أهمية تحديد الهدف لإنشاء مشروعك التجاري

يرغب الجميع في إنشاء عمل تجاري فهو مجال رائع؛ وعندما تؤسس منظمة تهتم بالجودة بقدر ما تهتم بالكمية، وتهتم بالراحة الجسدية لموظفيها بقدر ما تهتم بالراحة النفسية، اعلم أنَّ النتيجة ستكون مذهلةً، أو ستعيش تجربة رائعة على الأقل.



ليس الهدف من النشاط التجاري الربح فقط:

لقد أجرى المؤلف "سيمون سينك" (Simon Sinek) في الماضي حديثاً على منصة "تيد" (TED) بعنوان "ابدأ بالأسباب" (Start with Why)، أشار فيه إلى أنَّ الجودة يجب أن تكون نقطة البداية لكل عمل تجاري؛ فما الهدف من إنشاء شركتك؟ الجواب ليس تحقيق الأرباح، حتى لو كان هذا هو هدفك الحقيقي؛ وإن لم تُصدق، فجرِّب أن تخبر عملاءك أو حتى الموردين بأنَّ السبب الوحيد الذي أنشأت شركتك لأجله هو انتزاع أكبر قدر من المال منهم.

يجب أن يكون الهدف من وجود شركتك أسمى من مجرد تحقيق المبيعات والأرباح، وهي بحاجةٍ إلى رسالة تُضيف قيمة دائمة لأصحاب المصلحة؛ رسالة سامية للغاية لدرجة أنَّه لا يمكن لأحد تجاهلها، وتتفهم الشركات الناجحة ذلك؛ حيث تتبنى استراتيجية حديثة تصعد من القاعدة إلى القمة.

تتضمن ثلاثة أسئلة، وهي:

  1. لماذا؛ "أي ما هو الهدف من عملك؟".
  2. كيف "ما الذي تتميز به عن منافسيك؟".
  3. ماذا "ما هو المُنتج أو الخدمة التي تقدمها؟".

وذلك بدلاً من الاستراتيجية القديمة السائدة التي تضمنت:

  1. ماذا "المبيعات".
  2. كيف "العمليات".
  3. ولماذا "الأرباح".

يُقدِّم سينيك تلخيصاً جميلاً لهذا الموضوع بقوله: "لا يشتري منك الناس ما تقدمه؛ بل الهدف الذي تعمل من أجله".

بالنسبة إلى الأشخاص الواقعيين فمن البديهي التركيز في الهدف، لكن قد يبدو أنَّ الأمر يعتمد أكثر على حدس المرء؛ حيث يرى الوقعيون أنَّه لا ينبغي أن تُبنَى الأعمال التجارية على العواطف والخطابات التحفيزية؛ بل يجب أن تكون مدفوعة بالتحليلات، ولكن حتى الوقعيين أنفسهم يفيدون بأنَّ المقاييس الكمية تُظهر أهمية التركيز في الهدف، كما أنَّه أمر بسيط ببساطة إجراء مراجعة لقائمة الأرباح والخسائر (Profit and Loss Statements).

تقيس قائمة الأرباح والخسائر (P&Ls) نجاح عملك بدءاً بالمبيعات إلى الأرباح، وعند مراجعتها ستشاهد من الأعلى إلى الأسفل العناصر بالترتيب الآتي:

  1. المبيعات.
  2. تكلفة المبيعات؛ "أي تكلفة إنتاج منتجك أو خدمتك من حيث المواد وما إلى ذلك".
  3. تكاليف التشغيل "جميع المصاريف التي تدخل في تشغيل الأعمال كالإيجار، ورواتب الموظفين، والمعدات، وما إلى ذلك".
  4. الضرائب.
  5. الأرباح.

إنَّ أساليب التجارة التقليدية تُملي عليك أن تبدأ بالمبيعات وصولاً إلى الربح، لكن عند أخذ سؤال سينيك "لماذا؟" في الحسبان، سيتغير تفكيرك التجاري التقليدي تماماً؛ فبدلاً من النظر إلى شركتك من الأعلى إلى الأسفل، من الأفضل أن تنظر أولاً إلى الأهداف الكمية، وتتأكد من أنَّها تتماشى مع الجودة التي ترغب في تحقيقها.

شاهد بالفديو: المبادئ 12 لتحقيق أهداف النجاح

يمكنك استخدام العمل التجاري لتحقيق أي شغف أو هدف تريده:

لا بأس بأن تضع الأرباح في مقدمة أهدافك، فالعائدات هي نتيجة ثانوية لكل عمل تقوم به سعياً إلى تحقيق هدفك، وقد يكون الربح هو النتيجة النهائية لعملك، والمقياس النهائي لكفاءته أيضاً، لكن يوجد الكثير مما يؤثر فيه؛ فعلى سبيل المثال تؤدي تكاليف التشغيل دوراً كبيراً في زيادة أرباحك أو تقليلها.

