أهمية مراعاة الموظفين الذين يمرون بانفصال أو طلاق

توجد بعض اللحظات في الحياة التي نعتز بها إلى الأبد كتلك التي نُرزَق فيها بمولودٍ جديد على سبيل المثال؛ إذ يُقدِّر أرباب العمل وقوانين التوظيف هذه الأمور مع تخصيص الوقت لها بإجازة الأمومة وإجازة الأبوة المشتركة، كما توجد نقاط أخرى في حياتنا صعبة ومزعجة، مثل: فقدان شخص نحبه أو مرض مزمن، ويدرك أرباب العمل الجيدون ذلك ويدعمون موظفيهم في وقت الحاجة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب جيمس هايهورست (James Hayhurst)، ويُحدِّثنا فيه عن أهمية مراعاة الموظفين الذين يمرون بانفصال أو طلاق.

لكن هذه ليست قائمة شاملة بالأحداث المتغيرة للحياة التي يمر بها كثير منا، فربما تكون المشكلة الأكثر تحدياً بعد الفجيعة هي الانفصال بعد علاقة طويلة الأجل، وفي كلِّ عام يعاني ما يقدر بـ 280.000 طفلاً من تفكك أسرهم، ولتوضيح الأمر أكثر إذا لم يفاجئك هذا العدد، فإنَّه يعادل عدد سكان مدينة نيوكاسل أبون تاين (Newcastle upon Tyne).

هذا العدد لا يشمل الوالدين؛ فكلٌّ منهم يواجه تحدي البدء من جديد وهذا عدد هائل من الأشخاص الذين يتعاملون كلَّ عام مع تغيير كبير في حياتهم، والغالبية العظمى من هؤلاء الآباء وأولياء الأمور، وكذلك بعض الأطفال الذين أصبحوا بالغين الآن هم زملاء لشخص ما في العمل، ومع ذلك فإنَّ القانون ومعظم سياسات أرباب العمل لا تمنح هؤلاء الموظفين وقتاً لترتيب أمور حياتهم.

مشكلة خفية:

بالطبع سيقول بعضكم: "يجب ألا تؤثِّر مشكلاتك الشخصية في العمل"، أو "إنَّني أدفع لك لتعمل لا لتقلق بشأن مشكلاتك الخاصة"، ولكن يجدر النظر في الحقائق قبل صرف النظر عن هذا بحسبه قضية هامة؛ إذ نعلم جميعاً أنَّ الموظفين السعداء والمندمجين والمستقرين يعملون عملاً أكثر فاعلية، ويحققون نتائج أفضل، ويزيد احتمال بقائهم مع رب العمل الحالي.

مع ذلك كشف بحث أجرته شركة ريزولوشن (Resolution) أنَّ واحداً من كلِّ سبعة موظفين قال إنَّ انهيار العلاقات قد أثَّر سلباً في إنتاجية أعمالهم، وقال 16% إنَّ مكان عملهم تأثَّر بالإجازات المرضية المرتبطة بالتوتر والقلق الناتجين عن تفكك العلاقة، والأسوأ من ذلك أنَّ 9% قالوا إنَّ الانفصال أجبرهم على ترك عملهم وهذا قبل ثماني سنوات قبل التوتر الإضافي الذي عانيناه جميعاً بسبب الجائحة.

من غير المتوقع ألا تكون هذه الأرقام على الأقل هي نفسها الآن، ويمكن أن تكون أعلى من ذلك بكثير؛ فانهيار العلاقات ليس مجرد مشكلة للمتضررين؛ بل يتعدى تأثيرها إلى مكان العمل، وهذا هو السبب في أنَّها شيء يحتاج أرباب العمل إلى أخذه بالحسبان.

لقد أصبحت العافية والسلامة الآن أهم من أيِّ وقت مضى كما هو الحال مع الأحداث الأخرى التي تغير الحياة، فإنَّ فهم التأثير الذي يمكن أن يُحدثه الانفصال في الزملاء يصب في مصلحة الجميع، فضلاً عن كونه الشيء الصحيح الذي ينبغي فعله.

