أهم النصائح لحياة صحية نفسياً

لا يعني خلو الإنسان من العاهة الجسدية أنَّه إنسان معافى بالضرورة، فالنفس كالجسد تمرض تارةً وتتعب تارةً أخرى، لذلك علينا أن نسلط الضوء على صحتنا النفسية ونعطيها المزيد من الاهتمام، وعلينا أن ندرك أنَّ أي إنجاز يعتمد اعتماداً أساسياً على النفس أولاً وعلى الجسد ثانياً، لذلك سنعرض في هذا المقال مفهوم الصحة النفسية وأهم العادات والأمور التي من شأنها أن تعزز الصحة النفسية وتقويها.



ما هو مفهوم الصحة النفسية؟

لا يقتصر مفهوم الصحة النفسية على الراحة الجسدية والابتعاد عن الانشغالات ومصادر الضوضاء؛ بل لها معنى أكثر شمولاً، وبلا شك إنَّ الصحة النفسية لها تأثير مباشر في طريقة تفكيرك ومشاعرك ونشاطك اليومي، إضافة إلى مستوى وعيك في التعامل مع القلق وقدرتك على مواجهة صعوبات الحياة وتحدياتها والدخول في علاقات صحية وتجاوز المحن.

لذلك يفضَّل أن تتطلع إلى صفات الناس الذين ينعمون بصحة نفسية متينة، وبالطبع الصحة النفسية هي نتيجة اجتماع عوامل كثيرة تتحقق عن طريق الذات والمجتمع والأسرة الأصدقاء.

كن لنفسك أولاً:

لكي تنعم بحياة صحية جيدة، عليك بأهم بند وهو أن تشبع ذاتك وتقويها وتحقق رغباتها، فقد يستغرب بعض الناس هذا الكلام أو يراه نوعاً من الأنانية، وهذا نتيجة طبيعية للتربية والقيم والعادات التي تلقيناها والقائمين على مساعدة الآخرين والفداء والتضحية من أجل الوطن أو الدين.

بلا ريب الإنسانية مطلوبة وهي موجودة فطرياً، فالإنسان يتودد لأخيه الإنسان ويعطف عليه، لكن كثرة الشعارات والقيم الرنانة في مساعدة الآخرين تعزز عند الإنسان وخاصةً في بدايات حياته شعوراً بالذنب تجاه أي شيء جميل يحققه لذاته، وتُشعره بأنَّ أي إنجاز يحققه عليه أن يسخره لخدمة الآخرين، وهذا قمع للذات.

في مرة من المرات وأنا أبحث في مكتبتي وجدتُ كتاباً بعنوان "طريق الحب" لكاتب هندي، للوهلة الأولى ظننت أنَّه كتاب يروي قصة حب بين شاب وفتاة أو أنَّه تعليم لكيفية الوصول إلى قلب الحبيب، لكن عندما قرأت الكتاب خابت جميع توقعاتي؛ لقد كان طريق الحب إلى الذات وكيفية إرضائها لكي ننعم بحياة نفسية صحياً ونتمكن بعدها من التواصل الطبيعي مع الناس، لذلك عليك بالآتي:

  1. اصنع لنفسك عملاً خاصاً تجني من ورائه المال.
  2. اشترِ كل ما تحتاجه أو ترغب فيه كي لا يولِّد لديك شعور الحسرة.
  3. اختر لنفسك صديقاً مريحاً يعطيك دافعاً إلى الأمام.
  4. ابتعد عن الناس الإلغائيين الذين يسخرون من أي شيء تفعله.
  5. فضِّل أن تبقى وحدك عن الدخول في علاقات سامة.

شاهد: 6 عادات خاطئة تقضي على صحتك النفسيّة

ما هو تأثير الموسيقى في الصحة النفسية؟

منذ ولادة الطفل وهو يمتلك المقدرة على التفريق بين الموسيقى والضوضاء؛ إذ إنَّ الدماغ البشري يملك طرائق مختلفة لمعالجة مختلف أنواع الأصوات متضمناً بذلك النغمة واللحن والإيقاع، وللموسيقى السريعة دور في زيادة عدد ضربات القلب والتنفس ورفع الضغط الدموي، بخلاف حالة الاستماع للموسيقى الهادئة.

لذلك قال الموسيقي الأمريكي الشهير "بيلي جويل" في يوم من الأيام: "أعتقد أنَّ الموسيقى بحد ذاتها شفاء، فهي تعبير صارخ عن الإنسانية بصرف النظر عن الثقافة التي ننتمي إليها".

