أهمية الالتزام بالعمل وليس بالمعتقدات

إنَّ أحد الأنماط المتعلقة بالعمل والحياة هو إيقاع التفكير والعمل؛ فالفِرَق والشركات التي تبدل بصورة تكيُّفية بين هذين النمطين تشهد سرعة في التعلم نتيجة لكونها أكثر مرونة وثباتاً، أمَّا بالنسبة إلى القادة إنَّ هذا الأمر يعني تقليل المعوقات التي تُبقي الفِرَق عالقة في نمط العمل أو نمط التفكير.



إنَّ فكرة أنَّنا بحاجة إلى "أن يكون الجميع على وفاق" قبل الالتزام بالعمل هي عائق أمام الفِرَق التي ترغب في الانتقال من "المناقشة" إلى "العمل"؛ إذ يعني "العمل" من خلال هذه الممارسة الموافقة والأداء، لكن حينما نعني به التحسين والتعلُّم فإنَّنا نوفر للناس حرية التمسك بتحفظاتهم ونجعل من السهل الالتزام بتجربة شيء جديد.

التزم بالأفعال، لا بالمعتقدات:

نحن عندما نتعهد القيام بالتزامات أو نتوقع من أعضاء الفريق تقديم التزامات، فإنَّ أحد الأخطاء يتمثل في محاولة إقناع الآخرين بالبقاء على وفاق؛ بمعنى آخر محاولة إقناع الأشخاص بمواءمة أفعالهم وسلوكاتهم إلى جانب تغيير طريقة تفكيرهم.

إنَّ أفضل طريقة للقيام بذلك ببساطة هي الالتزام بالأفعال؛ فعند اتخاذ أي قرار هام من المحتمل أن يكون لديك أشخاص اختاروا مساراً مختلفاً، فما تحتاجه المنظمة هو أن يُماشي الفريق بأكمله الإجراءات اللازمة لدعم القرار.

إنَّ محاولة إقناع الناس بأنَّهم بحاجة إلى تغيير طريقة تفكيرهم أيضاً لتوافق القرار تضيف عبئاً يؤخر المضي قدماً ويتطلب ذلك منهم الاعتراف بأنَّهم كانوا مخطئين؛ نظراً لأنَّ العمل يحدث مباشرة بعد اتخاذ القرار؛ فنحن لا نعرف من كان مخطئاً، إن كان هناك أي شخص مُخطئ أصلاً.

شاهد بالفيديو: 11 مهارة تنظيمية يحتاجها كل قائد ذكي

منهجية اتخاذ القرار: 

تخيل أنَّه عليك اتخاذ قرار بشأن اقتراح قدمه أحد موظفيك؛ إذ صرَّح زميلك أنَّه يعتزم تغيير حملة إعلانية بطريقة معينة؛ ففي اللحظة التي تسمع فيها عن الاقتراح ستشعر برد فعل سلبي، فإنَّ تجربتك الشخصية تحكم على الفكرة التي اقترحها زميلك بأنَّها فكرة سيئة؛ إذ تظن أنَّك ستفقد المبيعات أو تهدر الموارد.

بالطبع إنَّها ليست قضية أخلاقية ولن يتأذى أحد؛ لكنَّ الأمر فقط أنَّها ليست أفضل اقتراح بالنسبة إلى المؤسسة، ومع ذلك نظراً لأنَّ هذا سيستمر في المستقبل مثل جميع القرارات؛ فأنت لست متأكداً بنسبة 100%.

إنَّ الالتزام الذي يمكنك القيام به بصفتك قائداً هو دعم القرار بأفعالك ومعرفة ما سيحدث، لا يتعين عليك الاقتناع بأنَّها فكرة جيدة؛ بل عليك أن تقتنع فقط أنَّ ثمة فرصة كافية تجعل المخاطرة بالموارد المحدودة التي سيتم إنفاقها على القرار فكرة جيدة، كما أنَّك تُقيِّم ما سيتعلمه هذا الزميل والمؤسسة من هذا القرار، وهذا جيد بما فيه الكفاية للشركة.

ينطبق المبدأ نفسه إذا انقلب الوضع؛ فإذا طلبت من فريقك تنفيذ قرار معين وكان ثمة أشخاص في الفريق لا يظنون أنَّ هذا القرار هو أفضل طريقة فلا داعي لإقناعهم بذلك؛ بل يجب أن تدعهم يتمسكون بأفكارهم إن كانوا يلتزمون بدعم القرار الذي اتخذته أنت من خلال العمل على تنفيذه، ومن ثمَّ تُحقَّق أهداف المنظمة.

بعد اتخاذ القرار لا تحاول إقناع المعارضين له بأنَّ تفكيرهم خاطئ؛ فلا أحد يستطيع أن يعرف ما إذا كان القرار صحيحاً حتَّى تختبر الفرضية التي استندت إليها في اتخاذ القرار.

إقرأ أيضاً: 10 أسئلة تساعدك على اتخاذ القرارات الصحيحة

شركة "إيلاز كيتشن" (Ella's Kitchen): ثقافة تنظيمية قائمة على التعاون

"إيلاز كيتشن" (Ella’s Kitchen) هي شركة أغذية عضوية للأطفال تعمل خارج لندن، وقد عمل القادة على بناء ثقافة تنظيمية أكثر تعاوناً؛ إذ يسهم الناس بأفكارهم.

إقرأ أيضاً: 10 شركات ذات ثقافات تنظيمية رائعة

ثقافة تنظيمية قائمة على التعاون:

كانت إحدى الأفكار التي طرحها فريق المنتج هي تقديم طعام يشبه عيدان الخبز، ويمكن للأطفال الذين لا تزيد أعمارهم عن سبعة أشهر تناولها، إلَّا أنَّه كان من الصعب صنع هذا المُنتج؛ فإذا جعلته قاسياً للغاية سيكون خطيراً وحاداً، وإذا جعلته طرياً للغاية سيذوب بسرعة كبيرة.

إضافة إلى ذلك يتطلب هذا المُنتج تغليفاً خاصاً، ممَّا سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف تغليفه وشحنه؛ لهذا السبب لم ترَ القيادة أنَّ هذا منتج قابل للتطبيق؛ لكنَّ القادة تعهدوا ببناء ثقافة أكثر تشاركية؛ لذا فهموا أنَّهم بحاجة إلى الوفاء بالتزاماتهم والسماح للفريق بتجربة فكرتهم، فقد وجدت القيادة أنَّ الأمر فرصة للتعلم، ووافقت على إنتاجه، وبعد مرور عام أصبحت هذه العيدان هي المنتج الأول للشركة من حيث الأرباح.




مقالات مرتبطة