أفضل ممارسات الإنتاجية التي تأتي بنتائج عكسية

لقد أُجبرت الجائحة المنظمات في الأشهر القليلة الماضية على إعادة النظر في أولوياتها، وعلى وقف عمليات التوظيف فيها، وتسريح الموظفين، وتعلُّم كيفية إدارة فِرق تعمل عن بُعد طوال الوقت. لقد دفع عدم اليقين المديرين التنفيذيين للبحث عن حلول يسيرة لمشكلة صعبة؛ ألا وهي الحفاظ على الشركة صامدةً ومنتجةً خلال الأوقات غير المسبوقة.



إنَّه لمن المؤكَّد عدم وجود نقص في المعلومات والنصائح المتاحة للقادة التنفيذيين، فكل قائمة تتضمَّن مخططاً لمنظمة مثالية للعمل بسلاسة وسرعة خلال الأوقات الصعبة، وكل خطة هي خارطة طريق لأفضل ممارسات الإنتاجية خلال فترة الجائحة. ليس فقط للاستمرار؛ بل للازدهار أيضاً.

لكن، ما زالت الشركات تواجه صعوبة في تطبيق هذه الممارسات على الرغم من معرفتها التامة بها؛ وذلك لأنَّ المديرين التنفيذيين يفتقدون عنصراً رئيساً؛ ألا وهو عنصر القيادة.

إقرأ أيضاً: 8 طرق لتحقيق التوازن في العمل وزيادة الإنتاجية

اتِّباع نهج موجه نحو الأهداف مقابل نهج موجه نحو الإنتاجية:

كان النهج الموجه نحو الأهداف عبر مؤشرات الأداء الرئيسة (KPI) دوماً معياراً في عالم الشركات؛ لذا من الهامِّ قياس الأداء، وتتبُّعه لكل من الأفراد والأقسام والشركات عموماً. ومع ذلك، فإنَّ الطريقة التي تتَّبعها الشركات والمديرون والرؤساء التنفيذيون في صياغة واستخدام مؤشرات الأداء الرئيسة قد تكون خاطئة بطبيعتها.

إنَّ مؤشرات الأداء الرئيسة هي في النهاية مجرَّد مقاييس، وعندما يركِّز القادة عليها، فإنَّهم يفشلون في رؤية المشكلة الحقيقية. فمن الأفضل للمديرين التنفيذيين اتِّباع نهج موجَّه نحو الإنتاجية من خلال التركيز على الأهداف والنتائج الرئيسة.

لا تحل الأهداف والنتائج الرئيسة (OKR) محل مؤشرات الأداء الرئيسة؛ بل تُكمِّلها وتستعملها. وعلاوةً على ذلك، تتوافق مؤشرات الأداء الرئيسة مع الأعمال المفصلة داخل المنظمة التي تُسهِّل عليهم تسليم المشاريع. والشركات التي تركِّز بشدة على التفاصيل الفردية مُقدَّر لها أن تفشل.

ليس هامَّاً وجود كثير من العمل دون وجود أعداد كافية للقيام به؛ لأنَّ الأهداف والنتائج الرئيسة تسمح للمؤسسة بمواءمة العمل وتحديد أولوياته، فضلاً عن تخصيص المستوى المناسب من الموارد لإنجاز المهمة، وتخلق الأهداف المدفوعة بالقيمة إحساساً بالهدف حول المهمة والرؤية، وتوجِّه كلاً من استراتيجية العمل ومبادرات التنفيذ.

شاهد بالفيديو: 6 طرق مبتكرة لتعزيز إنتاجية الموظفين

الشفافية مقابل الإدارة التفصيلية:

لقد ازداد انتشار الأدوات التي تراقب وقت الموظف وإنتاجيته ازدياداً كبيراً؛ إذ تريد شركات متعددة معرفة متى يُسجِّل موظفوها الدخول، وما الذي يتصفَّحونه خلال ساعات العمل، وما إلى ذلك. لقد تم محو الخط الفاصل بين الخصوصية الشخصية، وإنتاجية مكان العمل بالكامل تقريباً.

على حين أنَّ النوايا الكامنة وراء استخدام هذه الأدوات قد تكون حسنة، فإنَّ هذا المستوى من المراقبة مُرهق وجائر بحق عناصر الشركة الأكثر قيمة؛ ألا وهو موظفوها.