في نفس السياق قالت إحدى كبار مستشاري السياسة والأبحاث في جمعية العلاج بالموسيقى الأمريكية "باربرا إلس" لصحيفة "ميديكال نيوز توداي": "إنَّ ارتباط البشر بالموسيقى عميق؛ وذلك لأنَّها متأصلة في أدمغتنا وأجسادنا؛ إذ يتردد صداها في فيزيولوجيا الجسم ووظائفه وصحته".

لقد أظهرت أبحاث قام بها علماء من جامعة "ماكجيل" الكندية في سنة 2011م أنَّ سماع اللحن ومختلف أنواع الموسيقى يعمل على رفع مستوى هرمون الدوبامين الذي يُصنع في الدماغ، وهو عبارة عن مادة كيميائية تقوم بتحسين المزاج، الأمر الذي جعلها دواءً هاماً لمعالجة حالات الاكتئاب.

في زمن مضى من هذه السنة، أظهر بحث نُشر في صحيفة (The Lancet Psychiatry) أنَّ الموسيقى السريعة تفيد في فهم اضطرابات الصحة النفسية، وقد يؤثر الاستماع للموسيقى قبل الجراحة في رفع مستوى نتائج ما بعد الجراحة، فضلاً عن كونها تزيد من مستويات الإنترولوكين الذي يعمل على تقوية جهاز المناعة.

في صدد الإجابة عن سؤال كيف يمكن للموسيقى أن تمتلك كل هذه الإيجابيات؟ يقول أستاذ علم الأمراض "كيم وينس" في كلية الصحة العامة بجامعة "ويست فيرجينيا": "يبدو أنَّ الموسيقى تُنشِّط تنشيطاً انتقائياً الأنظمة الكيميائية العصبية وهياكل الدماغ المرتبطة بالمزاج الإيجابي، وتنظيم العاطفة والانتباه والذاكرة بطرائق تعزز التغييرات المفيدة".

أهم التأثيرات النفسية لسماع الموسيقى:

1. تحسين المزاج:

إنَّ سماع الموسيقى يومياً يقوي الحالة الصحية النفسية، ويزيد من الرفاهية، ويقلل من الآثار التي قد تكون كارثية المتعلقة بالتوتر والقلق لدى المتقدمين في العمر الذين يواجهون مشكلات من التدني العلمي المعرفي، وأيضاً تعمل على ترتيب الأحاسيس والإحساس بالسعادة في الحياة العادية.

2. خفض مستوى الإجهاد والقلق:

أظهرت الكثير من الأبحاث التي قامت بها جامعة "برونيل" في المملكة المتحدة أنَّ الإيقاع قد يخفض مستوى القلق، فإنَّ سماع الموسيقى الهادئة التي تُعَدُّ عموماً ذات إيقاع بطيء ونبرة منخفضة وخالية من الكلمات يخفض من مستوى التوتر والقلق بالنسبة إلى الناس الأصحاء والناس الذين يخضعون لمعالجات طبية، ويُعتقد أيضاً أنَّ الاستماع للموسيقى يحرض تحرُّر المواد الأفيونية المخدرة في الدماغ، وهي مسكنات الألم الطبيعية في الجسم.

أهم النصائح للحفاظ على حياة نفسية سليمة:

