أمور يجب القيام بها صباحاً لتجنب التكرار والروتين (الجزء الأول)
حياة معظم الناس هي انعكاس لماضيهم وليس مستقبلهم؛ إذ سيبدو اليوم مشابهاً تماماً للغد. يمكن توقُّع حياة معظم الناس بصورة كبيرة، وهذا مُبرَّرٌ تماماً؛ إذ إنَّ عقلك هو حرفياً آلة تنبُّؤ مُصمَّمة لإبعادك عن المواقف والسيناريوهات المليئة بعدم اليقين وإمكانية الفشل.
وفقاً لعديد من علماء النفس، فإنَّ أساس كل المخاوف هو المجهول، فنحن نريد أن تكون حياتنا متوقعة، ولا نرغب في التعامل مع المشاعر الجياشة التي ينطوي عليها القيام بأمر جديد ومختلف.
قد تسبِّب لك تجربة أمر جديد ومحاولة تغيير حياتك القلق دون أدنى شك، لكن وَفقاً للفيلسوف "سورين كيركغارد" (Søren Kierkegaard): إنَّ المغامرة تسبِّب القلق، لكن عدم المغامرة يعني فقدان الإنسان لذاته، فالقلق هو مفتاح الحرية"، فلكي تمضي قدماً في حياتك، ستحتاج إلى تقبُّل المصاعب وعدم اليقين، أو ما تعدُّه عادةً قلقاً والذي أسماه كيركغارد بـ "مفتاح الحرية".
يعتمد الحصول على مستقبلٍ مزدهر على طريقة تغيُّرك، ووَفقاً لـ "ألبرت أينشتاين" (Albert Einstein): "إنَّ مقياس الذكاء هو القدرة على التغيير".
فإنَّ الطريقة الوحيدة للتغيير هي التوقف عن تفسير حياتك اعتماداً على ماضيك والبدء في تفسيرها بناءً على مستقبلك؛ إذ يجب عليك أن تصمِّم حياتك ومستقبلك، ومن أجل القيام بذلك، يجب أن تتوقف عن العيش اعتماداً على ماضيك، فما يحدث اليوم لا يمكن أن يشبه ما يحدث بالأمس.
إذا كنت تريد حقاً التمتُّع بصحة جيدة، فيجب ألَّا تأكل اليوم ما أكلته بالأمس؛ لهذا توقف عن تكرار الماضي، فيجب عليك أن تتصرَّف اليوم بناءً على الحياة التي تريد أن تعيشها غداً.
وإذا كنت تنتظر الغد لتبدأ في التصرف بالطريقة التي تصرفت بها اليوم، فأنت تكرِّر البارحة، كما قال البروفيسور "هارولد هيل" (Harold Hill): "لقد سوَّفت بما فيه الكفاية، لذلك ستجد أنَّه لم يتبقَّ لك سوى ماض فارغ".
شاهد بالفيديو: نصائح النَّاجحين لتغيير روتينك اليومي للأفضل
تطوير الثقة وتغيير حياتك:
لا يمكنك أن تثق في حياتك دون المضي قدماً بصورة إيجابية نحو مستقبل أهم وأفضل، فإذا كانت الأيام والأسابيع والسنوات تكرِّر الماضي، فأنت لست واثقاً بنفسك؛ وذلك لأنَّ عيش حياة مريحة ويمكن التنبُّؤ بها هو في الواقع انعكاس واضح لنقص الثقة لديك.
فلا يمكنك اكتساب الثقة إلَّا بعد أن تبدأ في عيش حياة أفضل، وبعد ذلك تسمح لك هذه الثقة بالتفكير بصورة أكبر فيما هو ممكن، فإنَّ الثقة هي نتيجة ثانوية لنجاح سابق؛ لذا يجب أن تبدأ صباحك باتباع روتين محدَّد.
الهدف من روتين الصباح هو السعي نحو مستقبل كبير ومشوِّق، فإذا لم يكن لديك مستقبل مشوِّق تسعى من أجله، فأنت عالق في الماضي، وعندما تكون عالقاً في الماضي، لا يمكنك تغيير حياتك، وإنَّما ستكرِّر الأنماط التي أوصلتك إلى ما أنت عليه، فعندما تبدأ اليوم بطريقة أفضل، ستبدأ مباشرةً في تحويل مستقبلك إلى اتجاه مختلف عن ماضيك، ومع اتباع روتين صباحي قصير، ستتغيَّر حياتك بسرعة.
