أهمية التفكير باستقلالية في عصر يسوده الخبراء

في عالم يَقبل فيه معظم الناس ما يقال لهم دون تشكيك، يعدُّ المفكِّرون المستقلون سلالة نادرة؛ إذ يختار المشكِّكون العقلانيون والمفكِّرون الأحرار تحدي المنطق السائد لإيجاد أنفسهم، وأحياناً قد يكتشفون معلومات أفضل تغيِّر مجرى التاريخ.



يقول عالم النفس الأمريكي "تيموثي ليري" (Timothy Leary): "إنَّ الهدف من حياة الإنسان هو معرفة الذات".

لقد حافظ كلٌّ من عالم الفيزياء النظرية "ألبرت أينشتاين" (Albert Einstein)، والفنان "ليوناردو دافنشي" (Leonardo da Vinci)، وعالمة الفيزياء "ماري كوري" (Marie Currie)، وعالم الفيزياء النظرية "ستيفن هوكينج" (Stephen Hawking) على فضولهم الفكري لسنوات، للعثور على الأفكار الملحمية التي غيَّرت طريقة تفكيرنا أو إدراكنا للأفكار العلمية؛ إذ تعدُّ القدرة على التفكير في النفس واحدة من أهم المهارات الأساسية للحصول على حياة ناجحة.

وفي كثير من الأحيان، يُقال لنا ما يجب أن نفكِّر فيه، فإنَّنا نحصل على الإجابة "الصحيحة"، ومن المتوقع أن نقبلها فقط، لكنَّ المفكرين الحقيقيين لا يأخذون الأشياء في ظاهرها، بل يتحدون المنطق السائد، ويطرحون كثيراً من الأسئلة، إنَّهم يبحثون عن معرفة وأفكار أفضل، حتى لو كانوا لا يحظون بشعبية كبيرة أو يمشون بخلاف التيار، فإذا كنت تريد أن تكون مفكِّراً مستقلاً، فعليك أن تكون على استعداد للتفكير بنفسك.

ما هو معنى التفكير باستقلالية؟

يقول المؤلف "آلان نايتلي" (Alan Knightley): "متى نحتاج أن نفكِّر باستقلالية؟ عندما نبدأ في تنمية الوعي بأفكارنا وعواطفنا، نبدأ برؤية مقدار ما نعيشه وفقاً لمعتقدات وأفعال الآخرين والمجتمع".

عندما تفكِّر باستقلالية، يمكنك أن تسأل أي شيء وكل شيء، وتقضي وقتاً في التفكير فيما تعلَّمته ومدى ارتباطه بما تعرفه بالفعل، وسوف تطرح الأسئلة وتبحث عن الإجابات وتتحدَّى الأفكار؛ إذ يهتمُّ المفكرون المستقلون باتخاذ قراراتهم بأنفسهم.

قالت المعلمة الأمريكية "مارفا كولينز" (Marva Collins): "ثق بنفسك، وفكِّر في نفسك، وتصرَّف بنفسك، ودافع عن نفسك، وكن نفسك، فالتقليد عبارة عن انتحار"؛ فأنت أهم شخص في حياتك، إذ إنَّ أفكارك هي التي تجعلك ما أنت عليه، فلماذا لا تفكِّر في نفسك؟

لا توجد إجابة صحيحة لجميع الناس عن كيفية عيش حياتهم، ولهذا من الهام أن تجد نفسك تلبِّي احتياجاتك ورغباتك الخاصة، فعندما تتوقف عن التفكير في نفسك، فإنَّك تتخلَّى عن تقديرك لذاتك، وفي النهاية ستفقد التحكُّم بحياتك؛ إذ إنَّ كثيراً من الناس يتَّبعون ما قيل لهم بأسلوب عشوائي دون التشكيك في معتقداتهم حتى، لكن كيف يمكنك معرفة الإجابة الصحيحة عن سؤال هام إذا لم تكن تعرف ما هو صحيح وما هو خاطئ؟

