أهمية التطرق إلى المواضيع الحساسة للحصول على التغذية الراجعة من الموظف

شارك أحد المديرين مثالاً رائعاً عما أظن أنَّه أقوى وسيلة تواصل للدخول في صلب أي موضوع؛ وذلك خلال ندوة حوارية كنت أقيمها عن المحادثات البنَّاءة؛ إذ تزيد هذه الوسيلة من احتمال أن يتمكَّن شخص ذو سلطة أدنى من التحدُّث عن موضوعات هامة وحساسة تخص العمل.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "ديفيد لي" (David Lee)، ويُحدِّثُنا فيه عن طرائق الحصول على التغذية الراجعة التي تريدها من موظفيك.

قبل أن أشارك ما قاله ذلك المدير أو ما حدث بسبب ما قاله، دعني أضع هذا المفهوم ضمن السياق: عندما يتمتع شخص بسلطة أعلى في علاقة ما - سواء كان مديراً أم والداً - فتوجد أشياء يفعلونها قد تزعج أو تحبط أو حتى تجرح هؤلاء ذوي السلطة الأقل، لكن بسبب التفاوت بينهما، يخشى الأشخاص ذوو السلطة الأقل مواجهتهم.

فكِّر في تجربتك الشخصية مع هذه الحالة، هل سبق وكان لك مدير:

  1. لم يُصغِ، أو تابع القيام بعمله وأنت تتكلم؟
  2. قاطعك باستمرار؟
  3. طلب منك أو أخبرك بأن تؤدي مهمة خلال العطلة الأسبوعية، أو في الأوقات التي لا تعمل بها عادةً، ولم يُكلِّف نفسه عناء شُكرك؟
  4. تحدث إليك بطريقة وقحة أو متعجرفة؟
  5. أخضَعك إلى مراقبة إدارية تفصيلية؟

فكِّر في كيف أنَّ جميع هذه المواقف قد حدثت وأنت لم تقل شيئاً؛ فأي شخص أمضى وقتاً معيناً في مكان العمل، سيكون قد مر بكثيرٍ من التجارب المشابهة، وتكمن المشكلة بالنسبة إلى المديرين أنَّه في كل مرة يحدث هذا الأمر، يشعر الموظف بحماسة أقل لحضوره في مكان العمل، ويصبح مُندمجاً اندماجاً أقل في العمل.

تُظهِر الأبحاث التي أجرتها مؤسسة "غالوب" (Gallup) أنَّ 33% فقط من القوى العاملة مُندمجة في عملها، و51% يؤدُّون مهامهم بأقل جهد مبذول؛ لذا عدم معرفتك بأنَّ ما تفعله يقود إلى عدم اندماج الموظفين قد يُكلِّفك الكثير.

لكن ليس علينا فقط اكتشاف تلك السلوكات الطائشة التي يقوم بها مَن هم أعلى سلطة منا؛ بل اكتشاف ممارسات الإدارة غير الفعَّالة وذات النتائج العكسية التي يقومون بها دون قصد؛ فلا ندرك أنَّ ما نقوم به يؤدي إلى نتائج عكسية ما لم نحصل على تغذية راجعة، وهنا يأتي دور التحدُّث عن الأمور والموضوعات الحساسة في العمل.

في حين أنَّ تفاوت السلطة هو سبب رئيس لعدم طرح الموظفين لقضايا معينة، ويساعد السماح بطرح أي موضوع حساس، في المواقف التي تظن فيها أنَّ الشخص الآخر غير مُرتاح لكونه الشخص الذي سيطرح المشكلة.

إقرأ أيضاً: كيف تقدم تغذية راجعة بناءة في مكان العمل؟

التحدُّث بموضوعات العمل الحساسة:

كان فريق الإدارة الذي كنتُ أعمل معه تابعاً لشركة تمر بتغيرات كبيرة؛ إذ كُنَّا نتحدث عن كيفية إيجاد طريقة مناسبة تساعد الموظفين على التحدُّث عن مخاوفهم بخصوص العمل، فشارك أحد المديرين هذه القصة:

بعد الحصول على نتائج استطلاع الموظفين، ذهب إلى فريقه وأخبرهم أنَّ لدى الموظفين بعض الآراء العامة عن مديريهم التي كان قلقاً بشأنها، وأراد التحقُّق لمعرفة ما إذا كان يفعل أي شيء يزعجهم، فسألهم سؤالاً مباشراً عن موضوع حساس، وقال: من بين الموضوعات المذكورة في الاستطلاع هي أنَّ الموظفين يشعرون بأنَّهم يُدارون إدارة تفصيلية؛ فهل شعرتم يوماً بأنَّني أتدخل كثيراً في عملكم؟".