قد تبدو قائمةً طويلةً، لكنَّ الأمر بسيط جداً:
- الاستيقاظ باكراً.
- اكتساب الثقة والشعور بالتحفيز.
- اكتساب الإلهام والقدرة على التواصل.
- ممارسة الرياضة.
- التصرف بشجاعة.
- ابتكار شيء ما.
- الاستثمار في علاقاتك الهامة.
نقدِّم لك فيما يأتي قائمة بالأمور التي يجب القيام بها صباحاً:
1. الحصول على 7 ساعات من النوم الصحي:
أجرت مؤسسة النوم الوطنية (NSF) استطلاعات كشفت أنَّ ما لا يقل عن 40 مليون أمريكي يعانون من أكثر من 70 اضطراب نوم مختلف، وليس ذلك فحسب؛ إذ يعاني 60% من البالغين، و69% من الأطفال من مشكلات النوم في بضع ليالٍ أو أكثر خلال الأسبوع.
بالإضافة إلى ذلك، يعاني أكثر من 40% من البالغين من النعاس الشديد في أثناء النهار؛ إذ يتعارض ذلك مع أنشطتهم اليومية بضعة أيام كل شهر، كما أبلغ 20% عن مشكلة النعاس لبضعة أيام في الأسبوع أو أكثر.
من ناحية أخرى، يرتبط الحصول على قسط صحي من النوم بما يأتي:
- تعزيز الذاكرة.
- حياة أطول.
- تناقص حالات الالتهاب.
- زيادة الإبداع.
- زيادة الانتباه والتركيز.
- انخفاض الدهون وزيادة كتلة العضلات مع ممارسة الرياضة.
- تقليل التوتر.
- قلة الاعتماد على المنشطات مثل الكافيين.
- تقليل مخاطر الوقوع في الحوادث.
- انخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب، وغير ذلك الكثير.
إنَّ مجرد الاستيقاظ مبكِّراً سيعزز شعوراً بالتحفيز في حياتك، فلا يمكنك الشعور بالتحفيز دون اتخاذ خطوات إيجابية نحو المستقبل المنشود.
كما قال عالم النفس في جامعة "هارفارد" (Harvard)، "جيروم برونر" (Jerome Bruner): "من المرجَّح أن تحفِّز نفسك بنفسك بدلاً من انتظار الحافز الخارجي".
يجعلك الاستيقاظ مبكراً تعيش حياتك بحسب اختياراتك وليس بدافع الخوف، فإذا استيقظت مبكراً، ابدأ في تخيُّل مستقبلك المنشود، وتصرَّف بجرأة تجاه هذا المستقبل، بدلاً من استخدام هاتفك الذكي أو إدمان المنشطات، ولاحظ كيف ستتغيَّر حياتك بسرعة، فلا يتطلَّب الأمر سوى وجود أمر ما يستحق السعي لأجله واتخاذ الإجراءات اللازمة، فإنَّ الدافع هو أمر يجب أن تعززه كل يوم؛ إذ لا يمكنك أن تكون متحمِّساً ما لم تمضي قدماً.
2. الصلاة والتأمُّل لتسهيل الوضوح والوفرة:
"عندما تغيِّر الطريقة التي ترى بها الأمور، ستتغيَّر الأمور التي تراها" - "د. واين داير" (Dr. Wayne Dyer).
الصلاة والتأمُّل أمران ضروريان لتوجيه نفسك للتفكير بإيجابية، فما تركِّز عليه يتعزَّز؛ إذ تُسهِّل الصلاة والتأمُّل الامتنان الشديد لكل ما تملكه، فالامتنان يعني امتلاك عقلية الوفرة، فعندما تمتلك عقلية الوفرة، يمكنك تحقيق أي شيء تتمناه، بحيث تتوفَّر لك فرص وإمكانات لا حدود لها.
