أشياء علينا القيام بها في الأوقات الصعبة لتحقيق السعادة

أنت لست نفس الشخص الذي كنت عليه قبل عام أو شهر أو حتى أمس، فأنت تنمو دائماً، وتصبح أقوى.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "مارك تشيرنوف" (Marc Chernoff)، ويقدِّم لنا فيه 3 أشياء يجب القيام بها في الأوقات الصعبة لتحقيق السعادة.

تعصف بنا الحياة في بعض الأحيان بصورة تجعلنا نقف أمامها عاجزين، ففجأةً قد تنتشر جائحة كما حدث عند انتشار جائحة "كورونا" (Covid-19)، أو يمرض أحد أفراد أسرتنا، أو نفقد وظيفة تُعيلنا، أو يموت شخص نعرفه، أو تقل أموالنا، أو تغلبنا مشاعر الاكتئاب واليأس، أي لا يسير شيء على ما يرام.

لذا، ماذا يمكننا أن نفعل عندما يتحطم العالم من حولنا، ولا نستطيع إصلاح شيء؟

إنَّ الأوقات التي تنهار فيها الأشياء، تعدُّ من أفضل الأوقات لممارسة الحضور واليقظة الذهنية، فهذه هي الأوقات التي نستعدُّ لها دائماً بطريقة ما، عندما نصلِّي ونمارس التأمل ونتأمل في أنفسنا ونستثمر في نمونا الشخصي خلال الأوقات الجيدة.

فعندما يبدو أنَّ العالم ينهار من حولنا، يكون أمامنا فرصة هائلة، لكن يجب أن نكون مستعدين للقيام ببعض الأشياء الصعبة، ولتغيير منظورنا واستجابتنا للأشياء أيضاً.

فاصبر على الألم الذي تشعر به، ولا تخجل منه، ولا تتسرع في التستُّر عليه أو إصلاحه على الفور، ابدأ بالاعتراف بوجوده فقط وواجه الأمر بشجاعة، وبعد ذلك حاول الجلوس للتعامل مع ما تشعر به لمدة دقيقة كاملة بهدوء وحنان ولطف، وتعايش مع مصدر ألمك، وابحث عن الشجاعة للتفكير فيه، وتدرَّب على هذا مرات عدة في اليوم، كلما شعرت بتصاعد الألم، وانتبه متى يريد عقلك الهروب أو الاختباء أو التمرد، وعندما يحدث ذلك، خذ نفساً عميقاً، ثمَّ أعد تركيزك، وابدأ من جديد.

في النهاية، سترى بوضوح أنَّ ما تشعر به هو مجرد شعور، وأنَّه يمكنك التعايش مع ما تشعر به دون أن ينتهي العالم، وسترى أنَّك متحكِّم بمشاعرك، وليس خلاف ذلك، وستبدأ في التعامل مع مشاعرك بطريقة أقل جدية، ومنحها بعض المساحة التي تشتدُّ الحاجة إليها في عقلك القلق.

أنا لا أقلِّل من طبيعة ظروفنا التي مررنا بها في زمن "كوفيد-19" (COVID-19)، فقد انتشر الفيروس في جميع أنحاء العالم وواجهنا حقيقة صعبة جداً، لقد مررنا بأوقات سيئة فعلاً، لكن من الحكمة النظر في تأثير ذلك الحدث في سلوكنا الجماعي.

لذلك، دعنا نلقي نظرة على بعض الأشياء الصعبة والضرورية التي يمكننا القيام بها لأنفسنا لتخفيف آلامنا وتجربة مزيد من السعادة في الأيام والأسابيع المقبلة.

إليك 3 أشياء يمكن القيام بها لتحقيق السعادة في الأوقات الصعبة:

1. الحضور التام في كل لحظة:

لا يمكن أن نعيش الحياة على أمل أن يكون كل شيء مثالياً في يوم من الأيام، بل يجب أن نعيشها في مكاننا ووقتنا الحالي، ونعيش مع حقيقة الأمور؛ إذ يمكنك أن تأمل وتعمل من أجل غد مثالي، لكن للقيام بذلك يجب أن تتعامل مع العالم كما هو بنجاح.

