إعداد الموظفين الجدد: إدماج واحتفاظ ثم نجاح

تُعَدُّ الأسابيع القليلة الأولى من العمل حرجةً وحاسمةً للاحتفاظ بموظفٍ جديد؛ إذ يقدِّر الموظف الجديد في هذه الأسابيع المصيرية، ما إن قام باتخاذ خطوةٍ صحيحةٍ بالانضمام إلى مؤسستك.



أشار بحثٌ أقامته "مجموعة أبردين" (The Aberdeen Group) إلى أنَّ 86% من الشركات تظن أنَّ الموظف يستغرق ما يصل إلى 6 أشهر ليقرر إن كان يريد البقاء طويلاً، لكن منذ ذلك الحين، كانت هذه المدة آخذة بالنقصان؛ إذ وجد بحثٌ آخر أجري في الفترة الأخيرة من قِبل جمعية إدارة الموارد البشرية، أنَّه تطلَّب الأمر أقلَّ من 30 يوماً ليقرر الموظف الجديد فيما إن كان يشعر بالترحيب من قِبل المؤسسة وأنَّه تلقَّى ما يكفي من المعلومات والدعم ليساهم بنجاح.

وفي السنوات القليلة الماضية، استمرَّ وقت الانطباع الدائم للموظف في التناقص؛ وهذا ما يجعل الإعداد الفوري والفاعل ضرورياً لنجاح الموظف الجديد.

مشاركة ثقافتك:

ينضمُّ الأشخاص إلى المؤسسات لنفس الأسباب التي جعلتهم يسعون إليها في المقام الأول، وخصوصاً الثقافة؛ إذ تبدأ الثقافة في "جوجل" (Google) - المشهور بجذب المواهب العليا - بشعار: "جِدهم، وطوِّرهم، ثم احتفظ بهم"، وهي ثقافةٌ استثنائيةٌ وشاملة تركِّز على اكتساب أصدقاء وليس زملاء عملٍ فحسب، وهذا الشعار هو أكثر من مجرد التزامٍ بالكراسي القماشية والقهوة المجانية؛ إنَّه مخطط عملٍ يبدأ منذ اليوم الأول للإعداد.

ينبغي أن تتلاءم فترة إعداد الموظف الجديد مع القِيم التي تحدد العلامة التجارية لرب العمل، على سبيل المثال، إن كانت الشركة تؤمن بالانفتاح والشفافية، فسيكون تناقضاً للموظف أن يدرك أنَّ أبواب مديريه مغلَقة، وأنَّهم متاحون خلال الاجتماعات فحسب.

والأكثر أهمية، ينبغي لهم تبيان كيفية عيش هذه القيم للموظفين الجدد؛ لذا شارِك تاريخ الشركة ورؤيتها ورسالتها، ولا تخبرهم عن الأحداث أو الاحتفالات القادمة أو الدورية فحسب؛ بل أيضاً عن طبيعتها وأسلوبها وما عليهم توقُّعه منها.

شاهد بالفديو: 7 أسباب تجعل الموظّف يكره عمله

التشجيع على علاقاتٍ أفضل ضمن الفريق:

تتحدث الشركات عن الإدماج كما لو أنَّها تجد فجوة بينها وبين الموظفين، والحقيقة أنَّه علينا البدء بإعادة تركيز محادثات الإدماج لتسليط الضوء على أهمية علاقات الفريق.

وعندما ينضمُّ الموظفون إلى شركةٍ جديدةٍ، فإنَّ أول العلاقات التي يستثمرونها هي علاقاتهم مع مديريهم وفِرقهم، وحتى لو كانت الشركة ناجحة وذات مستوى عالٍ للعمل فيها، فقد يغادرها الموظفون إن لم يشعروا بأنفسهم بصفتهم جزءاً من فريق.

وقد يملك الموظفون الذين ينسجمون ويحظون بعلاقاتٍ جيدة مع زملائهم مُعدَّل احتفاظٍ أعلى بكثير؛ لذلك يُعَدُّ التواصل المتكرر والمحادثات الصريحة خصوصاً فيما يتعلق بخطوات الأداء، أمراً أساسياً منذ اليوم الأول.

ضع في الحسبان استطلاع المرشحين والموظفين الجدد عن قيم وأساليب المحادثة، لمساعدتك على فهمٍ أفضل لكيفية تحفيزهم والاحتفاظ بهم، ويساعدك التواصل الأفضل أيضاً على فهم الدوافع الرئيسة التي تحفِّز موظفيك الجدد؛ إذ يتحفز بعضهم بالطموح، وبعضهم الآخر بالتعاطف.

تجرِّب شركة "سيريديان" (Ceridian) وسيلةً تُدعى "تيم ريليت" (TeamRelate) ضمن نظام الموارد البشرية، وهي تزوِّد المديرين بنظرةٍ عميقةٍ عن محفِّزات فريقهم اعتماداً على استطلاع قصير، ويلقي هذا الاستبيان الضوء على أنماط التواصل الفردية المبنية على السمات الجوهرية للشخصية وكيفية التفاعل مع الآخرين.

