أهمية آراء الموظفين في الشركة

يجد معظم الموظفين صعوبة في التعبير عن آرائهم في مكان العمل، وقد تكون في الواقع واحداً منهم، فإذا كنت مديراً أو رئيساً لشخص يجد صعوبة في التعبير عن آرائه، فيجب أن تمنح نفسك وموظفيك صوتاً؛ لأنَّ آراء الموظفين أعظم ثروة تمتلكها شركتك.



لماذا يعد رأي الموظفين هاماً؟

كل فرد في المنظمة له منظور فريد، وهذا يعني أنَّ لديه رؤية عن كيفية سير عمل المنظمة بأكملها، فإذا كنت تصغي إلى أشخاص محدَّدين في الشركة فحسب، فستُعاني مؤسستك من نقاط ضعف حتماً، ويجب الكشف عن نقاط الضعف هذه لإدارة شركة ناجحة ومزدهرة، ومع ذلك ترتكب معظم المؤسسات خطأً فادحاً حين لا تمنح موظفيها فرصةً لمشاركة تجاربهم الحقيقية.

إنَّ مبادرات التعلم والتطوير غالباً ما تعطي الأولوية للرؤساء التنفيذيين وأصحاب المناصب القيادية والمديرين، وفي حين أنَّ هذا أمر رائع، فإنَّه غير كافٍ، فإذا كنت لا تمنح حق المشاركة في حوارات التطوير المهني لكل فرد في مؤسستك، فأنت بذلك تتجاهل وجهات نظر وأصواتاً بالغةَ الأهمية.

عندما تمنح موظفيكَ صوتاً، فإنَّك تقدِّم لهم فرصةً لإطلاعك على سير الأمور في الشركة، ومدى كفاءة الأداء، وبذلك يشعر موظفوك بأهميتهم، وهذا يزيد من حماستهم للمساهمة في العمل بصورة أكبر، فإنَّ الإصغاء لصوت موظفيك يعني أنَّك تهتمُّ بأهم ثروة لديك، وهم الأشخاص الذين يهيئون الظروف للاستمرار في تقديم مُنتجك أو خدمتك للعالم.

لماذا لا يُعبِّر الموظفون عن آرائهم؟

لأنَّهم خائفون، فالحاجة الأساسية لأي إنسان هي ضمان سلامته وبقائه، فإذا فكَّرت في الأمر فنحن نعمل من أجل البقاء.

قد يساعدك العمل على تحقيق غايتك في الحياة في نفس الوقت، لكنَّنا نعمل في المقام الأول للحصول على الموارد اللازمة لتلبية احتياجاتنا الأساسية، كالغذاء، والمأوى؛ وهذا يعني أنَّه حين يوجد أي تهديد في العمل يُسجَّل بوصفه قضية بقاء من قِبل جهازك العصبي، فتدخل في وضع الحماية بسرعة فائقة، وعندما تفعل ذلك، فإنَّ أول شيء تفقده هو قدرتك على التعبير، وإذا اعتقدت أنَّك قد تُعاقب، فإنَّك تكتم صوتك.

لكن، ثمَّة مزيد ممَّا يحدث عندما لا تُشعرك بيئة العمل بالأمان، ومنها انخفاض الإنتاجية، فإنَّ الجهاز العصبي البشري هو بالأساس آلة، تؤدي مهامها على النحو الأمثل عندما تشعر بالراحة، لكن عندما تتعرَّض لتهديد مُحتمل، ينصبُّ تركيزها على البقاء فقط، ويمكن أن يتشتَّت انتباه الموظفين في هذه الحالة بسهولة، ويتحولون إلى أشخاص عصبيين أو عدائيين، ومن غير المرجَّح أن يتواصلوا تواصلاً جيداً.

لذا عليك أن تسأل نفسك عمَّا إذا كان الموظفون في شركتك يُبلِّغونك عن كيفية سير عملهم، ويتحدثون بصراحة عن عبء العمل عليهم، ويشاركون الأمور التي يمكن أن تساعدهم على زيادة كفاءتهم، فإذا لم يقدِّموا هذا النوع من التغذية الراجعة، فمن المُحتمل أنَّهم يفتقدون للشعور بالأمان والراحة، أو لم يُطلب منهم القيام بذلك، ولاحِظ ما إذا كانوا لا يُشاركونك آرائهم، فهم يحتاجون إلى بيئة أكثر أماناً.

