أعراض غريبة تظهر على كبار السن المصابين بكوفيد-19

الحدُّ من انتشار الوباء صعبٌ بشكلٍ خاصٍّ على أولئك الذين نسعى إلى حمايتهم (كبار السن المرضى). يقول الأطباء أنَّ كبار السن المصابين بكوفيد-19 يعانون من العديد من أعراض "غير نمطية"؛ ممَّا يعقد الجهود لضمان حصولهم على العلاج المناسب، وفي الوقت المناسب.



عادةً ما يُشار إلى فيروس كورونا بثلاثة أعراضٍ رئيسة: الحمَّى، والسعال المستمر، وضيق التنفس؛ لكن قد لا يكون لدى كبار السن -الفئة العمرية الأكثر عرضةً إلى خطر حدوث مضاعفاتٍ شديدةٍ أو الوفاة في حال الإصابة بكورونا- أيٌّ من هذه الأعراض.

بدلاً من ذلك، قد لا يتصرَّف كبار السن على طبيعتهم في وقتٍ مبكِّرٍ بعد إصابتهم بفيروس كورونا، فقد ينامون أكثر من المعتاد، أو يتوقَّفون عن الأكل، وقد يبدو أنَّهم مرتبكون بشكلٍ غير عادي، أو يفقدون التواصل مع محيطهم، أو يصابون بالدوار ويسقطون؛ وفي بعض الأحيان، يتوقَّف كبار السن عن الكلام، أو ينهارون ببساطة.

تقول الدكتورة كاميل فوغان "Dr. Camille Vaughan"، رئيسة قسم أمراض الشيخوخة في جامعة إيموري "Emory University": "في كثيرٍ من الحالات، لا يتحسَّن كبار السن بطريقةٍ نموذجية، ونحن نرى ذلك عند إصابتهم بكوفيد-19 أيضاً".

يتعلَّق السبب بكيفية استجابة الأجسام المعمِّرة للمرض والعدوى.

يقول الدكتور جوزيف أوسلاندر "Dr. Joseph Ouslander"، أستاذ طب الشيخوخة في كلية شميدت للطب: "قد تتأثَّر الاستجابة المناعية لشخصٍ متقدِّمٍ في السن بسبب عمره، فتتغيَّر قدرته على تنظيم درجة الحرارة مثلاً. يمكن للأمراض المزمنة الكامنة أن تُخفِي العدوى أو تتداخل مع علاماتها، وقد تُغيِّر عند بعض كبار السن الذين يعانون من التغيُّرات المرتبطة بالعمر أو من مشاكل عصبيةٍ سابقةٍ -مثل السكتة الدماغية- ردود فعل السعال؛ فلا يتمكَّن من يعانون من ضعفٍ إدراكيٍّ من إظهار أعراضهم".

إقرأ أيضاً: حالات صحية مزمنة تزيد خطر الإصابة بفيروس كوفيد-19 (كورونا)

يُعدُّ التعرُّف على علامات الخطر تلك أمراً هامَّاً، فإذا لم تُستدرَك العلامات المبكِّرة لفيروس كورونا، فقد تتدهور صحة كبار السن قبل الحصول على الرعاية الصحية اللازمة، فيدخل المصابون ويخرجون من منازلهم دون اتخاذ تدابير وقائيةٍ كافية؛ ممَّا يتسبَّب بانتشار العدوى.

تصف الدكتورة كراتلين سيد "Dr. Quratulain Syed" -طبيبة أمراض الشيخوخة في أتلانتا- الأمر قائلةً: "أتانا رجلٌ في الثمانينيات من العمر، وقد عالجته في منتصف مارس، وكان يعاني من أمراض القلب والسكري وضعف الإدراك المعتدل. وعلى مدى أيام، توقف هذا المريض عن المشي، وأُصِيب بسلس البول والنوم العميق؛ لكنَّه لم يكن يعاني من الحمًّى أو السعال، وكان عرضه التنفسي الوحيد العطاس".

كانت زوجة الرجل المسن قد سبق وأن اتصلت بالطوارئ مرتين، وفي كلتا المرتين فحص المسعفون إشاراته الحيوية، وأعلنوا أنَّه بخير. وبعد مكالمةٍ مُقلقةٍ أخرى، أصرَّت الطبيبة "كراتلين" على نقل المريض إلى المستشفى، حيث تبيَّن إصابته بفيروس كورونا.

وقالت الطبيبة: "كنت قلقةً للغاية بشأن المسعفين والمساعدين الذين كانوا في المنزل ولم يستخدموا معدَّات الوقاية الشخصية".

يصف المدير الطبي لقسم طوارئ مركز سيدارز سيناء الطبي "الدكتور سام تورباتي" (Dr. Sam Torbati) علاج الكثير من كبار السن الذين يبدو أنَّهم في البداية مرضى مصابون بصدماتٍ مختلفة، ولكن يتبيَّن لاحقاً إصابتهم بفيروس كورونا؛ فيقول: "إنَّهم يصابون بالضعف والجفاف، وعندما يقفون من أجل المشي، ينهارون ويؤذون أنفسهم بشدة".

لقد عاين سام كبار السن الذين يعانون من الارتباك الشديد، والذين كانوا غير قادرين على الكلام، وأظهروا في البداية أعراض السكتات الدماغية.

يقول سام: "عندما أجرينا لهم الاختبارات، اكتشفنا أنَّ هذه التغييرات سببها تأثير فيروس كورونا في الجهاز العصبي المركزي".

