أفضل الطرق الملهمة للإبداع والابتكار

أؤمن بشدة بامتلاكنا جميعاً لمقدارٍ لا متناهٍ من الإلهام والإبداع والاندفاع؛ فعندما نستثمر مصدر إلهامنا ونسخِّره لمصلحتنا بالطريقة المُثلى، سنكون في أوج إلهامنا وقمة إبداعنا ونتمتع بسيلٍ من الأفكار المُبتكَرة التي تتدفق باستمرار داخل أذهاننا، بينما سنشعر بالضجر وانعدام الأفكار والافتقار للإلهام والإبداع والحافز إن لم نستثمر مصدرَ إلهامنا كما ينبغي، وهو ما يماثل تماماً شعورَ الناس عندما يعيشون في وضعٍ روتيني أو يمرُّون بأزمة منتصَف العمر.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة والمدوِّنة "سيلستين تشوا" (Celestine Chua)، وتُحدِّثنا فيه عن أفضل الطرائق المُلهِمة للإبداع والابتكار وكيفية القضاء على الروتين والملل.

مصدر الإلهام الحقيقي:

على عكس الاعتقاد السائد؛ فحقيقة الأمر هي أنَّ شعورنا بالإلهام والإبداع من عدمه يقع كاملاً ضمن نطاق سيطرتنا؛ إذ يظنُّ مُعظَم الناس أنَّ الإلهام يتعلق بالوجود في المكان المناسب مع الأشخاص المناسبين وفي اللحظة المناسبة؛ لكنَّه ليس كذلك في واقع الأمر.

يركِّز الإلهام والإبداع بكل بساطةٍ على معرفة الأسباب والمصادر التي تُلهِم إبداعك؛ ومن ثمَّ معرفة كيفية توجيه تركيزك إليها واستثمارها استثماراً أمثل؛ إذ يمكنك أن تبقى دوماً في حالةٍ من الإلهام والإبداع أو تدفُّق الأفكار وانسيابها - كما يدعوها بعض الأشخاص- ما دمتَ تحافظ على ارتباطك بمصدر أو سبب إلهامك.

على سبيل المثال، يُعَدُّ التواصل مع الناس أحدَ الأسباب التي تُلهمني للإبداع والتفكير المُبتكَر؛ لأنَّني ببساطةٍ أحبُّ لقاء الأشخاص والتواصل معهم؛ ففي وقتٍ سابقٍ من هذه السنة، كنتُ أقضي وقتاً طويلاً في مكتبي المنزلي، بينما خصصتُ وقتاً قليلاً فقط لمقابلة الناس والتواصل معهم، لأجدَ نفسي خلال وقتٍ قريب أشعر بالإرهاق والتوتر والتعاسة واستنزاف القوى الذي أدى بدوره إلى امتداد تلك المشاعر وتأثيرها سلباً في عملي مما جعلني غير منتجة.

بعد أن أدركتُ أنَّ ذلك الوضع الروتيني الناجم عن عملي في مكتبي المنزلي كان السبب في عدم وجود ما يكفي من العلاقات والتواصل الاجتماعي في حياتي، حرصتُ بشدة على أن يكون لديَّ ما لا يقل عن موعدين إلى ثلاثة مواعيد اجتماعية في الأسبوع.

لقد شاركتُ خلال الأسبوع الماضي فقط في ثلاث مناسبات اجتماعية ولقاءين جماعيين، وسبعة لقاءات فردية على الصعيدين الشخصي والعملي، وقد نشَّطَني التواصل مع الناس بانتظام ومدَّني بطاقةٍ كبيرة، الأمر الذي أدى بدوره إلى تعزيز علاقاتي الشخصية والعملية.

غالباً ما يسألني الناس عن الطريقة التي أستمدُّ بها الإلهام الدائم لمتابعة أعمالي التجارية أو كتاباتي والنجاح بها، وهنا أكرر بأنَّ الأمر يتعلق حقاً بمعرفة مصادر إلهامي وأسبابها التي تشمل مقابلة أشخاصٍ جدد والتواصل معهم، ومساعدة الآخرين على التقدم والتطور في حياتهم، وتخصيص الوقت لممارسة التأمل الذاتي؛ ومن ثمَّ الاستفادة من تلك المصادر واستثمارها وتسخيرها لمصلحتي.

يكون الأمر مماثلاً بالنسبة إلى الفنانين والمُغنِّين وفناني الأداء ذوي الإنتاجية العالية الذين يُصدرون باستمرار أعمالاً جديدة لهم واحداً تلو الآخر، ويعود ذلك إلى ارتباطهم بمصادر إلهامهم واستثمارهم لها جيداً، وهو ما يفعلُه بعضُ الناس منهم بلا وعي ودون أن يُدرك ذلك، بينما يتعمَّد بعضهم الآخر فعلَ الأشياء التي تحفز الإبداع وتدفُّق الأفكار لديهم.