سيتطرَّق هذا المقال إلى الأمور التي يمكنك فعلها لإنشاء بيئة أكثر أماناً، لكن أولاً لا بُدَّ من توضيح الأمور التي تُشعر موظفيك بعدم الارتياح.

شاهد: 6 طرق مبتكرة لرفع معنويات الموظفين

الأمور التي تُضايق الموظفين:

تخيَّل حدوث هذا السيناريو في مؤسَّسةٍ ما:

سمر في مأزقٍ معتاد؛ إذ يحتاج قسم التسويق إلى معلومات منها اليوم، لكنَّ فريق المنتجات لن يتجاوب مع طلبها حتى يوم الخميس، فيحدث هذا تكراراً، وتشعر سمر بالإحباط والارتباك تجاه ما يجب القيام به، وتستمر بالضغط على فريق المنتجات، فيأتي ردُّهم بفظاظة، وفي الوقت نفسه تتربَّص بها رسائل البريد الإلكتروني من قسم التسويق بخصوص عدم الالتزام بالمواعيد النهائية للتسليم.

قد لا تكون سمر ذات منصبٍ عال، لكن في الاجتماع التالي الذي يضمُّ فريق المنتجات وفريق التسويق والقسم الإداري، يجب أن يكون صوت سمر مسموعاً، فإنَّها تُمثِّل قطعة الأُحجية التي يمكن أن تساعد على إدراك مشكلة تنظيمية أكبر، فإذا لم يتسنَّ لسمر فرصة للتحدث، فلن تستمر المشكلات المتعلقة بسير العمل فحسب، بل سيزداد شعور سمر بالإحباط، وستفقد حماستها، وستنخفض كفاءتها في العمل.

يجب معالجة مشكلات تشغيلية كهذه من الناحية التنظيمية بطبيعة الحال، لكن فلتأخذ الآن مثالاً يتناول الهوية الشخصية للموظف، تخيَّل هذا الموقف:

كانت لينا في اجتماع الأسبوع الماضي، وقد أخبرها أحدهم أنَّها تحتاج إلى "أن تُهدِّئ من روعها لأنَّها بدت محبَطة"، فكانت هذه حادثةً معتادةً بالنسبة إليها بوصفها امرأة غاضبة، لكن يبدو أنَّ هذا التصرف المُجحف البسيط لم يدفع فريقها إلى التعاطف معها، فلم يدافع عنها أحد في أثناء الاجتماع، وهي تُدرك الآن أنَّها إذا واجهت الشخص الذي قال ذلك، أو تحدثت عن الأمر إلى رئيسها في العمل، فقد يُشدِّد أي منهما التركيز على فكرة أنَّها تحتاج إلى الهدوء وتجنُّب الغضب.

لقد تركت هذه الحادثة شعوراً لدى لينا بعدم الأمان إزاء التعبير عن أي شعور بالاستياء أو الإحباط بخصوص عملها؛ وهذا يعني أنَّها لم تعد قادرةً على التواصل بصراحة، ولن تُشارك تجربتها الشخصية مع أي شخص في المكتب.

نظراً لأنَّ جهازها العصبي في حالة قلق، ستنخفض إنتاجيتها في العمل بسرعة، وقد تتحدث عن الأمر بصراحة فقط إذا جاءها شخص لديه حرص حقيقي وشفافية ودعاها لمشاركة ما لديها، وإلا ستلتزم الصمت حتى لا تتعرَّض لمزيد من التهديد.

كيفية توفير بيئة آمنة للتعبير عن الآراء:

إنَّ أهم أمر يمكن لقادة المؤسسة القيام به لتوفير بيئة آمنة هو أن يجعلوا من أنفسهم نموذجاً للتعبير الصادق والصريح، وهذا يعني أن تكون بارعاً في التعبير عن التقدير والحاجة إلى التغيير دون عقاب أو أذى لا داعٍ له.

إليك ما يمكن أن تفعله لمساعدة موظفيك على التعبير عن آرائهم:

الخطوة الأولى: طرح أسئلة محدَّدة

سيواجهُ الموظف الذي أُجبر على كتمان صوته لفترة طويلة صعوبةً في التحدث بحرية على الفور، وهذا يعني أنَّ طرح أسئلة مفتوحة لن يكون أمراً فعَّالاً، فإذا سُئل كالآتي: "كيف تسير أمورك في العمل؟" من المرجَّح أن تسمع منه إجابة "بخير"، وهذا شخص ما زال مقيداً بالرغبة الغريزية في الحفاظ على حياته.