شاهد: كيف تستخدم التعاطف بفاعلية في العمل؟

العمل الإيجابي يؤدي إلى التربية الإيجابية:

ذا بوزتيف بارينتينغ ألاينس (The Positive Parenting Alliance) هم مجموعة من المنظمات والأفراد البريطانيين الخبراء الذين يعتقدون أنَّه لا يستحق أيُّ طفل عيش التجربة السلبية للانفصال أو الطلاق؛ إذ أطلقت العام الماضي التزاماً بسيطاً يسمى وعد الوالدين (The Parents Promise) لتشجيع الأهالي على مناقشة أفضل طريقة للعمل معاً من أجل صحة أطفالهم في حالة انتهاء علاقتهم.

وجد بحثنا أنَّ ما يقرب من 9 من كلِّ 10 أزواج قد تحدثوا عن كيفية إنفاق أموالهم في حال ربحت ورقة اليانصيب، و5% فقط قاموا بمناقشة ترتيبات الأبوة والأمومة المحتملة في حالة الانفصال أو الطلاق، ولا يرغب كثيرون في التفكير بهذا الموضوع وينطبق الشيء نفسه انطباقاً شبه مؤكد على الغالبية العظمى من الشركات.

لكن إذا كان للانفصال والطلاق مثل هذا التأثير الكبير في الشركات، فمن المنطقي مراعاة ذلك، ولهذا السبب ندعو الآن الشركات في المملكة المتحدة (United Kingdom) إلى المساعدة على حماية الأطفال والعائلات حماية أفضل في أثناء الانفصال؛ وذلك عن طريق تنفيذ أربع مبادرات بسيطة لسياسة الموارد البشرية للمساعدة على دعم الآباء المنفصلين.

إليك هذه المبادرات الأربع:

  1. عدُّ الانفصال "حدثاً مغيراً للحياة" في سياسة الموارد البشرية؛ إذ يشعر أولئك الذين يمرون بالانفصال بالتقدير والدعم.
  2. التأكد من أنَّ الآباء الذين يمرون بمرحلة انفصال يتمتعون بإمكانية الوصول إلى عمل مرن؛ وذلك لتمكينهم من العناية بأطفالهم وإدارة مرحلة ما بعد الانفصال.
  3. منح الموظفين إمكانية الوصول إلى الاستشارات العاطفية في هذه المدة وتوجيههم إليها.
  4. توفير الوصول إلى خدمات دعم الانفصال؛ إذ يمكن للوالدين الحصول على التوجيه والدعم اللذين يحتاجان إليه للانفصال الودي والذي يراعي مصلحة الأطفال.
إقرأ أيضاً: تحسين طريقة التواصل مع الموظفين لتعزيز مشاركتهم في العمل

يمكن لأرباب العمل  بمنح الموظفين الدعم والمرونة والتوجيه في مرورهم بتجربة الانفصال مساعدة موظفيهم في لحظة صدمة عاطفية، ولن يكون لهذا تأثير إيجابي كبير في العائلات المعنية فحسب؛ بل سيضمن أيضاً صحة عقلية أفضل للموظفين وتقليل إجازات المرض، والأهم من ذلك، نحن نعتقد أيضاً أنَّ الشركات التي تدرك هذه المشكلة سيكون لها تأثير كبير وإيجابي في كيفية تعامل المجتمع الأوسع مع الانفصال.

إقرأ أيضاً: التعاطف: مستقبل القيادة ومصلحة الشركات

منظور شخصي:

بتُّ أعرف بعد أن عانيت الألم والقلق الناتجين عن الانفصال التأثيرَ الذي يمكن أن يحدثه في الأفراد ومن حولهم، ولهذا السبب أطلقنا مبادرة وعد الوالدين (The Parents Promise) في العام الماضي، وشجعنا أرباب العمل الآن على اتخاذ الخطوة التالية ومساعدة موظفيهم في هذه اللحظة المؤلمة في حياتهم؛ إذ يمكن أن يكون لذلك تأثير إيجابي كبير في 280.000 طفلاً سيواجهون انهيار أسرهم في الأشهر الـ 12 المقبلة وحدها؛ بل نعتقد أنَّ نتائج هذه المبادرات يمكن أن تساعد على تحفيز تغيير ثقافي كبير وجعل المجتمع أكثر تعاطفاً.




مقالات مرتبطة