بدأت الرؤوس بالإيماء، ثم بدأ الموظفون بالتحدُّث، فمن خلال سؤالهم عن هذه المشكلة المحددة، بدلاً من مجرَّد ترك المسألة تمر بوصفها موضوعاً عاماً عابراً؛ أوضح أنَّه لا بأس في التحدُّث بالأمور التي تُعَدُّ "حساسة".

شاهد بالفيديو: كيف تتقبل النقد وتتعامل مع الانتقادات السلبية في العمل؟

دع الموظفين يعلمون أنَّه لا بأس بالتحدُّث عن الموضوعات الحساسة:

يمكنك تشجيع الموظفين على الحوار المفتوح من خلال طرح الموضوعات الحساسة علناً؛ فبهذه الطريقة يَعلَم الموظفون أنَّ لديهم الحريَّة لسؤالك عن أي شيء، وقد تفكر في نفسك أنَّك لست بشخصٍ مخيف، فلماذا قد يخشى الموظفون من التحدُّث إليك؟

إنَّنا ننسى في الغالب أنَّه في بعض الأحيان قد نبدو مخيفين أو قد نفرض أشياء على الآخرين دون أن نشعر بذلك؛ فإذا كنا في موضع قوة، فإنَّ هذا سيؤثر في نوعية الموضوعات التي سيشاركونها معنا، وما لن يشاركوه.

ويساعد ذكر الأمور الحساسة التي يخشى الموظفون من التطرُّق إليها على التقليل من ترددهم؛ وذلك لأنَّه يتيح لهم معرفة أنَّك منفتح على الحديث عن أيَّة قضية مهما كانت، فإنَّ هذا لا يمنحك معلومات مفيدة فحسب؛ بل يقوي علاقتك بالموظفين أيضاً لأنَّه يوصل إليهم رسالة تقول: "أنا مهتم بكيفية تأثيري فيكم، فلا أظن أنَّه لمجرد كوني المدير يمكنني التصرف بالطريقة التي أريدها، وعليك أنت بصفتك موظفاً أن تتعلم كيف تتعامل معي".

إقرأ أيضاً: ما هي التغذية الراجعة غير المفيدة؟

ماذا لو تعارَضت وجهة نظرك مع وجهات نظر الموظفين؟

مجرد مشاركة الشخص الآخر لوجهة نظره أو مشاعره المتعلقة بالمشكلة، لا يعني أن تُغيِّر وجهة نظرك بناءً على تغذيته الراجعة، فقد يكون التصرُّف الأفضل هو شرح نيتك بشكل أوضح أو السبب وراء أفعالك.

لذا على سبيل المثال إذا لاحظتَ أنَّ علامات الانزعاج قد بدت على وجه موظف بعد إعطائه تغذية راجعة سلبية، وسألته إذا كان يشعر بأنَّ ما قلته غير منصف أو غير دقيق، وقال: "نعم، أظن هذا"، فهذا لا يعني أنَّه عليك التراجع عن كلامك، ومن ثم فإنَّ خطوتك التالية هي جعله يُعبِّر عن وجهة نظره، ومن خلال هذا الحديث قد تجد نفسك تُغيِّر وجهة نظرك أو قد تدرك أنَّك بحاجة إلى شرح وجهة نظرك شرحاً أفضل.

وبصرف النظر عن نتيجة المحادثة؛ فإنَّ النقطة الهامة هي أنَّه دون ذكر الأمور الحساسة التي لا نتطرَّق إليها بالعادة؛ فلن تتمكن أبداً من مناقشة المشكلات، ومن ثم لن تُحل، ومن خلال التطرُّق إلى هذه الموضوعات تصل إلى جوهر المشكلة وتفتح الباب للمضي قدماً، فمن خلال ذكر الموضوعات الحساسة، يمكنك الحصول على تغذية راجعة ذات قيمة من موظفيك عن كيف يمكنك أن تكون مديراً أفضل؛ وستحصل في النتيجة على فريق متحفز ومندمج وأكثر إنتاجية.

المصدر




مقالات مرتبطة