تدفع تكاليف التشغيل النفقات العامة التي تُتيح لك تحقيق هدفك وإدارة عملك، كما تدفع أيضاً لبناء البنية التحتية الداخلية لشركتك؛ إذ إنَّ تقليل تكاليف التشغيل يساعد على تبسيط أعمالك وزيادة أرباحك، فعندما يتعلق الأمر بالنفقات العامة حاول دائماً خفض التكاليف.

لكن رغم أنَّ هذه التكاليف هي من العوامل المحددة للربح، فإنَّها ليست الهدف بحد ذاتها؛ بل هي نتيجة نهائية أخرى من نتائج المبيعات وتكلفة المبيعات.

تتضمن تكلفة المبيعات تكاليف جميع المواد التي تدخل في صناعة المنتج أو الخدمة التي تقدمها، وهي تشكل جزءاً واحداً من تكاليف التشغيل الخاصة بك، بينما يتحدد الجزء الآخر حسب المنتج الفعلي الذي تبيعه؛ فإذا كنتَ تبيع منتجاً مصنوعاً من البلاستيك على سبيل المثال، وقررت أنَّك ترغب في استئجار مصنع بلاستيك لتصنيع المادة بنفسك، فإنَّ المواد البلاستيكية المادية ستدخل في تكلفة المبيعات، في حين أنَّ تكلفة استئجار المصنع، وأجور عماله وما إلى ذلك ستدخل في تكاليف التشغيل.

لكن بينما تؤدي المبيعات وتكلفة المبيعات إلى رفع تكاليف التشغيل، فإنَّ بيع المنتج يؤدي إلى زيادة تكلفة المبيعات الخاصة به فقط؛ أي إذا كنت ترغب في إضافة ميزة إلى منتجك لزيادة قيمته أو فاعليته، فستحتاج بشكل بديهي إلى زيادة تكلفة مبيعاتك، وقد تضطر أيضاً إلى تعديل عملياتك لإضافة هذه الميزة، ويعني ذلك أنَّ المبيعات تدفع كامل العمليات في شركتك، ومن ثم ترفع تكاليف التشغيل بالكامل؛ وإن كان ذلك صحيحاً، فستؤدي المبيعات إلى زيادة تكلفة المبيعات وتكاليف التشغيل، ومن ثم زيادة ربحك.

تماماً مثل الحاجة إلى خفض التكاليف فيما يتعلق بالعمليات - في حالة المبيعات - يجب أن تسعى إلى زيادة الإيرادات.

من منظور كمي فإنَّ المبيعات هي ما يدفع كل عمل يجري في شركتك؛ إذ يُنفَق كل مركز تكلفة في شركتك إما لإنشاء المنتج أو الخدمة، أو لدعم مبيعاتها، وأي تعديل تجريه على منتجك أو استراتيجية مبيعاتك سيؤثر في كل جزء من عملك؛ أي عندما يتعلق الأمر بالأهداف الكمية، فإنَّ المبيعات هي الأهم.

يقود ذلك بسلاسة إلى الهدف الأساسي من إنشاء الشركة، فأهم المكونات النوعية لشركتك هي الأسئلة الثلاثة التالية: "لماذا؟ وكيف؟ وماذا؟" أمَّا أهم المكونات الكمية هي: "ماذا؟ وكيف؟ ولماذا؟" وهنا يجب أن تلاحظ التقاطع ما بين "ماذا" التي تُمثل منتجك أو خدمتك، و"ماذا" التي تمثل كيفية بيع هذا المنتج أو الخدمة، و"لماذا" التي تمثل الدافع الأساسي وراء مبيعاتك.

لذلك لكي تكون شركتك ناجحة عليك التركيز في هذه النقاط بالترتيب: "الهدف من عملك"، و"كيف تتميز عن منافسيك"، ثم "ماهية المنتج أو الخدمة التي تقدمها، والمبيعات التي يُحققها المنتج، والعمليات المطلوبة، وصولاً إلى الأرباح".

ليس هاماً إذا كنتَ تؤمن بفلسفة العمل النوعية التي تعتمد على ما يمليه حدسك، أو بنهج العمل الكمي الذي يعتمد على ما تمليه الأرقام؛ وذلك لأنَّه في الحالتين، فإنَّ الهدف من عملك سيُؤثر دائماً في كيفية قيامك به، كما أنَّ ما تفعله للحفاظ على شركتك يرتبط ارتباطاً مباشراً بمبيعاتها ويحفز كل ما تفعله لتحقيق الهدف؛ مما يقود عملياتها وفي النهاية أرباحها.

إقرأ أيضاً: 10 تحديات يجب أن تتغلب عليها أي شركة ناشئة

في الختام:

جِد معنى في السبب فلمَ أنت موجود وما هي الغاية من عملك؟

سواء كان هدفك هو تحقيق أرباح أو مبيعات ضخمة، أم حتى التأثير في الوعي الاجتماعي، فمن الهام دائماً أن تسأل نفسك أولاً عن الهدف من عملك؛ وبهذه الطريقة ستقدم قيمة فورية ودائمة.

المصدر




مقالات مرتبطة