يحتاجون إلى فعله، ومتى يحتاجون إلى القيام به؛ جنباً إلى جنبٍ مع المعايير التي يُتوقَّع أن يصلوا إليها.

نحن نتحدَّث هنا عن تدريب كلٍّ من أعضاء الفريق والمدراء المنظمين للعمل. حيث أنَّ المدراء المسؤولون عن تنظيم العمل حلقة الوصل الرئيسة بين الموظفين، ويجب أن يكونوا مسؤولين عن ضمان سير جميع عمليات الاتصال والعمل بشكلٍ جيد.

ولكن هنا تأتي قضيةٌ تصطدم بها جميع أنواع الفِرَق، بغض النظر عن مكان عملهم، وهي: التأكُّد من أنَّ مدراءك ليسوا دكتاتوريين يشعرون بأنَّه يحقُّ لهم التحكُّم بكلِّ شيء.

عندما لا تلتقي بعمَّالك في الحياة الواقعية، من السهل ألَّا تثق بهم، وتتحوَّل إلى هذا المدير الذي يسأل دائماً أشياء مثل:

  • هل رأيت الملَّف الذي أرسلته؟
  • هل انتهيت من هذه المهَّمة؟
  • هل رد العميل عليك؟

لا شيء يصرخ في وجه الموظف بعبارة "أنا لا أثق بك" أكثر من الاستفسار باستمرارٍ عن حالة شخصٍ ما عندما تكون قد حدَّدت معه مسبقاً موعداً نهائياً واضحاً ليس قريباً من اليوم.

العلاقات التجارية مثل أيِّ علاقةٍ إنسانيةٍ أخرى تريد تنميتها. ببساطة، لا يمكنك أن تحافظ على علاقةٍ جيدةٍ مع موظفيك إذا كنت تتكلَّم من خلف ظهر شخصٍ ما، أو تهينه عندما تجد ملاحظاتٍ على عمله، أو عندما تكون دائماً في حالة ترقُّبٍ لتُناقِض ما يقوله.

عند العمل عن بُعد، من السهل أن تنسى وجود إنسانٍ آخر يعمل على الجانب المقابل؛ نظراً لأنَّك -على الرغم من كلِّ هذا العدد من الاجتماعات- تقوم بتنفيذ معظم العمل منفرداً، فإنَّ الاجتماعات السنوية والتجمعات هي فرصةٌ هائلةٌ لإنشاء روابط حقيقية. يتعرَّف فيها فريقك على بعضهم بعضاً بشكلٍ أفضل، ويتعلَّمون شيئاً أكثر عن زملائهم من مجرد كيفية عملهم.

إقرأ أيضاً: مع انتشار فيروس كورونا: نصائح لإدارة الموظفين عن بُعد في أوقات الأزمات

فنّ العمل "المستقل" عن بعد:

النقاش حول العمل بمفرده أو مع فريق، لا طائل منه هذه الأيام.

بعد أن حاولت عدة دراساتٍ إمالة التوازن إلى صالح واحدٍ دون الآخر، خلصت هذه الدراسات أخيراً إلى أنَّ التعاون المتقطع هو الأكثر فعالية. هذه الطريقة في التواصل هي الأكثر استخداماً مع الفرق البعيدة على أيِّ حال.

وتخيَّل ماذا؟ لم يُتَّبَع أيُّ تعاونٍ عن كثبٍ باعتباره الخيار الأفضل. كيف يعقل هذا؟

الأفراد أكثر إنتاجية في أثناء العمل بمفردهم؛ ذلك لأنَّهم لا يقطعون عملهم. عندما تتعاون باستمرار مع شخصٍ آخر، فمن المحتمل أن ينتظر الجميع ببساطةٍ شخصاً آخر لتقديم مساهماتهم.

يظلُّ التعاون المتقطع هو الحل الأفضل؛ لأنَّه يسمح للأشخاص بالعمل بشكلٍ مستقلٍ على واجباتهم الخاصَّة، والرجوع إلى بقية أعضاء الفريق للحصول على المساعدة والأفكار والتعليقات عند الحاجة. وبهذه الطريقة، لا يضيِّعون الوقت في مهمَّةٍ لا يعرفون كيف ينجزونها، أو يفكِّرون في حلولٍ أفضل لما يقومون به؛ نظراً لأنَّ لديهم إمكانية الوصول إلى العقول الذكية الأخرى للحصول على مداخلاتهم.

في النهاية، إنَّه مجرد تفضيلٍ شخصي. الشيء الوحيد الصالح هو أنَّ جميع أعضاء الفريق يجب أن يكونوا على تواصلٍ جيدٍ بأيِّ شكلٍ كان: شفهياً، أو بصرياً، أو من خلال الرسائل المكتوبة، إلخ؛ ومتسامحين مع بعضهم بعضاً، بغض النظر عن أسلوب عملهم الذي يختارونه.

من العناصر المساهمة الرئيسة الأخرى في الإنتاجية في العمل هو مجموعة الأدوات التي يستخدمونها.