وإذا كنت ترغب في الحصول على إجابات حقيقية، فعليك طرح أسئلة محددة، فيمكنك أن تسأل:

  1. "هل تواجه أيَّة صعوبات في سير العمل أو التواصل مع فريقك؟".
  2. "هل لديك أي اقتراحات عن كيفية الالتزام بمواعيد التسليم النهائية بطريقة أفضل؟".
  3. "هل وقعت أيَّة حوادث جعلتك تشعر بالضيق في المكتب؟".

ضع في الحسبان أنَّ الموظف لن يشاركك إجابات صادقة ما لم يكن واضحاً أنَّه لن يُعاقب على شفافيته، كما يجب أن يكون لديك فضول حقيقي واستعداد لتنفيذ التغييرات بناءً على ما ستسمعه.

الخطوة الثانية: اتخاذ إجراءات بناءً على التغذية الراجعة

عندما يساعد موظفوك على الكشف عن نقطة ضعف أو مشكلة تحتاج إلى معالجة، اتخذ الإجراءات اللازمة للقيام بأي إجراءات تصحيحية بسرعة وكفاءة، فإذا لم تفعل ذلك، فأنت ترتكب أسوأ عمل، فإذا لم تفِ بالتزاماتك، تأكَّد بأنَّ موظفيك سيمتنعون عن التعبير عن رأيهم مرةً أخرى وعن مشاركتك إياه.

لذا؛ ضع هيكلية جديدة للتواصل، وتحديد مواعيد التسليم، كما يمكنك الاستعانة بخبير استشاري، فاستثمر أموالك في المكان الصحيح، وأجرِ التغييرات التي كشف موظفوك عن ضرورتها؛ إذ إنَّه لأمر بالغ الشجاعة أن يُصارحك الموظف، ويجب تقدير المعلومات التي تتلقاها من خلال اتخاذ الإجراءات المناسبة.

شاهد أيضاً: اهمية اراء الموظفين في الشركة

الخطوة الثالثة: إنشاء ثقافة يسودها الاحترام تضمن صحة وسلامة الموظفين

عندما تتَّخذ هذين الإجراءين الأولين، فإنَّك تبدأ بإنشاء ثقافة يُقدَّر فيها الأشخاص على التعبير عن آرائهم، وتُظهر بأنَّك تُقدِّر مساهمة كل فرد في المؤسسة، فإنَّ منح الموظفين فرصةً للتعبير عن آرائهم ينطوي على اهتمام فعلي بصحتهم وسلامتهم؛ وذلك لأنَّه قائم على معاملتهم بوصفهم بشراً أسوياء، وبذلك تعمل أجهزتهم العصبية كآلات تقدم أفضل أداء لها للقيام بالعمل على أكمل وجه.

عندما تطرح أسئلة محدَّدة باهتمام، وتتخذ إجراءات بناءً على ما تسمعه، فأنت تعترف بموظفيك بوصفهم أعضاءً لهم تقديرهم في مكان العمل، وهذا بدوره يوفِّر ثقافةً تقوم على الاحترام وضمان صحتهم وسلامتهم.

إقرأ أيضاً: 4 دوافع لتحفيز الموظفين عندما لا تكفي المكافآت المالية

يمكنك أيضاً الاستمرار في رعاية موظفيك من خلال القيام بأمور أخرى، كتقديمِ العلاوات والمكافآت، والسؤال عن حفل عيد ميلاد ابنهم، لكن إذا فعلت كل هذه الأمور بغياب الأساس القائم على الاحترام الحقيقي في المكتب، فما زلت تفتقر إلى وجود ثقافةٍ تُشعر الناس بالأمان؛ لذا حاول دائماً الرجوع إلى طرح الأسئلة وإجراء التغييرات.

إقرأ أيضاً: دور آراء الموظفين في نجاح العمل

الخلاصة:

خلاصة القول هي: إنَّك إذا لم تعتنِ بصحة الناس، وبالسلامة في مكان العمل، فلا تتوقع تحقيق إنتاجية جيدة، ولمعرفة ما إذا كان موظفوك يفتقدون الشعور بالراحة أو الأمان، فما عليك إلا دعوتهم للتعبير عن آرائهم.

لذلك؛ إذا كنت تريد موظفين يعملون بأقصى إمكاناتهم، وبأكبر قدر من الإبداع والاهتمام والابتكار، فعليك أن تحرص على تقدير أصواتهم، كما أنَّ هذا سيؤثر في الأرباح بأفضل الطرائق أيضاً.

المصدر




مقالات مرتبطة