إنَّ الناس لديهم قدرة غير عادية على جذب ما يريدونه، وعندما تكون ممتناً لما لديك، ستجذب مزيداً من الإيجابيات والأمور الجيدة إلى حياتك، فالامتنان مُعدٍ، وقد يكون الامتنان هو أهم مفتاح للنجاح، كما يعدُّ أم الفضائل، فإذا بدأت كل صباح بالامتنان والوضوح، فستجذب أفضل ما يقدمه العالم، ولن يتشتَّت انتباهك.
شاهد بالفيديو: 5 طرق للعيش بحالة من الامتنان كل يوم
3. الكتابة في دفتر يومياتك لمدة (5-15) دقيقة:
"يدفعك الأمل نحو الأمام، أمَّا الإيمان يعني أنَّك حصلت مسبقاً على ما تريده وتتصرف وفقاً لذلك" - الفنانة "فلورنس شين" (Florence Shinn).
عندما تكتب أحلامك بتفاصيل واضحة، فإنَّك تبدأ في إدماج عقلك الواعي واللاواعي؛ إذ يعدُّ رسم أحلامك على شكل خريطة ذهنية أمراً قوياً أيضاً لاستخدام جانبَي عقلك.
إنَّ تدوين أحلامك وتصوُّرها بعمق سيجعلها أكثر عاطفيةً، وقبل أن تصبح أحلامك عاطفية، لن تكون قوية بما فيه الكفاية، فأنت تحتاج إلى إعادة بناء هويتك وذاكرتك من خلال تطوير رؤية جديدة وعاطفية لمستقبلك.
لذا، اكتب في أثناء تدوين أحلامك كل يوم الطرائق التي ستحقِّق بها هذه الأحلام، وخلال ذلك سيبدأ الأشخاص المناسبون في الظهور في ذهنك؛ إذ يتمثَّل جزء أساسي من نجاحك في تعلُّم طريقة إثبات نفسك بحيث يمكنك التواصل والتعاون مع الأشخاص المناسبين.
لكن، تحتاج أولاً إلى تطوير كثير من القدرات الشخصية بنفسك حتى تصبح شخصاً يستحق التواصل والتعاون معه؛ أنت تحتاج إلى:
- اتخاذ قرار حازم وملتزم بشأن ما تريد أن تصبح خبيراً فيه.
- تبنِّي عملية التطوير بصورة كاملة.
- عدم الاهتمام إلا بما يعتقده بعض الأشخاص وتجاهل أي شخص آخر.
- محاولة أن تكون جيداً لدرجة لا يمكن تجاهلك.
- مساعدة الأشخاص المناسبين على تحقيق أهدافهم.
- الاستثمار في المنتورينغ المناسب.
- جعل الأمر يتعلَّق بأهداف المنتور الخاص بك.
- أن تكون شخصاً معطاءً.
- عدم فقدان غايتك.
- عدم الاكتفاء بالنجاح الذي حققته.
- تقديم طلبات كبيرة.
- طلب التعاون مع الأشخاص بمجرد أن تثبت مصداقيتك وتساعدهم بطرائق مذهلة.
يجب أن تكتب هذه الأمور في دفتر يومياتك قبل وقت طويل من حدوثها في الواقع، ثمَّ يمكنك التصرف بناءً عليها مع ملاحظة كيف تصبح الأقسام في دفتر يومياتك أكثر وضوحاً، وبعد ذلك شاهد كيف تتحقق أهدافك بسرعة أكبر.
الخلاصة:
إنَّ حياة معظم الناس هي انعكاس لماضيهم وليس مستقبلهم؛ إذ سيبدو اليوم مشابهاً تماماً للغد، فإنَّ الطريقة الوحيدة للتغيير هي التوقف عن تفسير حياتك اعتماداً على ماضيك والبدء في تفسيرها بناءً على مستقبلك، إذ يجب عليك أن تصمِّم حياتك ومستقبلك، ومن أجل القيام بذلك، يجب أن تتوقف عن العيش اعتماداً على ماضيك.
لقد تحدَّثنا في هذا الجزء من المقال عن 3 أمور يمكنك القيام بها صباحاً لتجنُّب التكرار والروتين، وسنتحدث في الجزء الثاني من المقال عن 5 أمور أخرى؛ لذا تابعوا معنا.