يقول 20 بالمئة من الموظفين عن بُعدٍ أنَّ شركاتهم لا توفِّر مجموعة الأدوات المناسبة لجعل العمل عن بُعدٍ أكثر إنتاجية، حيث يتأثَّر الأشخاص مباشرةً بالأدوات التي يستخدمونها. يمكن للتطبيقات أو البرامج المناسبة أن تجعل العمل أكثر كفاءةً في استخدام الوقت؛ نظراً لقدرتها على تحسين سير العمل.

ونعم، ستحتاج إلى تدريب فريقك على استخدام هذه الأدوات أيضاً. قد لا يبدو فتح تطبيق مكالمات الفيديو أمراً معقداً بالنسبة إليك، ولكن بالنسبة إلى موظفي شركةٍ ضخمةٍ منتشرةٍ عبر عشرات البلدان، سيكون تعلُّم ذلك مفيداً، حيث أنَّهم ربَّما عملوا مع منصاتٍ مختلفةٍ حتَّى هذه اللحظة.

ممَّا لا شكَّ فيه، يجب ألَّا تلتزم ببريدك الإلكتروني المعتاد للتعاون عن بُعد، فليس البريد الإلكتروني لوحده أداةً جيدةً بما يكفي للفرق العاملة وفق أسلوب العمل هذا. لا تدعم أدوات وتقنيات الاتصال الحديثة فرص التعاون التي تبقي الفريق على تواصلٍ في الوقت الفعلي، فحسب، بل وتسهِّل عليهم مشاركة الملفات، وتنظيم التقاويم، وإعداد التقارير.

إقرأ أيضاً: كيف يغنيك برنامج إدارة المشاريع عن البريد الإلكتروني

إقرار ما إذا كان يجب الاستمرار في العمل عن بُعد:

لا يمكنك أن تتوقَّع أن يقفز الجميع إلى خيار العمل عن بعدٍ على الفور، وأن يكونوا مثاليين في ذلك. هذا ما يفعله الأشخاص الذين يعملون عن بُعدٍ لفترةٍ من الوقت. فإذا كنت تتحوَّل من موظفٍ في المكتب إلى موظفٍ يعمل عن بُعد، فسيستغرق الأمر بعض الوقت.

بعد تجربة العمل عن بعد، قد تجد أيضاً أنَّ أعضاء فريقك يقعون في حبِّ أسلوب الحياة الجديد هذا؛ لأنَّه يحسِّن نوعية حياتهم، وقد أدركوا الآن مدى تأثيره على وقتهم.

لا تقلق بعد الآن بشأن كيفية عدم قدرة فريقك على التكيف مع قواعد العمل الجديدة تلك.

تختار الشركات من جميع الأحجام فرقاً موزعةً جزئياً، إذ يسمح لهم ذلك بالحفاظ على جزءٍ من فريقهم في الموقع للوظائف التي قد تتطلَّب منك الحضور لاجتماعات العملاء، أو جلسات العصف الذهني الجماعي في المكتب.

وفي الوقت نفسه، يمكنهم أيضاً تلبية احتياجات المهنيين من أيِّ مكانٍ في العالم، أو الأشخاص الذين قد يفضِّلون العمل بشكلٍ فردي؛ ذلك لأنَّ طبيعة حياتهم المهنية تُملِي عليهم ذلك.

في هذه الأيام، لوحظ وجود نزعةٍ بين خبراء الصناعة الذين تحدَّثت إليهم، حيث يبدو أنَّهم جميعاً يرغبون على الأقل بالتحوُّل إلى العمل عن بُعد. من الصحيح القول إنَّ العمل عن بُعدٍ لن يُنظر إليه على أنَّه مجرد فائدةٍ لجيل الألفية في المستقبل فحسب، فمن المحتمل أن يصبح قاعدةً للحصول على خدماتٍ أفضل للأفراد في مجالٍ ما. لن يكون اختيار فريقٍ للعمل عن بُعدٍ خياراً لأصحاب العمل، ولكنَّه يكون كذلك إذا كنت ترغب في التعاون مع العمَّال ذوي الخبرة والمهارة العالية.

إيجاد النجاح في العمل عن بعد:

قبل أن أنهي حديثي، أودُّ أن أذكِّرك بأنَّ الأداء الجيد في العمل عن بعدٍ ليس من قبيل الصدفة، ونعم، سيحتاج موظفوك إلى وقتٍ للاعتياد على هذا النمط الجديد من العمل. جميع الشركات التي نجحت في ذلك بالفعل وصنعت لنفسها اسماً كأفضل أربابٍ في مجال العمل عن بعد، قد استغرقت سنواتٍ من التدريب والتنظيم.

سواء أكان بالنسبة إليكم كمدراء أم بالنسبة إلى موظفيكم الحاليين والمستقبليين؛ إذا كنت واثقاً من خطوتك، فهذه هي الطريقة التي سيعمل بها التحكم عن بُعد لنشاطك التجاري، وهذا سيحدث فقط إذا كان كلُّ من سيعمل معك على استعدادٍ لجعل العمل ناجحاً، إذ لا حاجة إلى قوةٍ خارقةٍ هنا.

لم تكن المشكلة أبداً بشأن مدى جودة أو سوء العمل عن بُعد، إنَّ الأمر يتعلَّق دائماً بكيفية تسيير العمل لصالحك.

المصدر




مقالات مرتبطة