إدارة الأزمات في مجال التكنولوجيا

تُعَدُّ المبادرة في إدارة الأزمات أمراً أساسياً للتخفيف من العواقب غير المقصودة في مجال التكنولوجيا.



يُستخدَم مصطلح "الفوضى" في مجال إدارة الأزمات لوصف نظام كامل من المشكلات المترابطة، والتي تتغير باستمرار استجابةً لبعضها بعضاً، بحيث لا يمكِن للمرء أن يُحلِّل المشكلات الفردية من تلقاء نفسه، على الأقل ليس دون إحداث ضرر لا يمكِن إصلاحه لكل من طبيعة المشكلات والفوضى نفسها، وإنَّ فكرة المشكلات المستقلة - وهي المشكلات التي لا تسبب مشكلات أخرى - في إدارة الأزمات عفا عليها الزمن تماماً ويجب التخلي عنها، وفي المقابل، فإنَّ المشكلة المستعصية التي تُسبِّب مشكلات أخرى هي المشكلة التي لا يكون لأي من التخصصات أو المهن الأكاديمية المعروفة الكلمة الفصل في تحديدها، علاوة على ذلك، وعلى عكس المشكلات البسيطة، فإنَّ المشكلات المستعصية ليس لها حلول بالمعنى التقليدي للمصطلح، ولكن يمكِن للمرء أن يتعامل معها بأفضل ما يمكن؛ وبالتالي، فإنَّ استراتيجيات المواجهة أمر بالغ الأهمية، وهي عناصر أساسية لكل مأزق.

الفوضى المستعصية (Wicked messes) هي مزيج من المشكلتين، حيث يمكِن تصنيف العديد من المشكلات الحديثة على أنَّها فوضى مستعصية؛ كالعنصرية والفقر والتشرد وغيرها.

ونظراً لأنَّ تلك المشكلات تؤثر في كل جانب من جوانب حياتنا، فإنَّ بنية الفوضى المستعصية في مجال التكنولوجيا الحديثة تتطلب البحث، وهناك العديد من العوامل التي يجب إدارتها لتجاوز العواقب غير المقصودة في مجال التكنولوجيا وإساءة استخدامها.

وقبل كل شيء، يجب أن تكون المبادرة في إدارة الأزمات على رأس أولويات كل مؤسسة، سواء في مجال التكنولوجيا أم غيرها، حيث تُعَدُّ المبادرة في التخطيط هامة للغاية، وشرطاً مطلَقاً قبل السماح لأيَّة شركة بالعمل، فلا يمكِن ترك الأمر لأهواء الشركة أن تفعل ما يحلو لها.

وهذا لا يشمل التخطيط للأزمات والتهديدات الداخلية فقط، ولكن الخارجية أيضاً، علاوة على ذلك، يجب أن يكون جزءاً من جهد أكبر للنظر في الفوائد المحتَملة للتكنولوجيا، كما يميل مطوِّروها إلى حد كبير للقيام بذلك، ولكن يتطلب الأمر درجةً كبيرة من النضج والوعي الاجتماعي.

إقرأ أيضاً: 4 تكتيكات لرواد الأعمال في مجال التكنولوجيا لنجاح شركاتهم الناشئة

لتجنُّب العواقب غير المقصودة في مجال التكنولوجيا ومجموعة من الأزمات الأخرى، يحتاج المرء إلى التفكير والتصرف بشكل منهجي؛ أي بعبارة أخرى، يُعَدُّ التفكير الممنهج مطلباً أساسياً؛ فهذا لا يعني النظر إلى التفاعلات بين المكونات المختلفة للتكنولوجيا فقط، بل تأثيرها في المجتمع أيضاً، خاصة في تلك الجوانب التي يبدو أنَّها الأقل عُرضةً للتأثر في التكنولوجيا والتأثير فيها، باختصار لا يتطلب الأمر التفكير فيما لا يمكِن تصوُّره فحسب؛ بل يتطلب أيضاً التزاماً أساسياً بالحقيقة بغضِّ النظر عن المكان الذي يؤدي إليه.

كما يتطلب ذلك أن يتمتع مطورو التكنولوجيا بحياة مهنية واجتماعية مستقرة قدر الإمكان، وأن يشعروا بالتزام قوي تجاه المؤسسة بحيث يراقبون الآثار طويلة الأمد وعواقب إبداعاتهم الرائعة، ويُعَدُّ تعليم التربية المدنية جزءاً أساسياً من الوعي الاجتماعي، والذي يضفي عادةً الفهم والاحترام للمؤسسات المجتمعية الضرورية لعمل المجتمعات الديمقراطية.

وإذا كان أي من ذلك مفقوداً، فإنَّه يزيد بشكل كبير من احتمالات العواقب غير المقصودة، ولا يمكِن للمرء أن يؤكِّد بما فيه الكفاية أنَّ العوامل جميعها تؤثر في ما إذا كانت شركة التكنولوجيا - أو أيَّة شركة أخرى - تمارس تخطيطاً استباقياً أم لا، ذلك لأنَّ التفاعلات هي السمة المُحدَّدة الرئيسة لكل المشكلات المستعصية.

أخيراً، لاحِظ أنَّ الهيكل الأساسي هو مزيج مكثف من العوامل الاجتماعية والعاطفية والتنظيمية والشخصية والفردية، وتكمن المشكلة في أنَّه في كثير من الأحيان، تتجاهل العوامل التنظيمية والمجتمعية أو تعدُّها أموراً مسلَّم بها، والنتيجة هي أنَّ وجود الأخلاق أو عدم وجودها جزء لا يتجزأ من أيَّة فوضى مستعصية.

 

المصدر




مقالات مرتبطة