  1. ابنِ بعض العلاقات السليمة مع الآخرين، لكن انتبه إلى أن تكون علاقات مريحة تعزز ثقتك بنفسك وتجعلك أكثر سعادةً.
  2. غذِّ ذاتك وارفع مستواها الثقافي والعلمي بقراءة بعض الكتب المفيدة التي تهدف إلى تطوير الفكر، ولا تحصر تفكيرك بنوع واحد من الكتب.
  3. حاول أن تجعل بينك وبين الناس مسافة أمان، فلا تتعلق بأحد فالناس بين الحين والآخر يتغيرون.
  4. فكِّر ملياً قبل أي قرار تتخذه ولا سيما إذا كان مصيرياً لكي لا يصيبك الندم في وقت لاحق.
  5. حافظ على مستوى سوي من النوم على الأقل سبع ساعات يومياً.
  6. أجرِ تحدياً مع ذاتك في  إتقان مهارة جديدة أو ضع هدفاً صعب المنال واسعَ إليه.
  7. جرِّب شيئاً جديداً أو أجبِر نفسك على شيء يتعلق باللياقة البدنية أو الطعام الصحي، أو تعلَّم صنع أطعمة جيدة ولذيذة، أو تعلَّم مهارات الحاسوب وحاول الإبداع فيها، فإنَّ التعلم واكتساب المهارات والخبرات يعزز لياقتك الذهنية وصحتك النفسية.
  8. أقم حفلة عيد ميلادك وادعُ الأهل والأصدقاء ليشاركوك فرحتك.
  9. ضع قائمة بعدد وجبات الطعام التي عليك إنجازها في اليوم.
  10. قلل من شرب الكحوليات.
  11. تعلَّم فن التعامل مع الضغوطات، وركز فيما يزعجك وكيف يكون رد فعلك عندها لكي تحاول التخلص منها.
  12. عبِّر عن غضبك واستيائك تجاه ما يزعجك، ولا تجعل المشاعر السلبية تتراكم في داخلك.
  13. احذر أن تنام باكياً فهذا يعزز الاضطرابات النفسية، لذلك حاول إسعاد نفسك قبل النوم.
  14. عش اللحظة فقط فهي ملك يديك، ولا تلقِ بالاً للمستقبل فهو مجهول، ولا تندم على ما فات فهو يصبح أشبه بالحلم.
  15. اختر يوماً في الأسبوع للذهاب في نزهة أو رحلة مع الأهل والأصدقاء.
  16. مارِس الرياضة الصباحية يومياً فمن شأنها أن تعطيك النشاط والحيوية وتعزز صحتك النفسية.

شاهد أيضاً: 10 نصائح للحصول على الراحة النفسية

أهمية زيارة الطبيب النفسي للصحة النفسية:

قم بزيارة طبيب نفسي بشكل دوري لأنَّه الوحيد الذي يستطيع أن يحلل شخصيتك ويقيِّمها ويقوِّمها ويضعها على طريق الراحة والنجاح، وقد ازدادت الحاجة إلى الطبيب النفسي مع التقدم العلمي والتكنولوجي؛ إذ أصبحت الحياة أكثر تعقيداً وتحتاج إلى الكثير من التركيز والإدراك.

الجدير بالذكر أنَّ مع ازدياد الفقر تصبح زيارة الطبيب النفسي حاجة ملحة للإنسان، فزيارة الطبيب النفسي ليست بالعيب ولا بالحرام ولا تدل أبداً على الجنون؛ بل هي تصالح مع الذات واعتراف بأنَّنا في مشكلة علينا حلها، فالمريض هو الذي لا يعترف بمرضه، لذلك علينا زيارة الطبيب النفسي بشكل دوري عند أي عارض نتعثر به في طريقنا نحو النجاح.

الجدير بالذكر أنَّ المجتمع العربي هو عموماً مجتمع مريض نفسياً لديه ازدواج في الشخصية، بحيث تتضارب رغبات الإنسان وملذاته الفطرية مع قيم المجتمع وشعاراته الرنانة، فيكون الإنسان هو الضحية.

إقرأ أيضاً: أثر الرياضة في الصحة النفسية

أهمية تمرينات اليوغا للصحة النفسية:

تُعَدُّ تمرينات اليوغا من أهم الرياضات الروحية التي من شأنها أن تعزز الراحة النفسية وتدعم الصحة الجسدية، فهي تقوم على الاسترخاء الجسدي وإفراغ الذهن من الأفكار بحيث يكون الذهن في صمت مطلق والجسد في استرخاء تام، ومن أهم الآثار الإيجابية لتمرينات اليوغا هي:

  1. تقلِّل من التوتر والقلق وتحسِّن المزاج.
  2. تخفِّف من السيطرة على أعراض الاكتئاب الصعبة.
  3. تُشعر الإنسان بالنشوة وتزيده سعادةً ورضى.
  4. تُشعر الإنسان ببساطة الحياة ورخائها.
إقرأ أيضاً: 12 نصيحة بسيطة للحفاظ على الصحة النفسية

في الختام:

لقد استنتجنا مما سبق أنَّ الإنسان السليم هو الإنسان الخالي من المرض النفسي والجسدي، وأنَّ الاعتراف بالمرض هو أولى طرائق العلاج، لذلك يجب أن نكون شجعاناً أمام أنفسنا ونعترف بضعفنا وتعبنا، وأنَّنا بشر نتعب جسدياً ونفسياً، وكما قيل: "العقل السليم في الجسم السليم".




مقالات مرتبطة