توجد أربعة أنماط تواصلٍ مختلفة مع سمات نوعية:

  1. القائد (إدارةٌ وسيطرة): يعبِّرون عن معتقداتهم تعبيراً سديداً وفي صلب الموضوع مباشرةً، ويسمعون أحياناً ما يريدون سماعه وحسب، ويفضِّلون أن تكون التعاملات واقعيةً لا عاطفيةً.
  2. المشجِّع (تشويقٌ ومرح): يتحدثون غالباً، وأحياناً يبالغون لإثبات وجهة نظرهم، ويستمعون للمحادثات عموماً بصدرٍ واسعٍ، ويفضِّلون أن يشاركوا الأشخاص حماستهم العاطفية.
  3. المنسِّق (انسجامٌ وأمان): متحفِّظون وودودون، ويتحدثون بنبرة لطيفة ويستمعون بهدوءٍ وتفهُّم، كما أنَّهم يحبُّون أن يشعروا بالتقدير لإصغائهم.
  4. المتتبِّع (إدراكٌ وتفاصيل): يصفون كلَّ شيءٍ بالتفصيل ويصرُّون غالباً للحصول على معلوماتٍ إضافيةٍ، ويسعون جاهدين إلى جعل أنفسهم مفهومين بوضوح.

نحن ندرك أنَّه بينما يباشر الأشخاص العمل في مؤسسة ما مُحمَّلين بالآمال والارتياح الكبير، تكون تجربة التهيئة والإعداد غالباً مخيِّبةً ومحبطة، لكن من خلال العمل على التواصل والاستثمار في الأدوات مثل "التيم ريليت" خلال عملية التهيئة، يمكنك التأكد من فهم المديرين وأعضاء الفريق لكيفية التواصل والتعاون مع بعضهم؛ وهذا يجعل الشهر الأول ناجحاً لموظفيك الجدد.

إقرأ أيضاً: 6 طرائق مثبتة لتشجيع التعاون بين أعضاء الفريق

استخدام التقنية الصحيحة:

تُوجد أدوات إعدادٍ أساسية لأتمتة النماذج والمهارات والموافقات؛ إذ يُعَدُّ هذا النهج التخطيطي للإعداد هاماً لتسهيل العملية على المرشحين، وكلَّما كانت التعليمات الإدارية أسلس، تحسَّنت فرص إبقاء الإثارة خلال شهر العسل الوظيفي؛ أي الشهر الأول خلال وظيفةٍ جديدة، لكن يتطلب الإعداد الصحيح التأكد من اندماج الموظفين الجدد في الثقافة، وشعورهم بأنَّهم جزءٌ من الفريق بأسرع ما يمكن.

يمكن للتكنولوجيا المساعدة؛ لذا فكِّر في حلول تسمح للموظفين بإعداد أنفسهم قبل قبول عرضهم حتى، وأبكر بكثير من موعد البدء.

وعندما لا يكون العنوان الإلكتروني للشركة قابلاً للوصول قبل موعد البدء، فقد يكون قيِّماً للغاية وجود بوابةٍ إلكترونيةٍ تسمح للمرشحين بالتعلم عن الشركة وقيمها والمزايا التي تقدِّمها، والأكثر أهميةً، إقامة صلات مع الزملاء المستقبليين.

وعقب تمديد العرض، يمكن لوكلاء التوظيف تشجيع المرشحين بفاعليةٍ على تسجيل الدخول إلى موقع الشركة، بحيث يمكنهم التعلم والوصول إلى حسابات "تويتر" (Twitter) و"لينكد إن" (LinkedIn) لأعضاء الفريق ورؤية نشاطهم التدويني؛ والهدف من ذلك مساعدتهم للحصول على الأسبقية في بناء العلاقات، وشعورهم بخبرتهم في العمل.

من الصعب توظيف موهبةٍ جيدةٍ، ومن الأصعب الحفاظ عليها، ولأنَّ إعداد الموظفين الجدد هام، ينبغي للشركات التفكير في طريقةٍ مختلفةٍ لتهيئتهم وإعدادهم؛ إذ تساعدك عملية الإعداد الناجحة على إنشاء توافق سليم بين الفريق والموظف الجديد منذ اليوم الأول؛ لذا تجاوَز الجانب التخطيطي لتهيئة الموظفين الجدد؛ وذلك لتضمينهم في النسيج الثقافي لمؤسستك.

إقرأ أيضاً: تطبيق التعلم المدمج في العمل: كيف تحسن نهجك في تدريب الموظفين؟

تتخذُ أفضلُ الشركات إجراءاتٍ تحثُّ على الإدماج المبكِّر والاحتفاظ بالموظفين الجدد؛ وذلك من خلال إزالة الحدود بين المرشَّح والموظَّف لمساعدتهم على بناء علاقات مع مديريهم وفريقهم.

المصدر




مقالات مرتبطة