نحن نتجنَّب في بعض الأحيان تجربة واقعنا، لأنَّنا طورنا اعتقاداً بناءً على تجاربنا السابقة بأنَّه ليس المكان الذي يجب أن نكون فيه أو نريد أن نكون فيه، لكنَّ الحقيقة هي أنَّ المكان الذي توجد فيه الآن هو بالضبط المكان الذي يجب أن تكون فيه للوصول إلى المكان الذي تريد أن تصل إليه غداً، لذلك تدرَّب على تقدير مكانك الحالي.

إنَّ أفراد عائلتك لا يستحقون التجاهل، لذا تواصل معهم باستمرار، وتوقف لحظة لتتذكَّر كم أنت محظوظ لأنَّك على قيد الحياة، وألقِ نظرة من حولك، وانظر بذهن منفتح إلى جميع الاحتمالات؛ وذلك لأنَّ كثيراً من الأمور التي تخشاها لا توجد من حولك، وكثيراً ممَّا تحبه أقرب ممَّا تدركه، فأنت على بُعد مجرد فكرة واحدة عن فهم النعم الموجودة في حياتك.

ذكِّر نفسك أنَّ السعادة هي طريقة تفكير لا يمكن تصميمها إلا في الحاضر؛ وذلك لأنَّها ليست مرحلة في المستقبل أو لحظة من الماضي، ومع ذلك فإنَّ هذا المفهوم الخاطئ يؤذينا أكثر ممَّا ندرك؛ إذ يعتقد كثير من الناس اليافعين أنَّ سعادتهم تنتظرهم في السنوات المقبلة، في حين يعتقد كثير من كبار السن أنَّ أفضل لحظاتهم قد ولَّت، فلا تؤدي الأوقات السيئة إلَّا إلى تفاقم هذه الأنواع من العقليات، لذلك لا تدعها تتمكَّن منك.

شاهد بالفديو: 8 خطوات للحفاظ على التحفيز الذاتي حتى في الأوقات الصعبة

2. الشعور بالامتنان والشغف على الأشياء الصغيرة:

لكي نعيش حياة أفضل علينا العثور على الامتنان الصادق والشغف في الأوقات الصعبة، وهي عملية تساعد على المضي قدماً بصدر رحب بصرف النظر عن كل شيء.

فقد أخبرتني صديقتي قبل بضعة أيام من وفاتها، والتي كنت أقدِّم لها الكوتشينغ يومياً، أنَّ الشيء الوحيد الذي كانت تندم عليه هو أنَّها لم تقدِّر سنواتها الماضية بنفس الشغف والهدف اللذين كانا لديها في العامين الأخيرين من حياتها، بعد تشخيص إصابتها بمرض السرطان؛ إذ قالت: "لقد أنجزت كثيراً في الفترة الأخيرة - واكتسبت كثيراً من النمو الداخلي - وقد قدَّرت كل لحظة من ذلك؛ ويا ليتني كنت أعرف ذلك مبكراً، لكنت بدأت في وقت أبكر".

لقد أبكتني كلماتها وجعلتني أبتسم في نفس الوقت، لكن ما كان معجزة حقاً هو رؤية الامتنان الحقيقي في عينيها في تلك اللحظة، لقد كانت ممتنَّة جداً لقدرتها على إنجاز الأشياء الصغيرة التي حققتها في العامين الأخيرين من حياتها، وبقيت مشاعرها معي دائماً، وما زالت موجودة في ذهني حتى الآن.

لذا، يجب علينا أن نشعر بالامتنان والشغف لكوننا على قيد الحياة في اللحظات الصعبة والمؤلمة، ومن أجل توفُّر فرصة للقيام بالأشياء الصغيرة التي تجلب لنا السعادة، ولأنَّنا ما زلنا نتمتَّع بحياة تستحق أن تُعاش من اللحظة العادية إلى اللحظات الثمينة.