تقول الدكتورة لورا بيري "Dr. Laura Perry"، أستاذة الطب المساعد في جامعة كاليفورنيا - سان فرانسيسكو: "شاهدت مريضةً بالحالة نفسها منذ عدة أسابيع، فقد كانت المرأة في الثمانينيات من عمرها، وتعاني من البرد، قبل أن تشعر بالارتباك الشديد. وفي المستشفى، لم تستطع تحديد مكانها أو البقاء مستيقظةً في أثناء الفحص؛ شَخَّصْتُ الأعراض على أنَّها هذيانٌ حادٌّ ونقصٌ في النشاط، وهي حالةٌ ذهنيةٌ متغيرة، يصبح فيها الناس غير نشطين ويشعرون بالنعاس؛ ليتبين لاحقاً أنَّ المريضة مصابةٌ بفيروس كورونا، ولا تزال حتَّى الآن في وحدة العناية المركزة".

يحكي الدكتور أنتوني بيري "Dr. Anthony Perry" -أستاذٌ مشارك في طب الشيخوخة في المركز الطبي بجامعة راش في شيكاغو- عن امرأةٍ تبلغ من العمر 81 عاماً، وتعاني من الغثيان والقيء والإسهال، وقد ثبت إصابتها بفيروس كورونا في غرفة الطوارئ. بعد تلقي السوائل الوريدية والأكسجين والأدوية بسبب اضطرابها المعوي، عادت إلى المنزل بعد يومين، وهي في حالةٍ جيدة.

يعاني مريضٌ آخر عمره 80 عاماً من أعراضٍ مشابهة من الغثيان والقيء، ولكن ليس لديه سعالٌ أو حمَّى أو ضيقٌ في التنفس؛ وهو في العناية المركزة بعدما تبيَّنت إصابته بفيروس كورونا، ومن المقرَّر وضعه على جهاز التنفس الصناعي. ما الاختلاف بين هذه الحالة وغيرها؟ يقول أنتوني أنَّ هذا المريض يعاني من ضعفٍ مع "الكثير من أمراض القلب والأوعية الدموية".

إقرأ أيضاً: هل الصداع هو أحد أعراض فيروس كورونا؟

بخلاف ذلك، ليس من الواضح حتَّى الآن سبب تحسُّن بعض كبار السن بشكلٍ جيد، بينما لا يتحسَّن الآخرون بالشكل نفسه.

حتَّى الآن، كانت التقارير عن مثل هذه الحالات عبارةً عن قصصٍ يرويها الأطباء؛ لكن يحاول بعضهم جمع معلوماتٍ أكثر منهجية.

في سويسرا، أعدَّ د. سيلفان نغوين "Dr. Sylvain Nguyen" -أخصائي أمراض الشيخوخة في مركز مستشفى جامعة لوزان- قائمةً بالأعراض النموذجية وغير النمطية لدى مرضى كوفيد-19 الأكبر سناً، من أجل نشر ورقةٍ بحثيةٍ في مجلة "ريفيو ميديكال سويس" (Revue Médicale Suisse)، وكانت الأعراض المدرجة في قائمة الأعراض غير النمطية هي: التغييرات في الحالة المعتادة للمريض، والهذيان، والسقوط، والتعب، والخمول، وانخفاض ضغط الدم، والإغماء، والإسهال، والغثيان، والتقيؤ، وآلام البطن، وفقدان حاستي الشم والتذوق.

يحتاج الأطباء العاملين في الخطوط الأمامية إلى التأكُّد من أنَّهم يقيِّمون أعراض المرضى الأكبر سناً بدقة. تقول الدكتورة كاثلين أونرو "Dr. Kathleen Unroe"، طبيبة أمراض الشيخوخة في كلية الطب بجامعة إنديانا: "في حين يجب أن يكون لدينا شكٌّ كبيرٌ في فيروس كورونا لأنَّه خطيرٌ للغاية على كبار السن، هنالك العديد من الأشياء الأخرى التي يجب مراعاتها".

قد يكون أداء كبار السن ضعيفاً أيضاً؛ لأنَّ روتينهم قد تغير، فمثلاً: في دور رعاية المسنين، توقَّفت الأنشطة، وأصبح المقيمون أضعف وأكثر هشاشة؛ لأنَّهم لا يمشون من وإلى قاعة الطعام.

تحدَّث خبراء آخرون أنَّ كبار السن المعزولين في المنزل قد لا يحصلون على القدر نفسه من المساعدة، من حيث الحصول الدواء أو الاحتياجات الأساسية الأخرى من أفراد الأسرة الذين يحافظون على التباعد الاجتماعي.

تخبرنا عن ذلك الدكتورة كاميل فوغان قائلة: "أريد أن أعرف ما هي إمكانية تعرُّض هؤلاء الأشخاص إلى فيروس كورونا، خاصةً في الأسبوعين الماضيين؛ وهل يأتي إليهم أفراد الصحة المنزلية؟ هل اجتمعوا مع أفراد الأسرة الآخرين؟ وهل يسيطرون على أمراضهم المزمنة؟ وهل هناك تشخيصٌ آخر يبدو أكثر احتمالية؟"

تنصح فوغان قائلة: "قد يمرُّ شخصٌ ما بيومٍ سيء، فإذا استمرَّ ذلك لبضعة أيام، فيجب أن يتواصل مباشرةً مع طبيب الرعاية الأولية أو الخط الساخن للنظام الصحي في مكان إقامته".

 

المصدر




مقالات مرتبطة