على سبيل المثال، قد تقول إنَّ الوقت قد حان لشخص ذكي ليختار عنك، لكن من هو هذا الشخص؟ كيف تعرف ما إذا كان ذكياً بما يكفي لاتخاذ القرار الصحيح عنك؟ الحقيقة هي لا أحد يعرف كل شيء، لهذا من الضروري أن تتعلَّم كيف تفكِّر بنفسك من خلال مراجعة معتقداتك وتحليلها تحليلاً نقدياً، فليس من السهل التفكير في نفسك دائماً، وقد يكون من المغري أن تفعل ما يُقال أو يُتوقع منك، لكن يجب أن تفكِّر تفكيراً مستقلاً، وتتخذ القرارات المناسبة لك الآن وفي المستقبل.

معظم الناس يقضون حياتهم في العيش للآخرين، ويضعون احتياجات الآخرين قبل احتياجاتهم، لكن مع تقدُّمنا ​​في السن، يجب أن نبدأ في التفكير فيما نريده وكيف نحصل عليه، فلا بأس بأن تكون أنانياً في بعض الأحيان، فإذا لم تتمسَّك باحتياجاتك ورغباتك في الحياة، فلن يقوم أحد بذلك؛ إذ قال "ألبرت أينشتاين" ذات مرة: "امنح نفسك حرية التفكير والحلم بنفسك، مرة واحدة يومياً على الأقل".

شاهد: 8 طرق تفكير ستضعك على طريق النجاح

الخطوة الأولى هي تحديد من أنت وما هي حقيقتك:

ماذا تريد من الحياة؟ ما هو شغفك؟ ما الذي يجعلك سعيداً؟ بعد تحديد هذه الأمور، يصبح هذا الأمر بيان مهمتك، وأساس العيش الحقيقي؛ إذ تعدُّ القدرة على التفكير في النفس عنصراً هاماً في النمو الشخصي، وهي أيضاً المهارة الأكثر أهمية لديمقراطية فاعلة ومجتمع مدني.

إنَّ قدرة الناس على التفكير المستقل تتعرَّض للهجوم من مصادر إعلامية مختلفة، ومع تزايد التعقيد في العالم، أصبح من الصعب معرفة بمن وبماذا يجب أن تثق؛ إذ إنَّنا نتلقَّى كثيراً من المعلومات من الكثير من المصادر، وقد يكون من الصعب معرفة ما هو صحيح وما هو خاطئ، وبصفتك إنساناً يعيش في العصر الرقمي، فأنت الآن مسؤول عن أفكارك، فقد يبدو الأمر كأنَّه مهمة شاقة، لكن تعبيرك الصادق عن الذات يعتمد على هذا الأمر.

إقرأ أيضاً: التفكير المنطقي: مفهومه ومبادئه وكيفية تنميته

في الختام:

إنَّ مسؤولية إنشاء طريقة للعثور على معرفة يمكن أن تساعدك على أن تصبح أفضل نسخة من نفسك تقع على عاتقك، ففي اللحظة التي تبدأ فيها بالتفكير في نفسك، يتاح أمامك تصوُّرات جديدة ونماذج ذهنية وعوالم جديدة.

سوف يشعرك هذا الأمر بكثير من الحرية، ويمنحك التحكُّم بحياتك، وكذلك يمنحك مزيداً من الوقت لفعل ما تريد وقول ما تشعر به دون الشعور بالذنب أو القلق بشأن رد فعل الآخرين، فإمَّا أن تفكِّر أنت بنفسك، أو يفكِّر عنك الآخرون دون التفكير في احتياجاتك الفعلية؛ لذا تعلَّم أن تفكر في نفسك؛ لأنَّ مستقبلك الحقيقي يعتمد على هذا الأمر.

المصدر




مقالات مرتبطة