قد تدعو أفضل الممارسات القادة إلى البقاء متيقِّظين في تعاملهم مع القوى العاملة لديهم، ودفعهم إلى المشاركة الجدِّية في التفاصيل اليومية. لكنَّ المديرين التنفيذيين غالباً ما يُفرطون في ذلك وينحرفون عن الهدف الحقيقي. فالغاية هي مواءمة الفريق مع هدف مشترك، وتمكين الأشخاص من خلال وضع إطار عمل موجَّه نحو هدف معين، ويربط التفاصيل اليومية بغاية أعلى.

إنَّ الشفافية التي تتحقَّق من خلال أُطر تحديد الأهداف هي أكثر تأثيراً من استخدام البرامج في إدارة الموظفين إدارة تفصيلية. يمكن للشركات استخدام مثل هذه الأُطر جنباً إلى جنب، مع نظام إدارة متكامل لفهم التقدُّم المُحرز بشكل أفضل، والأهم من ذلك، لتقصِّي نتائج الموظفين دون الحاجة إلى تتبع كل دقيقة من يومهم.

إقرأ أيضاً: 9 ممارسات نفسية لتقود نفسك خلال الأزمات

إدارة الإرهاق:

يحتاج الناس أيام عطلة ليعودوا إلى العمل بنشاط. لكنَّ العمل عن بعد يخلط بين الحياة المنزلية والحياة العملية؛ وهذا قد يدفع الموظفون لاستهلاك طاقاتهم لدرجة مُوهنة.

تُملي أفضل الممارسات إلى حدٍّ كبير أنَّه يجب على الأشخاص استخدام أيام إجازتهم، وأنَّه يجب على المديرين التنفيذيين تشجيع الموظفين على الاستفادة من هذا الوقت المتاح.

إنّّ العديد من الأسباب التي تدفعنا لطلب الإجازات، كالمرض، والإصلاحات المنزلية، والاعتناء بالعائلة وما إلى ذلك، قد أضحت عديمة الجدوى في إطار العمل عن بعد، فلم يعد الدافع لأخذ الوقت الشخصي موجوداً. ومن ثمَّ يواجه المسؤولون التنفيذيون معضلةً للموازنة بين الإرهاق، والعجز عن إعطاء الإجازات، ومجموعة خائفة من الموظفين الذين يحاولون الاستمرار في التركيز على الإنتاجية وسط الجائحة.

لا تكمن المشكلة في أنَّ الموظفين لا يأخذون أيام إجازتهم؛ بل أيضاً في الطريقة التي يقضون بها أيامهم. فمن المشكلات المتزايدة حالياً؛ هي الإرهاق الناجم عن الاجتماعات. قد يعتقد القادة أنَّهم يحافظون على فِرقهم أكثر ارتباطاً وتعاوناً بزيادة التواصل والوضوح من خلال الاجتماعات المستمرة، ولكنَّ الإجهاد الذي تسبِّبه مكالمات الفيديو عبر تطبيق "زووم" (Zoom) هو مشكلة حقيقية.

سواء كانت الاجتماعات افتراضية أم شخصية، فإنَّ أفضل الاجتماعات هي تلك التي تربط العمل مع أداء الشركة وأهدافها، وهنا تقع معظم الشركات في الخطأ غالباً.

يجب أن يهدف القادة إلى إجراء مناقشات تكتيكية أقل في الاجتماعات؛ كالنقاش عن قوائم المهام، وإجراء المزيد من المحادثات عن تمكين أعضاء الفريق من خلال التركيز على صحة الموظفين، وأهدافهم الواسعة، والحواجز التي تعترضهم.

من المحتمل ألَّا تنجح الأهداف التي توقَّع القادة تحقيقها في بداية العام كما هو مخطط لها بالضبط بسبب الجائحة. ومن ثمَّ تحتاج الشركة إلى إطار عمل أكبر وأشمل لِمَا يجب أن تحقِّقه لقيادة موظفيها نحو النجاح، وليس توجيههم فقط.

يمكن أن يؤدي التركيز على هذه الغايات والأهداف الأكبر إلى تمكين الشركات من التكيُّف مع الأحداث الخارجية ومعالجتها، مع الاستمرار في دفع المهمة والرؤية الأساسية إلى الأمام.

المصدر




مقالات مرتبطة