فعندما يكون لديك الكثير لتبكي وتشكو منه، لكنَّك تفضِّل أن تأخذ أنفاساً عميقة وتقدِّر حياتك بدلاً من ذلك، فأنت تفعل الأمور بأسلوب صحيح، لأنَّنا دائماً ما يكون لدينا شيء يجب أن نكون شاكرين له وسبب معين لاتخاذ خطوة أخرى إلى الأمام، لذا استثمر قلبك وروحك في كل شيء متاح أمامك، واشعر بالامتنان والشغف في كل اللحظات العادية.

فماذا لو استيقظت غداً ولم تملك إلا الأشياء الصغيرة فقط التي كنت ممتناً لها وشغوفاً بها اليوم؟

إقرأ أيضاً: كيف نشعر بالامتنان في الأوقات الصعبة؟

3. الاستمرار بالقيام بالطقوس اليومية الصحية:

منذ قرابة عقد من الزمن، عندما كنت أركِّز على رفع الأثقال بشدة وتدريبات القوة البدنية، تعلَّمت تدريجياً أنَّه لا يمكنك الالتزام بأي شيء ذي قيمة إذا كان لديك عقل ضعيف لا يرغب في القيام بالأشياء الصعبة، ولمكافحة هذا الأمر كتبت سؤالين بسيطين على ورقتين مختلفتين، ووضعت واحد منها على مرآة الحمام والآخر داخل خزانتي في النادي الرياضي، وهذين السؤالين هما:

  • كم عدد التمرينات اليومية التي فاتتك لأنَّ عقلك أخبرك أنَّك متعب جداً؟
  • كم عدد التمرينات اليومية التي تخطيتها لأنَّ عقلك قال: "تسعة تمرينات كافية، لا تقلق بشأن التمرين العاشر"؟

فإنَّ إجابات معظم الناس عن كِلا السؤالين هي مئات المرات، بمن فيهم أنا؛ إذ يمكن لضعف العقل أن يتمكَّن منَّا بسهولة، خاصة عندما تصبح الأمور صعبة، والطريقة الوحيدة لإصلاح هذا الضعف هي الممارسة اليومية.

إذ نعتقد في كثير من الأحيان أنَّ القوة الداخلية تقتصر على كيفية استجابتنا للظروف القاسية، مثل التعامل مع ظروفنا الأليمة، فلا يوجد شكٌّ في أنَّ الظروف الأليمة تختبر شجاعتنا وتصميمنا وقوتنا الداخلية، لكن ماذا عن الظروف اليومية الأقل ألماً؟

ما علينا تذكُّره هو أنَّ العقل يحتاج إلى التدريب لاكتساب القوة؛ إذ يجب أن تعمل بطرائق صحية لتنمو وتصبح قوياً باستمرار، فإذا رفضت دفع نفسك للأمام قليلاً كل يوم، فستشعر أنَّك عاجز تماماً عندما تصبح الأمور صعبة، لكن ليس عليك أن تشعر بهذه الطريقة الآن.

في الختام:

اختر القيام ببعض التمرينات في كل صباح عندما يكون من الأسهل الاستغراق في النوم، واختر القيام بعشر تمرينات عندما يكون من الأسهل التوقف عند التمرين التاسع، واختر القيام بشيء خاص ومفيد عندما يكون من الأسهل تصفُّح وسائل التواصل الاجتماعي، واختر إرسال رسائل نصية مليئة بمشاعر الحب إلى العائلة والأصدقاء عندما يكون من الأسهل مشاهدة برنامج ما على التلفاز، أثبت لنفسك بكثير من الطرائق الصغيرة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، أنَّك تملك الانضباط لمواجهة الحياة.

إذ تُبنى القوة الداخلية دائماً من خلال كثير من الانتصارات اليومية الصغيرة، فالخيارات الفردية التي نتخذها يومياً هي التي تبني قوتنا الداخلية، وجميعنا يريد هذا النوع من القوة، خاصة في الأوقات الصعبة، لكن لا يمكننا التفكير في كيفية وصولنا إليها، وإذا كنت ترغب في ذلك، عليك أن تفعل شيئاً حياله عبر ممارسة طقوس يومية إيجابية تثبت طاقتك العقلية وتحركك في الاتجاه الإيجابي.

المصدر




مقالات مرتبطة