شاهد بالفيديو: 20 حكمة عن الإبداع والطموح

كيف تعثر على مصدر إلهامك؟

إن كنتَ تشعر بعدم الإلهام أو الضجر، فكِّرْ بالأشياء التي تُلهمك وتشجعك وتحفزك على العمل والإبداع، أو بالأمور التي تشعر بأنَّك تعيش لأجلها وتجعلك سعيداً، وفكِّرْ كذلك بآخر مرةٍ شعرت فيها بالإلهام والتحفيز - التي كانت على الأرجح في أثناء ابتعادك عن العمل - وبما كنتَ تفعله آنذاك؛ ومن ثمَّ اكتب الأشياء التي تبادرت إلى ذهنك بكل بساطةٍ ولا داعي للتفكير المُفرِط بها.

بعد ذلك، عليك إيجاد طرائق لفعل تلك الأشياء؛ ومن ثَمَّ، إن كنتِ أمَّاً تستوحي إلهامها من قضاء الوقت برفقة أطفالها، فعليكِ فعلُ ذلك؛ وكذلك إن كنت مصوِّراً وتستمد إلهامك من وجودك في الطبيعة، عليك قضاء بعض الوقت في الطبيعة والتمتُّع بالمناظر الخلَّابة؛ وإن كنتَ مديراً تنفيذياً مبتدئاً وتستوحي إلهامك من مصاحبة الأشخاص الموهوبين، فبإمكانك التعرُّف إلى الأشخاص الموهوبين في قسمك أو شركتك وقضاء مزيدٍ من الوقت معهم.

خصِّصْ ساعةً أو ساعتين على الأقل يومياً لفعل النشاطات السابقة، ويمكنك زيادة الوقت الذي تكرسه لذلك أو إنقاصه إن لزم الأمر، وينبغي لك استثمار ذلك الوقت في إثارة مشاعرك وحواسك المُلهَمة وإعادة شحن طاقاتك في آنٍ معاً، وستجدُ عند انتهائك من ممارسة تلك النشاطات أنَّك أكثر إنتاجية ومستعدٌّ لتحقيق مزيدٍ من الإنجازات خلافاً للعادة، وقد تراودك أفكار مُبتكَرة وجديدة حتى في أثناء ممارستك لنشاطاتك المُلهِمة.

تنجح هذه الطريقة فعلاً لأنَّ الأشياء التي تُلهِمك وتحفزك تمدُّك بالطاقة والحيوية، ويجدر بك ألَّا تبتعد عن ممارسة تلك الأشياء كثيراً؛ بل عليك فعلُها بقدر ما تستطيع أو بقدر ما تعود بالنفع على حياتك وتُضفي عليها أهمية وقيمة؛ وذلك لأنَّ فعل أي أمرٍ بإفراطٍ يتجاوز حداً مُعيَّناً، قد يؤدي إلى نتائج عكسية بسبب الملل؛ ومن ثَمَّ فإنَّك ستشعر بالإلهام والتحفيز بمقدار ما ترتبط بمصادر إلهامك وأسبابها وتستثمرها جيداً؛ لكنَّك لن تشعر بأي تحفيزٍ أو دافع ما لم تفعلْ ذلك.

إقرأ أيضاً: كيف تجد الحافز لتعلم أي شيء لست معتاداً عليه؟

في الختام:

لقد كان إلهامي اليومَ نتيجةً للجهود المُنسَّقة والمُباشرة التي بذلتُها لتعزيز التركيز وتدفُّق الأفكار المُبتكَرة، بدلاً من الجلوس وانتظاره؛ لذا فإنَّني لا أعاني أية مشكلات في كتابة المقالات والحصول على أفكارٍ لها وللمشاريع القادمة التي سأعمل عليها قريباً.

لكن ما زلت أشعر بالملل والروتين في بعض الأوقات، ولا سيَّما عندما تصبح الأمور صعبةً وأغفل عن مبادئي الأساسية؛ إذ أنساها بسبب الإرهاق الشديد والانشغال بالنشاطات التجارية اليومية ونسياني لنيَّتي الأصلية بأن أساعد الناس؛ لكنَّني لا أسمح لذلك الروتين بأن يحدد هويتي أو يُخضعني له؛ بل أقف على الأمر لمحاولة فهم الأسباب التي دفعتني إلى الشعور بذلك الروتين وتحديد الثغرات التي تسببه؛ ومن ثمَّ أتصرف لسدِّ تلك الثغرات والقضاء على الروتين؛ وقد حصلتُ كنتيجةٍ لذلك على ذاتٍ وحياةٍ تزداد انسجاماً وتماسكاً أكثر فأكثر؛ إذ يكون الإلهام والإبداع أمراً فطرياً وسهلاً للغاية ويُصبح الملل والروتين شيئاً من الماضي.




مقالات مرتبطة